|
مذكرات مترجم : ( الحلقة الثامنة ) .
حبيب محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 3047 - 2010 / 6 / 28 - 21:26
المحور:
سيرة ذاتية
مذكرات مترجم : ( الحلقة الثامنة ) . تجربتي مع طالبي اللجوء والمقيمين العراقيين و العرب في مملكة السويد .
*( السجون في المملكة السويدية ، (( سجون ، النجوم الخمس ، في الفردوس)) ، ونصيب الجالية العربية من هذه النجوم الفردوسية الخمس ) :
ليست فقط بشهاهدتي الشخصية ، والمبنية على مشاهدات و زيارات حية و ميدانية للسجون في المملكة بحكم عملي المهني . بل وبشهادات وبتقارير ووثائق ، جهات الرقابة الدولية ، والمتمثلة بالمنظمات الحقوقية والأنسانية ، الرسمية منها وشبه الرسمية ، سيما منها الخاصة برعاية شؤون المعتقلين والسجناء ، والمتفرعة من مؤسسات هيئة الامم المتحدة ، أو تلك التي تعرف بمنظمات ( المجتمع المدني ) ، والتي لها دور وحضور ، كمراقب ومتابع ، وفي أماكن عديدة ، من كوكبنا . والتي يهمها متابعة وملاحقة ومراقبة ، كل شاردة وواردة تخص حقوق الأنسان في بلدان العالم كافة . وبشهادة هذه المنظمات المحلية والأقليمية والدولية ، ذات العلاقة والصلة ، توكد تقاريرها ومسحها ، ووثائقها ، المعلنة وبشفافية ، على خلو المملكة تماما ، من سجون و سجناء ( الرأي ) ، فلا يوجد في المملكة ، سجونا لسحق هامات المعارضين من ابناؤها . والسجون وجدت وتوجد في المملكة ، كأصلاحيات ومراكز أعادة تأهيل ، تختصر على الخارجون على القوانين والنظم والتشريعات المدنية المعمول بها بدول العالم المتحضر، من مرتكبي الجنايات والجنح المدنية ليس إلا .
أما حال السجون في المملكة . حال يحسد عليه من كل سجناء ومعتقلي دول العالم ، شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا ، وبلا أستثناء . سجون مثالية ونموذجية بكل ما تحمله ، هاتين الكلمتين من معاني و مدلولات بالغة . وبلا أدنى مبالغة ، سجون ، ليس لها تؤم ، وفي أي بقعة من العالم ( سجون نموذجية و نادرة ) . ومن الأجحاف والتجني أن توصف بالسجون ، بل هية حقاً ، أصلاحيات متخصصة لأعادة وتأهيل المنحرفين والخارجين عن طاعة القوانيين واللوائح المدنية . تجسد بحق وحقيقة ، ترجمة واقعية لمفاهيم آدمية وأنسانية راقية ، تصب في صميم الأصلاح ، والغاية أعادة التأهيل ، لتلك الشريحة التي أجبرتها ظروف قاهرة ما ، على الأنحراف والتصادم مع القوانين المدنية ، المنظمة للمجتمع . وعلى هذا الأساس ، تتعامل معه ، المؤسسات الحكومية المختصة للمملكة على أن السجين ، وأي سجين كائن ما كان ، هو أنسان ، أنساق للخطأ ، بأرتكابه جرماَ ما ، قابل للأصلاح ، لمجرد أعادة تأهيله . وأقسم بقدسية القلم الذي أسطر به تلك المشاهدات الحية والميدانية ، والذي لامكان للنفاق فيه ، أنك أذ ما أستثنيت الأسوار المحيطة ببقعة تلك السجون لتصورت نفسك ، بمنتجع سياحي ( خمس نجوم ) وبأمتياز . ولا أبالغ مطلقاً ، أذ قلت أنها تتجاوز المنتجعات السياحية ، من حيث الغرض والوظيفة التي تقوم وعلى أكمل وجه بها تلك الأصلاحيات ، والتي لاغنى عنها في ظل حاجتنا الماسة ، لتسيد القوانيين والتشريعات العادلة والمنظمة للمجتمع أياً كان ، وعلى أي منظور متوسط أو حتى بعيد . لا أريد الاسهاب أو الوقوف طويلا ، عند وصف هذه الأصلاحيات النموذجية ومن الداخل ، في المملكة . لأن لب موضوعنا يتمحور ، حول نزلاء هذه الأصلاحيات ، من أبناء الجالية العربية . وعلى هذا الأساس سأختصر قدر المستطاع في وصف مشاهداتي الميدانية والحية لتلك ( السجون ) أو الأصح تلك الأصلاحيات ، ووصفها بأمانة من الداخل .
