أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سرمد السرمدي - قراءة درامية من قبل التوسير للماركسية















المزيد.....



قراءة درامية من قبل التوسير للماركسية


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 3049 - 2010 / 6 / 30 - 10:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قراءة التوسير للماركسية


فهرس المحتويات

1) مقدمة
2) كارل ماركس - الماركسية
3) لوى التوسير- البنيوية
4) قراءة التوسير للماركسية
5) خلاصة
6) -المصادر

كارل ماركس

الماركسية

الفكر الشيوعي بمجمله ابتدعه ثلاثة هم كارل ماركس وفريدريك انجلز وفيلاديمير لينين فيما بعد الذي اسمه الحقيقي بيتر ايليش اوليانوف.
ماركس ناقد لاذع لكنه اقرب للزهد في نقده :
سيفهم القارئ أننا كنا في هذا الكتاب مجبرين أن نترك انتقاد برودون جنبا لنلتفت إلى الفلسفة الألمانية وننقدها، ولنقدم في نفس الوقت بعض الملاحظات التي تتعلق بالاقتصاد السياسي !.
يثير مذهب ماركس, في مجمل العالم المتمدن, اشد العداء والحقد لدى العالم البرجوازي, كله (سواء الرسمي ام الليبرالي), اذ يرى في الماركسية ضربا من ((بدعة ضارة)). ليس بالامكان توقع موقف آخر, اذ لايمكن ان يكون ثمة علم اجتماعي ((غير متحيّز)) في مجتمع قائم على النضال الطبقي. فكل العلم الرسمي الليبرالي يدافع, بصور او باخرى, عن العبودية المأجورة, بينما الماركسية اعلنتها حربا لا هوادة فيها ضد هذه العبودية, أن تطلب علما غير متحيّز في مجتمع قائم على العبودية المأجورة, لمن السذاجة الصبيانية كأن تطلب من الصناعيين عدم التحيز في مسألة ما اذا كان يجدر تخفيض ارباح الرأسمال من اجل زيادة اجرة العمال.
ولكن ليس ذلك كل ما في الامر, فان تأريخ الفلسفة وتأريخ العمل الاجتماعي يبينان بكل وضوح ان الماركسية لا تشبه (الانعزالية)) بشيء بمعنى انها مذهب متحجر منطو على نفسه, قام بمعزل عن الطريق الرئيسي لتطور المدنية العالمية. بل بالعكس, فان عبقرية ماركس كلها تتقوم بالضبط في كونه اجاب على الاسئلة التي طرحها الفكر الانساني التقدمي, وقد ولد مذهبه بوصفه التتمة المباشرة الفورية لمذهب اعظم ممثلي الفلسفة والاقتصاد السياسي والاشتراكية .
ان مذهب ماركس لكلّي الجبروت, لانه صحيح, ومتناسق وكامل ويعطي الناس مفهوما منسجما عن العالم, لايتفق مع أي ضرب من الاوهام ومع اية رجعية, ومع أي دفاع عن الطغيان البرجوازي. وهو الوريث الشرعي لخير ما ابدعته الانسانية في القرن التاسع عشر: الفلسفة الالمانية, الاقتصاد السياسي الانجليزي, والاشتراكية الفرنسية.
واننا سنتناول بأيجاز مصادر الماركسية الثلاثة هذه, التي هي في الوقت نفسه اقسامها المكوّنة الثلاثة.

ان كارل ماركس هو الذي قال بعبارة صريحة لأول مرة :
لقد اقتصر الفكر حتى الآن في تفسير العالم بينما المهم هو تغييره.

ان المادية هي فلسفة الماركسية, في غضون كل تأريخ اوروبا الحديث, لاسيما في اواخر القرن الثامن عشر, في فرنسا, حيث كان يجري نضال حاسم ضد كل نفايات القرون الوسطى, ضد الاقطاعية في النهاية, والامينة لجميع تعاليم العلوم الطبيعية, والمعادية للاوهام ولتصنّع التقوى و..الخ, ولذا بذل اعداء الديموقراطية كل قواهم لـ((دحض)) المادية, لتقويضها, للافتراء عليها؛ ودافعوا عن شتى اشكال المثالية الفلسفية التي تؤول ابرادا, على نحو أو آخر, الى الدفاع عن الدين أو الى نصرته.
وقد دافع ماركس وانجلس بكل حزم عن المادية الفلسفية وبيّنا مرارا عديدة مافي جميع الانحرافات عن هذا الاساس من اخطاء عميقة, ووجهات نظرهم معروضة بأكثر ما يكون من الوضوح والتفاصيل في مؤلفي أنجلس: ((لودفيغ فورباخ)) و((دحض دوهرينغ)), اللذين هما, على غرار ((البيان الشيوعي)), الكتابان المفضلان لدى كل عامل واع.
ولكن ماركس لم يتوقف عند مادية القرن الثامن عشر, بل دفع الفلسفة خطوات الى الامام, فأغناه بمكتسبات الفلسفة الكلاسيكية الالمانية, ولاسيما بمكتسبات مذهب هيغل, الذي قاد بدوره الى مادية فيورباخ. وأهم هذه المكتسبات, الديالكتيك, أي نظرية التطور بأكمل مظاهرها واشدها عمقا, واكثرها بعدا عن ضيق الافق, نظرية نسبية المعارف الانسانية التي عكس المادية في تطورها الدائم. ان احدث اكتشافات العلوم الطبيعية – الراديوم, والالكترونات, وتحوّل العناصر – قد اثبتت بشكل رائع صحة مادية ماركس الديالكتيكية, رغم انف مذاهب الفلاسفة البرجوازيين ورغم ردّاتهم ((الجديدة)) نحور المثالية القديمة المهترئة.
وقد عمق ماركس المادية الفلسفية وطوّرها, فانتهى بها الى نهايتها المنطقية ووسع نطاقها من معرفة الطبيعة الى معرفة المجتمع البشري . ان مادية ماركس التأريخية كانت اكبر انتصار احرزه الفكر العلمي, فعلى اثر البلبلة والاعتباط اللذين كان سائدان حتى ذلك الحين في مفاهيم السياسة والتاريخ, جاءت نظرية علمية, روعة في التناسق والتجانس والانسجام, تبين كيف ينبثق ويتطور, من شكل معين من التنظيم الاجتماعي, ومن جراء نمو القوى المنتجة, شكل آخر, ارفع, - كيف تولد الرأسمالية من الاقطاعية, مثلاً.
وكما ان معرفة الانسان تعكس الطبيعة القائمة بصورة مستقلة عنه, أي المادة في طريق التطور, كذلك تعكس معرفة الانسان الاجتماعية (أي مختلف الآراء والمذاهب الفلسفية اوالدينية والسياسية, ...الخ) نظام المجتمع الاقتصادي, ان المؤسسات السياسية تقوم كبناء فوقي على اساس اقتصادي, فاننا نرى, مثلا كيف ان مختلف الاشكال السياسية للدول الاوروبية العصرية هي اداة لتعزيز سيطرة البرجوازية على البروليتاريا.
ان فلسفة ماركس هي مادية فلسفية كاملة, اعطت الانسانية, والطبقة العاملة بخاصة, ادوات جبارة للمعرفة.


