يفحص هذا المقال خيار وجود دولة ثنائية القومية عربية يهودية في اسرائيل في حدود الخط الاخضر، بحيث تكون، بموجب هذه الامكانية، دولة ووطن المجموعتين القوميتين - المواطنين العرب واليهود في اسرائيل - حسب تسوية دستورية تضمن مكانة متكافئة لكل منهما وتكفل المساواة لجميع المواطنين. وتفصّل التسوية الدستورية، فضلاً عن الحقوق الفردية والمساواة، سبل ضمان الحقوق الجماعية لكل مجموعة قومية. تنعكس هذه الحقوق الجماعية، بالأساس، في مؤسسات السلطة والهيئات التي تقر السياسة وتتحدد تركيبتها ضمن عقد اجتماعي ينصّ عليه القانون وتقوم على مبادئ دول دمقراطية تفضيلية وخاصةً في كل ما يتعلق بالتمثيل النسبي والصلاحية المشتركة لاعطاء حق النقض الفيتو وتقسيم الموارد (الملموسة وغير الملموسة) بصورة نزيهة. وتتمتع كل مجموعة بحكم ذاتي ثقافي وتقيم مؤسسات ثقافية وتربوية خاصة بها بحيث تتماشى وثنائية القومية والكرامة المتبادلة والمساواة. وتكون اسرائيل، بهذا الشكل، على غرار ديمقراطيات لمجتمعات تعددية، دولة لجميع مواطنيها الذين يتشاركون في حس المواطنة الفعلي من جهة، ومن جهة ثانية، دولة للمجموعتين القوميتين اللتين تعيشان في حدودها، لكن لكل منهما هوية قومية منفصلة.
الفرق بين هذا الخيار وخيارات اخرى
يختلف هذا الخيار بصورة كلية عن الوضع الراهن بمختلف اشكاله وصوره مثل السيطرة الصارمة او الاكثر تساهلاً، والـ "دمقراطية اثنية" (Smooha 1990)، والحكم الذاتي او ما يدعي "حدود النموذج الصهيوني" (سابان، خيار حدود النموذج الصهيوني ضمن كتاب "سبع طرق"، اصدار جبعات حبيبة 122-79)، يختلف بطريقتين رئيسيتين: فهذا الخيار مشروط بتحويل اسرائيل من دولة الشعب اليهودي الى دولة مواطنيها وكلتا مجموعتيها القوميتين، فهو يُحدّد بواسطة تشريع دستوري المكانة المتكافئة للمجموعتين القوميتين في اسرائيل. وعليه فهناك ضرورة لاجراء فحص شامل لجميع مفاهيم عدم المساواة في القانون والتغيير في الوعي السياسي ومعتقدات كل من المجموعتين، والنهوض بفكرة ثقافة سياسية داخل كل مجموعة تتلائم مع التسوية ثنائية القومية الدستورية.
ويختلف هذا الخيار عن اثنين آخرين هما دولة ثنائية القومية اسرائيلية فلسطينية و "اسرائيل كدولة مواطنيها". حيث يختلف الاول بحدوده الجغرافية السياسية وبالسكان الذين يضمهم. فهو محدود لاسرائيل ذاتها بينما يعتبر الخيار الاسرائيلي الفلسطيني منطقة فلسطين الانتدابية برمّتها حدود الدولة ثنائية القومية المستقبلية. اي ان الحدود السياسية تقتصر على المواطنين الاسرائيليين والاراضي الموجودة تحت سيادة اسرائيلية (كما هي معروفة من ناحية دولية). وبالفعل، يقوم هذا الخيار على الافتراض القاضي بان حل الدولتين يضع حداً للصراع الاسرائيلي الفلسطيني بطريقة يقبلها كلا الطرفين. اي ان هذا الخيار لن يقوم الا اذا اقيمت دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية يعتبرها الفلسطينيون حلا وسطاً تاريخياً نزيهاً(1). وفي حالة اقامة دولة فلسطينية ذات وجود مستقل فان هذا الخيار يفترض بان علاقة المجموعة العربية القومية في اسرائيل بدولة فلسطينية كهذه