أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد سعد - المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي















المزيد.....

المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 925 - 2004 / 8 / 14 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان أي نظام يحرم أوساطًا واسعة من مواطني مجتمعه من امكانية توفير المقومات الأساسية للحياة والمعيشة بشكل طبيعي يعتبر نظامًا فاسدًا، تنعدم فيه العدالة الاجتماعية، ولا مفر موضوعيًا وذاتيًا من النضال ضده. والحقيقة الساطعة كالشمس، التي يثبتها مسار التطور التاريخي في مختلف البلدان، وفي بلادنا، ان المجتمع الطبقي لا يولّد سوى التقاطب الاجتماعي المبني على التمييز المنهجي بين الشرائح الاجتماعية، بين الشريحة الاجتماعية الطبقية الغنية التي يمثل النظام الطبقي مصالحها ويدافع عنها وبين الشرائح الاجتماعية المسحوقة والفقيرة الضحية الأساسية، المستغلة والمضطهدة والمميّز ضدها من قبل هذا النظام وسياسته الاقتصادية – الاجتماعية الممارسة. ولعل طابع وجوهر ومدلول النظام الرأسمالي عالميًا وفي بلادنا النموذج الحي للتمييز الطبقي الاجتماعي وللاستغلال الطبقي ولتعميق فجوات التقاطب الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء في المجتمع الرأسمالي وللابتعاد "بهتك عرض" العدالة الاجتماعية وللحاجة الموضوعية الضرورية للصراع الطبقي على ساحة التطور.

