|
كيف نحدد الفروقات الطبقية في اقليم كوردستان ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 19 - 16:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بداية لابد ان اشير هنا الى ان الطبقات بمضمونها العلمي الصحيح و الاسس التي يجب توفرها عند تحديدها، و وفق النظريات المثبتة و المعتمدة عالميا و المقومات التي تعتمد عليها اية طبقة و الخصائص التي تتسم بها ، لم تتوضح بعد في كوردستان بشكل عام، و كما هي معروفة و محددة في مناطق العالم الاخرى و لاسبابه المختلفة التي فرضت على هذه البقعة دون غيرها من النواحي السياسية الاقتصادية الاجتماعية و الثقافية. هناك خلط كبير و تمازج واضح بين الفئات و الشرائح و ما يمكن ان نسميها باشباه الطبقات ان سمح لي العلم و الاقتصاد بشكل خاص، و هي التي افرزها التاريخ و الاوضاع الاجتماعية قبل الاقتصادية و بتاثيرات السياسة و ممارسات النظام المتسلط على رقاب هذا الشعب منذ عقود. عدم مرور المجتمع بتحولات و تغييرات مفروضة من الوضع الاقتصادي في مراحله المتتالية بشكل طبيعي، و ما شاهده من حدوث قفزات و ارتدادات و تراجعات في الظروف المعيشية العامة طوال تاريخه لم يدع الامور تجري على حالتها المطلوبة و المفروضة في تسيير تطوره كما هو حال الشعوب بشكل عام، هذا ناهيك عن تاثيرات الاوضاع السياسية القاسية لبعض الاجزاء دون اخرى و تفرد هذه المنطقة في رزوحها تحت نير الاحتلال الداخلي و الخارجي بشكل و اخر ،و من قبل جهات متعددة التي فرضت عليها ما لمصلحتها و سببت الخلط و التخبط في جميع النواحي، والى جانب ذلك تجسيد الاحساس بالنقص و الاغتراب في عقلية و تفكير ابناء هذا الشعب في ظل وجود نوع من الفوضى في العلاقات العامة و خاصة الاجتماعية، و التدخل من قبل الاخرين في شؤونه و في كافة مجالاة حياته و بكل السبل المتوفرة تحت ايديهم، هذا عدا ما موجود اصلا من الصفات المعيقة في كيانه و التخلف الاقتصادي بالاخص الذي يعيش فيه منذ بروزه للاسباب الجغرافية او ديموغرافية ،و يتميز به لاسباب اخرى ربما ليس لابناء هذا الشعب المستضعف يد فيه او حيلة في التحرر منه طيلة تاريخهم الطويل و تضحياتهم الكبيرة. اليوم، و نحن نرى و نتلمس الفروقات الكبيرة بين الظروف المعيشية لاجزائها الاربعة و ما تفرضها الدول التي تعيش كوردستان تحت كنفها ، الا اننا يمكن ان نحدد وجه التشابه الكبير من نواحي عدة بين افراد مجتمع هذا الشعب المغلوب على امره رغم انعدام دولة خاصة به ، و له كافة مقومات امتلاكه لها . لو قصرنا كلامنا على اقليم كوردستان العراق كي نقترب من الدقة اكثر ونحن نتعايش يوميا ما نسير فيه و لا يمكننا ان نسرد تاريخ هذا الشعب و ما حدث له في الجوانب المؤثرة على بناء المجتمع و بروز طبقاته بشكل طبيعي، و هذا يحتاج الى دراسات و بحوث طويلة ، فيمكننا ان نسلط الضوء على العقود الماضية لاقليم كوردستان العراق و ما وصلنا اليه من الناحية االتي تخص الاقتصاد و المجتمع ، على الرغم من تاكيدنا على عدم امكانيتنا من تحديد الطبقات، فاننا نلمس الفسحات الكبيرة التي خُلقت جراء ما مرت به، بين الفقر و الغنى على الاقل و بشكل سطحي و مختصر الذي يسمح به هذا المقال. فقدان حدود الطبقات بين مكونات الشعب الكوردستاني شيء واضح و الجميع مفرغون منه، و لكن الظروف المعيشية العامة تختلف بشكل كبير بين بعضهم و البعض الاخر، اي هناك من يعيش تحت مستوى الفقر المدقع مهما كان نوع عمله نسبة الى متطلبات المعيشة و الحياة بشكل طبيعي، و في المقابل هناك من يعيش في الابهة و الترف و هو مريش و يسيٌر حياته في وضع لا يابه بما يجري على الساحة من اية ناحية كانت وهو يعيش في هذا الوضع مستمرا وعلى حساب غيره، اما الطبقة الوسطى في حال لا تحسد عليها من تضييق المساحة و الى حد يمكن ان نعتقد بانها تنقرض في وقت قريب، و هذه مصيبة