|
التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3040 - 2010 / 6 / 21 - 19:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يكاد يعرف جميع القراء معنى عبارة : وضع اليد ، و هي لمن لا يعلمها تعني : أن يستغل شخص ما - أو مجموعة أشخاص - شيء ما لا يملكه ، غالبا ما يكون مادي ، مثل الأراضي ، و المباني ، إستغلال الملاك لأملاكهم الخاصة ، سواء بإدعاء ملكية الأشياء المغتصبة ، أو بدون إدعاء . ذكرت عالية أن هذا الشيء غالبا ما يكون مادي ، و أستعملت كلمة غالبا ، لأنه ليس دائما ما يكون وضع اليد يخص الأشياء المادية فقط ، فأحيانا ما يتم وضع اليد على التعبيرات المعنوية ، أو المصطلحات ، و ما إلى ذلك من أشياء معنوية . مثال على وضع اليد على مصطلح ثقافي تاريخي ، هو ما قامت به ، و لازالت تقوم به ، وزارة ثقافة آل مبارك ، حين وضعت يدها على مصطلح التنوير . مصطلح التنوير ، و الذي ورثته البشرية من عصر التنوير ، و الذي بلغ قمته في القرن الثامن عشر الميلادي ، كاد أن يكون له معنى واحد فقط في مصر بفضل وزارة ثقافة آل مبارك ، حتى صار المؤمنين يتعوذون بالله منه عند سماعه . التنوير ، و بفضل وضع يد وزارة ثقافة آل مبارك عليه ، أصبح يعني الإلحاد . لقد تم قامت وزارة ثقافة آل مبارك بتجريد التنوير من كافة قيمه الرائعة ، مثل الديمقراطية ، و الفصل بين المؤسسة الحاكمة و المؤسسات الدينية ، و حرية الضمير ، و حرية الفرد في التفكير ، ليصبح له معنى واحد فقط هو الإلحاد . لا أنكر أن الإلحاد إرتفع صوته في عصر التنوير ، و لكن لم يكن أبدا الإلحاد علامة على عصر التنوير ، و لم يكن أبداً الإلحاد هو واجهة عصر التنوير ، أو لبه . لقد وجد الإلحاد قبل عصر التنوير ، و ظل بعده ، و لكن هناك من يريد أن يجعل التنوير مرادف للإلحاد لكي ينفر الشعب منه ، فيلغي القيم الأخرى السامية التي نادى بها عصر التنوير . إنني شخصيا ، كمسلم ، لا أرى تعارض بين معظم قيم عصر التنوير ، و بين قيم الإسلام ، و أنا أتحدث كمسلم لأنني مسلم ، و لا أتحدث نيابة عن المسيحي أو غير ذلك من معتنقي الأديان ، و العقائد ، الأخرى ، و سأستعرض في عجالة بعض تلك القيم ، و علاقتها بالإسلام كما أعتنقه : أولاً ، الديمقراطية : كانت الديمقراطية هي أحد أهم مظاهر عصر التنوير ، و الثورة الأمريكية ، و الثورة الفرنسية ، و الثورة البوليفارية ، و تضخم سلطة البرلمان البريطاني ، نتاج عصر التنوير ، إما مباشرة ، أو بشكل غير مباشر ، فهل هناك تعارض بين الديمقراطية و الإسلام ؟ بالتأكيد هناك مدارس إسلامية ترفض الديمقراطية بشكلها الغربي ، و لكن تلك المدارس أصبحت اليوم أقلية ، و أغلب المدارس الإسلامية اليوم أصبحت ترحب بالديمقراطية ، و بالإنتخابات الحرة ، و بالبرلمان المنتخب بشفافية ، و بتبادل السلطة ، و أعتقد إنني لست بحاجة لإيراد أمثلة لأقوال كبار علماء المسلمين في العصر الحديث المؤيدة للديمقراطية ، و شخصيا كمسلم لا أرى تعارض بينها و بين الإسلام ، و أرى أن يعود القارئ الكريم لمقال سابق لكاتب هذا المقال عنوانه : ما أتفق فيه مع القرضاوي . ثانيا ، فصل المؤسسات الحاكمة عن المؤسسات الدينية : هذه أحد أبرز معالم عصر التنوير ، و شخصيا لا أرى أي مانع شرعي إسلامي يمنع ذلك ، فلا ولاية