بعد ما لاحظ ماركس ان النظام الاقتصادي يشكل الاساس الذي يقوم عليه البناء الفوقي السياسي, أعار انتباهه اكثر ما اعاره لدراسة هذا النظام الاقتصادي, ومؤلف ماركس الرئيسي ((رأس المال)) مكرّس لدراسة النظام القتصادي في المجتمع الحديث, أي الرأسمالي.
لقد تكون الاقتصاد السياسي الكلاسيكي, ماقبل ماركس في انجلترا, وكان اكثر البلدان الرأسمالية تطورا. فقد درس آدام سميث ودافيد ريكاردو النظام الاقتصادي فسجلا بداية نظرية قيمة –العمل. وواصل ماركس عملهما. فأعطى هذه النظرية اساسا علميا خالصا وطورها بصورة منسجمة الى النهاية, وبين ان قيمة كل بضاعة مشروطة بوقت العمل الضروري اجمالا لانتاج هذه البضاعة.
و حيث كان الاقتصاديون البرجوازيون يرون علاقات بين الاشياء (مبادلة بضاعة ببضاعة أخرى), اكتشف ماركس علاقات بين الناس المنفردين. والمال(النقد) يعني ان هذه الصلة تزداد وثوقا, جامعة في كل واحد لايتجزأ كل حياة المنتجين المنفردين الاقتصادية. والرأسمال يعني استمرار تطور هذه الصلة. فان قوة عمل الانسان تغدو بضاعة. فالاجير يبيع قوة عمله لمالك الارض ولصاحب المصنع وادوات الانتاج, والعامل يستخدم قسما من يوم العمل لتغطية نفقات اعالته واعالة اسرته(الاجرة)؛ ويستخدم القسم الآخر للشغل مجانا, خالقا للرأسمالي القيمة الزائدة, التي هي مصدر ربح, مصدر اثراء للطبقة الرأسمالية.
ان نظرية القيمة الزائدة تشكل حجر الزاوية في نظرية ماركس الاقتصادية.
ان الرأسمال الذي يخلقة عمل العامل ينيخ بثقله على العامل, يخرب صغار ارباب العمل , وينشيء جيشا من العاطلين عن العمل. وانتصار الانتاج الضخم في الصناعة امر ظاهر من نظرة الاولى؛ ولكننا لنلاحظ ظاهرة مماثلة في الزراعة ايضا: فان تفوق الاستثمار الزراعي الرأسمالي الضخم واستخدام الآلات يزدادان, والاستثمارات الفلاحية تقع في ربقة الرأسمالي النقدي وتنحط ويحل بها الخراب تحت وطأة تكنيكها المتـأخر, ان اشكال هذا الانحطاط في الانتاج الصغير تختلف في الزراعة عنها في الصناعة, ولكن الانحطاط نفسه واقع لا جدال فيه.
ان الرأسمال, اذ يغلب على الانتاج الصغير, يؤدي الى زيادة انتاجية العمل والى خلق وضع احتكاري في صالح جمعيات الرأسماليين الكبار. وصفة الانتاج الاجتماعية تزداد بروزا يوم بعد يوم. مئات الآلاف والملايين من العمال يُجمعون في هيئة اقتصادية متناسقة, بينما قبضة من الرأسماليين تستملك نتاج العمل المتشترك. وتشتد فوضى الانتاج, والازمات والركض المجنون وراء الاسواق, وعدم ضمان العيش لسواد السكان.
ان النظام الرأسمالي يزيد من تبعية العمال ازاء الرأسمال ويخلق في الوقت نفسه قدرة العمل الموحد الكبيرة.
لقد تتبع ماركس تطور الرأسمالية من عناصر الاقتصاد البضاعي الاولية والتبادل البسيط وحتى اشكالها العليا, الانتاج الكبير.
وان تجربة جميع البلدن الرأسمالية, القديمة منها والجديدة, تبين بوضوح وسنة بعد سنة, صحة مذهب ماركس هذا لعدد متزايد ابدا من العمال.
لقد انتصرت الرأسمالية في العالم بأسره.

لقد شعر ماركس بأن الآلة تتطور لتصبح عدو الأنسان وليست صديقه .

هذا لانتصار ليس سوى المقدمة لانتصار العمال على الرأسمال,
عندما دُك النظام القطاعي, ورأى المجتمع الرأسمالي ((الحر)) النور, تبين فورا ان هذه الحرية تعني نظاما جديدا لاضطهاد الشغيلة واستثمارهم, وفورا اخذت تنبثق شتى المذاهب الاشتراكية انعكاسا لهذا الاضطهاد واحتجاجا عليه, ولكن الاشتراكية البدائية كانت اشتراكية طوبوية. فقد كانت تنتقد المجتمع الرأسمالي, تشجبه, تلعنه, وتحلم بازالته, وتتخيل نظاما افضل؛ وتسعى الى اقناع الاغنياء بأن الاستثمار مناف للاخلاق.
ولكن الاشتراكية الطوبوية لم تكن بقادرة على الاشارة الى مخرج حقيقي. ولم تكن لتعرف كيف تفسر طبيعة العبودية المأجورة في ظل النظام الرأسمالي, و لا كيف تكتشف قوانين تطور الرأسمالية, ولا كيف تجد القوة الجماعية القادرة على انتصار خالقة المجتمع الجديد.
غير ان الثورات العاصفة التي رافقت سقوط الاقطاعية, القنانة, في كل مكان من اوروبا وخاصة في فرنسا, بينت بوضوح متزايد على الدوام ان النضال الطبقي هو اساس كل التطور وقوته المحركة.
فما من حرية سياسية تم انتزاعها من طبقة الاقطاعيين دون مقاومة يائسة. وما من بلد رأسمالي قام على اساس حر, ديموقراطي, الى هذا الحد أو ذاك, دون قيام نضال حتى الموت بين مختلف طبقات المجتمع الرأسمالي.ومن عبقرية ماركس, انه كان أول من استخلص هذا الاستنتاج الذي ينطوي عليه التأريخ العالمي وطبقه بصورة منسجمة الى النهاية, وهذا الاستنتاج هو مذهب النضال الطبقي.
وتساءل ماركس هل ان النظرة الأغريقية للطبيعة ممكنة الآن في عصر الماكنة!.
لقد كان الناس وسيظلون ابدا, في حقل السياسة, اناسا سذجا يخدعهم الآخرون ويخدعون انفسهم, ما لم يتعلموا استشفاف مصالح هذه الطبقات او تلك وراء التعابير والبيانات والوعود الاخلاقية والدينية والسياسية والاجتماعية. فإن انصار الاصلاحات والتحسينات سيكونون ابدا عرضة لخداع المدافعين عن الاوضاع القديمة طالما يدركوا ان قوى هذه الطبقات السائدة او تلك تدعم كل مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية واهتراء, فلكي نسحق مقاومة هذه الطبقات ليس ثمة سوى وسيلة واحدة هي ان نجد في نفس المجتمع الذي يحيط بنا القوى التي تستطيع – وينبغي عليها بحكم وضعها الاجتماعي – ان تغدو القوة القادرة على تكنيس القديم وخلق الجديد ثم ان نثقف هذه القوى وننظمها للنضال.
فقط مادية ماركس الفلسفية بينت للبروليتاريا الطريق الواجب سلوكه للخروج من العبودية الفكرية التي كانت تتخبط فيها حتى ذلك جميع الطبقات المظلومة. فقط نظرية ماركس الاقتصادية اوضحت وضع البروليتاريا الحقيقي في مجمل النظام الرأسمالي. ان المنظمات البروليتارية المستلقة تتكاثر في العالم باسره من امريكا الى اليابان ومن اسوج الى افريقيا الجنوبية, والبروليتاريا تتعلم وتتربى في غمرة نضالها الطبقي وتتحرر من اوهام المجتمع البرجوازي وتزداد تلاحما على الدوام وتتعلم كيف تقدر نجاحاتها حق قدرها وتوطد قواها وتنمو بشكل لا مرد له.

قوانين الماركسية:قانون الأنتقال من التبدلات الكمية الى التبدلات النوعية,
قانون وحدة وصراع المتناقضات,قانون نفي النفي.


