|
فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 5
خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 20 - 13:46
المحور:
سيرة ذاتية
الوفاء أو الولاء حال عودتنا، وكيل مدير بلدية المصيف وأنا، الى البلدية سألتُ محاسب البلديه، على سبيل المزاح ظاهرا وبهدف استطلاع رأيه وتوقعاته: لماذا لا تستغل الفرصة و تبنى لك دارا ، كما يَفعَلهُ الأخرون، والفرصة مُؤاتيه يا شيخ عبدالله، كلُ هذه السنوات الطويلة وانت تعمل فى بلدية المصيف ولا تملك دارا للسكن. وأخرون يأتون ويضربون ضربتهم. ألا ترى بأم عينيك بأن ما لا يستطيع الأنسان الأعتيادى الحصول على ما يحلم به خلال عقود من الكفاح المُضنى، وفى الظروف الأعتيادية، قد يحصل عليه المغامر، الذى لا يأبه بغير ما يكتسبه، خلال ساعات معدودات من غياب القانون ويتحول الى مكسب يستمد شرعيته من الأمر الواقع، لاتدع الفرصة تفوت من بين يديك استغلها، يا شيخ، وتابِع الأمام الله أكبر ؟ جوابه كانت مفاجئة لى : وأنا فكرت بنفس الشئ، أيضا، وحجزت لى قطعة أرض ممتازة بوضعى أكوام من حجر البناء وانتظر. لقد تأملت كثيرا فى وجه هذا الموظف العتيق، وسألت نفسى فيما اذا استوعب هذا الموظف المسلكى مغزى كلامى ويرد على المزحة بمزحة وتهكما بما ألى اليه الوضع فى البلدة، أو يتكلم بواقعية وبصراحة. وبعد أن شجعته على المباشرة بالبناء فورا، كما يفعل الأخرون أجابنى: والله أنا لا أحصل على المال كالأخرين بالهونطة لكى أقامر به أولا و استشِفُ ، من نبرات صوتك ونظراتك بأنك تريد أن تورطنى بالبناء ومن ثم تأمر بهدمه. لتضحك على.( قلت لنفسى: انظر كيف يقرأ هذا الرجل الممحى ) بعدأن اقتنعت بأن المحاسب قد جرفه التيار، راودنى شك وريبة فيما اذا أقدم وكيل مدير البلدية على نفس الفعلة وانجرف مع التيار أيضا؟ انتقدت نفسى لتسرعى بكشف ما أنوى عليه أمامه قبل أن أتأكد. لم أستحمل البقاء فى البلدية أكثر بعد أن بدأت زحمة من الأسئلة تغزو فكرى، بدون رحمة، من جميع الأتجاهات. واتجهت الى مكان حيث لا يدرى: أحد من غير السماء و(الحجر) بمطرحنا (أنا و خيالاتى) وتنزل الضباب.. لتمحى المدى وتمحى الطريق .. كما تغنى فيروز. عندها بدأت بالصياح ، بأعلى صوتى من دون الحاجة الى الألتفات يمينا أويسارا: يا الهى من أنا لكى تُقحمنى فى كل هذه المشاكل والمواجهات؟ هل كان مرادى أكثر من الستر ورغيف خبز نظيف كثمرة لجهودى و عرق جبينى وشقائنا؟ لماذا لم تعطنى قلبا لأتصرف كالأخرين وأقتنص الفرصىة قنصا، كلما سنحت، وأجمع المال الكثير كما يفعلون؟ أو هل تريدنى شاهدا على ما يٌعدُ له، بقلب قاسى وبدون مروة أو وازع ضمير، لهؤلاء المساكين ولهذه المنطقة من بداياته ؟ وبكيت وبكيت بدون أن أدرى بالتحديد لماذا أجهشت بالبكاء : هل لما مضى من الأيام و كوارثها أو لما ستأتى. وأنا أواجه الطرف الغربى لجبل سفين وحيدا وبعيدا عن الأعين . ( من الصدف الغريبة، بعد سنة أو أكثر أجهش بالبكاء معاون مدير استخبارات الفيلق الخامس أمامى عندما كنا منفردين على الطرف الأخر من جبل سفين قبل الوصول الى ناحية هيران بقليل. تصوروا عمق المأسات وحجم الكارثة الذى أجبر هذا الضابط الوسيم من جنوب العراق على البكاء أمامى ، انه الأحترام للوطن و للشرف العسكرى وتوقع المصير المحتوم،. ضابط استخبارات مُكلف بالتحقيق الميدانى، من قبل لجنة تحقيقية عالية المستوى، يخلُقُ الظروف ليُفرغ ما فى جعبته من أسرار ، بحرية، أمام متهم بتُهم كبيرة. وعندما لا يجد أذانا صاغية يغرق فى البكاء...