وفي بلادنا، في ظل النظام الطبقي الرأسمالي القائم، يتسم طابع التطور والصراع بعدة دلائل وسمات مميزة عكست أثرها على حالة الوضع الاجتماعي في اسرائيل. ويمكن الاشارة الى ثلاثة عوامل ودلائل أساسية:
*اولا: طابع التبعية الطفيلية لتطور الرأسمالية في اسرائيل بفعل الاعتماد الكبير على الرأسمال الأجنبي الوارد الى اسرائيل من مصادر مختلفة وبأشكال مختلفة، الرأسمال الحكومي (التعويضات الالمانية، "المساعدة" المالية والاقتصادية والعسكرية من الادارة الامريكية)، الرساميل الواردة من المنظمة الصهيونية العالمية (الرأسمال من طرف واحد الذي لا يندرج في اطار القروض المستحقة على اسرائيل، وهي عبارة عن هبات)، والرأسمال الاستثماري الأجنبي الخاص الوارد للتوظيف والاستثمار في اسرائيل. فهذه الرساميل الأجنبية ساهمت في بلورة العديد من شرائح البرجوازية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ووثقت من رباط التبعية للرأسمال الأجنبي وبنشاطه كونيًا، ومن تحويل اسرائيل الرسمية الى مخلب قط عدواني في اطار استراتيجية العدوان الامبريالية، وخاصة الامريكية، في المنطقة وكونيًا. وبفعل استيراد الرأسمال الأجنبي قلما تجد نشاطا في اي من المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية نظيفًا من الأصابع الأجنبية. قلما تجد شركة او مصنعًا او مجمعًا بنكيًا خاليًا من الأسهم والشراكة مع الرأسمال الأجنبي. وبفعل ذلك أصبحت الطبقة الكادحة في اسرائيل تخضع لاستغلال مزدوج اسرائيلي واجنبي. واحتدت مآسي طبقة العاملين في اسرائيل منذ ركوب اسرائيل واقتصادها قطار العولمة والخصخصة وانتهاج نموذج "السوق الحرة" حيث أصبحت البطالة الواسعة ظاهرة مزمنة واتسعت دائرة الفقر، كما سنرى.
* ثانيًا: انتهاج اسرائيل الرسمية منذ قيامها وحتى يومنا هذا سياسة التوسع الاقليمي العدوانية التي تتساوق مع خدمة استراتيجية العدوان الامبريالية ضد مصالح شعوب وبلدان المنطقة. انتهاج سياسة العدوان والاحتلال الاستيطاني التي تبتلع تكلفتها أكثر من نصف ميزانية النفقات في الميزانية العامة. وعدم توفير الاستقرار السياسي يولد عدم استقرار اقتصادي ويعكس أثره المدمر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في اسرائيل. فبسبب تصعيد الحرب الاجرامية خلال السنوات الثلاث والنصف الاخيرة ضد شعب الانتفاضة الفلسطينية تواجه اسرائيل أعمق أزمة ركود اقتصادي لم تشهدها منذ أزمة الخمسينيات، فوتيرة النمو الاقتصادي لم تتعد بالمعدل من الفين واثنين الى الفين وثلاثة نسبة صفر الى واحد في المئة، وارتفعت البطالة لتصل الى 11% من القوة العاملة وبلغت نسبة من يعيش تحت خط الفقر في اسرائيل حوالي 21% من مجمل عدد السكان، أي ان كل مواطن خامس مواطن فقير.
* ثالثًا: التمييز المنهجي والعدواني القومي والعنصري السلطوي ضد الأقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل التي تؤلف اليوم حوالي 19,2% من عدد السكان. فالجماهير الفلسطينية في اسرائيل تواجه اضطهادًا وتمييزًا مزدوجًا، طبقيًا وقوميًا. ولهذا ليس من وليد الصدفة ان نسبة من يعيش تحت خط الفقر بين المواطنين العرب في اسرائيل تبلغ حوالي 46% أي اكثر من ضعفي ونصف المرة عن نسبة الفقر بين اليهود، ونسبة البطالة بين العرب تبلغ بالمعدل 16,5% فيما تيلغ بين اليهود (10,3%).
على خلفية هذه الدلائل والعوامل تعكس معطيات المعيار الاجتماعي "الوضع الاجتماعي لمختلف الشرائح الاجتماعية) في السنوات الاخيرة، الوضع الاجتماعي الصارخ في ظل سياسة حكومة يمينية تعيد انتاج الفقر والفاقة والمآسي الاجتماعية. وساكتفي في هذا السياق بالاستشهاد بمثلين يعكسان حالة اتساع وتعمق هوة التقاطب الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء في ظل حكومة الاحتلال والدماء والافقار اليمينية الشارونية.
* المثل الأول: نشرت دائرة الاحصاء المركزية يوم الاثنين في التاسع من شهر آب/ اغسطس الجاري تقريرها السنوي عن حالة الفقر في اسرائيل في العام 2003، ويتضمن التقرير معطيات صارخة عن الاحوال المعيشية لحوالي مليون وثلاثمائة وعشرين الف انسان في اسرائيل يعيشون تحت وعلى حافة خط الفقر، أي في دولة يعيش حوالي خمس سكانها في مآسي الفقر والمجاعة. فالتقرير يصور بمعطياته كيف أن هؤلاء الفقراء لا يستطيعون توفير الاحتياجات الضرورية الأساسية والأولية لحياة الانسان ومعيشته. فمن بين المعطيات البارزة التي أوردها التقرير ان 46% من مجمل سكان اسرائيل اليهود والعرب لا يكفي دخلهم الهزيل لتلبية احتياجاتهم الضرورية حتى نهاية الشهر، وان 36% تنازلوا عن تدفئة او تبريد بيوتهم و14% تنازلوا عن تناول وجبة أو وجبتين في اليوم، و16% تنازلوا عن شراء أدوية ضرورية سجلها لهم الاطباء، و45% تنازلوا ولم يستطيعوا علاج أسنانهم و54% تنازلوا ولم يستطيعوا شراء ملابس وأحذية ضرورية، و27% من المدخنين أقلعوا "مكره أخوك لا بطل" عن التدخين و59% تنازلوا عن ترميم واصلاح بيوتهم و14% قطعوا عن بيوتهم خطوط الهاتف والكهرباء و(30%) غير اعضاء في التأمين الصحي المكمل.
وتفيد معطيات التقرير ان نسبة الفقراء بين المهاجرين اليهود الجدد تبلغ 22% وبين "الحرديم – اليهود الأصوليين والمتشددين دينيًا – 13% وبين العرب اكثر من 46%.
وقد علقت جمعية "بتحون ليف" التي تقدم المساعدة للمحتاجين على هذه المعطيات بالقول "هؤلاء الجائعون يعيشون بدون أمل، هم في حالة يأس مطلق. ذلك الطفل الجائع – في اسرائيل ستمائة طفل فقير – الذي يذهب الى المدرسة بدون زوادة، سيحمل هذه الضائقة طيلة حياته، والأم التي لا تستطيع شراء الطعام لانها تعيش في وضع مأساوي خطير. يجب ان يرى الجمهور ومتخذو القرارات أعينهم الحزينة"!
والصورة الاجتماعية لحالة الفقر اكثر مأساوية بين العرب منها بين اليهود. وهذا ما تعكسه المعطيات التالية التي تدمغ جبين سياسة التمييز القومي السلطوية.
الصعوبات بين العرب بين اليهود
تنازلوا عن الغذاء 20% 13%
تنازلوا عن التدخين/التبريد 50% 36%
تنازلوا عن الأدوية 39% 13%
تنازلوا عن علاج أسنانهم 64% 42%
تنازلوا عن الترميمات المنزلية 84% 54%
قطع عنهم الكهرباء و/أو الماء 37% 11%
ورغم هذه الأوضاع المأساوية يدعي وزير المالية، بنيامين نتنياهو، عند عرضه لمشروع الميزانية الجديدة، ويتبجح بشكل ديماغوغي ان اسرائيل تنتقل من مرحلة الركود الاقتصادي الى مرحلة الانطلاق نحو الانتعاش الاقتصادي. والواقع ان من يقصده نتنياهو بالانتعاش هي فئة الطغمة المالية، من مجمعات البنوك وغيرها التي جرفت الأرباح الطائلة في خضم أعمق أزمة ركود اقتصادي في العام الفين واثنين، وما يرافقها من زيادة حدة البطالة والفقراء، "فمصائب قوم عند قوم فوائد". وهذا ما يعكسه المثل الثاني في جحيم تعميق هوة التقاطب وفي ظل سياسة إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء التي تنتهجها حكومة شارون – نتنياهو اليمينية.
* المثل الثاني: وفقًا لتقارير البنوك ودائرة الاحصاء المركزية عن حصيلة نشاط الجمعيات البنكية في العام الفين وثلاثة فان الجدول التالي تعكس معطياته مقدار الأرباح الخيالية التي حققتها مجمعات البنوك الاحتكارية، وخاصة المجمعات الخمسة الأساسية، هبوعليم، لئومي، ديسكونت، مزراحي وهبينلئومي.
* معطيات أساسية عن نشاط مجمّعات البنوك الخمسة في العام 2003 *
(بمئات ملايين الشواقل)
هبوعيلم لئومي ديسكونت مزراحي هبينلئومي
الرأسمال الخاص 14,256 14,213 5,969 3,875 3,497
ربح تمويلي 6,846 6,115 3,033 1,470 1,336
تحويلات لديون هالكة2,346 1,877 848 299 610
(صفقات مع كيبوتسات
وغيرها)
الربح الصافي 1,357 1,145 168 335 156
نسبة الربح الصافي على10,4% 8,7% 3,3% 9,7% 10,6%
الرأسمال
معدل الاجرة السنوية لمدير3 3 4,57 3,7 3,18
البنك بملايين الشواقل