ستكون مُرضية لحسالانتماء القومي لدى المواطنين الفلسطينيين، شرط ان لا تُعرِّض للخطر التسوية ثنائية القومية الدستورية، من جهة اخرى. ويختلف هذا الخيار عن "دولة المواطنين" في انه يحول الحقوق الجماعية لمجموعة الى مقوم حيوي من التسوية مع انعكاسات على هوية الدولة وعلى هوية الفرد على السواء. وفي حين تتشكل الدولة حسب الخيار المواطني من أمة اسرائيلية (او اي اسم آخر يعبر عن التركبية الديمغرافية لكلتا المجموعتين) ولا تحتل الهوية القومية لكل مجموعة الاّ مركزاً هامشياً، نرى في الخيار المطروح في هذا المقال ان الدولة تتشكل من مجموعتين قوميتين معترف بهما، لهما هوية مشتركة فيما يتعلق بالمواطنة. اما بالنسبة للفرد، فبينما ترتكز دولة المواطنين على هوية المواطنة باعتبارها اهم عوامل الهوية الجماعية للفرد وتنقل الهوية الاثنية الى المجال الثقافي (Rouhana, 1997) فان خيار الدولة ثنائية القومية يحافظ على الهوية القومية باعتبارها العامل المركزي في الهوية الجماعية للفرد. وهكذا فان الهوية المدنية في الدولة/ الأمة تشكل المحك او الإختبار الوحيد والاكثر اهمية في مسألة الانتماء للدولة وتقسيم الموارد المشتركة، وتتحدد مساواة الفرد بموجب مقياس لا يعترف بالقومية حيث يشغل الوظائف في مؤسسات الدولة مواطنون بناء على كفاءاتهم. تُعير الدولة نائية القومية الهوية القومية اهمية كبرى وتكون جميع المؤسسات في الدولة ثنائية القومية بموجب تسوية دستورية تضمن تقسيم الموارد العامة بين كلتا المجموعتين القوميتين بصورة متكافئة.
افتراضات نظرية
إن الافتراضات النظرية التي يرتكز عليها هذا التحليل تتمحور جميعاً حول موضوع المساواة في الموارد المحسوسة وغير المحسوسة بين مجموعات اثنية في دول متعددة الاثنيات - وبين العرب واليهود في الحالة التي نتناولها. ويجدر التنوية، قبل الخوض في شرح الافتراضات، الى أن الشعور بالتفرقة الشخصية والجماعية يشكل احد المميزات التي تميز وجود المواطنين العرب في اسرائيل وتفسر الحقيقة القاضية بان مطلب المساواة مثّل احد مقومات الاجماع القومي لديهم منذ مطلع السبعينات. ويعتبر ابعادهم الفعلي عن الموارد ومراكز النفوذ واستبعادهم النفسي عن هوية الدولة جزءً من التجربة الجماعية وهما يشكلان واقعاً يصعب التغاضي عنهُ. وينعكس هذا الواقع الذي ينسحب على كل المرافق في مستويات جمّة بما في ذلك الفجوة في الانجازات الاقتصادية والتربوية بين العرب واليهود، والعدد المحدود للعرب الذين يخدمون في وظائف حكومية رفيعة المستوى وسواها، والتمييز في رصد الموارد للسلطات المحلية، والدعم الذي تقدمه الحكومة للمرافق والبنى التحتية، ودعم اليهود دون العرب (وعلى حساب العرب في كثير من الاحيان)، بواسطة نقل الاراضي وبناء بلدات/قرى ومدن جديدة. ونجد لهذه التفرقة، في كثير من الحالات، سنداً قضائياً ومؤسساتياً يحظى بالتأييد في صفوف الكثير من الجمهور اليهودي. زد على ذلك ان العرب مستبعدون عادةً عن عملية صناعة القرار في الشؤون الاجتماعية والسياسية الهامة (حتى تلك التي تخصهم) وعن تعريف الدولة وهويتها وعن الحق في إقرار الصالح العام.
