أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - العراق الجديد بين حكومة في العلن وحكومة في الخفاء















المزيد.....

العراق الجديد بين حكومة في العلن وحكومة في الخفاء


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 925 - 2004 / 8 / 14 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد 28 حزيران 2004 تسلمت مقاليد السلطة في العراق حكومة مؤقتة تم تشكيلها بعد مخاض سياسي عسير شاركت فيه أطرافاً و جهات سياسية عديدة داخلية و خارجية متمثلة بالأحزاب و الحركات السياسية العراقية و سلطة التحالف المدنية التي تم حلها في ذلك التأريخ بالأضافة الى الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها الى العراق السيد الأخضر الأبراهيمي .. و قد تم تشكيل هذه الحكومة من مجموعة من الشخصيات بعضها سياسي و بعضها تكنوقراط و بعضها الأثنان معاً قسم منها مستقل و القسم الآخر يمثل قوى و أحزاب سياسية عراقية عرفت بتأريخها الوطني و النضالي الطويل في مقارعة الديكتاتورية في العراق و حظيت هذه الحكومة منذ الساعات الأولى لتشكيلها بدعم عربي و دولي كبير تمثل بتأييد الأمم المتحدة وأعتراف الكثير من دول الجوار و المنطقة بها ناهيك عن الأعتراف و الدعم اللامحدود لدول كبرى في المجتمع الدولي كأمريكا و بريطانيا و أيطاليا و أستراليا و غيرها كثير بهذه الحكومة الفتية .. و منذ ذلك اليوم و ربما قبله سارعت هذه الحكومة الى المباشرة بتنظيم أوضاع البلاد الداخلية و الخارجية حيث بدأت بتنظيم و تقوية وحدات الجيش و أجهزة الأمن و الشرطة العراقية التي تم تشكيلها بعُجالة و فوضوية بعد قرار حل أجهزة النظام السابق الأمنية و العسكرية الذي أتخذته سلطة الأحتلال في العراق و تمت عملية غربلة للكثير من العناصر التي تم ضمها الى الأجهزة الجديدة دون أمتلاكها لكفاءة أو مؤهلات ثم قامت هذه الحكومة بأصدار قانون السلامة الوطنية و أعادت العمل بقانون الأعدام و ذلك للحد من حالة الفوضى و أنعدام الأمن التي تجتاح الشارع العراقي منذ الأيام الأولى لسقوط النظام السابق و حتى هذه اللحظة كما سعت هذه الحكومة و عبر جولة قام بها السيد رئيس الوزراء أياد علاوي الى دول المنطقة و من ضمنها دول الجوار الى كسب التأييد و الدعم الرسمي المباشر من هذه الدول للعراق الجديد و التنسيق معها من أجل أعادته الى وضعه الطبيعي بين دول المنطقة و العالم ككل .
ثم بعد ذلك بفترة وجيزة أخذت مظاهر سيادة هذه الحكومة تظهر شيئاً فشيئاً في الشارع العراقي عبر قوات الشرطة و الحرس الوطني التي بدأت بالأنتشار بشكل واسع في شوارع المدن العراقية و خصوصاً العاصمة بغداد و بدأت بملاحقة المخربين و الأرهابيين في كل مكان و ألحقت بهم خسائر فادحة و ألقت القبض على العشرات منهم كما صادرت حتى الآن عشرات الآلاف من قطع السلاح و الذخيرة التي كان يستعملها هؤلاء في عملياتهم ضد قوات الشرطة العراقية و قوات الأحتلال كما أحبطت هذه القوات و بفضل يقظة منتسبيها الكثير من العمليات الأرهابية التي كان ينوي الأرهابيون تنفيذها على أرض العراق والتي كان سيذهب في حال حدوثها لا سمح الله العشرات أن لم يكن المئات من أبناء العراق الأبرياء ضحية لآيديولوجية القتل والدمار التي وفدت الى أرض العراق من مضارب أبناء العم و لكن رغم ذلك و رغم كل هذه التحديات حافظت هذه الحكومة على هامش واسع من الديمقراطية و الحريات لأبناء شعبها كانوا قد حرموا منه لعقود طوال .. في نفس الوقت تقوم