إبراهيم المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 3054 - 2010 / 7 / 5 - 23:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
عرف موقع الحوار المتمدن في الأيام القليلة الماضية سيلا جارفا من الأخبار عن محاكمة مجموعة "الهوتي" باكادير، لكن مع كامل الأسف لم تكن تلك المقالات و الأخبار تهدف التضامن مع هؤلاء المعتقلين بل ذهبت إلى حد الهجوم عليهم و التهجم على ما قيل أنهم صرحوا به داخل المحاكمة من نفي لانتمائهم السياسي و الفكري و حتى النقابي.
و دون الدخول في نقاش ما وقع أثناء محاكمة هؤلاء الرفاق، نود أن نتناول هنا مضمون التهجمات التي تتعرض لها مجموعة الهوتي، ليس دفاعا عنها لأننا نعتقد أن ذلك واجب نضالي و سياسي واضح بالنسبة لنا على اعتبار أنهم معتقلين سياسيين للحركة الطلابية بل اننا سوف نحاول أن نوضح خطورة ما أقدم عليه أولائك الدين يشنون هذا الهجوم الذي وصل الى حد الحديث عن "الخيانة"!؟؟
المتهجمون يبررون هجومهم، غير الأخلاقي إطلاقا، من منطلق أن الهوتي ورفاقها تنصلوا إبان محاكمتهم من انتمائهم الفكري و السياسي و حتى النقابي.وهذا هو المبرر الوحيد الذي قدمه أصحاب هذا الهجوم (على الأقل لحد الآن) الذي تنبع منه رائحة الفاشية ورائحة من عهدنا منهم هذا السلوك.
وهل هذا المبرر وحده يعطي الشرعية الأخلاقية و النضالية للهجوم على أولائك المعتقلين السياسيين و هل هذا المبرر وحده كاف لنعتهم "بالخيانة"؟ أم أن مجرد الأحقاد و محاولات تصفية الحسابات الصبيانية هي التي وراء هذا الهجوم؟
هذا إذا كان بالفعل أولائك الرفاق قد تخلو عن انتمائهم، أما إذا كان العكس فالرد الوحيد القادر على إخراس كل المتهجمين هو بيان بخط يد المعتقلين أو تسجيل صوتي لهم يوضحون فيه مواقفهم.
صحيح أن أي مناضل أو مناضلة هو مطالب بالدفاع عن قناعاتهم و مطالب بالصمود أمام الجلادين و أمام التعذيب، هذه مسألة بديهية و معروفة لدى الجميع، لكن هل كل مناضل أو مناضلة قادر على الصمود؟ ليس بالضرورة، فتحت وقع التعذيب النفسي و الجسدي قد ينهار المناضل خصوصا إذا لم يكن قد استعد لهذه اللحظة، لحظة مواجهة الجلاد و نحن هنا نقصد بالاستعداد ليس النفسي و فقط بل الايديوليجي أساسا (الثقة في المشروع الثوري، الثقة في قوة الجماهير، القناعة بالحق في الثورة على الرجعيين... الخ)، لذلك نجد الحركات الثورية عبر العالم تخضع مناضليها و مناضلاتها إلى تثقيف مكثف على هذا الصعيد حتى يستطيعوا الصمود. لأن الصمود ليس سوى انعكاسا لهذا الاستعداد الفكري و النفسي أيضا.
إن الحركات الثورية عبر العالم و من ضمنها الحركة الثورية ببلادنا خلال السبعينات (و اليوم أيضا) تضع احتمالات متعددة في سقوط مناضلها و مناضلاتها في يد أجهزة القمع و تضع دائما في عين الاعتبار إمكانية انهيار أحد المناضلين أو المناضلات أمام التعذيب، لذلك نجدها تضع سلسلة من الإجراءات الواجبة اتحادها عند اعتقال احد المناضلين، مثلا تغيير أماكن التواجد، تغيير الأسماء الحركية، مصادرة الوثائق الحساسة من أجل تحصينها، و بكلمة قطع كل الخيوط التي يعرف ذاك المناضل.