قد تطلعون على بعض التفاصيل فى موضوع أخر تحت عنوان : حوصلة السيد النائب). وبعدها شعرت بارتياح كبير وسكينة فى النفس وعاد المنطق يهيمن على فكرى مرة أخرى. قررت، بعد استعراض جوانب وحيثيات متعددة للقضية والمخاطر المتوقعة، أن أمضى فى تنفيذ وعدى وتفجير هذه الفقاعة ، المملؤة بكل ما هو رجعى وكريه، وأن لا يأتى الى هذه المنطقة مرة أخرى بكل هذه الهيبة والعنفوان، ومن ثم طزألف مرة بالوظيفة، اذا كانت الدولة سُوقية ودنيئة لهذه الدرجة . حسب معلوماتى أول من استخدم كلمة السُوقية فى الكتابة الأدبية كان أنطوان تشيخوف وعندما طلبوا منه تفسيرا لها قال : الخنوع أمام القوى وقهر الضعيف. وفى طريق العودة الى أربيل كنت أفكر فى اشكالية واحدة فقط: فيما اذا كان وكيل مدير البلدية(قادر) يحتفض بالموضوع بالسرية التى تفسح المجال لى بالمباغتة والتنفيذ السريع والا تقوم القيامة بوجهى دون أن أستطيع فعل أى شيئ. قلت لنفسى لندع (قادر) يواجه امتحانا، صعبا من دون أن يعلم، فيما اذا كان يغلُب عنده الوفاء على الولاء أو بالعكس. المجتمع السليم والمتوحد يُشبع أفراده بروح الوفاء والأحترام تجاه من جندوا وممن يجندون أنفسهم لخدمته باخلاص ونكران ذات وبجرأة، من دون خوف أو وجل من أية عواقب . أما المجتمع السقيم والمتخلف والمنقسم على ذاته كل شئ فيه يُستثمرلأماتة هذه الصفة النبيلة، و ذلك بقياس درجة اخلاص الفرد (للمجتمع) بدرجة ولائه الأعمى أو ولائاته لأصحاب السطوة والنفوذ، من الذين لا يترددون الأقدام على فعل أو منكر لديمومة سلطتهم وتوسيعها، ممن لهم الهيمنة على جميع المقدرات والمنافع أما العواقب الوخيمة تنهمر على رؤوس من لا حول لهم ولا قوة.
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 4
-
فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 3
-
فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 2
-
فرمان من فرمانات خال السيد الرئيس 1
-
دعوة عامة للتأمل قليلا
-
عندما كان أمنه غفور غاضبة 2
-
عندما كانت أمنه غفور غاضبة 1
-
ليلتان فى حُضن تأريخ شائك وبعدها 3
-
ليلتان فى حُضن تأريخ شائك وبعدها 2
-
ليلتان فى حُضن تأريخ شائك وبعدها
-
الرجل الذى وهب نفسه لحلم كبير2/2
-
الرجل الذى وهب نفسه لحلم كبير2/1
-
البحث عن طريقة للهروب
-
عندما يعادل البلوك الواحدعشرة دفاتر بعينها
-
الى رجل أصبح.....
-
المدينة التأريخية التى تغيرت ملامحها -أربيل-
-
حكاية الحكايات
-
من يبنى هذه الخرِبة يا بُنى
-
رسالة مفتوحة الى فخامة رئيس اقليم كوردستان
المزيد.....
-
كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت
...
-
الآلاف يشيعون جثامين 6 مقاتلين من قسد بعد مقتلهم في اشتباكات
...
-
بوتين: نسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
-
-رسائل عربية للشرع-.. فيصل الفايز يجيب لـRT عن أسئلة كبرى تش
...
-
برلماني مصري يحذر من نوايا إسرائيل تجاه بلاده بعد سوريا
-
إطلاق نار وعملية طعن في مطار فينيكس بالولايات المتحدة يوم عي
...
-
وسائل إعلام عبرية: فرص التوصل إلى اتفاق في غزة قبل تنصيب ترا
...
-
الطوارئ الروسية تجلي حوالي 400 شخص من قطاع غزة ولبنان
-
سوريا.. غرفة عمليات ردع العدوان تعلن القضاء على المسؤول عن م
...
-
أزمة سياسية جديدة بكوريا الجنوبية بعد صدام البرلمان والرئيس
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|