|
العراق ما بين فكرة قائد الضرورة و؛؛ الانتفاضة الشعبية؛؛3
علي عبد داود الزكي
الحوار المتمدن-العدد: 3053 - 2010 / 7 / 4 - 23:45
المحور:
المجتمع المدني
العراق ما بين فكرة قائد الضرورة و؛؛الانتفاضة الشعبية؛؛3
مجتمعاتنا الشرقية تعاني من مشكلة كبيرة اسمها جماهير السلطة وجماهير السلطة للاسف اعدادهم كبيرة جدا لا يمكن اهمال ثقلهم الانتخابي حتى وان كان رايهم غير صائب. جماهير السلطة ينقلبون بسرعة مع انقلاب السلطة وسبب ضخامة حجم جماهير السلطة هو ان العراق بلد عاجز اقتصاديا والدولة هي من تعيل الانسان العراقي وتوفر له الوظائف التي لا جدوى منها (اي البطالة المقنعة). اذ لا يوجد قطاع خاص عراقي قوي ممكن ان يدعم اقتصاد البلد ويوفر فرص عمل حقيقية للمواطنين فكل ما يتم استهلاكه محليا مستورد من خارج العراق، ان السلطة عبر إداراتها هي من تعيل المجتمع من ثروات البلد الكبيرة . ان الثروة الوطنية تعتبر حقا لكل الشعب دون تمييز. كان من المفروض في عراقنا الديمقراطي الجديد ان يتم بناء المؤسسات الخدمية المهمة في البلد وان تكون هناك عدالة في توزيع الثروات على ابناء المجتمع لتحقيق الرفاه الاجتماعي العادل وللاسف هذا مفقود ومعدوم ولا احد يعمل على استنهاضه وحقيقة الامر نراها اليوم ان من يملك السلطة يستطيع بكل سهولة ان يقرب فلان على حساب فلان ( اي تقريب الموالين لاحزاب السلطة او الذين يتعهدون بالولاء المستقبلي) ، والوظائف والمناصب والتعيينات لا تكون عادلة ومنصفة وانما يعتمد فيها على العلاقات والمحاسوبيات الحزبية والشخصية والفساد والرشوة. لذا فان جماهير السلطة هم طبقة كبيرة من المجتمع حصلت على مكاسب على حساب بقية ابناء المجتمع. وهذه الطبقة ؛؛جماهير السلطة؛؛ كانت موجودة قبل سقوط الصنم لكن بشكل محدود وذلك لكون اغلب العراقيين في حينها كانوا لا يرغبون بالوظائف الحكومية واغلب جماهير السلطة في زمن صدام ممثلين بالطبقة الحاكمة وحاشيتها والمقربين منها الذين يعيشون مترفين على حساب الشعب وكانوا هؤلاء لديهم ولاء شديد جدا للطاغية المقبور. لا بل حتى في البلدان العربية كانت توجد جماهير تهتف لصدام وذلك لانهم مستفيدين ماديا من العراق او انهم مخدوعون بشعارات طاغية اذل شعبه. بعد سقوط صنم بغداد انهار القطاع الخاص العراقي وللمحتل دور كبير في ذلك والحكومات الديمقراطية المتصارعة المتناحرة المتحاصصة كان لها الدور الاعظم في ما سببته من سوء للمجتمع . فبدلا من الخوض في غمار بناء استرتيجي لمؤسسات البلد وتوفير فرص عمل للقطاع الخاص للنهوض بالبلد والتخلص من البطالة التي يستغلها الارهاب بقوة في سياسيته في القتل والتدمير، قامت الحكومة بفرض قوانين عجيبة غريبة وقامت بسبب الجهل الاستراتيجي وبسبب الطمع في كسب الانسان البسيط (كصوت انتخابي) على حساب إستراتيجية البناء قامت بتوفير فرص عمل حكومية بأعداد كبيرة جدا دون حاجة فعلية لها (بطالة مقنعة) في