|
الماضوية الحاكمة
نور الدين بدران
الحوار المتمدن-العدد: 929 - 2004 / 8 / 18 - 13:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
"الحاضر مفتاح الماضي " "لو تماثلت ظواهر الأشياء ، مع جواهرها ، لانتفى كل علم وأصبح زائدا ، لا لزوم له " . كارل ماركس
سأل أحدهم ابن قريته العائد من ألمانيا بعد أن تخرج في إحدى جامعاتها ونال شهادة الفلسفة ما هي الفلسفة ؟صفن المسؤول قليلا ثم أجاب : هل لديكم جنزير في البيت ؟ فرد السائل : نعم ، تنفس المسؤول الصعداء وقال :حسنا ، إذن لديكم كلب ؟ قال الآخر : صحيح . فأردف خريج الفلسفة : معنى ذلك ، أنتم تملكون حديقة ؟ وهز السائل رأسه بالإيجاب ؟ فانتشى المسؤول وقال :هذا يؤكد أنكم ميسورون ، وأمك من عائلة كريمة ، وهي شريفة وبنت أشراف ؟ فقال الآخر : نعم ولكن ما دخل كل ذلك بموضوعنا ؟ فرد المسؤول : هذه هي الفلسفة ، أن تستنتج وتستنبط ، فقال الآخر : هاه فهمت ، ألهذا ذهبت وتغربت ؟ الأمر بسيط جدا . وطار من فوره ، إلى ابن جيرانه وسأله : هل لديكم جنزير ؟ فأجاب الآخر مستغربا : لا ، فابتسم السائل وقال : معناها أن أمك ليست شريفة . بهذه الطريقة ، مع فروق الكاريكاتور عن الواقع ، تقرأ المعارضة السورية الواقع السياسي . فعلى المستوى الداخلي : النظام مع هذه النقطة إذن نحن ضدها ، حتى لو كانت معالجة سجين مريض وتطبيبه. وهذا التنظيم ضد النظام فنحن معه ، ومادام النظام ديكتاتوريا ، فهذا التنظيم يسعى إلى الديمقراطية ، ولو كان الأخوان المسلمين . وعلى المستوى الخارجي : أميركا الشر المطلق ، وما تقف معه نقف ضده ، ولو كان إسقاط النظام الأكثر دموية في زماننا . إن الإجماع المذهل على التعامي عن اللحظة السياسية ، بل والتاريخية ، لمجموع أطياف المعارضة والموالاة [جماعة الجبهة الوطنية التقدمية ] ، وأيضا القوى الإسلامية ، يعطينا فكرة عميقة عن المسافة التي تفصلنا كبلد عن العالم وتحولاته الأخيرة ، وبا لحري عن رؤية آفاقه . [ وليفهم من لم يفهم بعد أني بالمحصلة لا أميز بين السلطة والمعارضة ، وأني لاأنكر وجود الحالات الثقافية المختلفة والمستقلة آملا تحولها إلى بنية فاعلة ]. هذا هو القاسم المشترك بين تلك القوى التي تشدها وشائج إيديولوجية واحدة رغم اختلاف ألوانها ، لكن جذورها واحدة ، تضرب عميقا ، في الماضي فتثقل الماضوية جميع قراءاتها الحاضرة . ولنخرج من المجرد إلى الملموس ، ولناخذ مثلا مايجري في العراق اليوم ، فجميع هذه القوى لاتفكر ولاتقرأ ما يجري وما علاقته أو ما يتقاطع منه مع حاجات الشعب العراقي سواء بوجود الولايات المتحدة أو سواها ، فالسؤال الدائم : ليس ماذا نريد نحن ؟ وإنما ماذا يريد الأعداء لنرفضه ، وهل هناك أسهل من ذلك ؟ ولامشكلة فالأعداء مصنفون جاهزون ولا حاجة حتى لقراءتهم ، فهم صبة واحدة ، ومن معهم أو حتى يحاورهم أو يفاوضهم هو منهم ، كما كان حال مجلس الحكم ، واليوم حال الحكومة المؤقتة [ العميلة وفق قاموسهم ] وإذا مااختلف معهم في نقطة ما فالأمر مسرحي وسيناريو تقتضيه المؤامرة ، لكن الذي يقاومهم نحن معه ولو كان سفاحا مأجورا ومكشوفا . لاأهمية للقراءة ولا للبرنامج ولا للفاعلين ولا للحاضر ، الأهمية للماضي والذاكرة ، هل هناك عصاب بهذه الشمولية ؟ الجميع هنا ضد وجود القوات الأميركية ، ومجلس الحكم منذ قيامه ، وضد الحكومة المؤقتة ورئيسها السيد إياد علاوي ، ومع المقاومة العراقية .
