عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3044 - 2010 / 6 / 25 - 00:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنّ أحداث البصرة الأخيرة ، ما هي إلاّ الرياح التي هبَّت على الرماد الذي كان يستر ويغطّي جمر غضب ومظلومية السواد الأعظم من أهالي تلك المدينة الصابرة والمتحمّلة لكل ما واجهته من ويلات ولسنين طوال ، وهي تعبّرعن ما قبل آخر حالة من الاحتجاج ، والحالة الأخيرة هي الانفجار . ينص أحد قوانين الدايلكتيك المادي على أنّ التراكمات الكمّية تتحول الى تراكمات نوعية في لحظة معيّنة ، وهذا ما أثبتته مجريات الأحداث في البصرة وبقية مدن الوسط والجنوب .و بسبب اللامتوقع في الشارع العراقي ، إرتعدت فرائص أصحاب الشأن ، خوفاً من القادم الأسوأ ، فقرّروا شمول المنطقة الخضراء بنظام ساعات القطع الكهربائي ، من أجل إمتصاص نقمة الشعب عليهم ، لكن هذا الاجراء لن يحميهم من السخط الجماهيري الناقم على الوضع العام ( إنعدام الخدمات ، بطالة مستشرية ، فساد مالي وإداري وسياسي وأخلاقي ) الذي قد يؤدي الى الانتفاض ، وفي خضم هذه الأحداث ، غادر عدد من اعضاء مجلس النواب السابق العراق الى دول الجوار واوربا ، والذين سيعودون مرة أخرى كأعضاء جُدد في مجلس النواب القادم ، بفضل مكرمات رؤساء القوائم الأربعة ، الذين وزّعوا ما لديهم من أصوات زائدة على جراثيمهم في تلك القوائم بفضل قانون الانتخابات القرقوشي ، بالرغم من علم اولئك الأقزام ، العائدون ثانية الى السلطة التشريعية بانحدار رصيدهم الاجتماعي والسياسي الى الحضيض ، في حين نرى السياسيين في الدول ذات الديمقراطيات العريقة ، يتوارون عن الانظار عندما يشعرون بافلاس رصيدهم الجماهيري ، وإذا ما وُجِّهت تهمة ما الى أحد أعضاء الحزب الحاكم ، فانه يبادر الى الاستقالة مباشرة ، حفاظاً على الرصيد الجماهيري لحزبه ، وهذا التقليد لايسري على ساسة الدولة العراقية ، ولايجوز محاسبتهم ( التي تعني معصية الخالق ! ) .
عندما تتعرض المجتمعات الى أزمات وحروب ، تظهر في وسطها عدد من النكات والطرائف والمسمّيات ، فالمجتمع الروسي لايزال يحتفظ ببعضها ويتذكرها عن الفترة الستالينية والحرب العالمية الثانية ، كذلك الحال مع الشعب العراقي ، إبّان الحرب العراقية الايرانية ،إبتكر الكثير من الطرائف ، تخفيفاً عن آلامه ، وأطلق تسمية ( مستر يس ) على الطاغية ، بعد التنازلات التي قدّمها في خيمة صفوان عام 1991 وإثر غزو الكويت ، وفي الظروف الراهنة وصفَ العراقيون المنطقة الخضراء ب(صابونچية الدولة ) ، إشارة الى منطقة الصابونچية ومَن كان يسكن فيها وماذا كان يمارس ، والتي كانت واقعة بين ساحة الميدان ونهاية شارع الجمهورية .إنّ العراقيين عندما يطلقون مثل هكذا مسمّيات ، إنما يعبّرون عن معاناتهم من ألم عميق والمرارة التي يشعرون بها من جرّاء أفكار وسلوكيات ، لاتصدر إلاّ من الاوباش وأنصاف البشر، والتي تحاول التحكم بارادة الانسان العراقي والعودة به جديد الى عهد قنانة البعث الفاشي .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