اورد فيما يلي عدداً من الافتراضات التي يعتمد عليها هذا الخيار:
1. عدم المساواة الجماعي، حتى ولو كانت المجموعة المهيمنة تقبلُهُ وتبررُهُ، هو وضع لا يمكن للمجموعة الخاضعة للسيطرة ان تسلم به. وقبول وضع عدم المساواة من قبل المجموعة يمس ليس فقط بالسعي الانساني الاساسي الى العدالة والمعاملة المتكافئة والوصول الشريف للموارد غير المحسوسة (مثل الهوية والقدرة والانتماء) والمحسوسة (مثل الامتيازات الاجتماعية او اشغال وظائف رفيعة المستوى) وانما كذلك يهدِّد الشعور بالقيمة الذاتية والكرامة الانسانية. ليس مجرد الرفض العيني لمطلب المساواة انما حتى الشعور بخرق المساواة قد يُسفر عن صراع بين مجموعات اثنية (Lijphart 1977, 1991).
إن تحقيق المساواة بين مجموعات اثنية مختلفة في دولة متعددة الاثنيات هو حاجة حيوية للمجموعة الاثنية المُجحف بحقها يجب سدّها لتشعر المجموعة بالانتماء للدولة اذا اردنا تحاشي الصراع الاثني. ولا يشكل تحقيق المساواة الكاملة حقاً جماعياً اساسياً فحسب بالنسبة للمجموعات الاثنية (Johnson 1991; Green 1989) (Hartney, 1994) وانما حقاً انسانياً أساسياً لا تستطيع المجموعات الاثنية التخلي عنه. ويعتبر عدم المساواة الاثني الحقيقي الجلي الراسي في القانون (بمستويات مختلفة منوط بالدولة الاثنية مدار الحديث) المصدر الرئيسي للصراع الاثني في دول متعددة الاثنيات21)، والذي قد يتطور ليصبح صراعاً اجتماعياً متواصلاً (Azar,1990). أنني اسند هذا الافتراض على الأسس النظرية لنظرية الاحتياجات الانسانية (Burton, 1990) التي تعتبر المساواة والعدالة والهوية احتياجات اساسية تتطلع المجموعات الاثنية القومية الى تحقيقها31). إن المساواة في توزيع الموارد المحسوسة وغير المحسوسة ضروري من أجل التطور الاجتماعي والاقتصادي لمختلف الجماعات على أساس متكافئ، وكذلك من اجل تطوير حس من الثقة والانتماء للجهاز القيم على التقسيم. فضلاً عن ذلك فان هذه الاحتياجات ليست خاضعة للتفاوض حولها ولا يمكن الغاؤها او قمعها. وكما ورد في نظرية الاحتياجات الانسانية (Mitchell 1990; Azar 1990; Burton 1987) فانه اذا لم يتم سد هذه الإحتياجات الأنسانية الاساسية يبقى السؤال: في اي الظروف السياسية ستحدث الازمة وليس ما اذا كانت مثل هذه الازمة ستطرأ ام لا. وليس هناك منطق نظري او تبرير اخلاقي او رؤية سياسية شاملة تتوقع أن تقبل الأقلية القومية مكانة غير متساوية في وطنها. إن مفهوم المساواة لدى الاكثرية او المجموعة المهيمنة التي تعتبر المساواة تعاقُباً يمكِّن الوضعية الدستورية للمجموعة الخاضعة للسيطرة أن يتحسن لكن دون بلوغ كامل التحقيق كما تريده نماذج مختلفة من "الديمقراطيات الاثنية". هذا المفهوم هو عبارة عن اختلاق من شأنه ان يتحول الى وصفة مضمونة للصراع الاجتماعي المتواصل. وفيما يمكن المحافظة على عدم المساواة لاقلية بواسطة القوة و/او السيطرة فان الاحتياجات الانسانية الاساسية تتعارض مع الامكانية القاضية بقبول الناس بمكانة الدونيّة بمحض ارادتهم كجزء من وضع ديمومي في وجودهم كافراد او كمجموع. إن عدم المساواة يتحول الى موضوع مركزي في الوعي السياسي وفي تجند المجموعة المسيطر عليها مما يخرق مقومات حيوية في الديمقراطية من حيث الشكل والمضمون على حد سواء. (Rouhana 1998)