بدءاً بمواقع تلك السجون ، فأول ما يدهشك ، في تلك الصروح المشيدة بأتقان متناهي ، المواقع الطبيعية الساحرة والخلابة التي أختيرت لتلك الأصلاحيات ، من خضرة الطبيعة الزاهية ومياه البحيرات العذبة و المنسابة والمحيطة بهدوء حولها ، وبالوجوه والمظهرالحسن ، للكفاءات من العاملين في داخل تلك الأصلاحيات ، سواء من نساء أورجال . مروراً بالبناء المعماري والهندسي لتك الأصلاحيات والتي تتميز بالحداثة والعصرنة ، والأدامة والصيانة ، والتي تنم وتدل على مبلغ الأهتمام الكبير والرعاية الفائقة بها كمؤسسات حيوية ، لا غنى عنها في المجتمع السوي . وكما ذكرت ذلك في موضع سابق ( لولا الأسوار المحيطة بها ، لما أستدليت عليها كسجون أصلاحية ) . وحتى تلك الأسوار ، تفنن المهندسون والفنييون في تشيدها ، إذ تعتمد على نظام الأتمتة في فتحها وأغلاقها وحراستها. فليست بحاجة لأدوات الرعب المعمول بها حتى يومنا هذا في معظم سجون ومعتقلات دول العالم ، من كلاب بوليسية للحراسة ولا أبراج مراقبة مدججة بقاذفات الرعب والموت . والزائر لتلك الأصلاحيات يفتش آلياً عبر الممرات المغناطيسية ،المعمول بمثيلاتها في المطارات الدولية . وتتميز مساحة الأصلاحية بكبر فضاءاتها ، التي تتسع لمرافق عديددة في داخلها . بدءاً بالأبنية السكنية بطابقين أوثلاث والمقسمة الى مجموعة غرف ( تعرف بالزنزانة ) ، يبلغ عددها حوالي ، من مئتين الى ثلثمائة زنزانة . وكل زنزانة معدة لنزيل واحد . فلكل نزيل غرفته الخاصة به ، وتلك الزنزانات مكيفة ، صيفاً وشتاءاً ، ومجهزة ( بتواليت ومغسلة ) ، وتلفاز بالأضافة الى خزان ملابس . وفي العادة يتوسط مبنى الأصلاحية ، قاعة واسعة الى حد ما ، وهو المطعم الذي يتجمع فيه النزلاء كافة ، لتناول وجباتهم الرئيسية الثلاث . بالأضافة الى وجود قاعات معدة كورش للعمل وللتدريب المهني ومجهزة بألآت ومعدات غاية في الحداثة والتطور . أيضاً تحتوي الأصلاحيات تلك ، على صالات شتائية مغلقة ، لممارسة مختلف الأنشطة الرياضية ، هذا بالأضافة الى الملاعب الصيفية المفتوحة لنفس الغرض . ولا تخلوا هذه الأصلاحيات مطلقاً ، من وجود قاعة خاصة للكتب والمجلات والجرائد ، على أختلاف لغات نزلاء تلك الأصلاحيات ، بما في ذلك كتب ومجلات وجرائد باللغة العربية ، وللنزيل الحق في الحصول على أي كتاب أو مجلة او جريدة يشاء ، وحتى في حال عدم توفر هذا الكتاب أو ذاك في مكتبة الأصلاحية ، يتم أستعارتة للنزيل ، من خلال حجزه من مكتبات من خارج الأصلاحية ، بغية توفيره للنزيل هذا أو ذاك . كما تتوفر الفرصة لنزلاء الأصلاحية ، وخصوصاً الشباب منهم ، في إستغلال تلك القاعات والمجهزة بأحدث تقنيات الأنترنيت ، لأستكمال دراستهم الثانوية أو الجامعية عبر المراسلة من خلال ، تقنيات الأنترنيت المتوفر والمتاحة في قاعات المطالعة ، في هذه الأصلاحية أو تلك . والى جانب المكتبة ، الملحقة بالأصلاحية ، هناك قاعة أضافية مخصصة ، للقاءات والأجتماعات الموسعة وللمحاضرات والندوات ، وتستخدم أيضا من قبل بعض القساوسة وآئمة المساجد الذين يزورون تلك الأصلاحيات ويلتقون بنزلاءها وبأنتظام ، لتلبية أحتياجاتهم الدينية والروحية . أو اللقاء بوفود وممثلي الجمعيات والمنظمات التي تعني بشؤون المساجين . للأطلاع على أحوالهم وللأستماع الى معاناتهم . وأضافة لتلك القاعات ، هناك غرف أكبر حجما مرفقة