البلد. لا نقول ان مؤسسات الدولة ليست بحاجة الى موظفين ولكنها بحاجة الى كفاءات وخبرات تسهل عمل المواطن وليس كثرة الموظفين بدون عمل هو ما تحتاجه دوائر الدولة. طبعا كلما زاد عدد الموظفين الحكوميين زاد الفساد وازداد معه صعوبة السيطرة على مؤسسات الدولة بشكل كفوء لمنع الفساد وبظل غياب القانون نشات مافيات الفوضى التي استغلت الظروف لتبني إمبراطوريات الخوف الجديد وهنا الدولة اصبحت تعيش مرارة الاصلاح المستحيل وهنا خضع للامر الواقع اللقيط مراهقي السياسية بعد ان وقعوا في الفخ الأمريكي واصبحوا هم انفسهم جزء من السوء الذي لو لم يكونوا قادته اليوم كمتسلطين لكانوا من اشد المعارضين له. ان الاصوات الانتخابية غالبا ما تمنح لمن يوفر فرص العمل الحكومية حتى وان كانت بطالة مقنعة. ان المتسلطين الذين كانوا يهتفون من اجل العدالة من اجل المساواة اصبحوا اليوم ينادوا بافكار التسلط وما الي غير ذلك من افكار الارستقراطية الجديدة. لا بل الكثير منهم في جلساتهم الخاصة ينتقدون الانسان العراقي بتقزز ومقت شديد وكانهم جاءوا من المريخ وليسوا من هذا الشعب المسكين وهذا هو السوء الاعظم. ان الابناء ان لم نعلمهم ولم ندخلهم المدراس والجامعات كيف سيتعلمون وهل تكفيهم مدرسة المجتمع ليتعلموا الطب والهندسة. سيكون الشعب جاهل ان كان يقوده الاجهل ، ان غالبية الشعب هم الناس البسطاء الذين بحاجة الى رعاية وتوجيه من قبل مؤسسات الحكم .كما ان المواطن العراقي تعلم الخوف من السلطة لعقود طويلة من الزمن ولم يتعلم ان يطالب بحقوقه وان طالب بحقوقه فلا يعرف كيف يضغط على الحكومة لكي ينالها. اليوم نحن بلا كهرباء منذ 7 سنوات والكل يهتف ويحكي ويتكلم عن ذلك لكن هل مارس الانسان العراقي دوره للمطالبة بحقوقه فعلا قبل انتفاضة البصرة؟! (؛؛ ما حدث في البصرة قد يكون بداية ثورة اجتماعية على السلطة؛؛). ان ما حدث في البصرة والتظاهر ضد مجلس محافظة والمطالبة بتوفير الكهرباء يعد ممارسة فعلية للمعارضة المفقودة برلمانيا .. يبدوا ان الشعب اليوم على ابواب انتفاضة معارضة قد تسقط الحكومة والبرلمان الجديد. الانسان العراقي يرى السوء والفساد ولا يستطيع ان يقف امامه وذلك لسببين أساسيين لان السوء محمي ومحصن. والسبب الاخر والاهم هو ان الانسان يخشى السلطة ان وقف امامها يخسر الكثير من حقوقه الاخرى وفعلا كلنا نشاهد ذلك. فكل من يهتف للمطالبة بالحقوق ويحاول ان يصحح يحارب بشدة ويخسر الكثير الكثير جدا من حقوقه ولا يجد من يعينه على استردادها. ان افكار العدل والمساواة في عراق ما بعد السقوط ما هي سوى افكار مراهقين تتغير مع الايام . والخيبات تلاحقها والتقلبات في الرؤية وعدم الثبات واضحة بسبب الفشل المتتابع . كثيرا ما نرى اناس صالحين بسبب الفشل المتتالي يصلون الى نهاية طريق الالم وهو الياس ويقولوا كلمات عراقية شهيرة (؛؛انا شعلية او خلي راسي بارد او تعبت ماكو فايدة؛؛). كثيرا ما