تحسين مكانة مجموعة خاضعة للسيطرة وزيادة حصتها من الموارد داخل مجالات مبنى الديمقراطية الاثنية - بالتعريف فقط وليس الى حد المساواة الدستورية والعملية الكاملة - يمكنُهماُ، على المدى القصير، إرجاء إندلاع صراع اجتماعي. غير أن مثل هذه التحسينات (كما يقترح سموحا وسابان في مقالين نشرا في كتاب "سبع طرق"، اصدار جبعات حبيبة،1999) لا يمكنها إستئصال مصدر الصراع، بل على العكس، فمن المحتمل ان تزيد الظروف الاجتماعية الاقتصادية المحسنة الوعي السياسي ازاء عدم المساواة وان تُعمِّق الشعور بالتفرقة مما يعزز مصادر الصراع. فبدون مفهوم الفحص والمعالجة على اساس المساواة الكاملة لن تمنح المجموعة شرعية كاملة للجهاز وهكذا سترسخ الأسس لصراع متواصل قد يظهر او يغيب حسب الظروف، لكنه لا يختفي. ويمكن للصراع بين المجموعة المُجحف بحقها وبين الجهاز الذي تحكمُهُ الاغلبية أن يتفاقم من صراع يتمحور حول تقسيم الموارد بصورة غير متكافئة إلى صراع يطعن في مشروعية الجهاز ذاته. ولا ألمح من خلال هذا التحليل الى ان الدولة عاجزة عن محاولة قمع اي طموح لدى مجموعة اثنية للتغيير بواسطة القوة والمراقبة الاجتماعية والسياسية والاستبداد من قبل الاكثرية الاثنية او عبر وسائل أخرى. بل العكس هو الصحيح: ان دولة مثل اسرائيل ستلجأ الى مختلف الوسائل(4) من أجل الحفاظ على وضع عدم المساواة الراهن.
ومع ذلك فان النظرية ترى بأن مثل هذا القمع لا يمكنه أن يصمد على المدى البعيد؛ وبالرغم من ان التنكر للاحتياجات الجماعية سيفضي بصورة شبه مؤكدة إلى صراع اجتماعي فإنَه من باب الجبرية الحتمية الحسم بأن إسقاط احتياجات إنسانية لمجموعة إثنية سيُفضي، لا محالة، الى وقوع مواجهة ضارية ترمي الى تحقيق احتياجاتها. وهكذا فان الحالة التي نتناولها هنا أكثر تعقيداً لا سيما لأن الدولة رغم حرمان مواطنيها العرب من المساواة في الموارد وفي المشاركة السياسية وفي بلوغ مراكز النفوذ فانها تمدّ الجماعة بخدمات ومرافق اساسية. إن تطور مثل هذه الشبكة من العلاقات الى حَدّ الصراع الاجتماعي المستديم منوط بمنظومة
متكاملة من التغيرات الواجب فحصُها. وبعد فحص الكثير من هذه التغيرات (Rouhana and Ghanem, 1998)، أن العلاقة بين اسرائيل ومواطنيها العرب تتحرك صوب أزمة اذا واصلت الدولة الحفاظ على بنية الامتيازية الاثنية الراهنة.
2. يقضي الافتراض الثاني بأن المساواة بالنسبة لكل شخص غير يهودي امر غير قابل للتحقيق في اسرائيل سواء فيما يتعلق بالموارد المحسوسة او غير المحسوسة مثل الهوية والانتماء. ان دولة اسرائيل تجسّد داخلها نظرياً، وعقائدياً وعملياً، امتيازية إثنية وذلك لكونها دولة الشعب اليهودي ليس الا، دون ان تكون دولة مواطنيها العرب، مع تحفظ مركزي واحد وهو ان اسرائيل تخدم تشكيلة واسعة النطاق من الاحتياجات المدنية بالنسبة لمواطنيها من غير اليهود وتتيح المساواة أمام معظم القوانين لكن ليس امامها جميعاً. وقد حظي مثل هذا الوضع بتسميات مثل:
ديمقراطية إثنية (Smooha 1998)، دولة اثنية امتيازية دستورية (Rouhana, 1997)، اثنوقراطية (Rouhana, 1997) (Yiftachel 1997) أو دولة غير ديمقراطية (Ghanem 1998).
