أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سامي ابراهيم - مصارعة الثيران (1).. الطريقة المباشرة














المزيد.....

مصارعة الثيران (1).. الطريقة المباشرة


سامي ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3049 - 2010 / 6 / 30 - 14:53
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


ثور واحد ومصارع واحد، اللعبة قد تبدو متكافئة، مع امتلاك كل طرف أسلحة لينتصر على الآخر، فالثور مدجج بالقرون والبنية الجسدية الهائلة، بينما المصارع يحمل سيفا حادا بتارا مع خفة ولياقة ومرونة جسدية كبيرة، تنتهي المصارعة في أغلب الأحيان بقتل الثور وفي أحيان نادرة وبسبب خطأ محدد يقتل المصارع.
لكن بالنسبة للمسيحي في العراق فإن الوضع مختلف، فاللعبة ليست متكافئة على الإطلاق، هناك ثيران كثيرة ومصارع وحيد.
والمسيحي لا يملك السيف الذي يستخدمه مصارع الثور، ناهيك عن امتلاك الثور ترسانة من السيوف يدججها على مقدمة قرونه.
ووسيلة الدفاع الوحيدة التي يلتجأ إليها هي مرونة جسده لتفادي ضربات الثيران الهائجة القاتلة، لكن النتيجة محسومة، فاللعبة تنتهي دائما بمقتله.
أما أداة التهييج التي يحتاجها "الثور الإنسان" ليغضب ويثور ويقتل هي رؤيته لإشارة زائد معلقة على صدر ضحيته أبعادها بالسنتمترات أو بناء تعلوه تلك الإشارة، ليكتسح الضحية ويفجر ذلك البناء.
والفرق بين "الثور الحيوان" و"الثور الإنسان" هو أن "الثور الحيوان" يتعب وتخور قواه بينما "الثور الإنسان" لا يتعب ولا يكل ولا يمل. فتراه هائجاً وغاضباً ومستعداً للنطح دائماً.
لا يمكنك أن تتخيل توقيت عملية النطح ، ولا يمكنك أن تتوقع أيضا مكان وإحداثيات موقع حلبة المصارعة، فأرض الوطن كلها بالنسبة لهذا الثور حلبة مصارعة. لا تعرف متى ستقتل. لا تعرف متى ستتحول لأشلاء.
أما المتفرجون والمشاهدون فبعضهم من يشحذ قرون تلك الثيران لتبقى جاهزة للقتل والغرز دائما، وبعضهم من يدعم الثيران ويقدم لها الطعام، بعضهم من يقوم بالهتاف والتشجيع فقط للثيران مكتفيا بتقديم الدعم المعنوي لها، وبعض الحضور من يشاهد اللعبة لأنه يتحمس لمنظر الدماء والقتل مشبعا غريزة القتل الحيوانية التي يملكها، بعضهم من يشاهد اللعبة بدافع الفضول فقط كأن يرى منظر الشنق أو طريقة فقد الإنسان لحياته، والبعض من يشفق ويتألم كمن يتألم عندما يرى مشهد سينمائي فيه منظر الدماء، لكن لا أحد يحرك ساكنا لوقف اللعبة.
الكلداني السرياني الآشوري في العراق يتعلم مصارعة الثيران إلى جانب مهنة أخرى يختارها في المجتمع. فترى الطبيب المصارع والمهندس المصارع والأستاذ المصارع.
فهو يعلم أولاده هذه الرياضة، يتوارثها جيلاً بعد جيل، لكن يبدو أن قوة جيل الثيران الجديدة هذه المرة كانت أقوى من أن تقاوم، فقد انتصرت انتصارا ساحقا.
كم هي قوة الثيران عظيمة، حتى استطاعت هذه الثيران في زمنٍ قياسيٍ أن تقتلع شعباً كاملاً من جذوره التي ضربت أعماق الحضارة منذ آلاف السنوات وتذريه في بلاد الاغتراب ليتوه وينصهر ويفقد خصائصه الحضارية في بوتقة المجتمعات التي هاجر إليها.
فالكلداني السرياني الآشوري موجود على هذه الأرض منذ أكثر من ستة آلاف سنة، قاوم خلالها أصعب المحن وأشرس الهجمات وأوحش الإبادات، لكنه في سبع سنوات فقط هجرت الغالبية العظمى من أبنائه ومن بقي في أرض الوطن عليه أن يجاهد ليتلافى تلقي النطحات.
قطيع هائج غبي، لا قلب له، لا تعرف لماذا يغضب، لا تعرف لماذا يقتل.
في بعض الأحيان لا يكون قصد الثور أن يقتل الكلداني السرياني الآشوري، بل يقتله أثناء مناطحته لثور آخر. فقد تقتل الثيران بوحشيتها وهمجيتها بعضها البعض أيضا، فثروات الوطن مراعي خضراء، والقطيع الأقوى هو الذي سينتصر.
الكلداني السرياني الآشوري إنسانٌ واقفٌ بين قطيعين من الثيران ليتنافسوا على منطقة خضراء، لا حول له ولا قوة، ليتم سحقه بين الثيران المتناطحة وليتحول لقطع لحمٍ متناثرة.
لقد أفسدت هذه الثيران الحياة، وجعلت الشعب يعيش في الخوف والظلام، شعب يتخيل الأسوأ كل يوم لكي يستطيع أن يعيش لأن الخوف والظلام ما هو إلا المجهول.

لا يهم ما حدث لنا في الماضي بل هم ما يحدث لنا في الحاضر، وبما أن حياتنا لم تنته بعد لهذا لا يجب أن نسمح لهذه الثيران بان تقنعنا بأنها انتهت.
يجب أن يتدخل العالم لإيقاف هذه المصارعة التي يذهب ضحيتها أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، ويجب على الحكومة في العراق التوقف عن غض النظر عما يحدث، يجب عليها أن تتحمل مسؤولياتها أمام التاريخ وأن تتوقف عن هدم الحضارة الإنسانية بتصرفها غير المسؤول وغير الأخلاقي، يجب عليها أن تنشر الوعي وتنشر روح التسامح، وفهم الآخر واحترام معتقداته وثقافاته مهما كانت، بدلا من التفكير في تقسيم خيرات البلد وثرواته، عساها تستطيع أن تمسح دموع من يعاني ومن يقاسي الويلات، وتكون حكومة حقيقية لكل أبناءها مخلصة للحق ومحققة لإنسانية الإنسان.



#سامي_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوهم وخداع الذات.. سيمفونية نينوى مثال
- الأمة الأشورية.. أمة بدون حاضر.. بدون مستقبل
- ويل لأمة لا تكرم أديبها وشاعرها وفنانها
- حبيب موسى.. أسطورة خالدة لن تموت
- زوعا والمجلس الشعبي.. إلى أين؟
- ما أقبحهم.. ما أبشعهم
- كيف تكشفين شخصية الرجل
- ما الذي يجعل الفتاة تهرب من الشاب
- أحبك لأنك تجسدين فصولي الأربعة
- كيانك حضارتي
- تلك اللحظة
- مذكرة إلى حبيبة
- تلك الكلمة
- لا تتركيني
- السعادة هي صنع ذاتي
- علاقات أفضل
- لو رأينا مستقبلنا
- لماذا يهرب الشاب من فتاته
- الله
- الهدف من الحياة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سامي ابراهيم - مصارعة الثيران (1).. الطريقة المباشرة