للفقيه ، و حتى الشيعة الجعفرية لا يتفق معظمهم مع القول بولاية الفقيه ، ذلك القول الذي نادى به آية الله الخميني . على إن في مصر الوضع الذي يهمنها في الوقت الحاضر ، هو رفع يد السلطة الحاكمة عن المؤسسات الدينية بشكل عام ، و وقف تسخير السلطة الحاكمة للمؤسسات الدينية الإسلامية لمصلحتها . هذا ما يجب وقفه ، لتحرير المؤسسات الدينية ، و دور العبادة ، من سيطرة السلطة الحاكمة ، و قد عالجت ذلك في مقال سابق عنوانه : أئمة المساجد بالإنتخاب . ثالثا ، حرية الضمير : و تعني حرية العقيدة ، و نظرا لضيق الحيز ، فإنني أحيل القارئ الكريم لمقال سابق ، أوضحت فيه موقفي فيما يخص تلك القضية ، و عنوانه : في قضية الردة ، لنخسرهم ، و لنكسب العالم . رابعا ، إستخدام العقل : هذا أحد معالم عصر التنوير ، و لعله أبرزها ، لأن معظم ، القيم السامية الأخرى جاءت نتيجة له ، و لكنه بالطبع ليس وليد ذلك العصر ، فقد إستخدامه مع ميلاد البشرية . هنا أيضا لا أرى في إستخدام العقل ما يتعارض مع الإسلام ، لأن في القرآن نرى بوضوح أن المطالبة بإستخدام العقل ، بالتفكير ، و التأمل ، هي الأساس الأول في دعوة البشر للإيمان بالله . إذا كان البعض قد قادهم إستخدام عقولهم للإلحاد ، فإن الغالبية رسخ إيمانها بإستخدامه . لا خوف أبداً على الإيمان من العقل . من الإستعراض السابق نرى شيئين : الأول : نفهم لماذا قامت وزارة ثقافة آل مبارك ، بتعمد ، بتجريد عصر التنوير من قيمه السامية ، و تلخيصه في كلمة واحدة هي : الإلحاد ، لتنفير الشعب المصري منه ، فينفر من القيم التي نادى بها ، مثل الديمقراطية ، و الأهم من أجل إلغاء العقل ، لأن الحرية هي وليدة إستخدام العقل بحرية . ثانيا : أنه لا تعارض بين التنوير ، و الإيمان النقي .
21-06-2010
ملحوظة دائمة : أرجو من القارئ الكريم تجاهل التلاعب الأمني الصبياني في المقالات ، سواء بتغيير طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و/ أو الإضافة ، و ليكن التركيز دائما على لب المقالات ، بما فيها من أفكار .
بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم
...
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
-
الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
-
غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
-
شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
-
عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا قبره ، و مثلوا بجثته ؟
-
هكذا سيتدخل نظام آل مبارك عسكريا في دول حوض النيل
-
في قضية الردة ، لنخسرهم ، و لنكسب العالم
-
المشكلة في البوصلة السياسية الإيرانية ، و ليست القنبلة
-
علينا إعداد العدة لإحتجاجات ما بعد إنتخابات 2011
-
كترمايا جاءت لجمال مبارك على الطبطاب
-
السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب
-
للإخوان : هناك ما هو أكبر من غزة
-
ما الذي يدفعهم للإخلاص لأوباما ، بعد أن طعنوا كلينتون في ظهر
...
-
الخدمة العسكرية الإلزامية ، هذه سياستنا
-
أغبياء ، لا يعلمون على من ستدور الدوائر
-
لا حصانة لدبلوماسي في وطنه
-
لا تطلق النار ، الدرس القرغيزي الثاني
-
نريدها كالقرغيزية
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|