اذاً لا بد من التصادُم بين النهج السياسي لمبنى اثني وبين التطلعات التي تراود الاقلية لتحقيق المساواة والاندماج. المبنى الاثني يحول المساواة بالنسبة للاكثرية، تدريجياً، الى شيء غير قابل للتحقيق. والمساواة، بموجب استخدام المصطلح في هذا المقال، تعني مساواة كاملة في الفرص ومساواة مطلقة امام القانون وتقسيم الموارد المحسوسة وغير المحسوسة بصورة نزيهة. وعندما اقول المساواة امام القانون فانني اعني المفهوم اللفظي الحرفي للاصطلاح: لا يدور الحديث عن وضع تستطيع فيه الاقلية تحصيل ما يزيد او يقل عن المساواة وفي الوقت ذاته ليس من المفروض ان يشير الى تقسيم متكافئ وانما يرمي للاشارة الى لعبة نزيهة(5) تقوم في الاساس على منح المساواة في الفرص. ان المؤشر الخارجي الصرف للمساواة في الفرص يتجلّى في انعدام اي قيود اعتباطية تفرض على الفرد وينجُم عن التبعية لمجموعة بموجب لون البشرة (الولايات المتحدة قبل الحرب الأهلية، وجنوب افريقيا في ظل التفرقة العنصرية-الأبارتهايد) أو
بما ان الدولة الاثنية تحرم مجموعة سكانية من المساواة فلن تكون الاّ مسألة وقت وموارد سياسية للمجموعة المضطهدة وفرصة سياسية مواتية حتى تضطر الدولة الى مواجهة تأثيرات التفرقة والمطالبة باقامة مؤسسات نفوذية مشتركة تشمل المجموعات المضطهدة (Gurr 1993) .
وبالاضافة الى التنظيم على أساس سياسي، من الممكن تعزيز موارد سياسية بواسطة قيادة ونخب سياسية يمكنها التعبير عن تذمر الاقلية ووضع برامج سياسية لمواجهته، وكذلك عن طريق تجنيد الجمهور والاستعداد لمواجهة مبنى الدولة الاثني المجحف. ويبدو انه في حالة العرب في اسرائيل فقد بدأت تتبلور قيادة قادرة على تشخيص الاجحاف الذي يعتبره الكثيرون بالغ الخطورة، ويبدو أنها مسألة وقت ليس الاّ حتّى يتّضح ان مسائل وجودية بصدد معنى المواطنة المتكافئة والانخراط كشركاء متساوين في الدولة- بشتّى الأبعاد السياسية والقانونية- غدت وضوعات مركزية في المطالب السياسية للاقلية العربية. تلخص احدى معضلات الدولة الإثنية في كيفيّة الحفاظ على المبنى الإثني لامتيازي في نطاق مجتمع ثنائي أو متعدد القوميات يمكن فيه لمطالب المجموعة لاثنية المضطهدة في المساواة أن تتجسد بأشكال متعددة تمثل خطراً على هيمنة مجموعة الأكثرية. وإذا واجهت هذه الدولة مثل هذا المأزق فقد تلجأ إلى مجمل سبل ممكنة منوطة بعدة عناصر، منها النّظام السياسي وطريقة طرح المطالب. وهناك احتمال في دول غير ديمقراطية باللجوء الى القوة، في مسعى لقمع طموح الاندماج ومن أجل ضمان استمرارية المبنى الإثني، وترنو هذه الدولة أحياناً الى التطهير العرقي كما حصل في الجمهورية الصّربية. وبالاضافة للاندماج على اساس متكافئ فقد طالب مجموعات اثنية بحكم ذاتي، او بالانفصال عن الدولة، كما حدث للاكراد في لعراق، او التاميل في سريلنكا. ان المأزق الذي يؤرق دولة غير ديمقراطية يقتصر على السؤال: ما هي الوسائل المطلوبة للابقاء على قوة المجموعة الاثنية لمهيمنة؟ ان حالة دول اثنية تتطلع الى الديمقراطية تختلف، فبالاضافة الى البعد السياسي للمشكلة هنالك بعد اخلاقي، وثمة مسألة التصور الذاتي. ان الدولة الديمقراطية تتطلع، بخلاف الدول المستبدة، الى الحفاظ على التصور الذاتي الديمقراطي، وفي الوقت نفسه، الى الابقاء على الحظوة بالموارد والنفوذ والهوية.
