سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 3046 - 2010 / 6 / 27 - 09:52
المحور:
المجتمع المدني
الحقيقة إني لا ازاود على احد ولا اهجم احد بنية مهاجمته لشخصه , إنما المواقف هي التي تحدد موقفنا من هذا أو ذاك , والحقيقة الوحيدة إننا كلنا عراقيون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار , ومن جميع الطيف الديني أو القومي والإنساني بصفة عامة ... وتختلف مواقفنا حسب المكان الذي نشغله بهذا الوطن من الحماس الشديد إلى اللامبالاة ...ولكن الذي يجمعنا هو خيط واحد وهو الانتماء إلى هذا الوطن ....
الحقيقية إننا في كتاباتنا نحاول قدر الإمكان تسليط الضوء على بقعة صغيرة هنا وهناك , والموضوع الذي يشغل كل العراقيين هو " الكهرباء " , هذا الممكن والذي أصبح مستحيلا لدينا ....فهو ممكن لأنه ببساطة يحتاج أموال وزمن لحل المشكلة , والمبلغ المطلوب ليس بالمستحيل بموازنة مثل ميزانية العراق ..فلقد سجلت أرقام كبيرة خلال السنوات السابقة , واعتمدت بشكل أساسي علي سعر برميل النفط الخام , وهذا السعر قفز قفزات كبيرة بعد حرب العراق ...فتخيلوا إن الموازنة العرقية كانت قبل 2003 تعتمد على سعر برميل بأحسن الأحوال 16 دولار , واليوم وصل البرميل إلى 140 دولا وتراجع إلى 80 دولار , وميزانية العراق وصلت الى75 مليار , لا بل إحدى السنوات سجلت زيادة تكميلية 25 مليار زيادة على الميزانية بسبب زيادة أسعار النفط عن الفترة التي تم إعداد بها الموازنة ...إذن الأرقام خيالية ... وبظل هذه الأرقام تأتي وزارة الكهرباء تطالب ب 5 مليارات سنويا لحل المشكلة , ويقول المعنيون بالأمر إن الميزانية المخصصة لوزارة الكهرباء ما بين 1.2 مليار إلى 2 مليار فقط ....
مشكلة الكهرباء برأيي دمرت الجسور المتبقية بين المواطن والحكومة , إما ما تبقى من علاقات طيبة , وان التعامل مع المشكلة بها كثير من الألم والأوجاع وعشرات الأسئلة المطروحة والتي لا تلقى إجابة مقنعة .....
بقدر ما احترم قرار السيد وزير الكهرباء وحيد كريم بتقديم استقالته , لأنه شعر إن يديه مقيدتان إمام احتياجات الشعب العراقي , وما وفرته له الدولة من أموال , فوجد نفسه بين حجري الرحى , وكلاهما مؤلم وموجع , المواطن لا يستطيع إن يفهم كل الأرقام والإحصائيات التي كان يقدمها السيد الوزير المستقيل , وهي أرقام اغلبها صحيح , كذلك المواطن لا يفهم هذا اللغز " كيف نكون بأغنى دول العالم , ولا يوجد في العراق كهرباء مستقرة ومستمرة " " وكيف استطاعت كل دول العالم حل المشكلة , ونحن لم نستطيع حل المشكلة , بل أخذت تتفاقم وتزداد , خصوصا مع درجات حرارة وصلت إلى 60 درجة مئوية , والادهي من ذلك تصريحات المسئولين والتي طالبت باللجوء إلى السيد السيستاني لإصدار فتوى بتحريم أجهزة التكيف عن الشعب العراقي ....
السيد عمار الحكيم استهجن هذه المطالبة ودافع عن حق العراقي بجهاز التكيف ....وحق له إن يطالب , فالمواطن لا يوجد من يدافع عنه حقيقة , لكن من حسن الحظ إن السيد الحكيم له مجسات في الشارع العراقي تستطيع بين فنره وأخرى نقل صورة حقيقية عن معانة هذا الشارع , والسيد الحكيم يحسن التعامل مع أدواته ومن ضمنها أزمات الشارع العراقي ....