لماذا تقوم المنظمات الثورية بهذا العمل؟ لأنها تضع في عين الاعتبار إمكانية انهيار المناضل أمام التعذيب و هذه مسألة طبيعية من زاوية أن هذا المناضل أو المناضلة هو في الأخير إنسان و بشر و طاقة الاحتمال تختلف من هذا إلى ذاك. فان كان الشهيد عبد اللطيف زروال قد صمد إلى حد استشهاده فان رفيقه آنذاك عبد الله زعزاع قد أدلى بمعطيات حول بعض المنازل أدت الى اعتقال مناضلين اخرين، هذا واقع معروف لدى الجميع، فهل اعتبر انذاك مناضلوا الى الأمام عبد الله زعزاع خائنا؟؟ لا على الإطلاق . أما اليوم فليس هو وحده الخائن بل هناك كثيرون آخرون، ليس لأنهم انهاروا تحت التعذيب أو أمام المحكمة، بل لأنهم تخلو عن كل ما كانوا يناضلون من أجله و أصبحوا من أشد المهاجمين على تلك التجربة.
صحيح أن الكل ينتظر من المعتقلين الصمود لكن لا يجب أن تنسينا انتظاراتنا حقيقة أن المعتقل هو إنسان قد يصمد كما يمكن أن ينهار، فلا داعي اذن للتشفي لأن من يتشفى اليوم قد يكون غدا في ذات الوضع.
ان هؤلاء الرفاق مجموعة الهوتي و غيرهم الموجودين بالسجون هم معتقلون سياسيون اعتقلوا على اثر نضالهم داخل حركة تدافع عن مصالح الجماهير و بغض النظر عن اختلافنا السياسي معهم بل و بالرغم التهجمات التي نلناها نحن منهم قبل أي كان، هم اليوم في وضع يستدعي من كل تقدمي -فما بالك بالشيوعي- أن يشهر بأوضاعهم و بمحاكمتهم الصورية، و بحقيقة اعتقالهم أي كونهم مناضلات و مناضلين داخل الحركة الطلابية، ان المسألة هي أكبر من الأحقاد الذاتية، ان اعتقالهم هي مسألة مرتبطة بالحضر العملي على أوطم، مسألة مرتبطة بحقيقة القمع و الاضطهاد الذي تمارسه دولة المعمرين الجدد على جماهير شعبنا الكادح، انها مسألة القمع السياسي الذي يجب أن توحد في اطارها أكبر قاعدة ممكنة للتشهير بالنظام الدموي و للدفاع عن الحريات السياسية و النقابية,
أما ما يفعله البعض في الهجوم على مجموعة الهوتي، ليس سوى المزيد من تشتيت الصفوف و تقوية النظام في صراعه ضد المعتقلين الحاليين و الذين سيكونون غدا بالسجن,
حذار أيها الرفاق من هذه الممارسات، ويجب التصدي لها بحزم و بمبدئية، فمن يجب أن ينتقد ليس أولائك المعتقلون السياسيون بل أصحاب تلك التهجمات القدرة التي تنم عن صبيانية مقرفة لا تراعي طبيعة اللحظة الراهنة و متطلباتها.
و قبل أن نختم هذه الملاحظات العاجلة نود أن نشير الى أن هذه الحملة التي تتعرض لها مجموعة الهوتي قد حاول بعض الديماغوجيين استغلالها للنيل و الهجوم على الماركسيين اللينينيين الماويين و محاولة اتهامهم بانهم هم مصدرالهجوم.
إن هذا الهجوم الرخيص يصدر من أناس ليس لهم اليوم من مهام داخل الصراع الطبقي ككل سوى الهجوم على الماركسية اللينينية الماوية حتى و إن كان بأحط الأساليب.
إن احسن رد على مثل هؤلاء الضالين طبقيا هو المزيد من النضال على قضايا الحريات السياسية و النقابية و ما تعنيه من دفاع مبدئي و غير مشروط على كافة المعتقلين السياسيين و الدفع بقضية النضال ضد القمع السياسي الى أبعد مدى ممكن فكريا و سياسيا.
ابراهــــيم المغربــــي
#إبراهيم_المغربي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