بالأصلاحية بعضها يتسع لعائلة من طفلين ، وهي معدة لأستقبال الزوار ، الذين يودون الأنفراد بسجينهم وتبادل الحديث معه ، دون تطفل من أحد ، ودون وجود لأجهزت رقابة أو تصنت . وفي بعض تلك الغرف تتوفر فيها اللعاب للهو الأطفال الزائرون لأحد ذويهم في الأصلاحية . كما تتوفر في الأصلاحية وبشكل دائم عيادة طبية مؤلفة من معاون طبيب وأخصائي أجتماعي ونفساني ، زد على زيارة الطبيب في مواعيد منتظمة للعيادة الدائمة في الأصلاحية ، وهذه العيادة تقدم كل أشكال الرعاية الصحية ، سواء العضوية منها أو النفسية وبما فيها الرعاية بالأسنان . وعند الحاجة لأجراء عملية جراحية لنزيل ما في الأصلاحية . لاتتأخر عيادة السجن في تحويل الحالة بشكل طبيعي الى المستشفيات المختصة ، لأجراء ما يلزم مجاناً وعلى حساب مصلحة التأمين الصحي والأجتماعي ، التابعة للدولة ، بغض النظر عن صغر أو سعة أو تكلفة التدخل الجراحي لهذا السجين أو ذاك .
أما العاملون في هذه الأصلاحيات فهم أناس على درجة عالية من الخبرة والكفاءة ومعظمهم يتمتع بحسن السيرة والسلوك والأستقامة . وغالبيتهم أعدوا لهذا العمل بعد المرور ، بعدد غير قليل من الدورات التعليمية والتدريبية ، قبل وبعد أعتمادهم الوظيفي . وغالبيتهم تلقى دروساً مستفيضة بحقوق الأنسان السجين ما لهو وما عليه . ولم تسجل أي حالة خرق ولو واحدة بحق العاملين في هذه السجون .
التتمة في الحلقة التاسعة ، والتي ستكرس حول طبيعة السجناء أنفسهم في هذه الأصلاحيات ، سيما منهم أبناء الجالية العربية .
٢٨ / ٦ / ٢٠١٠ حبيب محمد تقي
#حبيب_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذبحة توحد ..........!
-
المبشرون الخمسة بجهنم ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة السابعة ) .
-
مخاض نيسان ...!
-
هيهات منا العتمة .......!
-
بغداد : أخلعي كل شيء وتعالي ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة السادسة ) .
-
أصارع أحمالها ......!
-
أخلع كهولتي ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الخامسة ) .
-
كتابنا منا سلاما ...!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الرابعة ) .
-
حضن الحكاية ...!
-
مراكب من الضمير رسولٌ بيننا ........!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الثالثة ) .
-
مشنقة التاريخ ونفاياته....!
-
مذكرات مترجم : ( الحلقة الثانية ) .
-
أولاد الأفاعي ...!
-
مذكرات مترجم ...!
-
أيها الرفاق : أنا العراق ...!
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تصادر طائرة ثانية للرئيس مادورو (فيديو+صور)
...
-
ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية، ورئيس وزراء إسرائيلي
...
-
العلماء الروس يبتكرون منظومة للتحكم بسرب الطائرات المسيرة
-
سويسرا.. تطوير مادة تعيد بناء العظام في وقت قياسي
-
نتنياهو يناقش في واشنطن ترتيبات ما بعد الحرب مع حماس
-
راهر يفسّر غضب شولتس من طلب ترامب الحصول على موارد أوكرانيا
...
-
خبير يتحدث عن مساومة زيلينسكي لواشنطن وحظوظه في البقاء
-
مستشار كيلوغ: ترامب سيحدد قريبا المحفزات والضغوط بالمفاوضات
...
-
مصر.. إنقاذ طاقم مركب سياحي غرق في البحر الأحمر
-
تأثيرات الغطس في الماء البارد على الصحة والرفاهية
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|