المشكلة انه لا يوجد لدينا سياسة واضحة , يرتاح لها المواطن حين يتم مناقشتها في مجلس الوزراء أو النواب , ويمكن إن ينام لحظات وهو مستقر البال .... احد المراقبين قال إن كل الحلول لوزارة الكهرباء إنما هي حلول ترقيعية لا تفيد ولأتقدم شبرا واحد ...ولا يوجد حل جذري يحل المشكلة كلها ..لا يوجد لدينا تخطيط بعيد المدى ... لا يوجد لنا خطة خماسية لحل مشكلة الكهرباء ...
وهذه الحقيقة أثبتها الوزير بالوكالة الشهرستاني حين قال ,حين تم سؤاله عن إل 17 مليار التي صرفتها وزارة الكهرباء , أجاب إن طيلة الأعوام السبع السابقة كانت تذهب كنفقات تشغيلية علي رواتب المنتسبين وأعمال الصيانة , ولم تكن نفقات استثمارية .....لزيادة الطاقة الانتاجية لوزارة الكهرباء ....
للأسف هناك أمور عفا عنها الزمان وأصبحت قديمة قدم الأفكار البالية والتي كانت تسيطر على العراقيين ..الوزير الجديد الشهرستاني ..قال ولا زال فكر المؤامرة مسيطر عليه (( هناك أيدي خفية أشعلت الموقف بالبصرة )) وهذه الأيدي دفعت الأموال لأصحاب المولدات الخاصة بعدم تجهيز الناس بالكهرباء إثناء فترات القطع الكهربائي ..... حقيقة لا استطيع إن استوعب هذا المبرر من رجل مسئول وقائم على وزارتين .. وأخشى إن يصدر في احد الأيام (( كتاب عن صاحب الوزارتين )) يمجد الأشخاص كعادتنا بتمجيد الأشخاص وتحويلهم إلى إلهة تمشي على الأرض , لايمكن أبدا مسهم أو اعتراضهم أو تجريحهم بكلمة أو مسائلة ...
حسنا فعل الوزير الشهرستاني حين سحب من الحصة الموفرة لكبار المسئولين ووجهها إلى الشعب العراقي ...المشكلة إن المسئولين لا يشعرون بما يشعر به المواطن العراقي ؟, لقد قالت إحدى المواطنات " لماذا لا يقوم المسئولين بإطفاء السبلت والنزول قليلا إلى الشارع وينظروا معاناة العراقيين ...وهل يفعلون ربما نعم , ولكن الأكيد لا ...هناك دعوة لتطبيق القطع المبرمج على كل أفراد الشعب ومن ضمنهم المسئولين ...ويتم تطبيق القطع بشكل عادل تماما ...فهل يتحقق ذلك ...ويتردد في الشارع إن الحكومة إذا أرادت حل المشكلة وهي مشكلة لا ننكر أبدا أنها طويلة ومعقدة جدا يجب إن تبدأ في بيوت السادة الكبار ...ثم تطبق قراراتها على الشعب ....تقول الحكومة أنها نفذت ذاك ...لكن بنفس الوقت توجه الأصابع إلى محافظ بغداد انه وبشكل قاطع لن يكون تحت طائلة القطع هو وكثير من المسئولين الآخرين , يقول احدهم , لا استطيع إن أتصور ولو لحظة واحدة إن " نوري المالكي أو علاوي أو طارق الهاشمي وحثي زعماء الكتل الكبار ...يقول هذا المواطن لا أتصور أبدا أنهم يعانون معاناة رجل الشارع العراقي , قبل فترة قامت الدولة مشكورة طبعا بتوزيع المولدات على أعضاء مجالس المحافظة والمجالس البلدية والمدراء , طبعا تشكرا الحكومة ولكن دائما تتناسى المواطن وحاجته المتواصلة والدائمة للكهرباء , ولكن تبقى دائما حاجة المسئولين أولى من حاجة المواطن....
الوزير الشهرستاني هو نفسه لديه مشاكل لأحد لها في وزارته ..وعلامات الاستفهام الموجهة له أكثر من تحصى ... ومشاكله مع عمال القطاع النفطي كثيرة ... ومشاكله مع الإنتاج النفطي .. وسيطرة المنتج الأجنبي في الساحة العراقية عليها أكثر من علامة استفهام حقيقي ..لم نستطيع إن نفهم يوما اين ذهبت المصافي العراقية والتي كانت قبل 2003 تنتج أكثر من حاجة العراق , بحيث كانت هناك عملية تهريب منظمة للبنزين العراقي إلى دول الجوار وخصوصا تركيا والأردن , لم نفهم يوما لماذا المنتج الإيراني والكويتي من البنزين هو المسيطر في السوق العراق ...وأين يذهب البنزين العراقي هذا إذا كانت المصافي العراقي تعمل ... لم نفهم يوما كيف تشكلت مافيا تهريب النفط العراقي إلى إيران والامارت تحت علم وسمع الحكومة العراقية ....
لم نفهم يوما كذلك المشكلة بين وزراه الكهرباء ووزراه النفط , لماذا تشتكي وزارة الكهرباء دوما , من عدم وصول الكميات الكافية من النفط الأسود أو الديزيل لتشغيل مولداتها ...
هناك مشاكل كبيرة بين العلاقة بين الوزارات العراقية وهذه المشاكل للأسف ساهمت بشكل كبيرة بأزمة الكهرباء , والتي نحن يصددها اليوم ..
إما مشاكل وزارة الكهرباء مع وزارة المالية لم نفهمها يوما , لماذا تطالب وزارة الكهرباء ب 5 مليارات ولا تخصص لها وزارة المالية سوى 1.2 في ميزانية السنوات السابقة ...
هناك عقدة حقيقية ليس وزارة الكهرباء إنما في علاقات الوزارات الأخرى بوزارة الكهرباء , تصل هذه المشاكل إلى عمق رئاسة الوزارة بحيث تعطينا هذه المشاكل إن هناك عدم تجانس حقيقي في مجلس الوزارة , وان الوزارات لا تعمل على التكامل فيما بينها , بل إن النفور هو الذي يتسيد على العلاقة بين الوزراء ......
من الأمور التي حيرتني ما جاء من إخبار عن حملة مداهمات شملت الذين شاركوا في مظاهرات البصرة ,. لا افهم لماذا دائما المواطن مستهدف . وكيف يعبر المواطن عن الاحتجاجات , وما أكثرها في العراق , وما أكثرها المشاكل التي تولد الاحتجاجات في العراق , وهي متنفس طبيعة وحقيقي , يجب إن ينتبه له المسئولين جيدا , وبجسوا نبض الشارع دائما ..حتى لا تتحول هذه الاحتجاجات إلى احتقان ربما يولد انفجارا لا يحمد عقباه ....
وأخيرا كيف يتم حل مشكلة الكهرباء ...وها نحن نعود إلى بداية سنة 2003 , ونفترض إننا لا زلنا بأول الطريق , وكأن لا سنوات سبع مرت ولا 17 مليار تم صرفها ولا ندري كيف وأين صرفت , فلننظر للمشكلة على حقيقتها ..مشكلة الكهرباء تحتاج أموال وهي أموال ليست مستحيلة نظرا لميزانية العراق الضخمة , فهل تستطيع الحكومة رصد المبلغ المطلوب؟ ... والمشكلة تحتاج إلى الوقت , وصبر العراقي ممدود من بداية الخلق إلى هذا اليوم , ولكن العراق إذا وصل به الألم إلى العظم سوف ينفجر بصورة تزلزل كل العروش , رفقا بالعراق والعراقيين ,. ولا تصلوا معهم إلى درجة الانفجار , فانفجار العراقي سوف يزيل عروش من مكانها ....قلنا المشكلة تحتاج إلى وقت , وبنظرة بسيطة لمسيرة العراق خلال سبع سنوات , نعلم كم كان الوقت متوفرا , ولكن لا يوجد خطط حقيقية المشكلة ,. الحكومة تطالب من المواطن التعاون وها هي 7 سنوات ولا نتيجة على الأرض , ولكن المواطن يطلب من الحكومة الجدية الحقيقية في حل المشكلة , لان كل وعود الحكومة ذهبت مهب الريح , لا بل أصبحت الحكومة بلا مصداقية مع كثرة وعودها الكاذبة ....
إذن هل تستطيع الحكومة ان تكون أكثر مصداقية ...والمواطن أكثر تعاونا ؟....
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