أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - هل حقا انتفت الطبقات















المزيد.....

هل حقا انتفت الطبقات


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 20:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



دأب الكثير من كتاب الصفحات اليسارية القول بضرورة تجاوز ما كتبه ماركس في القرن التاسع عشر ، بدليل أن ذلك لم يعد صالحا في أيامنا هذه، فالأوضاع تغيرت ونمط الإنتاج الرأسمالي تحول من مرحلة إلى أخرى وسار شيئا هو مالم يتوقعه ماركس إطلاقا، ألم يقل ماركس بأن الطبقة العاملة ستستحوذ على وسائل الإنتاج، وستحل نظاما جديدا هو نظام الأنتاج الإشتراكي؟ ها نحن الآن في القرن الواحد والعشرين، وكل تكهنات ماركس أثبت عمليا أنها لم يتحقق منها شيء، فما كان يسمى بالثورة الفلشفية وما غنت له الأحزاب الشيوعية قد أثبت بالملموس فشله، بل إن الثورة التي بشر بها ماركس، قال بأنها ستنطلق من صلب التظام الراسمالي، وما حصل حتى الآن في كل التجارب الإشتراكية الفاشلة، أنها انطلقت من البلدان التي لم يبلغ بعد فيها نمط الإنتاج الرأسمالي نضجه، بل كانت تنتمي إلى ما قبل الإنتاج الرأسمالي، بحسب هذه الرؤى، الثابت حتى الآن أن نمط الإنتاج الرأسمالي أثبت جدارته في امتصاص الأزمات والتكيف مع العصر والسير قدما نحو عالم جديد، عالم الليبرالية والقيم الديموقراطية، بل إن حل الإتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين، وعودة الصين إلى الملكية الخاصة وإنتاج السوق، قد أعطى شحنة قوية لهذا اليسار المغامر أن يهرول ويعلن مع كتاب الفلسفة الرأسمالية نهاية التاريخ، بل إن الكثير من الأحزاب الشيوعية قلبت معطفها الإيديولوجي وأعلنت هيكلة أحزابها وفق القيم الجديدة قيم السوق والديموقراطية الرأسمالية، غيرت قناعاتها الإيديولوجيةكما يغير المرء حذاءه، بل إن الكثير من الأقلام التي سالت والعديد من الحناجر التي صاحت هنا وهناك في العديد من الندوات الفكرية أعلنت عزاءها للماركسية، آخرون شككوا في علميتها من منطلق غناء تجاربها إذ كيف يمكن أن تكون علمية وهي متعددة(1) بل إن البعض بلغت بهم السذاجة حد تشبيه الفكر بالنظارة يتلون فيها النظر بحسب النموذج (الموضيل) الذي نضعه إلى غير ذلك من الإجتهادات التي جابت بها قرائح النجباء الجدد، والتي يعزى فيها الفكر إلى بضاعة قابلة للصرف على حد تعبير أحد الرفاق: «المباديء الغير قابلة للصرف ليست مباديء» ـ .
عشية أزمة الإقتصاد المالي العالمي التي مازالت أثارها تتجرجر حتى الآن، وفي الدول الرأسمالية بالضبط عرفت الكتب الماركسية رواجا لم يسبق له مثيل وتصدر كتاب رأس المال الكتب التي بيعت بكثرة حتى نفذت في بعض الدول، بل إن الكثير من دور النشر أعادت طبعه بأشكال مختلفة منها الكتاب الإلكتروني، كتاب الجيب وما إلى ذلك، فما هو سحر هذا الكتاب وما سر هذا الإقبال المنقطع النظير؟، وكيف يقبل الناس على ماكان قد تجووز؟ وهل فعلا تجاوز الإقتصاد الرأسمالي ما كان ماركس قد عراه؟ ولماذا بالضبط ماركس ابن القرن 19 وليس كتب إقتصاديي هذا الوقت الراهن، اقتصاديي الألفية الثالثة ممن حصلوا على جوائز أكاديمية وعالمية كجائزة نوبل في الإقتصاد؟ هي أسئلة كثيرة وغير شافية تطرح مصداقية هذا الرجل الذي زلزل وما زال يزلزل كيان النظام الرأسمالي، هذا الرجل الذي قال ببساطة على أن ماينتجه الرأسمالي وما به يراكم رأسماله ليس له، حتى وإن كانت الآلة هي من ينتجه.قول يشرعن الحركة والنضال لانتزاع ما به يكون الرأسمالي رأسماليا، قول يهدده في وجوده وانتمائه الطبقي، وهو قول أيضا يصعب استعابه من طرف من ألِف إقامة قداس لسيده، إذ كيف يكون ماليس له هو من حقه؟