اي شعب ان اتصف بهذه الخصائص . اتساع عدد المستهلكين في ظل الوضع الاقتصادي المعتمد على الواردات المحدودة الاتية من تصدير نوع واحد من الصادرات و في ظروف تكون فيها البنى التحتية منحطة، و فقدان السياسة الاقتصادية الحكيمة اللازمة لانعاش الحالة المزرية لما يعيش وفق مقاييس الاقتصاد العالمي ، يجعل اي مراقب ان يتشائم من الاصلاحات الممكنة المطلوبة في اقليم كوردستان. قلة اعداد الخبراء المحليين المطلوبين و عدم الاهتمام بشكل جدي بما يجري و السير على ما يمليه الوقت دون اعادة النظر لما هو عليه المجتمع، و افرازات السياسة المتبعة و الاستناد على ترسبات القبلية و العشائرية و ما تفرضه اشباه الاقطاع و المصالح التي تفرض نفسها، ستكون الخطط و ان كانت موجودة اصلا محدودة النفاذ او الفعالية و لم تصل حد الاعتماد عليها في بناء استراتيجية اقتصادية علمية مطلوبة لانعاش عملية التنمية المطلوبة في هذا الاقليم. في جانب اخر، ان العقليات التي تدير القطاعات الاقتصادية و المرتكزة على التجارة فقط، تعمل بكل جهدها و ما تمتلك من اجل ضمان ما يخص السياسة دون اي المام بما يهم جوهر الاقتصاد ذاتها و ما تربطها بالسياسة، و تسير افعالهم على ما يضمن مصالحهم بكل الوسائل المتوفرة لديهم، و هذا ما يدع الحرية المطلوبة لصراع الطبقات ان تكون رهن هيمنة الايديولوجيا و الشعارات الاهداف الحزبية كما هو حال اقليم كوردستان العراق في هذه المرحلة بالذات. و هذا لا يعني ان المحتلين لاجزاء كوردستان لم يفعلوا ما سهل تدمير اقتصادها و افناء ثرواتها طوال العقود الماضية ، وكان كل ذلك من اجل استمرار سيطرتهم و دوام هيمنتهم مهما كلف الامر، بل الانظمة السياسية لهذه الدول هي بحد ذاتها وضعت العراقيل امام انتعاش الاقتصاد في بلدانهم بشتى الوسائل ايضا. اذن، لو القينا نظرة فاحصة على مكونات الشعب الكوردستاني لم يجرا احد ان يعلن عن وجود طبقة بعينها وفق المقاييس العامة لها ، لذا، هذا الامر الذي يعتبر من اكبر العوائق امام التنمية و الانتعاش الاقتصادي، يحتاج لبحوث و دراسات عديدة من اجل تحليل الاسباب و تشخيص المعوقات بشكل تفصيلي و المحاولة في ايجاد نظرية موائمة و ملائمة لظروف هذه المنطقةبالذات دون غيرها ، و من اجل تخصيب الارضية اللازمة للخطوة الاولى المطلوبة في اعادة النظر لما موجود من الاقتصاد و السياسة الاقتصادية على الارض و اتباع سياسة علمية تقدمية للحد من الفوضى في الوضع الاجتماعي الاقتصادي السياسي العام.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القصف الايراني مستمر و اقليم كوردستان يحتفي بذكرى موت الخمين
...
-
المرتكزات الاساسية العامة لتشخيص هوية اي بلد
-
ليس من اجل سواد عيون ابناء غزة
-
مابين كوردستان و الصحراء الغربية و جنوب السودان
-
ملالي طهران و استشهاد بَسوز و اسطول الحرية
-
نعم لحرية التفكير و الاقرار و عدم النزوح وراء الخطابات التوج
...
-
ماتفرضه الاحساس بالمسؤولية على السياسة
-
هناك شيء اعمق و اهم من اللغة باعتبارها كلمات و جمل
-
الم نحتاج الى الحوارات بعيدا عن السياسة في هذه المرحلة ؟
-
متى نقطع دابر الانحناء امام الكاريزما
-
من يقف ضد تأليه القيادات الجديدة في العراق؟
-
لم نلمس الردود الفعل الاقوى ازاء ما تعرضت اليه كوردستان ايرا
...
-
اين وصلت حركة الخضر الايرانية؟
-
هل من المعقول ان تبدا و تنتهي الاحتجاجات العفوية بامر خاص
-
هل حقا لا يريد الشعب الكوردستاني ممارسة حقه في تقرير المصير
-
اسرع انجاز سياسي في تاريخ العراق الحديث !!
-
مقومات بقاء فاعلية الايديولوجيا او استنفاذها
-
هل يتجه العراق الى الحداثة في التعامل مع الواقع الجديد ؟
-
هل بالامكان توفير فرص العمل لكافة العراقيين ؟
-
تسييس الفعاليات المدنية لمصلحة من ؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|