عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 20 - 03:13
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الصراع , وبكل أشكاله المتنوعة , هو وجود تاريخي , تحكمه إشتراطات مكانية وزمانية ترتبط دائما بحاجات لا بد من حدوثها .ومسمّيات المفاهيم السياسية بإرتباطها بحالة الصراع , أيّ صراع , تأتي دلالاتها غالباً , منكوسة على رأسها لدى السلاطين الشاهرين أبداً , سياطهم بوجه الجموع الهائلة من البشر .لا دور هنا للفلسفة ,في إسلوب سياسة السلطان , ولا دور للفلسفة أيضا , في بلورة إحتياجات مَنْ يجلدهم سوط السلطان .
عطشان أنت أمْ جائع أمْ عريان , لست في حاجة لإستدلالات عقلية لتثبت ذلك , لنفسك , أو للسلطان وزبانيته.لسان التاريخ في كل العصور هو ذاته , دائما نجد في قاموسه , المفاهيم مقلوبة تماما , مقلوبة بفعل فاعل وليس عبثاً .الظلم الذي يعانيه الجياع , هو عدلٌ في قاموس السلطان .أنْ تطالب بحقوق هي لك ولكنها مسلوبة عيانا , فهذا تجاوز على ( عدل ) السلطان . فعدل السلطان له أكفّ مرفوعة على الدوام وهي تقبض على السياط , لتبسط هيمنتها , بل لتسلبك حتى جلبابك الذي يقيك بعض الشيء من ضرباتها الموجعة , فالسلطان يريد بذلك مصلحتك التي قد لا تحسن المحافظة عليها , وحينما تلهب جسدك , سياط حرمان حقوقك فتخرج الى العراء او الى شوارع مدينتك وحاراتها , وأنت أعزل إلاّ من لسان كلّ من المطالبة بحقوقه , فأنّ هذا يعني , أنك فعلت ما لا ينبغي فعله , وهو وفقاً لمعايير السلطنة , تجاوز لا ينبغي السكوت عليه . إذن , إذا جعت إسكتْ , إذا عطشت , إسكتْ , أنْ تعيش في رمضاء حر الصيف , إسكتْ , أنْ تخرج من أرضك ملايين البراميل من الذهب الأسود , فتتحول بقدرة قادر الى شدّات من الورق الأخضر لا تعلم أين مستقرها وجيبك خالٍ منها , إسكتْ . وإسكتْ في اللغة السياسية وليس العربية , هو فعل أمر , ولكن لا ثبات في هذا الوجود , ففعل الأمر هذا , ربما يقلبه عود ثقاب , وفق ظروف معينة قد تكون قاهرة , الى فعل آخر , فتحترق كل الأيدي التي تلوّح بالسياط , لأنّ إستمرارية السكوت ,قد تؤدي الى موت على جرعات .تبّاً لكل العصور اللعينة , كم تتشابهين في جورك وتسلطك وظلمك . البصرة هي صانعة عصور فريدة ومتميزة , ومن يحفر في ذاكرة التاريخ يلمس ذلك بوضوح , فما من زاوية من زوايا تاريخها العريق , إلاّ وفار التنور فيها على السلاطين ,أيّ عصر همجي هو الذي عشناه ونعيشه ؟؟ تضعني قسرا في لهيب فرن ناري ليتلذّذ أنفك برائحة شواء جسدي , وتجبرني على السكوت , وتجبرني على الرضا من ذلك , ولكن أجساد البصريين , أبتْ إلاّ أنْ ترفض البقاء في سفود شواءها , فالذي أوعدتموهم به أُخْلِفَ , وإخلاف الوعد , وفق بعض المعايير ,لا يمضي دون ثمن , وثمنه بالتأكيد باهض , ولا يسعني هنا , إلاّ أنْ أقول , هناك متسع من الوقت لمعالجة الأمر .
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