لوي التوسير

البنيوية

البنيوية في معناه الواسع تشكل الظواهر الكونية والموجودات المختلفة في بنية من الأجزاء والعناصر المترابطة بحكم نظام متكامل من العلاقات لأداء وظائفها الدلالية؛ ويشمل هذا التحديد دراسة كل الظواهر الإنسانية من وجهة معرفية كاللغة والإنسان والمجتمع والأجهزة وغيرها؛ واللسان أحد هذه الظواهر التي تخضع لنظام مخصوص. وتتكوّن مادة اللسان من جميع أشكال التعبير، وتظهر في بنية متكاملة، وعلى اللسانياتي أن بعمل على اكتشاف جزئيات وعناصر هذه البنية وحصرها وتتبّع العلاقات التي تربط بينها دلالياً، واستشفاف وظائفها وأسرارها( )؛ من وجهة معارفية شمولية.
ويعرّف دي سوسير اللغة ـ من حيث هي بنية مترابطة الأجزاء ـ بأنها (نظام من الرموز التي ترتبط العناصر المشكلة له ببعضها على أساس الاتحاد والاختلاف)( )، ويقوم هذا التحديد على أن هناك نظاماً (Systeme) تحكم بنيته
(Structure) مجموعة من العلاقات الوظيفية التي تجمع بين الوحدات اللغوية الدالة من أصغر وحدة إلى أكبر وحدة؛ وهي أجزاء منتظمة مثل البناء أو وحدات الشطرنج، فلا تحتلّ صيتة
(Phoneme) أو كلمة موقعاً إلا بسبب من الأخرى( ). وينطلق سوسير من العلامة بوصفها الوحدة الدالة في أي نظام من أنظمة التواصل اللغوية والسيميائية، وتتشكل هذه العلامة من صورة سمعية بصرية (النطق أو الكتابة)، وهي الدّال ، ومفهوم وهو ما تدل عليه في الواقع الوجودي؛ أي مدلول. وترتبط العلامات فيما بينها بعلاقات وظيفية تشكل في مجموعها وحدة بنيوية ذات عناصر يكمّل أحدها الآخر، ولا يمكن أن تتحقق وظيفتها التواصلية خارج النظام الذي يحكمها. وتتجسد في مستويات: صوتية ومفرداتية وتركيبة وتداولية ودلالية.

وقد تبلورت البنيوية في منهج نقدي بعد الستينات من القرن العشرين، حين تراجعت كثير من المناهج النقدية السياقية كالظاهراتية والتاريخية والنفسية؛ فاخترقت البنيوية الساحة الأدبية مع رومان ياكوبسون (R. Jacobson) وإميل بنفست (E Benveniste) اعتماداً على أعمال فردينان دي سوسير. وكان لمقالات كلود ليف ستراوس (C. Levi - Strauss) الأثر الكبير في إبراز هذا التوجه( )
.
يوجز بنفنست المنهج البنيوي في قوله: (إن اللسان يشكل نسقاً تتحدّ أجزاؤه ضمن علاقة من التضامّ والارتباط، ويقوم بتنظيم وحدات هي عبارة عن علامات متمفصلة تختلف عن بعضها وتحدد بعضها بالتناوب.. ويعلمنا المنهج البنيوي بأنّ النسق يسيطر على نظام العلامات، ويهدف إلى استخلاص البنية من خلال العلاقات القائمة بين العناصر)( ). ويركز التحليل البنيوي في النقد الأدبي على النص والنص وحده واستبعاد كل العناصر الفنية الأخرى كالناصّ والمتلقي والمرجعيات التي تشمل السياقات والملابسات التناصية.

وتقوم البنيوية في النقد الأدبي على جملة من المبادئ يأتي في مقدّمتها: اعتبار النص وحدة مستقلة بذاتها مكتفية بنفسها. وإغفال سياق النص والناص معاً وهو ما عرف لاحقاً بموت الكاتب؛
فهي تتعامل مع النص بوصفه مادّة مستقلة معزولة عن سياقها وعن الذات القارئة. كما تأخذ بمبدأ تقسيم النص إلى بنيات انطلاقاً من الصيتة (Phoneme) فالمفردة، وصولاً إلى الجملة بوصفها الوحدة الأساس للتحليل لدى البنيويين، ومحاولة قراءة النصّ في ضوء العلاقات التي تربط بين عناصر الجمل. ويعدّ تيار الشكلانيين الروس في ظل مدرسة براغ الوظيفية أول تطبيق علمي للتحليل البنيوي وبخاصة مع الناقد فلادمير بروب الذي سعى إلى تحليل وظائف القصة تحت مصطلح (مورفولوجيا الخرافة) بقوانين علمية تبعد الملابسات التاريخية والنفسية عن النصّ. وقد تعمّق هذا التوجه مع كل من ليفي ستراوس وغريماس


. فألتوسر، مثلاً، يستخدم هذه المقاربة (متكئاً إلى لاكان في صياغة نظريته البنيوية عن الذات) في بناء نظرية عن الطريقة التي تتشكل بها الذات الإنسانية الفردية في الأيديولوجيا، فتقبل طواعية ما يقدّمه لها المجتمع من خيارات، كما لو كانت هذه الأخيرة خياراتها الخاصة، مع أنها خيارات قمعية كما يعتقد ألتوسر. ولقد تحدّر من هذه النظرية الألتوسرية في الأيديولوجيا بعض النقد المعاصر بالغ الأهمية مع أن هذا النقد غالباً ما يتنكر لأصوله متطلعاً بدلاً من ذلك إلى شخص مثل فوكو.


إنّ سياق هذه المناظرة الفلسفية، بين تصور بنيويّ وتصور ظاهراتيّ أو وجوديّ للإنسان، هو السياق الذي تمتّ فيه تلك العملية الكبرى، عملية إعادة كتابة سوسور بوصفه فيلسوفاً.
إنّ سوسور الذي صادفناه إلى الآن ينتمي بقوة إلى ما يُدعى أحياناً –وبنيّة سيئة على الدوام- بمدرسة المفكّرين "الوضعيين". إنه سوسور أقسام الألسنية في إنجلترا وأميركا، واحدٌ من أعظم فقهاء اللغة (الفيلولوجيين) التاريخيين تمثّل إنجازه في إيجاد ألسنية تزامنية جديدة، وعالمٌ حقق تطوراً حاسماً في علمه. وهذا السوسور لم يفقد أبداً اهتمامه ببراغي دراسة اللغة وصواميلها، ولذا نجد أنّ جزءاً أساسياً من "محاضرات في الألسنية العامة" قد طُبع بأحرف مائلة تشير إلى أمثلة ألسنية، توضح نقاطاً قواعدية، أو صوتية، أو دلالية تاريخية في بعض الأحيان. وكانت السيميولوجيا بالنسبة لهذا السوسور ضرباً من الإضافة، وهُدباً ملحقاً، وإمكانية مأمولة، واقتراحاً على هامش تطورات من المفترض حدوثها.