نسمع بعض الناس في حالات الياس والفشل والاحباط يسبون العراق . كنت قبل فترة انجز معاملة في احدى الدوائر الحكومية وكان هناك ازدحام شديد جدا وحر شديد جدا والناس ينتظرون لانجاز معاملاتهم والازدحام كبير جدا. طبعا هذه الدائرة الحكومية حالها حال اغلب باقي الدوائر الحكومية خدماتها الصحية سيئة ومعدومة الانارة والتهوية والتكييف فيها سيء جدا ومحدود. فقد تم اضافة حواجز قذرة على بعض النوافذ لمنع النور عن الممرات الداخلية. والانارة الطبيعية معدومة في الممرات. كنت واقف انتظر انجاز المعاملة فجاء احد الحرس في الدائرة ليبعدنا عن غرفة الموظفين لكي يقوموا الموظفين بانجاز اعمالهم بهدوء وفعلا خرجنا ننتظر ان يقوموا بمناداتنا بالتسلسل لندخل وانتظرنا كثيرا لكن دون جدوى فدخلنا مرة ثانية فوجدنا ان اللانظام موجود. فقالت امراة هذا هو الشعب العراقي غير منظم وشعب يستحق اكثر مما هو فيه من سوء. فقلت لها انك تتكلمين عني وعنك فان عراقي وانت عراقية فقالت لا انا اتكلم عن الاخرين فقلت لها لا فرق بيننا وبينهم . انظريهم هم موجودون هنا ونحن كذلك والكل متلهفون لانجاز معاملاتهم . فقلت لها والله شعبنا مسكين والنظام لا ياتي من الشعب وانما من الحكومة لو كانت هناك مؤسسة منظمة وتحترم المواطن وتضع الكرسي في قاعة الانتظار وتضع الموظفين في اماكنهم الصحيحة وكل شخص ياتي دوره يتم مناداته باسلوب حضاري لكنا جميعا سعداء ومنظمين لكن الخلل خلل المؤسسة ليس خلل الموظف وانما خلل المدير وخلل من جاء بهذا المدير الخلل خلل حكومة لا تحترم الشعب. النظام يضعه المعلم لتلاميذه والشعب تلاميذ الحكومة. احيانا نشاهد في الحياة اسر منظمة جدا بسبب النظام وحسن توجيه الوالدين ونشاهد اسر اخرى بالعكس تماما وهذا ايضا يرجع الى الوالدين وسوء تربيتهم . نحن نعيش سوء التربية الحكومية وليس غير ذلك . المشكلة ليست مشكلة شعب المشكلة مشكلة مؤسسات تحتاج الى تغيير جذري . قد نكون متشائمين بان نقول لا امل بالاصلاح للوصول للعدالة ما لم يستلم الجيش السلطة لتصحيح وتقويم مؤسسات البلد ويحاسب الفساد المتحاصص ويمهد لديمقراطية عادلة وهذا لن يتم الا ان سمحت به امريكا ... وامريكا يبدوا انها مستمتعة لما يجري بالعراق ولا نعرف حقيقة الى ماذا ترمي امريكا بالنسبة للغد لاي شيء تخطط لا نعلم . لا نعتقد ان امريكا مشكلتها العراق فقط وانما العراق اصبح المحور الذي سحبت اليه جميع دول المنطقة لتدخل فيه وتتورط . كما ان تدخلات الجوار ازدادت بشكل كبير جدا خصوصا على الصعيد الاقتصادي واصبح اي تغيير بالسياسة الداخلية العراقية قد يسبب ازمة اقتصادية لهذه الدول. وبهذا احكمت امريكا سيطرتها على كل المنطقة وليس العراق وحده. السيطرة ليس بالفرض والامر وانما فرضتها باستراتيجية ماكرة وخبيثة ولا مجال لتغييرها. لان التغيير ومعادة الفكر الامريكي اصبح يوجه ليخدم مصالح امريكا وارعاب عملاء امريكا المتدكترين في