مجموعة من القوى السياسية السورية ، تضم لجان حقوق الإنسان ، أيام حصار الفلوجة وقعت على بيان يدين ويستنكر الحصار ، ويحيي المقاومة لاسيما "بعد انضمام السيد مقتدى الصدر إليها حيث عبرت عن أصالة الشعب العراقي ووحدته الوطنية ، والتي تعد بأفق لعراق وطني حر وديمقراطي " جمع ذلك البيان التجمع الوطني الديمقراطي ومنتدى جمال الأتاسي ولجان المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان وهذه الأخيرة /حاف/ ، وإذا سألنا اللجان تحديدا [ و البقية طبعا ] هل الحياة حق من حقوق الإنسان ؟ هل تحافظ المقاومة العراقية ، على حياة الأبرياء والعراقيين بالذات ؟ لنقل أنها تقتل الجنود الأميركيين ، [كأن هؤلاء هم أصحاب القرار في البيت الأبيض ] فكم عراقي يقتل مقابل كل جندي أميركي ؟ أعتقد أن السيارات المفخخة كانت تحمل أجوبة إنسانية ووطنية بليغة . وأما أن من حقوق الإنسان أن يقطع رأسه ، [لا سيما إذا كان أميركيا ] فهذا ماأكدته المقاومة التي أيدتها اللجان العتيدة و شدت أزرها القوى التي رأت فيما رات أن ذلك يقود إلى عراق ... حر و ديمقراطي كما في الثمانينات كانت تنتظر الديمقراطية المأمولة بدعم من قتلة الإخوان المسلمين ، الذين يشكلون مع الزرقاوي ومقتدى الصدر وبقايا الصداميين مدرسة إرهابية واحدة ، بصفوف مختلفة . والحال مشابه إلى حد كبير في الساحة الفلسطينية ، دون التعامي عن الفروق ، حيث القتل المعمم ، بدعوى المقاومة لايختلف عن الممارسات الشارونية بدعوى الحفاظ على أمن الإسرائيليين المدنيين ، وكلا التطرفين الأعميين يغذيان بعضهما بعضا ، ومن حق الإنسان أن يعيش اسرائيليا كان أو غير اسرائيلي ، وهنا أتحدث على الأبرياء ، كأولئك الشباب الصغار الإسرائيليين الذين كانوا يرقصون في أحد الملاهي الذي فجرته المقاومة ، لتحرير فلسطين ، فلاقوا حتفهم بلا ذنب ارتكبوه تماما كمحمد الدرة وغيره من الأطفال الفلسطينيين والعراقيين . هذه المقاومات القاتلة والإرهابية هي نسخة شديدة الفظاظة عن الأنظمة التي جوّعت وسجنت وقتلت لعقود من الزمن بدعوى التحرير والصراع العربي الإسرائيلي وفلسطين وهي [الأنظمة ] اليوم تدعم تلك المنظمات إلى هذا الحد أو ذاك وبهذه الوتيرة أو تلك . بعد عام كامل استفاق مقتدى الصدر وجيشه على الإحتلال وقرر المقاومة ، بعد أن وجد نفسه بلا حصة على أبواب تسليم السلطة للعراقيين ، وأنه مطلوب للقضاء لارتكابه أو اتهامه على الأقل بجريمة قتل الخوئي منافسه الأهم آنذاك ،واليوم رغم انعقاد المؤتمر الوطني ودعوته إليه ، فهو مصر على عدم ترك السلاح . أيها الوطنيون الديمقراطيون السوريون الأشاوس : أنتم هنا في سوريا ماهو سقف مطالبكم ؟ أليس ماتحقق في العراق الجريح والنازف والمنهوب والمستباح والمحتل قبل دخول الأميركان ، من مافيات صدام على مدى عقود أليس ماتحقق حتى الآن هناك أعلى مم تطالبون به هنا ؟ مئات الصحف ، العديد من الفضائيات ، مؤتمر وطني مفتوح ، حرية أحزاب ، والإنتخابات في كانون الثاني القادم ، ألا تطالبون بكل ذلك هنا ؟. أيها الأشاوس هذه الأوضاع كفيلة بالتحرير وكفيلة بنهوض العراق وجعله بلدا حرا ومعافى ، ولكنها تحتاج إلى الأمن والإستقرار وحفظ الثروات الوطنية كالنفط وغيره ، وفي المقدمة حياة الناس ، ولكن هذا مستحيل بوجود خفافيش الإرهاب الذين خبرناهم في لبنان ، حيث الفوضى وغياب الدولة والسلطات المتعددة عدد العصابات ، التي تاجرت بالسلاح والمخدرات والأرواح والشعارات والأديان وبكل مافي الوطن بالمفرق في البداية ومن ثم به كله بالجملة ، ولايريد الزرقاوي والصدر وسائر تحالف الفلوجة ، ومن وراءهم سوى لبننة العراق ، لأنهم رأوا بأم أعينهم ماذا جنت طبقة أمراء الحرب هناك . هم يدرون ماذا يصنعون ، ولكل منهم [ أفرادا ومنظمات وأنظمة ] مصالحه ، ولكن أنتم ماهي مصالحكم ؟
#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماركس في جبة الغزالي
-
قرب البحر
-
البضاعة والعلبة
-
أنا سوري يا نّيالي!
-
شفقة الأيام الخالية
-
زوابع
-
وجه آخر لثقافة الموت
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|