وزارات هذه الحكومة ومن خلال وزرائها المشهود لأغلبهم بالخبرة بالعمل على أعادة الخدمات الشبه معدومة في أغلب المدن العراقية منذ فترة ليست بالقليلة سبقت 9 نيسان 2003 وتم بالفعل و بزمن قياسي أعادة بعض هذه الخدمات في بعض المناطق و العمل جاري ليل نهار على أعادتها بل و تطويرها بشكل كامل في كافة ربوع العراق .. أضافة الى كل ذلك سارعت هذه الحكومة و منذ لحظات التشكيل الأولى و أعتماداً على ماجاء في قانون أدارة الدولة للفترة الأنتقالية بالتحضير للمؤتمر الوطني الموسع الذي كان من المزمع عقده في نهاية الشهر المنصرم و من المتوقع أن يضم كافة الفصائل و القوى و التيارات السياسية العراقية سواء تلك التي شاركت في هذه الحكومة أو التي لم تشارك فيها ليتمخض عن مجلس وطني أنتقالي ( برلمان ) يراقب عمل الحكومة الأنتقالية و يمهد للأنتخابات العامة التي من المنتظر أجرائها مطلع العام القادم ألا أن أسباب عديدة سياسية و أمنية و فنية أدت الى تأجيل هذه المؤتمر لفترة أسبوعين و بطلب مباشر من الأمم المتحدة و أمينها العام شخصياً .
و لكن في الشوارع الخلفية لبعض المدن و أحياناً في شوراعها الرئيسية و ساحاتها العامة هنالك صور و مظاهر واضحة لحكومة أخرى من نوع آخر يختلف عن النوع السابق .. حكومة تتألف من تنظيمات و مجموعات من الملثمين ليس لهم برنامج سياسي واضح يتسترون وراء خطاب ظاهره أسلامي و وطني مقاوم للأحتلال و باطنه أصولي و عنصري متطرف ذو أغراض و أهداف خطيرة و مشبوهة تسعى أمّا الى أفغنة العراق و أنشاء دولة طالبان جديدة على أرضه أو الى أعادته الى سنوات القمع و الديكتاتورية التي عانى منها العراقيون لعقود طويلة .. و لهذه الحكومة ميليشياتها الخاصة من الملثّمين و أجهزة أستخبارات و متابعة و تجسس ذات كفائة عالية تحسدها عليها أجهزة دول كبرى أضافة الى أمتلاك هذه الحكومة الخفية لأجهزة أعلام جبارة و فضائيات ضخمة تُسخّر كل طاقاتها و يعمل رجالها و مراسلوها في العراق و في خارج العراق ليل نهار من أجل دعم هذه الحكومة و تجميل صورتها و تبرير جرائمها اليومية بحق الدين و القانون و الأنسان في العراق هذا بالأضافة الى مواقع أنترنت عالية الجودة توصل الليل بالنهار من أجل دعم هذه الحكومة و أيصال صوتها و نشاطاتها و أخبار رجالها الى جميع أنحاء العالم .. كما تحظى هذه الحكومة الخفية بدعم مجموعة من المنظّرين من داخل العراق و خارجه كان أغلبهم قبل 9 نيسان 2003 من مريدي الطاغية و منظّريه و اليوم يُنظّرون لهذه الحكومة و لرجالها ناعتين أياهم بألقاب و أوصاف لا تطلق سوى على الأنبياء و الصحابة و الأولياء الصالحين و قلة من عظماء التأريخ رغم أن الفرق بينهم و بين رجال هذه الحكومة فرق الثرى عن الثريا بل لقد وصل الحال ببعض هؤلاء المنظرين الى أطلاق صفات أسماء بعض المدن الأسلامية المقدسة كالمكرمة و المنورة و عبق الجنة و غيرها من الصفات على بعض المدن و الأقضية العراقية التي تخضع اليوم لسلطة هذه الحكومة الخفية .