4. يتعاظم في صفوف العرب في اسرائيل الوعي القاضي بان المساواة متعذرة المنال، مما يؤول بهم الى الشعور المأزوم، حتى في سياق العلاقة مع الدولة. ويتصاعد الاحساس بأن التسوية الراهنة مع إسرائيل تكرس الوضع التمييزي وان لا سبيل جلياً للتغلب على هذه التفرقة القسرية في إطار المبنى السياسي الحالي للدولة. ان التنافر بين المبنى الاثني اليهودي للدولة وبين المساواة المتوخاة ينبري أساساً رائجاً في الوعي السياسي الجماعي غير المقتصر على شريحة المثقفين فحسب. وفي الوقت ذاته يتولد شعور عميق إزاء كون الجمهور اليهودي عاقداً العزم على مشايعته للدولة اليهودية حتى إذا أتى ذلك على حساب المساواة مما يخلّف شعوراً بالازمة التي تندلع لعدة دواعٍ (Rouhana 1998):
أ. لقد طُمس التناقض بين دولة يهودية ودولة ديمقراطية تضمن المساواة تحت تناقض آخر. فقد تبلورت السياسة التي انتهجتها اسرائيل تجاه مواطنيها العرب بموجب ثلاثة مبادئ رئيسية زاخرة بتنافرات داخلية: تأسست اسرائيل باعتبارها دولة اليهود، وتأسست بمثابة دولة ديمقراطية، وهي دولة ذات احتياجات امنية خاصة (Rouhana 1987, 1989). وقد احتجب التناقض الرئيسي بين كون اسرائيل دولة يهودية وبين كونها دولة ديمقراطية خلف التوتر بين كون اسرائيل دولة ديمقراطية وبين احتياجاتها الامنية الخاصة (لا سيما وان المواطنين العرب هم جزء من الشعب الفلسطيني والامة العربية اللذين تحاربا مع اسرائيل). ولذا فان جزءً كبيراً من الممارسات والسياسة تجاه الاقلية العربية الناجمة عن بنية الدولة الاثنية نسبها صُناع القرار اصحاب الدراية الى الاحتياجات الامنية. غير أن الاحتياجات الامنية لأسرائيل تقلصت مؤخراً اذا اخذنا بعين الاعتبار تحركات السلام الاستراتيجية لاسرائيل والفلسطينيين ودول عربية هامة. زد على ذلك ان التهديد الأمني الذي شَكَّلَه المواطنون العرب، ظاهراً او فعلاً، لم يعد بامكانه أن يشكل تبريراً مُقدماً لاستمرار سياسة التفضيل الاثني. وهكذا، فمع تلاشي التوتُّر يطفو على السطح تدريجياً التناقض الحقيقي، بين الديمقراطية والسياسة الاثنية، وقد بحث الكثير من العرب عن سبل لمواجهة التناقض الذي يستمر على حسابهم بموجب وجهة نظرهم. بينما، ومن وجهة نظر المجموعة المسيطرة، فان السؤال الذي قد يطرح هو كيف يمكن ابقاء هذا التناقض مع اعتبار اسرائيل، في الوقت ذاته، دولة ديمقراطية، لا سيما وان السؤال الأهم من وجهة نظر المجموعة الخاضعة للسيطرة هو كيف يمكن تحقيق ديمقراطية حقيقية وشاملة حتى اذا اقتضى ذلك إعادة تنظيم مبنى الدولة.
ب. بالنسبة لفلسطينيين كثيرين في اسرائيل فإن المعنى الحقيقي للمواطنة الاسرائيلية التي تشمل الحقوق والواجبات المتكافئة لم يُذوّت على المستوى النفسي طالما تواصل الصراع ما بين اسرائيل والفلسطينيين، وبقيت عواقبه الاقليمية دون حلّ، وطالما إكتنف الغموض مستقبلهم. ان عملية الاعتراف بحقيقة انضواء مستقبلهم في حدود دولة اسرائيل كانت طويلة وقد بدأت منذ السبعينات ثم اكتسبت زخماً بعد الانتفاضة الفلسطينية ومشروع السلام الفلسطيني الذي نتج عنه(6) وانتهت تلك العملية بعد التوقيع على اتفاقية السلام بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في ايلول 1993. هذا على الرغم من التجاهل المطلق لمكانة العرب مواطني اسرائيل في هذه الاتفاقية. وقد حازت مكانتهم بصفتهم اقلية في اسرائيل على معانٍ مستيفضة من الثبات الازلي. وبالفعل، اذا طرأ اي تغيير في المستقبل الوشيك فانه سيتخذ شكل ضمّ اسرائيل اجزاء اضافية من الضفة الغربية وليس شكل تحويل العرب في اسرائيل الى جزء من كيان فلسطيني ممكن في الضفة والقطاع.
