سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3046 - 2010 / 6 / 27 - 10:40
المحور:
المجتمع المدني
للوردة أن تفيضَ شذى وعبيراً، وللشمسِ أن تسفح نورها وتشعّ ضوءاً وأقواسَ قزح، وللنجومِ أن تتألق جمالاً ومشاعلَ تنير ظلمة ليل بهيم... للعصافير والبلابل أن تشدو وتغرّد أعذب الألحان لتجعل الأيام ربيعاً دائماً.. أما آدم فقد أُودع سرّ الكلام، وأُوحي إليه أن اللهَ كلمةٌ، وأُمر أن (اقرأ) هذه الكلمة.. اقرأ الله، فكانت الكلمة مفتاح كنوز الحقّ والخير والجمال.
بالكلمة وحدها كشفت الأرضُ كنوزها المستترة لآدم، فالأرضُ مغارةٌ مغلقةٌ، كمغارة عليّ بابا، لغزٌ محيّر وتيه وغياب وجهل وعماء مطبق قبل أن يتعلّم قول: افتحْ يا سمسم، فتحوّل العماء والظلام بصراً ونوراً، والخوف والرعب أمناً وسكينة، والجهل علماً، والفقر غنى.. لقد صيّرت الكلمة آدمَ إنسانا!!
نبّهني ما سمعته ورأيته من لغة تتخاطب بها غيرُنا من الشعوب، إلى أننا شعب لا يُحسن الكلام، لا نُحسن أن نطلب من أحد حاجةً ما بلطف ورقّة، ونبخلُ على من ساعدنا بكلمة شكر وامتنان. ينسى الزوجُ أن يقول لشريكة حياته وأم أولاده أنه يحبّها، وأنه يعود لبيتهما مسرعاً لأنه اشتاق إليها، وتشحّ الأم أن تجيب طفلها ـ لو ناداها ـ (ها حبيبي).. البائعُ يتعالى أن يقول لمشترٍ: اتفضل، والمشتري يأنف أن يقول له شكراً.. وإذا اصطدم أحدنا بآخر ـ من غير عمد ولا قصد ـ فلا الأول يعتذر ولا الثاني يلتمس له العذر، ولا تسمع سوى (شبيك أعمه متشوف؟؟)، وكأننا نطبق وصيّة أحد الجاهليين لأبنائه حين حضرته المنيّة:
أوصيكم بالناس شرّاً، لا تقيلوهم عثرة، ولا تقبلوا لهم عذراً!!
نفتقرُ في حياتنا اليوميّة وتواصلنا مع الناس إلى الكلام الطيّب، كافتقارنا إلى الكهرباء والأمن والخدمات، ننسى دوماً في حواراتنا مع بعضنا أن الكلمة الطيّبة صدقة.. وأن طيب الكلمة يوصلنا إلى صفاء القلوب ووحدتها.. ننسى أن الله كلمةٌ قرأها الأنبياءُ والرسلُ والأخيارُ من بني البشر، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة.
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