و تعمل هذه الحكومة و منذ أسقاط النظام في 9 نيسان 2003 على بسط سطوتها و توسيع شعبيتها وسط شرائح معينة من الشعب العراقي أنهكتها ظروف البطالة و الحصار الأقتصادي الذي سبق سقوط النظام مستغلة حالة الجهل السياسي و الوعي الجمعي لهذه الشرائح التي تعودت طوال عقود على الأنقياد لرموز و زعامات وهمية كانت تطعمها شعارات و تكسيها لافتات و يبدوا أن هذه الشرائح قد أستعذبت هذه الحياة و هذا الحالة من الأنقياد الأعمى لمن يسعى لرميها الى التهلكة لذا نراها اليوم مندفعة وراء رجال هذه الحكومة الخفية لا تلوي على شيء .. و تتمثل هذه الحكومة بمجموعة من الشخصيات الغريبة بعضها ليس له تأريخ أصلاً و البعض الآخر يستغل تأريخ أبائه و أجداده الذي صيغت حوله القصص و الأساطير الخيالية و حضي بأهتمام و تركيز مبالغ فيه في تأريخ العراق و تسعى هذه الشخصيات اليوم الى عقد ما تسميه المؤتمر الوطني التأسيي على غرار المؤتمر الوطني العراقي الذي ستعقده الحكومة المؤقتة منتصف هذا الشهر ومن المتوقع أن تستضيف هذا المؤتمر المثير للجدل دولة عربية مسكينة أمرُها ليس بيَدها سبق وأن أستضافت وعلى أعلى المستويات علي حسن المجيد و ناجي صبري الحديثي مما يؤكد على وجود دعم خفي من قبل أجهزة مخابرات دول بل و حتى مراكز صنع قرار في هذه الدول لمثل هذه الحكومة الخفية و لمخطط خفي مثلها الهدف منه تدمير العراق بل و ربما ألغائه من الخريطة .
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة في النجف و بغداد و بعقوبة و العمارة و الرمادي و الفلوجة و الناصرية و البصرة و جود مشكلة سياسية و أمنية في البلاد كانت راكدة و طفت الى السطح قبل أيام رمت بظلالها على الوضع الأمني في البلاد و أدّت الى تفجّره من جديد و هو تفجّر كان متوقعاً منذ زمن نتيجة للتردد و التأخير الذي رافق سياسة و أسلوب الحكومة المؤقتة منذ تشكيلها و حتى هذه اللحظة في التعامل مع الكثير من الأمور و الملفات العالقة في البلاد والتي هي في غالبيتها من تركة سنوات النظام البائد و أشهُر سلطة التحالف المنحلة والتي كانت بحاجة الى حسم منذ اللحظات الأولى لبروزها في المجتمع بدلاً من تركها تتدحرج و تكبر ككرة الثلج لتهوي على رؤوس الجميع .. لذا فقد أصبح لزاماً على الحكومة العراقية أن تعالج الوضع في البلاد و تفي بألتزاماتها التي قطعتها أمام الشعب العراقي يوم تسلّمها للسلطة في 28 حزيران 2004 وألا فأن الأمور سوف تخرج عن سيطرتها لا بل و حتى عن سيطرة المجتمع الدولي كله و سيكون الضحية أولاً و أخيراً المواطن العراقي الذي لم يعد بأمكانه الصمود اكثر من ذلك على ما يجري في بلاده من أمور تفلّ الحديد و تفتت الصخر و تذيب الجليد .
و كنتيجة حتمية لكل ما ذكرناه آنفاً فأن المواطن العراقي البسيط يعيش اليوم في حيرة من أمره في بلاد تديرها حكومتان شبه متعادلتان في السلطة على البلاد .. صحيح أن لأحداهما سلطة رسمية على البلاد و الدولة ككل ألا أن هذه السلطة تصبح فقط على الورق في مناطق تخضع اليوم لسلطة فعلية لحكومة ليس لها ملامح واضحة لكنها موجودة على أرض الواقع .. و بدلاً من أن تعمل الحكومة الرسمية مستغلة ما تحظى به من دعم رسمي أقليمي و عربي و دولي على تقوية نفوذها و ترسيخ و جودها في مناطق تمردت على سلطتها منذ اليوم الأول لتشكيلها نراها و لسبب مجهول مستمرة في تلقي الضربات الموجعة من حكومة الأشباح الوهمية التي ستتكون لها يوماً ملامح أنسية و حقيقية أذا لم يوضع لها حداً و بأسرع وقت ممكن بأستخدام أساليب سياسية و ليس أمنية كما يحدث اليوم .
هنالك اليوم صراع وجود و بقاء منه خفي و منه معلن كان قد بدأ منذ الساعات الأولى لسقوط النظام بين رجال هاتان الحكومتان و ملامح الحكومة أو الحكومات الحقيقية التي ستحكم العراق في الأشهر القليلة القادمة ستحدده نتيجة هذا الصراع بين حكومة العلن و القانون و حكومة الخفاء و الفوضى والذي نتمنى أن لا يكون دموياً كسابقاته من الصراعات التي جائت عن طريقها حكومات الماضي .