وهذا السوسور يختلف تماماً عن سوسور التقليد البنيوي، سوسور رولان بارت والدمية التي شنّ عليها ديريدا هجومه. فسوسور هذا التقليد هو سيميولوجي في المقام الأول، منظّر في العلوم الاجتماعية، وفيلسوف تستمد منه نظريات بديلة لنظريات سارتر وشركاه حول تشكّل النفس. ولا بدّ من الاعتراف بأن أعمال هذا السوسور الجديد تُقرأ وتُقرأ بكثافة واهتمام استثنائيين، بوصفها نموذجاً لتطوير فروع جديدة من السيميولوجيا غير الألسنية ومن ثم من أجل المشاكل الميتافيزيقية التي يُفترض أنها تتكشّف عنها من خلال تناقضاتها الداخلية، كما يرى جاك ديريدا أو أمثاله من المعلّقين. ولقد تمّ في هذا السياق أخذ كل تمييز نظري أقامه سوسور، والنفخ فيه، وتحليله ونقله إلى سياقات أخرى غالباً ما يعني فيها شيئاً مختلفاً تماماً عمّا كان يعنيه. أما الأمثلة الألسنية التي تثبّت هذه التمييزات النظرية إلى الأرض فقد تمّ تجاهلها. وهكذا فإن "محاضرات" سوسور تُقرأ، لكن المكتوب بحروف مائلة يغفل ويتمّ القفز عنه.

كان من الصعب أن يحظى سوسور بمثل هذا النفوذ والتأثير لو لم يكن في عمله عناصر تسند مثل هذه القراءات الجذرية. غير أنه ليس من السهل على القارئ غير الملتزم أن يضع يده على هذه العناصر من خلال قراءة بسيطة للـ "محاضرات". أمّا في العروض الجذرية لعمل سوسور، فهذه العناصر مطمورة في عمق ما تشتمل عليه هذه العروض من افتراضات وسجالات لاحقة من نوع سياسي أو مناهض للميتافيزيقا، ولذا يصعب أيضاً وضع اليد عليها أو التقاطها. ولعل أوضح عرض لهذه العناصر هو ما نجده في الأقسام الأخيرة من كتاب صغير جداً كتبه جوناثان كوللر (1976)، حيث نرى سوسور واحداً من الأعلام في "سلسلة فونتانا للأعلام المعاصرين". ويقدّم هذا الكتاب، على الرغم من اقتضابه، عرضاً وافياً لبعض ألسنية سوسور ولا يغفل الأمثلة الألسنية. إلا أنه يتبنّى النظرة الفرنسية اللاحقة في تناوله لأهمية سوسور العامة، الأمر الذي نجده في الصفحات 70-117 من هذا الكتاب والتي سأستند إليها فيما يلي.