وعلى سبيل المثال، وبالمقارنة مع العام الفين واثنين زادت الأرباح الصافية لمجمع بنك هبوعيل في سنة الفين وثلاثة بنسبة (288%) وأرباح بنك لئومي الصافية زادت في نفس الفترة بنسبة (177%)!.

ودلائل معطيات مشروع الميزانية العامة الجديدة للعام الفين وخمسة التي قدمها وزير المالية، بنيامين نتنياهو، من خلال مؤتمره الصحفي يوم الاحد 8/8/2004 تشير الى مواصلة السياسة النيوليبرالية التي ستؤدي الى اتساع فجوات التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء، وهذا ما سنتطرق اليه في معالجات قادمة.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفاعلات الجارية في الخارطة السياسية الحزبية الاسرائيلية
- حتى لا نكون وقضايانا صفرًا على الشمال!
- جون كيري يسجد أيضًا في بيت الطاعة الصهيوني
- حتى لو انفلق الكارهون!- زيّاد أهل للتكريم
- التطورات المأساوية على ساحة الصراع الأسرائيلي – الفلسطيني
- القاضية دوريت بينيش تفضح عرض وعار تحالف -الشاباك- والحكومة
- المدلولات الكارثية للسياسة الليبرالية الجديدة
- تطوير الترسانة العسكرية الاسرائيلية في ارجوحة المخطط الاسترا ...
- المدلولات الحقيقية لنتائج انتخابات برلمان الاتحاد الاوروبي
- وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا ...
- وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا ...
- خطة (لفك الارتباط) بدون أي فك للرباط!
- في الذكرى السنوية الـ- 37 للحرب والاحتلال: لن يكون (شرق أوسط ...
- ماذا كنتَ ستقول يا ماير فلنر؟
- كان ماير فلنر أمميًا حقيقيًا وشيوعيًا مبدئيًا
- تقرير منظمة العفو الدولية: ادانة صارخة لجرائم الحرب في المنا ...
- مؤتمر القمة العربية في تونس: لا خروج من دائرة الرقص الموضعي ...
- الاتحاد- المرجع والمرجعية لمسيرة التاريخ الكفاحي لجماهيرنا
- التصريحات الامريكية المتناقضة في أرجوحة الازمة والتورط في او ...
- خطة الميني الشارونية- وتأتأة -الكوارتيت- وآفاق الصراع


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد سعد - المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي