أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - النظام الرسمي العربي : نهاية مرحلة؟















المزيد.....

النظام الرسمي العربي : نهاية مرحلة؟


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 926 - 2004 / 8 / 15 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تأت شرعية النظام الرسمي العربي، عند تأسيسه في الأربعينات، من الداخل، بل من تلاقيه مع القوى الدولية النافذة: نوري السعيد والنحاس باشا والملك عبد الله مع بريطانيا، الملك عبد العزيز مع الرئيس الأميركي روزفلت بعد قمة آذار 1945 التي أقامت معادلة (النفط-الحماية)، سوريا ولبنان مع لندن التي كانت بطلة استقلال البلدين بعد أحداث (ت2 43) و(أيار45).
كان عبد الناصر استثناءً لافتاً عندما استندت شرعيته إلى (الإصلاح الزراعي) و(القناة) و(الوحدة العربية)، ولو أن صعوده، وانتصاره في (السويس)، لا يمكن عزلهما عن بروز واشنطن وموسكو وأفول نفوذ بريطانيا وفرنسا، الشيء الذي ينطبق على عبد الكريم قاسم في بغداد، الذي كانت شرعيته الداخلية لا تنفصل عن مظالم الحكم الهاشمي المرتبط ببريطانيا المهزومة في (السويس): كانت صراعات ناصر وقاسم مدخلاً إلى اضطراب العراق بين الشيوعيين والقوميين، وإلى اهتزاز قبضة عبد الناصر على "الإقليم الشمالي" السوري وصولاً إلى الانفصال، مما أدى إلى فشل إقامة مركز إقليمي محلي، تقوده مصر، يملأ فراغ ما بعد عام 1956، وخاصة بعد دخول عبد الناصر في صراعات مع السعودية في اليمن ومع البعث القومي المنافس في دمشق، إلى أن أتت هزيمة حزيران منذرة بانتهاء ذلك كله لصالح بداية إعادة هيمنة (الدولي) على (الإقليمي) في الشرق الأوسط.
كانت بداية المؤشرات على ذلك تكسر حكم صلاح جديد بدمشق على خشبتي رفضه للقرار (242)، وتجاوزه للخطوط الحمر الدولية عبر تدخله في أحداث أيلول 1970 بالأردن، الشيء الذي ينطبق على تجربة (العمل الفدائي) التي حاولت إنشاء سلطة موازية لسلطة الملك حسين في عمان: لم تكن تجربتي الرئيس المصري السادات، والسوري حافظ الأسد، متابعة لما سبقهما في البلدين، بل مثلتا قطيعة من حيث اتجاههما إلى عدم الصدام مع القوى الدولية النافذة، وصولاً إلى محاولة التلاقي معها، وخاصة من حيث التلاقي مع القرار (242) والسقوف التي حددها للصراع العربي الإسرائيلي، وإن كانت دمشق أكثر استغلالاً للثنائية الدولية من مصر التي اتجه رئيسها مبكراً للقطع مع موسكو قبل أن يحسم خياراته مع واشنطن منذ عام 1974، فيما لم تمنع علاقات دمشق مع موسكو من تلاقي الأولى مع واشنطن تجاه الأحداث اللبنانية بين عامي 1975 –1976 وصولاً إلى إعطاء واشنطن الغطاء الدولي لدمشق في لبنان، عبر (اتفاق الطائف) وإخراج العماد عون من قصر بعبدا، وخاصة بعد التجربة الإسرائيلية –الأميركية الفاشلة، عبر اجتياح 1982، في إقامة حكم لبناني بعيد عن سوريا، واتفاقية لبنانية-اسرائيلية منفردة.
حتى عام 1991، تاريخ بداية هيمنة الولايات المتحدة على المنطقة عقب نتائج حرب الخليج الثانية، لم يكن وزن (الإقليمي) ضئيلاً أمام (الدولي) في رسم تطورات المنطقة، إذا لم نقل أنه كان يجبر الثاني على رسم مسارات جديدة، كما جرى من قبل دمشق مع واشنطن في لبنان، عبر قدرة سوريا على إنشاء معادلات لبنانية جديدة عبر (حرب الجبل) و(6شباط 1984) أفشلت كل مفاعيل اجتياح 1982 اللبنانية الداخلية، كما أن (الإقليمي) كان أساسياً لـ (الدولي) في كبح وتحجيم طموحات إقليمية غير مرغوب بها، مثلما حصل من قبل الولايات المتحدة مع العراق تجاه الخميني، فيما كانت قوى إقليمية معينة لا غنى للعامل الدولي عنها في مواجهة تمددات دولية منافسة، مثلما رأينا من قبل واشنطن لما اعتمدت على السعودية ومصر في مواجهة التمدد السوفياتي إلى القون الإفريقي عبر اثيوبيا أو لما جرى من اعتماد أميركي كثيف على الدعم السعودي المادي والمعنوي الديني عقب الغزو السوفياتي لأفغانستان.
صحيح أن الولايات المتحدة لم يكن بإمكانها تشكيل (التحالف الدولي) ضد العراق عقب للكويت لولا الغطاء العربي الذي قدمه ثالوث (الرياض- دمشق- القاهرة)، مما اضطرها إلى مساومات مع القوى الإقليمية الفاعلة أدت إلى جعل (مؤتمر مدريد) ثمناً لـ (حفر الباطن)، إضافة إلى عملية (13 ت1¬¬) في قصر بعبدا ضد العماد عون إلا أن وزن (الدولي) قد أصبح هو المقرر والحاسم منذ ذلك الزمن في رسم مسارات إقليم الشرق الأوسط، وهو ما ظهر، في العقد الفاصل بين (مدريد) و(11أيلول)، في قضايا تفشيل واشنطن لـ (إعلان دمشق) [آذار 1991] من حيث منع أي نفوذ مصري –سوري في الخليج، إلى انفراد واشنطن بتقرير مصير (العراق القادم) ومنع أي محاولة عربية معاكسة، وصولاً إلى عدم قدرة العرب على ممارسة التأثير أو الحماية للفلسطينيين بعد قيام انتفاضة عام 2000 وبالذات بعد نشوء التوافق الإسرائيلي –الأميركي، في عام 2001 بين شارون وبوش، على ترك الوقائع الميدانية متكلماً وحيداً بين الإسرائيليين والفلسطينيين، عقب أن استخلصت الإدارة الأميركية الجديدة، من فشل مسار عقد كامل من (التسوية) مع مؤتمر كامب دافيد صيف عام 2000، بأن المنطقة غير مهيأة بعد لانطلاق التسوية وبأن هناك حاجة إلى حقائق جديدة يمكن أن تولدها وقائع أخرى على الأرض، رأت واشنطن أن بوابتي (رام الله) و(بغداد) يمكن أن تؤديا إليها.
تعزز هذا التفكير الأميركي بعد (11أيلول 2001)، لما استخلصت دوائر التفكير ورسم السياسات الأميركية من حادثتي نيويورك وواشنطن بأن منطقة الشرق الأوسط قد أصبحت مصدراً لأخطارٍ مباشرة تمس قلبي العاصمتين الاقتصادية والسياسية للعالم: أدى ذلك إلى المسارعة لغزو العراق، عقب الفراغ السريع من (طالبان)، من أجل "إعادة تشكيل" المنطقة.
كان من النتائج الجانبية لإعادة التفكير الأميركية، هذه، توحيد ما تقوم به (حماس) و(الجهاد) مع ما أتى من (ابن لادن)، ما أدى إلى غطاء أميركي أوسع لشارون يوحي بأنه منطلِق من ربط (التسوية) بانتهاء عملية "إعادة تشكيل" المنطقة، وهو ما يتلاقى مع تفكير اليمين الإسرائيلي باتجاه خلق حقائق جديدة في أراضي 1967 قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بخلاف تفكير رابين وبيريس وباراك الذين تلاقوا مع التفكير الأميركي باتجاه جعل (التسوية) مدخلاً إلى ترتيب أوضاع المنطقة، لا نتيجة للأخيرة كما يوحي تفكير بوش الابن وشارون.
إلا أن النتيجة الرئيسية لـ (11أيلول)، في التفكير السياسي للإدارة الأميركية والذي يبدو أنه أصبح مسيطراً ايديولوجياً عليها، كانت ربط ظاهرة (الارهاب الإسلامي) مع الأنظمة العربية القائمة من حيث اعتبار الأول حصيلة ونتيجة لديكتاتورية وفساد هذه الأنظمة، إضافة إلى النظم التربوية والثقافية القائمة، مع رفض أميركي لاعتبار الصراع العربي الإسرائيلي أكثر من مسبب فرعي لهذه الظاهرة.
أدى ذلك عند الإدارة الأميركية إلى رؤية أخرى للنظام الرسمي العربي وأنظمته، يبدو أنها، رغم الكثير من علامات التردد وخاصة عند اتجاه المدرسة "الواقعية" في وزارة الخارجية الأميركية، تكتسب الكثير من الدينامية والقوة الجديدتين، وخاصة على ضوء المشهد الإقليمي الجديد الذي أدى إليه احتلال العراق، وما يعنيه، تجاه وظائف وأوزان وأدوار الدول الإقليمية بالمنطقة، حضور (القطب الواحد) للعالم مباشرة إلى المنطقة وتحوله إلى "قوة إقليمية".
في هذا الإطار يأتي مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي طرحته الولايات المتحدة على مجموعة الدول الصناعية الثماني، تمهيداً لقمة المجموعة في الصيف القادم: بغض النظر عن مثالي الجنرال مشرّف والعقيد القذافي عندما كانت التكيفات في السياسة الخارجية لهما مع (القطب الواحد) سبباً لغض نظر الولايات المتحدة عن طبيعة النظامين وافتقادهما للديموقراطية، فإن انزعاج الرئيس المصري الشديد من التوجه الأميركي الجديد، وكذلك السعودية، وهما من اكثر الأنظمة تكيفاً مع سياسات واشنطن بالمنطقة، يوحي بأن المشروع الأميركي هو أبعد من عملية ضغط أميركية على الأنظمة من اجل سياسات متكيفة أو أكثر تكيفاً، ليصل إلى رؤية جديدة للمنطقة ستكون من مستتبعاتها تغيير الأنظمة القائمة لصالح أخرى جديدة، على الأقل من أجل أن لا تُفاجئ الإدارة الأميركية من مستتبعات ضعف القاعدة الاجتماعية للأنظمة الموالية لواشنطن، والتي ازدادت ضعفاً بعد السياسات الأميركية في فلسطين والعراق، لكي لا يحصل لواشنطن ما حصل لبريطانيا، عقب رعاية لندن لقيام الدولة العبرية في 1948، في قاهرة 1952 وبغداد 1958.
هل يكفي رمي الأنظمة العربية -كما أوحى مؤتمر الاسكندرية الأخير- لقفاز (الخطر الأصولي الإسلامي) في وجه واشنطن، ولعبها على مخاطر صعود الإسلاميين عبر "التغييرات السريعة"، مع تأكيدها على عزو اضطراب المنطقة إلى العوامل الإقليمية في فلسطين والعراق، وليس إلى تلك الداخلية – من أجل ثني النظام الرسمي العربي لواشنطن عن ما يوحي به مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وتصريحات الرئيس الأميركي ومسؤولين آخرين، من أن هناك ملامح لسياسات أميركية جديدة تجاه الأنظمة والمنطقة ودولها؟...
أي: هل تنجح الأنظمة العربية في ذلك، باتجاه تعميم المثالين الباكستاني والليبي كإطار مستقبلي تكتفي فيه واشنطن بتكيفات الأنظمة مع السياسات الأميركية مقابل غض النظر عن الأوضاع الداخلية، كما جرى من قبل واشنطن تجاه الأنظمة العربية عقب (حفر الباطن) و(مدريد)؟....



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأكراد والمعارضة السورية
- هل سيكون أردوغان نموذجاً أميركياً للعالم الإسلامي؟...
- الطارئون على الديموقراطية واشتراطاتهم
- فساد معنوي في المعارضة السورية
- الشرق الأوسط والاستثناء الديمقراطي
- التفسير التآمري وضعف دور المجتمع السياسي
- أزمة اليسار السّوري - الماركسيون نموذجاً
- ماذا بقي من الماركسية؟
- رأي آخر حيال موضوعات المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري
- من كابول 79 إلى كابول 2002 حقائق جيو سياسية جديدة أضعفت مو ...
- ملامح السياسة الأميركية على إيقاع أحادي
- السياسي والجنرال-الترابي والبشير نموذجاً


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - النظام الرسمي العربي : نهاية مرحلة؟