يبدأ كوللر، شأنه شأن كلّ العروض التي تناولت جذرية سوسور، بنظرية هذا الأخير في المعنى. ولقد سبق لكثير من المفكّرين، ومن بينهم مفكرون بارزون مثل هيدغر، أن عزوا أهمية خاصة لدراسة أصل الكلمات وتاريخها باعتبارها مرشداً إلى معنى ما أصليّ وجوهري للكلمات التي نستخدمها. واعتبروا التغيرات اللاحقة التي اعترت هذا المعنى نوعاً من الإضافات الخارجية التي يمكن نزعها وإزالتها إذا ما دعت الضرورة. وبالطبع، فإنّ من الصعب على ألسنّي تاريخي أنْ يرى مثل هذا الرأي، ذلك أنّ كلاً من شكل الكلمة ومعناها يتغيران بمرور الوقت، بحيث تصبح كياناً جديداً في حقيقة الأمر.
ولقد رفض سوسور ذلك الرأي الذي يقول إنّ سلسلة تاريخية كاملة معينة من الأشكال [أشكال الكلمة] يكون لها معنى جوهري مشترك معين بحيث يمكن القول إنّ هذه الأشكال هي طبعات متعاقبة مختلفة من "الكلمة ذاتها". وأدرك سوسور أنّ كلاً من الصوت والمعنى يتغيران، وأنّ العلاقة بين الصوت والمعنى هي علاقة اعتباطية، وأن كلاً من الصوت المُدرَك والمعنى المُدرك تشكّلهما أنساق من التقابل بين الأصوات في الحالة الأولى وبين الأفكار في الحالة الثانية. ونحن لا نملك مفردة فردية واحدة تقف بحدّ ذاتها، لا في حالة الدالّ، أي الكلمة التي نتلفّظ بها، ولا في حالة المدلول، أي المفهوم الذي نربطه بهذه الكلمة. فكلّ مفردة تستمدّ هويتها من موقعها ضمن نظام كليّ.
وهذا أمر لـه أهميته العظيمة من الناحية المنهجية، لكنّه أمر ينتمي إلى الألسنية الصرفة بوصفها حقل دراسة مستقلاً بذاته. فما الذي يحدث حين يتمّ النظر إليه من طرف فلسفة الذات البنيوية الجديدة؟ يمكن لنا أن نقارب ذلك باستخدام إحدى استعارتين. فحين ننظر إلى العقل بوصفه نوعاً من الوعاء، يمكن أن نقول إنّ بنى اللغة التي قال بها سوسور متوضّعة داخل العقل، إلى جانب الشيفرات البنيوية التي تحدد المجتمع أو تعرّفه. وحين ننظر إلى العقل بوصفه وجهة نظر تجاه العالم، فسوف نقول إنه يدخل في عالم رمزيّ مبنيّ من هذه الشيفرات. وهذه الاستعارة الثانية هي التي يميل كلّ من ليفي شتراوس ولاكان إلى استخدامها.
والملاحظ في كلا الحالين أنّ الشيفرات ليست نتاجاً لخبرة الذات المعنية إلا إلى حدّ قليل. أمّا في جزئها الأكبر فهي موجودة من قبل أن تكتسبها الذات، فليس سوسور من ابتدع اللغة الفرنسية، ولا دوركهايم من ابتدع المجتمع الفرنسي. وهذه الشيفرات تبني التجربة التي تتمكّن الذات من خوضها. فلكي أدرك أنني أمام تعليقات معينة باللغة الفرنسية لا بدّ لي من أنْ أكون على ألفة ببنية اللغة الفرنسية، كما يتوجب عليّ أن أكون على ألفة ببنية المؤسسات الاجتماعية، كالزواج مثلاً، لكي أدرك أنني أمام زواج معين حين أصادف واحداً.
وتبعاً لكوللر، فإن من الممكن مقارنة أهمية سوسور بالنسبة للعلوم الإنسانية بأهمية معاصِرَيْه، فرويد ودوركهايم، الأبوين المؤسسين لعلم النفس الحديث وعلم الاجتماع الحديث على التوالي. وما يجده كوللر محورياً في مقاربة هؤلاء المفكرين الثلاثة معاً هو شيء كان من الممكن لكثير منا أن يقرنوه بفيلسوف مثل هوسرل، حيث يرى كوللر أنهم جميعاً يضعون "الذات" –النفس، الـ "أنا"، مَنْ يدرك حسياً، ويفكّر، ويتكّلم- في المركز من ميدان تحليلهم. ومن ثم يرى كوللر، مُقتبساً ديريدا خارج السياق الزمني المناسب ومبدلاً قصد هذا الأخير قليلاً، باعتقادي، يرى أن هؤلاء المفكرين "يفككون" الذات. أي أنهم يفسّرون المعاني تبعاً لأنظمة العُرف والتقليد التي لا تسيطر عليها الذات سيطرة واعية. وهكذا تتحلّل الذات، أو النفس، إلى مكوناتها التي تصبح أنظمة عرفيّة قائمة بين الأشخاص. كم تنحلَ النفس إذ تُعزَى وظائفها إلى مُنَوّعٍ من الأنظمة التي تفعل فعلها عبر هذه النفس.
باختصار، فإنّ من غير الممكن قيام علم الاجتماع، أو الألسنية، أو علم النفس التحليلي إلاّ حين يتمّ أخذ المعاني المنسوبة إلى الموضوعات والأفعال في المجتمع، والتي تفرق هذه الموضوعات والأفعال، بوصفها واقعاً بدئياً، وبوصفها وقائع ينبغي تفسيرها.
ولأنّ المعاني نتاج اجتماعي، فإنّ التفسير يجب أن يجري بمصطلحات اجتماعية. ويبدو الأمر وكأنّ سوسور، وفرويد، ودوركهايم قد تساءلوا: "ما الذي يجعل التجربة الفردية ممكنة؟ ما الذي يمكّن البشر من أن يضطلعوا بموضوعات وأفعال ذات معنى؟ ما الذي يمكّنّهم من الاتصال والفعل على نحو له معنى؟" وجوابهم الذي طرحوه هو المؤسسات الاجتماعية التي هي شرط التجربة مع أن النشاطات والفعاليات البشرية هي التي تشكّلها. فلكي نفهم التجربة الإنسانية لا بدّ من دراسة المعايير الاجتماعية التي تجعلها ممكنة.
(كوللر 1976، ص72).
يضع كوللر مقاربته هذه مقابل الوضعيّة التجريبية التي تتحدّر من هيوم، والتي تميّز بين ضربين من الواقع: واقع الموضوعات والأحداث الفيزيقي الموضوعي، والإدراك الحسيّ الفردي الذاتي للواقع. والمجتمع عند هيوم ليس من النوع الأول، ولذا لا بدّ أن يكون مجرد نتيجة للنوع الثاني، وربما مجرد قصة خيالية جمعية. كما يضع كوللر مقاربته مقابل المثالية الهيغلية التي ترى في كل شيء تعبيراً عن العقل في سيرورة تطوره.
وهكذا تمّ جمع كلّ من سوسور وفرويد ودوركهايم معاً بوصفهم فلاسفة، أو ربما فيلسوفاً واحداً، يحلّل طبيعة التجربة الإنسانية، وليس بوصفهم علماء، يقدّمون معلومات وقائعية وتفسيرات نظرية لها. كما ينظر كوللر بعين الازدراء إلى الفكرة التي ترى أنّ كلاً من هؤلاء الثلاثة قد كان منشغلاً بالتفسير السببيّ، على الرغم من قول فرويد ودوركهايم إنهما كانا كذلك (فرويد 1915-1917، دوركهايم 1895). وهكذا يتمكن كوللر بعملية قياس وتشبيه واضحة – وهي عملية فرنسية مميزة تعود إلى أواخر الخمسينيات – من أن يتدبّر أمر الجمع بين ثلاثة مفاهيم متباينة إلى حدّ بعيد: فكرة البنية، وفكرة التمثيلات أو المعايير الجمعيّة، وفكرة اللاوعي.
يربط التفسير البنيويّ الأفعال بنظام من المعايير- قواعد لغة معينة، التمثيلات الجمعية الخاصة بمجتمع معين، آليات اقتصاد نفسي معين- ومفهوم اللاوعي هو طريقة لتفسير الكيفية التي تمتلك بها هذه الأنظمة قوة تفسيرية. فهو طريقة لتفسير الكيفية التي يمكن بها لهذه الأنظمة أن تكون مجهولةً إنّما حاضرةً على نحوٍ فاعلٍ ومؤثّر في الوقت ذاته. وإذا ما كنّا نعتبر توصيف النظام الألسنيّ بمثابة تحليل للغّة فذلك لأن النظام ليس شيئاً "معطى" للوعي مباشرة ولكنه يُرى مع ذلك على أنه حاضر دوماً، وفاعل دوماً، في السلوك الذي يبنيه ويجعله ممكناً. (المصدر السابق، ص76).
وهنا يطلق كوللر زعماً صاعقاً تماماً، زعماً يُظهر مدى الجذرية التي تسمُ إعادة قراءة سوسور هذه. فسوسور، كما يقول كوللر، يقدّم أدلة على وجود اللاوعي أفضل من تلك التي يقدّمها فرويد!
على الرغم من أنّ مفهوم اللاوعي قد ظهر في أعمال فرويد، إلا أنه مفهوم أساسي بالنسبة لنمط من التفسير يسعى وراءه صف كامل من الفروع الحديثة، ولا بدّ أنه كان سيوجد ولو لم تكن مساهمة فرويد موجودةً. ويمكن القول إن هذا المفهوم يظهر في الألسنية بشكله الأوضح والأصعب نقضاً. فاللاوعي هو المفهوم الذي يمكّن المرء من تفسير واقعة لا ريب فيها، ألا وهي أنه يعرف لغةً (بمعنى أنه يستطيع أن يُطلق منطوقات جديدة مفهومة، وأن يقول ما إذا كانت جملة ما من لغته أم لا، إلخ) مع أنه لا يعرف ما يعرفه. فهو يعرف لغة معينة لكنه يحتاج إلى ألسنيّ لكي يشرح لـه بدقة ما الذي يعرفه. ومفهوم اللاوعي يصل بين هاتين الواقعتين ويضفي عليهما معنى ويفسح مجالاً للشرح والتفسير. ولسوف تفسر الألسنية أفعالي، شأنها شأن علم النفس وعلم اجتماع التمثيلات الجمعية، عن طريق إظهارها المُفَصّل للمعرفة الضمنية التي لا أعيها أنا نفسي(المصدر السابق، ص76).