إن الجماهير التي ألِفت الرفاه في الدول الغربية هي نفسها الجماهير المدفوعة بحدس الغريزة إلى قراءة ماركس من جديد، ثمة شيء ما في كتبه مازال مترفعا عن الإدراك، بل إن الحياة بدأت تدب في شوارع أوربا من جديد، بدأ الناس يتفهمون من جديد ماذا يعني أن تتدفق فقاعة في تداول البرصات ويعيشون هم وهم أرقامها، بدأ الناس يتفهمون أن ما كان يسرق من قوة عملهم تأسيسا على خرافة قوانيني الليبرالية، بات الآن يسرق بالعين المجردة وأن الدورة الإقتصادية للنظام الرأسمالي منذ زمن الإحتكارات مرورا بالحروب الإمريالية حتى الآن لم تكن سوى دورات آزمية، لاتشفي الحروب غليلها، بدت الحكومات الغربية متطيرة تضرب خبط عشواء، تشرعن برامج انقاذ ثم تعود لتتخلى عنها وتبدأ في تقشف آخر، بحذر تجس نبض الجماهير لعلها تطلق عنان جرأتها، وبحذر أيضا يختمر وعي الجماهير، ينفجر هنا أوهناك ليعود إلى هدوئه القاتل ينتظر أن تخمد الفقاعات الإنفعالية ليتضح الطريق، ليست خرافة الحجاب هي من ينقذ ساركوزي في فرنسا ولا ضجيج المآذن في سويسرا، إنها شطحات تتوق أن تعيد شيئا من ماء الوجه لسادة الليبرالية الجديدة،«بات الويل تكملة» كما قال الأستاذ سعيدي المولودي، وضع النقابات الكلاسيكية ومثله وضع الأحزاب اليسارية الديموقراطية (منها الشيوعية أيضا) وضع محرج جدا، لم يعد لها ما تمتصه، فالفقاعة المالية أخذت كل ما به كانت تصنع وهم الرفاه، لم يعد الرفاه رفاها بل صار كارثة حقيقية، فقد الناس عملهم وتاليا فقدوا ديارهم وعرباتهم وكل ما كان حلما يصبغ الوهم، فقد الملاكون الصغار كل ممتلكاتهم المرهونة بالسلفات وتحولوا إلى بروليتاريا رثة، يعملون ليل نهار لإنقاذ مايمكن انقاذه وهاهي السلع الإستهلاكية تملأ الجنبات ولا من يشتريها ولو بالمجان، واكثر من ذلك بدأ الناس ينتظمون في حملات صغيرة وبعناوين صغيرة أيضا:«أسبوع بدون أموال، يجب أن نمتنع من انقاذ هذه الحثالة، يجب أن لا نشتري السلع»، «حملة أوربية شعبية لاحتلال المنازل المرهونة»،«حملة لمقاطعة منتوجات الشركات التي لاتحترم أجور العمال في دول العالم الثالث» هي عناوين تبدو صغيرة، لكنها تحمل وعيا كبيرا، وعيا يتمدد بتمدد هذا النظام المفترس.،وعيا يتشعب ويتكونن. انكشفت الأدوار في مسرح الديموقراطية المتجددة، اليمين يمين بتيسره واليسار يسار بتيمنه، إنها لعبة قذرة ألهمت كل الشعوب التواقة إلى الحرية والباقي من الأحزاب كانت ترقص في الحظيرة وتنشد أغنية السلم الإجتماعي .
بحدس المناضل الكبير، وبعد بحث مضني لم ينهيه بعد، بحث طال سنوات عديدة، انتبه ماركس لحظة ذات يوم ليلفظ أنفاسه الأخيرة، لكنه قبل أن يلفظها لم يفته أن يضحك ضحكته الأخيرة الساخرة ليقول كلمته الأخيرة أيضا: ستأتيكم القيامة من هنا .