بلدانهم ليكونوا اكثر عمالة وطاعة لامريكا وانغماس اكثر في تنفيذ برامجها. لذا فاننا نرى بان اغلب السياسين طموحهم وغايتهم هو ارضاء امريكا عنهم لكي يزدادوا تنعما بمناصبهم. ان الحلول للمشاكل العراقية ورفع مستوى النضج الديمقراطي الشعبي يحتاج الى زمن طويل ويحتاج الى أناس مخلصين في قمة السلطة يتمتعون بالذكاء والرؤية الإستراتيجية والحزم.. نحتاج الى رؤية تخطيط اقتصادي قوي ونحتاج الى قوة عسكرية قوية تحمي الإستراتيجية من الجهل والفوضى المدعومة من قبل القوى الخارجية التي لا تريد الخير لعراقنا الديمقراطي الجديد. وكل ذلك يجب ان يكون محكوم بقدسية توحد وطنية توحد جميع مكونات. ولن يتحقق ذلك الا بالانتفاض الشعبي لتغير واقع الحال. وانتفاضة البصرة هي الخطوة الاولى لليسار الاسلامي الذي سيحمل راية التغيير لعراق العدل والمساواة والديمقراطية. فلا نحتاج لا رجل ضرورة ولا رجل مرحلة . وانما نحتاج رجل المؤسسة الصالحة لتكون المرحلة مرحلة صلاح مرحلة تجديد وتنظيم اداري شاملة وترسيخ قيم التعاون وترسيخ قيم التداول السلمي للسلطة وصفع التدكتر واجتثاثه ومنعه من الوصول لقمة السلطة . قلنا ما نعتقد ونؤمن بالتصحيح ان ثبت خطا ما اعتقدنا.. احترامي لكل من يعمل باخلاص ونبل من اجل امة العراق الواحد. عراق الديمقراطية عراق المؤسسات الصالحة د.علي عبد داود الزكي [email protected]
#علي_عبد_داود_الزكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق ما بين فكرة قائد الضرورة و؛؛الانتفاضة الشعبية؛؛2
-
العراق ما بين فكرة قائد الضرورة و؛؛الانتفاضة الشعبية؛؛
-
صراع الكراسي ؛؛ المالكي وعلاوي؛؛ والانتفاضة الشعبية
-
؛؛ شرطي عراقي؛؛ لا يعرف معنى الانسانية!!
-
؛؛طب الاسنان؛؛ والاجور غير المعقولة
-
شفاء الديمقراطية ؛؛ والعصبية الوطنية العراقية؛؛
-
دستورنا هل يسمح؛؛ بالتدكتر الادراي الابدي؛؛؟!
-
؛؛عجائب وغرائب العراق ؛؛ فاقت التصورات
-
العراق ؛؛دولة ؛؛ ام ؛؛ أمة؛؛
-
حكومة الاخوة الاعداء؛؛ الجيل الثاني؛؛ يبدوا ان الشعب في مأزق
...
-
الديمقراطية ليست غرورا وانما سلاح ذو حدين ؛؛ خطا المالكي؛؛
-
سامي العسكري؛؛ رئيسا للوزراء؛؛ والشريف علي؛؛ رئيسا للجمهورية
...
-
؛؛ لاجل نهوض العراق يجب اجتثاث مزدوجي الجنسية؛؛ مقترحات لمفو
...
-
سامي العسكري ام بيان جبر ؛؛؛ رئيسا للوزراء القادم؛؛؛
-
الديمقراطية الاحتكارية؛؛ سبب ونتيجة؛؛
-
عبرت الشط علمودك وخليتك على راسي؛؛نزاهة وفساد؛؛
-
؛؛العراق وطني؛؛ بلا مجاملة بلا خداع ونفاق نحن مختلفان
-
سقوط رجل الظلام؛؛ واشباح الالم؛؛ وحكومة الحواسم
-
؛؛ حكومة الثعالب؛؛ وديمقراطية التدكتر
-
حتروش .. ملكا ؛؛ دموع وكلمة حق؛؛
المزيد.....
-
في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع
...
-
سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون
...
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|