يبدو أن ثمّة شيئاً من السحر اللغوي يتمّ من خلاله توحيد نظرياتٍ متباينة جداً عن طريق إلصاق لصاقة واحدة وحسب عليها جميعاً. غير أنّ قواعد لغة ما، ومعايير مجتمع ما، وآليات اقتصاد نفسي معيّن، لا تصبح متماثلة بمجرد أن نسميّها "أنظمة معايير". فمفهوم اللاوعي الفرويدي بوصفه المكبوت- والذي يجب تفريقه عمّا هو قبل الوعي أو غير الملحوظ – يختلف تماماً عن فكرة الألسني الخاصة بامتلاك معرفة ضمنية بالقواعد أو فكرته الخاصة بـ "المفردة الأخرى التي لا نستخدمها في هذه اللحظة من مفردات مجموعة استبدالية معينة". كما يختلف كلّ هذا عن لا وعي دوركهايم الجمعيّ. ومن العسير أن نجمع معاً هؤلاء الآباء المؤسسين دون أن نتجاهل كلّ ما هو مميّز ولافت للانتباه في مباحثهم الخاصة. حيث لا بدّ عندئذ من ترك التفاصيل الألسنية، والإحصاءات الاجتماعية –من بين أشياء أخرى- خارج علم الاجتماع، ولا بد من ترك الوضع والإجراء التحليليين خارج التحليل النفسي.
إن جمع كلّ من سوسور، وفرويد، ودوركهايم على هذا النحو قد يبدو غريباً، غير أنّه يصبح مفهوماً حين نأخذ في الحسبان تلك التقاليد الفكرية الكبرى التي نبعت من كلّ من هؤلاء المفكرين الثلاثة. مع أنّ كلاً من هذه التقاليد يحتّل موقع "الأقلية" ضمن فرعه، على الرغم من الأهمية التي قد تكون له.
فالتقليد الأساسي المتحدّر من سوسور هو، كما رأينا، علم الألسنية الحديث، أمّا التقليد الأقلويّ، الذي يثير دهشة معظم الألسنيين، فهو ذلك الذي يرى سوسور بوصفه فيلسوفاً عُنيَ، ضمن إطار السيميولوجيا الواسع، بطبيعة التجربة الذاتية، ووضع الخطوط الكبرى لمفاهيمنا ولأسس الوعي اللاواعية.
والتقليد الأساسي المتحدّر من فرويد هو تقليد التحليل النفسي الأرثوذكسي، على الرغم من وجود تباينات انشقاقية لا تُعدّ ولا تُحصى. أمّا التقليد الأقلويّ فهو تقليد جاك لاكان، الذي سخر من العلمية الموضوعية لدى الفرويديين الأرثوذكس وزعم أنّ اللاوعي مبنيّ مثل لغة، لأنه، في حقيقة الأمر، أثر للغة. ومع أنّ ما يعنيه لاكان باللغة يبدو مختلفاً تماماً عمّا يمكن أن يكون قد عناه ألسني مثل سوسور، إلا أنه غالباً ما يشير إلى سوسور وكأنه هو المسؤول عن تصوراته، وذلك بتلك الطريقة التلميحية وغير المفهومة التي تتعمدّ الإثارة والإزعاج. وكما قال لي دكتور أميركي في الفلسفة بكثير من الوقار والرزانة: "كلّ ذلك موجود لدى سوسور كما تعلم".
والتقليد الفكري الأساسي المتحدّر من دوركهايم هو تقليد علم الاجتماع والأنثروبولوجيا. ويمثل ليفي شتراوس شخصية كبرى في هذا المجال، شخصية قد لا يمكن لأيّ انثروبولوجي أن يتجاهلها مع أن قلّة قليلة هم الذين يقبلونه ككلّ. وكان ليفي شتراوس في الأربعينيات قد اتّخذ الألسنية مثالاً للمنهج وانتهى في الستينيات إلى تعريف الأنثروبولوجيا بأنها فرع من السيميولوجيا. ومن الصعب على المرء أن يرى أن ليفي شتراوس يشغل مكان الأقلية ضمن الأنثروبولوجيا الفرنسية، إلا أنه أقلية ضمن الأنثروبولوجيا ككلّ.
أمّا حين نعتبر أنّ السيميولوجيا (التي أُعيد تعميدها اليوم باسم السيميائية) والتحليل النفسي اللاكاني والأنثروبولوجيا الليفي شتراوسية هي التقاليد الأساسية المتحدرة من هؤلاء المفكّرين الثلاثة (وهذا ما كانت تتوق إليه الطليعة الفرنسية في أوائل الستينيات وما نجد سجالات فيه إلى الآن) فلا عجب أن نجمع سوسور وفرويد ودوركهايم، لأن هذا الجمع سيكون طبيعياً على أساس هذا التأويل. بل إنّ هنالك اليوم من يرى إمكانية القيام بنوع من التوليف الفكري بين هذه الحقول، كالتوليف الذي قام به الكاتبان البريطانيان كوارد وإليس، والذي سنعرض له لاحقاً، على الرغم من أنهما، شأن معظم الجذريين، يستبدلان ماركس بدوركهايم في قراءة ألتوسرية للأول. ولقد بدا مثل هذا التوليف وارداً جداً في آخر أيام البنيوية، وقد ختم كلّ ما دارت حوله تلك الضوضاء السائرة على الموضة. وليس ثمة سبب من حيث المبدأ لأن نهزأ حتى بالموضة، فمن المحقّ أن تكون هنالك إثارة فكرية عندما يبدو توحيدٌ على مثل هذا المستوى قريباً بحيث تمكن رؤيته، حتى لو لم يكن لدينا سوى فكرة ضبابية عما يدور حوله أو يعنيه. وها هو سوسور لا يزال ينال كثيراً من الحظوة بسبب هذا التوحيد الضخم والذي لم يتحقق تماماً قط.
ومجمل القول إنّ المشكلة الفلسفية الأساسية التي يُزعم أنّ جميع هؤلاء المفكّرين قد أسهموا بها هي مشكلة طبيعة النفس، والعقل أو الذات العارفة. والإسهام الذي يقدّمه تقليد البنيوية السيميولوجية في هذا الصدد هو تمثيله العقل، أو الذات، بوصفه مجموعة من الشيفرات المتشابكة المتواشجة لا بوصفه كياناً موحداً. وتشكّل هذه الشيفرات الأساس اللاواعي للوعي. ومن وجهة النظر هذه لا يعود من الصائب القول إنني أعرف لغتي. ففي الوقت الذي بدأت فيه تعلّمها لم أكن أمتلك نفساً متطورة تماماً، أما "الأنا" القائمة الآن فقد أسهمت في تشكّلها اللغة التي أعرفها وأفكّر بها، في حين شكّلت بقيتي شيفرات أخرى وبعبارة أكثر تأنقاً فإنّ "ما لا أعيه هو الذي يشكّلني، ولست أنا من يتكّلم، بل اللغة والشيفرات الأخرى هي التي تتكلّم عبري، إنني أتكلّم من حيث لا أكون".
ومن وجهة النظر هذه، فإنّ "الذات" لم تعد تشغل الموقع المركزي الذي بوّأها إيّاه التقليد الفلسفي الذاتويّ، وإنما أضحت "غير متمركزة". وتجربتي المباشرة لم تعد الأساس الذي لا يُناقش للحقيقة العلمية، كما اعتقد هوسرل وكما يعتقد نقّاد الأدب، وإنّما تُعالج عبر الشيفرات التي تشكّل جزءاً مني عن طريق ثقافتي. ويمكن أيضاً ربط ذلك بمفهوم الإيديولوجيا الماركسي على نحو يوضحه ويلقي الضوء عليه. فالإيديولوجيا، عند ألتوسر، هي أكثر بكثير من كونها نظاماً زائفاً من الأفكار التي يصنّعها المجتمع الرأسمالي لكي يشوّش إدراك البروليتاريا مصالحها الطبقية. إنّ الإيديولوجيا بالأحرى هي العنصر الذي نختبر فيه العالم، والعنصر الذي نحيا فيه. ويمكن أن نساوي بين الإيديولوجيا وبين مجال الرمزيّ اللاكانيّ، أو الثقافة الليفي شتراوسية، أو الوعي الجمعيّ الدوركهايميّ، وما من مجتمع -حتى بعد الثورة- يمكن أن يوجد من دونها.
قد لا تبدو هذه النظرة ماركسية على وجه الدقة، إلا أنها تمكّن المرء من تقديم بعض الحلول المثيرة لبعض الإشكاليات التاريخية في المصطلحات النظرية الماركسية، فالمجتمع الرأسمالي، على سبيل المثال، يحتاج لديمومته إلى مصدر لا ينضب يواظب على تزويده بالذوات الإنسانية الحرّة في الظاهر، لكي تقوم باتخاذ قرارات حرّة وتلقائية في الظاهر، أثناء اضطلاعها بأدوارها في الأسواق الحرّة الرأسمالية. غير أنّ هذه "الذوات" لم توجد بصورة تلقائية، بل شكّلتها الشيفرات الرمزية السائدة (أو "الممارسات" كما يفضّل ألتوسر أن يقول بوصفه مادياً ماركسياً) من خلال سيرورة هي تقريباً تلك التي وصفها لاكان. وهكذا يلتحق ألتوسر بذلك الصفّ الطويل من أولئك الذين حاولوا التوليف بين ماركس وفرويد. لكن هذه الممارسات هي أيديولوجيا المجتمع، وتبعاً لألتوسر فيما بعد، فإنّ الدول الرأسمالية لديها عملياً أجهزة الدولة الإيديولوجية، كالمدارس، التي تنتج هذه الممارسات، وتنتج بالتالي هذه "الذوات".
وليس معروفاً على وجه اليقين ما إذا كان هذا صحيحاً أم لا، أو حتى ماركسياً أم لا، وهو يشكّل حجة لافتةً ومثيرة للماركسيين في تركيز جهودهم الثورية على تبديل المناهج في المدارس والجامعات. ولقد وجد ريتشارد هارلاند
(1987) اسماً موحياً لما بعد البنيوية هذه ولجميع ما بعد البنيويات اللاحقة، بنزوعاتها المثالية المتأصلة. لقد دعاها بـ "السوبر بنيوية".