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يحدث في العراق .. ديمقراطية أم فوضى و تسيّب ؟
- أقليّات العراق .. و رسالة الأحد الدامي
- مشكلة شعوب لا رؤساء
- 14 تموز ثم 17 تموز و مسلسل الأنقلابات
- ذكرى 14 تموز .. بين الأحزان و الأفراح
- مقال سياسي : عراقيوا المنافي و الأنتخابات و التلاعب بمقدرات ...
- العراق الجديد ما بين التمثيل بالجثث و أختطاف الرهائن
- العراق الجديد .. و مفترق الطرق
- أحتكار حق المواطنة .. و تكرار المأساة
- العراق الجديد بين الثرى و الثريا
- أزنار .. بالاثيو .. لا نقول وداعاً بل الى اللقاء
- الفضائيات .. و صفقات التسويق المفضوحة
- أمريكا .. ما بين مسمار جحا و قميص عثمان
- عراقية الأكراد .. عريقة عراقة دجلة و الفرات
- الأرهاب ملّة واحدة .. صدام و بن لادن
- المتقاعدون .. لماذا لم ينصفهم العراق الجديد ؟
- مجلس الحكم و سياسة المحاصصة و التوافق
- لسنا فقط أمة قاصرة .. بل أننا القصور بعينه
- مرتزقة و مزورون
- نعم للفدرالية .. من أجل عراق مستقر و آمن


المزيد.....




- -حماس- تُعلن رسميا مقتل يحيى السنوار: ننعى قائد معركة -طوفان ...
- أفراد من القوات الأوكرانية يفرون من منطقة كورسك تحت ضربات ال ...
- شيرين عبدالوهاب تحسم جدل لقب -صوت مصر- بعد مقارنتها بأنغام
- أول تعليق من حماس على مقتل السنوار
- كيف يؤثر انقطاع الطمث على دماغ المرأة؟
- غداة اعترافه بمقتل 5 جنود بمعارك مع حزب الله.. الجيش الإسرائ ...
- حماس تنعى رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار
- منفذا عملية البحر الميت.. من هما وما هي وصيتهما؟ (فيديوهات) ...
- المشاركون في اجتماع صيغة -3+3- يدعون إلى وقف التصعيد في الشر ...
- البرلمان الإيراني يفند تصريحات رئيسه التي أثارت غضب لبنان


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - العراق الجديد بين حكومة في العلن وحكومة في الخفاء