مات ماركس ساخرا، لكنه كان أيضا وديعا مع الفقراء مثله، مع العمال ومع الكادحين والمضطهدين، لم يترك مالا لطبقته، بل ترك إرثا غنيا وقيما أكثر بكثير من قيم فقاعات أرقام التداول، وهانحن الآن، في الألفية الثالثة نعود إلى إرثه، لنكتشف من جديد كم كنا ساذجين أن نتماهى مع الرفاه، ونكتشف أيضا أن ماركس وحده هو من أجبر البورجوازية الرأسمالية أن تستكين، بفائض قيمها النفعية من قوة العمل ، لتصنع هذا الوهم في بيتها كيما تستكين شعوبها إلى قدر لعبتها الساحرة، لكن كيف للرأسمالية أن تضبط أخطبوطها المنفلت؟
في درس له حول أصول الفكر الإشتراكي، أورد الأستاذ الكبير جورج بوليتزر هذا الكلام الذي كان يقصد أن يضرب به مثالا في فهم قانون التضاد عند الماركسيين، لكن هذا المثال انفلت من عقال الدرس الفلسفي ليصبح نموذجا لبناء الوعي البروليتاري، وكان الفيلسوف الماركسي الإيطالي غرامشي نموذج هذا المثل بامتياز حين ألح على دور المثقف الوضعي بأن يكون ضمير البروليتاريا، قال بوليتزر: «أدرس الفلسفة الماركسية، أي المادية الجدلية، ولا يمكن هذا إلا إذاكنت مدركا لجهلي، وأريد أن أتغلب على هذا الجهل، وأكسب المعرفة» لذلك نطرح السؤال ملحا، كيف لعامل أن يثور وهو يجهل وضعه، وإذا كان يجهل وضعه كيف ستأتى له الإرادة في أن ينهض من جهله ويكتسب المعرفة؟ إنه ببساطة دور المثقف المناضل، لا المثقف الذي انتشى دفء الخيانة ليعطل سيرورة التاريخ، وينتج لنا فكرا هو قاعدة أمنية أكثر منها فكرا، أنتجوا لنا خرافة اسمها النظام العالمي الجديد،خرافة القطب الواحد او نظام الأنظمة بتعبير آخرين ممن استهوتهم النظريات الجديدة أو مايسميه البعض بنظرية النظريات، إنه علم الأهوال أو التهويل، يوثر في العقل عجزا عن الإبداع وينتهي التاريخ متربعا على عرش هجلية جديدة، إنه دور المثقف الذي يحلم بالتغيير، يستنطق الحاضر فيرى المستقبل ممكنا، يفاجؤه الآتي بتناقضاته، بجديد لم يستصغه فلا ينكسر، بخطى ثابتة يستنطق الأحداث وبخطى ثابتة يشق درب النضال سيرا إلى مايعجزه الآخرون، بخطى ثابتة يلتف حول الواقع، يتملكه كما قال الشهيد مهدي عامل، ينتجه لتحمله الجماهير الكادحة والتواقة إلى التحرر. ليس مثقفا من يزرع اليأس، وليس مثقفا أيضا من تخنقه الأزمات من مثل هؤلائي الذين فاحت قرائحهم بفقاعة القول تحمله بالونات مالية تستنجد توقا إلى مايحملها إلى بر الأمان، مثقفون يصرخون : ماتت الطبقات ولم يعد للصراع ما به التاريخ يتحرك.
فهل حقا ماتت الطبقات؟
يتبع
ـ
1) أغلب هؤلاء بأثر إيديولوجي ينزعون إلى أن يكون العلم في العلوم الإجتماعية صافيا كما هو في العلوم الطبيعية ولا يقرون أن العلم في الإجتماع الإنساني كان ما كان، يشكل أرضية خصبة للصراع الإيديولوجي



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإجماع الوطني، أو ميتافيزقا الجلاد المغربي (دفاعا عن الجمعي ...
- يوميات مغارة الموت: إضراب 1990
- يوميات مغارة الموت: تداعيات الأزمة
- يوميات مغارة الموت: تجربة الحلم
- سفر الخروج.. إلى أين ؟-2-
- سفر الخروج .. الخروج إلى أين؟
- حكايا من المهجر -لاموخنيرا-
- أوهام ماوراء المتوسط: -الحريك-
- أمة التستر
- أوهام ما بعد المتوسط 2
- أوهام ما وراء المتوسط
- سبحة الضفادع
- الحكومة المغربية وقضايا الهجرة
- تداعيات الرحيل
- مذكرات عبور: بوابة ابني نصر
- مذكرات عبور
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين 2
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي 2
- رسالة غرام، وجحيم المدرسة القروية


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - هل حقا انتفت الطبقات