قراءة التوسير للماركسية


الدولة مجموعة من الأجهزة( نص ألتوسير)

طرح تجديد الفكر الماركسي إشكالا نظريا فيم يخص مسألتين : الأولى تتعلق بأن كل محاولات التجديد التي لحقت الماركسية اتهمت بالمراجعة ؛ أو اتهمت بتحريف أصول الماركسية.والثانية تتعلق بأن مسألة طرح الماركسية من جديد في المجتمع بعيد عن لحظة ماركس بعشرات السنين؛ معناه إعادة النظر أو على الأقل تكييف الفكر الماركسي مع معطيات العصر. وفي هذا الصدد يحضر لوي ألتوسير كأهم منظر للنظرية الماركسية .وفي هذا النص يكشف ألتوسير عن الأبعاد الأيديولوجية الأجهزة الدولة مستثمرا في ذلك العدة المفاهيمية لماركس من خلال استحضار مفهوم الصراع والهيمنة والتحكم والمراقبة والقمع والعنف. ومن هذا المنظور يميزالتوسير بين نوعين من الأجهزة التي تحكم بها الدولة ؛ النوع الأول يرتبط بجهاز عياني يتمثل في الجيش والشرطة والسجون ؛ حيث يمثل جهازا عنيفا تتم بواسطته قمع كل أشكال الانحراف والتظاهر ؛ أي أن الدور المنوط بهذا الجهاز هو شل حركة المجتمع نحو الثورة .أما النوع الثاني فيرتبط بجهاز اخر أكثر تكتما تسرب من خلاله الدولة إيديولوجيتها الخاصة وفق الشروط والظروف التي تسمح لها بذلك ؛وفي هذا الإطار يمكن إدراج كل مؤسسات الدولة : مؤسسة دينية ، مدرسية، قانونية، إعلامية...

إن كل هذه المؤسسات تمارس الدور المكمل لما تقوم به أجهزة الدولة القامعة،التي و إن كانت تمارس العنف المادي، فإن هذه المؤسسات الأخيرة تمارس نوعا من التعمية و التعنيف الايديولوجي من خلال ما تمارسه من إكراه فكري؛ بل وأن هذه السلطة التي تمتلكها تبقى في كل المجتمعات متخفية لكونها إما تخاطب الجانب الوجداني أو الإلزامي(الدين، القانون) في الإنسان؛ ومن تم، فهذه الأشكال الإيديولوجية لابد وأن تتكامل فيما بينها لتنتج شكلا قمعيا للدولة.

لوي ألتوسير، الذي يرفض حركة الإحياء الهجلي داخل الفلسفة الماركسية، كما يرفض تصور الوحدة الشاملة عند هيجل، و يتجنب استعمال بعض المصطلحات من قبيل "النسق الاجتماعي" و "النظام" لأنها توحي ببنية ذات مركز يحدد شكل كل تجلياتها. و يفضل الحديث عن"التشكل الاجتماعي" باعتبارها بنية بلا مركز لا تتضمن مبدأ يحكمها، و تفضي هذه النظرية عند ألتوسير إلى نتيجة مفادها، أن العناصر المتباينة داخل التشكل الاجتماعي لا تعالج بوصفها انعكاسا لمستوى أساسي واحد (هو المستوى الاقتصادي عند ماركس)، « بل إن لكل مستوى من المستويات استقلاله الذاتي النسبي الذي لا يتحدد بالمستوى الاقتصادي إلا في التحليل الأخير فحسب(و تلك صيغة مركبة مستمدة من إنجلز) »26.

ولم يمض سلدن دون أن يشير إلى رأي ألتوسير من الأدب و الفن، مركزا في هذا السياق على كتابه "رسالة في الفن"، الذي يتضح من خلاله أن رأي ألتوسير يختلف نوعا ما عن الموقف الماركسي التقليدي من الفن والأدب، وهو يرفض معالجة الفن بوصفه شكلا من أشكال الأيديولوجية، ويضع الفن في مكان يتوسط بين الأيديولوجية والمعرفة العلمية. «فالعمل الأدبي لا يزودنا بفهم ذهني عن الواقع، ولكن في الوقت ذاته ليس مجرد تعبير عن إيديولوجية طبقة من الطبقات»27.

وفي السياق ذاته يأتي سلدن بكتاب بيير ماشري "نظرية في الإبداع الأدبي" نظرا لأثره في مناقشة ألتوسير للفن والأيديولوجية، وينطلق بيير ماشري في هذا الكتاب من «نموذج ماركسي واضح في الكتابة (...) ينظر إلى النص بوصفه "إنتاجا". يستخدم عددا من المواد المنفصلة التي تتغير بعملية الاستخدام (...) فالنص (...) له "لا واعيا" خاصا به، إن جاز القول، و عندما تدخل إلى النص هذه الحالة من الوعي التي نسميها الأيديولوجية، فإنها تتخذ شكلا مختلفا، ذلك لأن الأيديولوجية تعيش في الظروف العادية كما لو كانت شيئا طبيعيا تماما، و كما لو كان خطابها الخيالي السلس يزودنا بتفسير محكم موحد للواقع، و لكنها بمجرد أن تتحول إلى نص فإن كل ثغراتها و تناقضاتها تتعرى و تتكشف»


لويس التوسير: التعليم وإعادة إنتاج قوة العمل

ينطلق "التوسير" في تحليله لنظام التعليم في المجتمع الرأسمالي من فكرة مؤداها "أن استمرارية الطبقة الحاكمة في مواقع السيطرة يتطلب إعادة إنتاج قوة العمل, تلك العملية التي تتضمن عمليتين فرعيتين هما: (أ) إنتاج المهارات الضرورية اللازمة لكفاءة قوة العمل. (ب) إعادة إنتاج أيديولوجية الطبقة الحاكمة وتنشئة العمال في إطارها.

ويرى أن الرأسمالية في سعيها للمحافظة على النظام الراهن تستخدم عناصر رئيسية ثلاثة هي:

1. إنتاج القيم التي تدعم علاقات الإنتاج.
2. استخدام كل من القوة والأيديولوجيا في كل مجالات الضبط الاجتماعي.
3. إنتاج المعرفة والمهارات اللازمة لبعض المهن والأعمال.

ويقرر التوسير أن إعادة إنتاج قوة العمل لا يتطلب إعادة المهارات اللازمة لعملية الإنتاج فحسب, بل يتطلب أيضًا إعادة إنتاج خضوع الطبقة الدنيا لأيويولوجية الطبقة الحاكمة.

(ب) انطونيو جرامش: الجوانب البنائية للتعليم

لقد أكد "جرامش" في دراسته للنظام التعليمي على المظاهر البنائية في المجتمع الطبقي من خلال إبرازه وتأكيده على الجوانب الثقافية في المجتمع. إذ يقرر "جرامش" بأن السيطرة الثقافية هي أهم سلاح للطبقة الحاكمة, أي قدرة هذه الطبقة في السيطرة على الثقافة والمعرفة, فالنظام التعليمي في رأيه, هو السبيل لهذه السيطرة.

(ج) صمويل بولز وهربرت جنتز: التعليم وإعادة التقسيم الاجتماعي للعمل

قدم كل من صمويل بولز وهربرت خلال دراسة أجراها عن "التعليم في أمريكا الرأسمالية" عام 1976.

انطلق كل من "بولز وجنتز" في تحليل النظام التعليمي في أمريكا من وجهة نظر ماركسية, ويعتقدان ــ شأنهم في ذلك شأن التوسير ــ أن الدور الرئيسي لنظام التعليم في المجتمع الرأسمالي هو ضمان إعادة إنتاج قوة العمل, ويؤكدان هنا بصفة خاصة على دور التعليم في هذا الشأن من خلال تكوين نمط الشخصية وغرس الاتجاهات والتصورات, ووجهات النظر التي تعمل على تكييف الأفراد على أوضاعهم الطبقية.

