|
مذكرات مترجم : ( الحلقة التاسعة ) .
حبيب محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 3050 - 2010 / 7 / 1 - 20:30
المحور:
سيرة ذاتية
مذكرات مترجم : ( الحلقة التاسعة ) . تجربتي مع طالبي اللجوء والمقيمين العراقيين و العرب في مملكة السويد .
( الأسباب والبواعث التي ساقت البعض ، من أبناء الجالية العربية ، الى سجون المملكة السويدية ) :
للأجرام وبكل أشكاله وألوانه و أوزانه وأحجامه ، والذي تتصدى له القوانين ، الرادعة ، المدنية ، والوضعية ، والمعمول بها ، في غالبية دول العالم ، بما فيها المملكة السويدية ، أسباب وبواعث محركة ، تدفع الجاني هذا أو ذاك الى الأقدام عليه وأرتكابه ، سواء بأرادة كاملة منه أو تحت تأثير ظروف ضاغطة تدفعه وبقوة للأنسياق وراءه . وتلك البواعث والأسباب الضاغطة و الدافعة ، لأرتكاب الجرم هذا أو ذاك ، تتفاوت وتختلف بأختلاف و تنوع مرتكبي الجرم أنفسهم . وبعض من هذه الأسباب المحفزة لسلوك الجرم ، مردها ، عوامل أجتماعية بحتة ، تتصل بالفقر المادي والروحي والموروث الثقافي والتربوي والنفسي للجاني . ومنها مرده الى عوامل وأسباب سياسية . فالتناقضات التي تحدث داخل المجتمع ، وأي مجتمع كان ، أقطاعياً كان ، أو رأسمالياً خالصاً ، أو البين بين ، سواء كان هذا المجتمع ، هجيني مزدوج ، بين الأقطاعية والرأسمالية ، أو الرأسمالية والأشتراكية . ففي خضم تناقضات التطور، في تلك المجتمعات ، تقود و تفضي ، الى أشكال من الصراعات صعودا ونزولاً ، فتتجسد الجريمة فيها ، كتعبيرا عن ردت فعل لجانب ، من جوانب هذا الصراع الناشئ ، كحتمية قدرية ، بسبب من سنن وأفرازات هذا التطور ، المدفوع الثمن وللأسف، ( بعرق وبدم الضحايا من بني البشر ) . فالأجرام ، أياً كان ، لايتصل بأي حال من الأحوال بعوامل الوراثة الجينية ، كما يزعم البعض من المتعنصرين ومنظريهم . فالجرم لايولد مع ولادة الأنسان ، بل هو جنوح ومسلك أجتماعي منحرف و مكتسب ، وهو أيضاً قابل للعدوى ، لذا ينبغي التصدي له ، والتعامل معه كحالة مرضية سرطانية أجتماعية قابلة للتعاطي معها وعلاجها ، على مراحل . لذلك وجدت السجون ، لتكون جزء من هذا العلاج . وهذا الجزء من العلاج ليس ذي قيمة وفاعلية ، إذ بقيت السجون ، مجرد أماكن لحجر الحرية الشخصية للجنات . ولتفعيل دور تلك السجون الحيوي في معالجة الجريمة ، يتطلب الأمر ، أن تلعب تلك السجون دور أصلاح الجاني وأعادة تأهيله الى مجتمعه ، و بممارسة حياته الطبيعية والسوية فيه .
وبناءا على هذا الأدراك ، و الفهم الصحيحين ، والمطلوبيين ، للدور الحيوي والمهم للسجون ، في معالجة ظاهرة الجريمة المتنامية والحد منها قدر المستطاع ، شيد ساسة المملكة الغيورون سجونهم ، و وضعوا نصب أعينهم ، تلك الأهداف والمقاصد ، السامية والنبيلة المشار إليها أعلاه ، قولاً وأفعال . على النقيض تماماً ، من ما جرى ويجري في السجون المخزية لساستنا العرب ، والدور الدوني الذي تضطلع به . في حجر الحريات ليس إلا ، دون أدنى أكتراث أو مراعات ، لأفكار وتطبيقات أعادة التأهيل والأصلاح المطلوبين أنسانيا ، وليس أعلامياً زائفاً، لهذه الشريحة ، وهذه الشريحة الضحية لأقدارها والمنحرفة أجتماعياً بالتحديد .
وبالأستنادا الى أحتكاكي ، بهذه الشريحة من سجناء الجالية العربية ، في سجون المملكة ، والأطلاع على تفاصيل دقيقة ، تخص سلوكهم الذي ساقهم الى أرتكاب الجرم ، وبالرجوع الى تعاملي مع الشرائح الأوسع خارج نطاق ، أسوار تلك السجون من أبناء نفس الجالية . وأطلاعي على ظروفها ، الخاصة والعامة و طرق وأساليب حياتها ومناحي تفكيرها ورؤاها . أستناداً الى كل هذه المعطيات ، الملم بها عن خبرة عملية وميدانية مع أبناء جلدتي على أختلافهم وتنوعهم . وجدت أن أسباب وبواعث مسلكياتهم المنحرفة ، والتي ساقتهم سوقاً الى زنزانات الأصلاحية ، هي ذاتها التي أوضحتها في مقدمة هذه الحلقة من مذكراتي . دوافعها ومحركها ، تصادم أجتماعي مئة بالمئة ، ناتجة عن خلل ، أفقدهم التوازن ، وأطاح بهم . والخلل هذا ، يكمن في أوضاعهم المادية ، والروحية ، والثقافية ، والتربوية . وبسبب من قصور هذه الشريحة وعجزها عن أنتاج وأبتداع مسالك راكزة وسديدة توجه بوصلة حياتها ، وتمضي بها ، وهية متصالحة مع النفس ومع الأخرين ، بغية الوصل الى بر الأمان ، وبأقل الخسائر الممكنة ، في رحلة العمر الحلوة والمرة و القصيرة على وجه الأرض . وأضيف على ما ذكر ، من أسباب ، قادة هذه الشريحة الى السقوط في براثن الأنحراف ، أنها هاجرت الى المملكة ، وهي تتسلح باليسير القليل ، من زاد الثقافة والعلم والمعرفة بديناها ودنياها القليل القليل القليل . وللأسف هم نفسهم ( أي تلك الشريحة من أبناء جلدتي ) ، التي تلعن ليل نهار عتمة المهجر ، بدل من أضائت شمعة فيه .
#حبيب_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسفري يا مدن الدمع...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الثامنة ) .
-
ذبحة توحد ..........!
-
المبشرون الخمسة بجهنم ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة السابعة ) .
-
مخاض نيسان ...!
-
هيهات منا العتمة .......!
-
بغداد : أخلعي كل شيء وتعالي ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة السادسة ) .
-
أصارع أحمالها ......!
-
أخلع كهولتي ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الخامسة ) .
-
كتابنا منا سلاما ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الرابعة ) .
-
حضن الحكاية ...!
-
مراكب من الضمير رسولٌ بيننا ........!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الثالثة ) .
-
مشنقة التاريخ ونفاياته....!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الثانية ) .
-
أولاد الأفاعي ...!
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|