ومن طروحاتهما في هذه الدراسة:

1. أنه لكي نعرف المردود الاقتصادي من التعليم يجب أن نربط بنائه الاجتماعي بأشكال الوعي وأنماط السلوك والشخصية التي ربى عليها الطلاب, ويتم غرسها فيهم.
2. أن قوى الإنتاج والعلاقات الاجتماعية للإنتاج هي المفتاح الرئيسي لفهم الحياة الاجتماعية بصفة عامة وتحليل الأنساق التعليمية بصفة خاصة.
3. الدور الأساسي للتعليم يتمثل في غرس الاتجاهات وأساليب السلوك التي تتوافق مع خصائص قوة العمل المطلوبة في المجال الاقتصادي والتقسيم الرأسي للعمل.
4. وجدا أن الصفوف الدنيا ترتبط بعدد من سمات الشخصية الإبداعية والعدوانية والاستقلالية, وانتهيا إلى أن مثل هذه السمات التي كانت المدرسة تعتبرها سلوكًا إجراميًا ويستحق العقاب قد تلاشت وظهرت عدة سمات مثل "الخضوع" والانضباط وأن هذه السمات ارتبطت بالطلاب في الصفوف النهائية, وكلها سمات تتطلبها الرأسمالية في سيطرتها.
5. ولهذا اهتم "بولز" وجنتز" ببنية التنظيم الاجتماعي للمدرسة نفسها وشكل العلاقات الاجتماعية داخلها, وكذلك بنية وشكل الثواب والعقاب.
6. أن الدور الرئيسي للمدرسة ــ طبقًا لرؤية بولز وجينتز ــ يتلخص في إسهاماتها في إعادة إنتاج الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بواسطة عملية تناظر بين العلاقات الاجتماعية السائدة في المدرسة وتلك التي تحكم المواقع الرأسمالية للاتباع.

والنتيجة أن أي تغيير تربوي يجب أن يسبقه تغيير في بنية العلاقات الاجتماعية التي تهيمن على مواقع العمل إلى تغير نمط العلاقات الرأسمالية


يقول انجلز:
انسجاما مع التصور الماركسي (المادي-التاريخي) يرى بأن الدولة لم تكن منذ الأزل و لن تبقى إلى الأبد "إن هناك مجتمعات لم تكن لديها أية فكرة عن الدولة (...) إن ماكينة الدولة ستؤول إلى الموقع الذي سيصبح منذ الآن هو موضعها أي متحف الأثريات"فهي لم تكن منذ البدء و لن تبقى إلى ما لا نهاية ."إن الدولة قد تولدت عن الحاجة إلى فرملة التعارضات القائمة بين الطبقات، و بما أنها تولدت في قلب الصراع، فإنها، في الأغلب الأعم، دولة الطبقة الأقوى أي الطبقة التي تسود و تسيطر اقتصاديا، ثم بفضله تسود سياسيا و تختار بذلك وسائل لاستغلال الطبقة المضطهدة..." فالدولة بهذا المعنى ليست حكما محايدا بل هي تعبير عن صراع طبقي و نتاج لهذا الصراع ذاته.

يقول التوسير:

استنادا إلى التصور الماركسي تتجلى السلطة السياسية للدولة عنده في نوعين من الأجهزة: أجهزة قمعية مثل الحكومة، الإدارة، الجيش، الشرطة، السجون، الحاكم... ثم أجهزة إيديولوجية مثل العائلة، المدرسة، الكنيسة، الحزب، النقابة، الإعلام، الجمعيات الثقافية... و الفرق بين هذين الجهازين "في لحظة أولى يمكن أن نلاحظ أنه إذا كان هناك جهاز قمعي واحد للدولة فإنه توجد عدة أجهزة إيديولوجية للدولة. (...) في لحظة ثانية، يمكن أن نلاحظ أنه في حين أن الجهاز القمعي للدولة جهاز موحد و ينتمي كله إلى المجال العمومي فإن أغلب الأجهزة الإيديولوجية للدولة في تشتتها المظهري تنتسب، على العكس من ذلك، إلى المجال الخاص.

وب

المصادر

1) حسين مؤنس, الحضارة.عالم المعرفة . الكويت1978

2) الفلسفة المعاصرة,في أوروبا,ترجمة : د. عزّت قرني,تأليف : إ. م. بوشنسكي,عالم المعرفة 1992

3) فؤاد زكريا. التفكير العلمي. عالم المعرفة. الكويت 1978

4) زهير الكرمي, العلم ومشكلات الأنسان المعاصر, عالم المعرفة, الكويت 1978

5) عفيف بهنسي, جماليات الفن , عالم المعرفة, الكويت 1979

6) دروس في الألسنية العامة، دي سوسير، ت/ صالح القرمادي

7) اللفظة التقنية المستعملة للإشارة إلى دراسة المعنى، وبما أن المعنى جزء من اللغة، فإن علم الدلالة جزء من علم اللسانيات-7 بيار غيرو، علم الدلالة، ت أنطوان أبو زيد، ط2 (بيروت: منشورات عديدان)، 1986

8) ,يعقوب، أميل، وزميله، المعجم المفصل في اللغة والأدب (بيروت، دار العلم للملايين، 1978)

9) النقد الأدبي في القرن العشرين، جان إيف تادييه، ت/ قاسم المقداد.

10) ريكو، بول، النص والتأويل، ت: منصف عبد الحق، (بيروت: في مجلة العرب والفكر العالمي) العدد 3، 1983

11) مجلة الآداب الأجنبية، العدد106- 107,ربيع وصيف2001,السنة السادسة والعشرون

12) السياق والتأويل -من الإشكالية الفيلولوجية إلى الإشكالية اللسانية- د.أحمد حساني – الجزائر

13) سعيد حسن بحيري، علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات، ص125، مكتبة لبنان، 1997.

14) -د. عبد الوحد ابن ياسر, قراءة في مقال : رامان، سلدن: النظرية الأدبية المعاصرة, كلية الآداب والعلوم الإنسانية,مراكش , 2008

15) دليل القارئ إلى النظرية الأدبية المعاصرة ترجمة جابر عصفور ، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع (القاهرة)، د ط، 1998

16) أ.د. السيد سلامة الخميسي -الاتجاه الماركسي ونظرته للتربية, جامعة الملك سعود, 1428 هـ

17) بؤس الفلسفة,كارل ماركس ,بروكسل 15 حزيران – 1847,بلا



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمال عند شارل لالو
- المسرح في اليابان
- التكامل التقني في العرض المسرحي
- التجريب في سينوغرافيا العرض المسرحي
- حول المسرح الطبيعي
- المخرج المسرحي الفرنسي أنتونان آرتو
- بسكاتور والمسرح السياسي
- مدخل للفرق بين العلم والفلسفة
- الجمال في فلسفة ابن عربي
- الأداء التمثيلي المسرحي عبر العصور
- التمرد في دراما الفن المسرحي
- غروتوفسكي المخرج المسرحي البولندي
- -هيبياس الأكبر- أهم المحاورات الأفلاطونية
- مسرحية لعبة الحلم لأوغست سترندبرغ
- الجمال في بنية التقنيات المسرحية
- المخرج ريتشارد فاجنر
- مفهوم القبح في الجمال.
- المسرح في الصين
- المسرح في العصور الوسطى
- من أجل ثورة عراقية زرقاء ام سوداء ؟


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سرمد السرمدي - قراءة درامية من قبل التوسير للماركسية