ج. إنَّ الواقع السياسي الجديد المتبلور ما بين اسرائيل والفلسطينيين يطرح موضوع المواطنة المتساوية في صلب جدول الاعمال بالنسبة للعرب وقيادتهم. وبالفعل فالمساواة واحد من عاملين او ثلاثة عوامل تركب الاجماع الوطني للعرب. لم يُبْدأ في بحث معنى المساواة بالنسبة للعرب وانعكاساته على علاقتهم مع الدولة ومبناها وهويتها سوى الآن من قبل نُخبهم السياسية والفكرية والثقافية. ولم يكن حتى الآن اي تعليل مسهب يوضح ما معنى المساواة في نظرهم وفي نظر الدولة او في سياق العلاقة بينهم وبين الدولة. إن عملية فحص المعاني العملية للمساواة والتغييرات الدستورية التي تتطلبها لم تبدأ إلاّ للتو. غير ان هذه العملية ستستوجب حواراً جماهرياً طويل الأمد بين مختلف القوى الاجتماعية والسياسية التي ستضطر الى ايجاد القاسم المشترك في مفهومهم تجاه المساواة وفي ايجاد السبل الفضلى من اجل تحقيقها.
د. تفتقر الجماهير العربية الى الموارد البشرية الكافية التي يمكنها التعبير بوضوح عن التناقض الناجم عن علاقة الدولة بمواطنيها من غير اليهود، كما انها تفتقر الى القدرة السياسية على المثابرة في مهمة تحقيق المساواة. إن التطور الحاصل في المرافق التربوية وفي الوعي السياسي وفي التنظيمات السياسية وفي بلورة هوية هذه الجماهير أدّى الى ازدهار نخبة فكرية شرعت في صياغة سَعْي هذه الجماهير لتحقيق المساواة بمصطلحات مستوحاة من المبنى السياسي المطلوب، وبالتالي فقد نشأت قيادة سياسية تتحلى بالقدرة على المداومة في محاولة تحقيق الغاية بواسطة اللجوء الى الوسائل السياسية الناجحة.
في ضوء هذه الافتراضات، استنتج بأن الجماهير الفلسطينية في اسرائيل ستدأب على التوصل الى تسوية مغايرة توفر لها المساواة في الموارد
ثنائية القومية في اسرائيل – الخيار
1. الواقع ثنائي القومية
اسرائيل، في الواقع، هي دولة ثنائية القومية - دولة عربية يهودية بالرغم من ان هناك مجموعة واحدة فقط تحكمها. يتمثل الواقع ثنائي القوميّة جلياً في المبنى الديمغرافي لاسرائيل في حدود 1967. فقد كان تعداد سكان اسرائيل العرب خلال عام 1997 حوالي 500،879 نسمة شكّلوا %15.5 من مجمل السكان (دون اخذ السكان العرب في شرقي القدس وهضبة الجولان بعين الاعتبار). وبموجب معطيات دائرة الاحصاء المركزية (اسرائيل 1995) فسيكون عدد المواطنين "غير اليهود" حتى عام 2003 زهاء مليون ومائة الف نسمة بمعدل 18.36% من سكان دولة اسرائيل اي ما يضاهي نفس نسبة السكان العرب في العام 1948 عند اقامة دولة اسرائيل(8). واذا اخذنا بعين الاعتبار التكاثر السكاني المرتفع في صفوف العرب، انظر (Goldscheider 1992) فان نسبة العرب من مجمل سكان دولة اسرائيل بقيت كما هي دون اي تغيير على الرغم من قوانين الهجرة التي تميز لصالح اليهود ورغم موجات الهجرة اليهودية التي توافدت الى البلاد على مَرّ الأعوام. يتجلى الواقع ثنائي القومية أيضاً من خلال التوزيع الجغرافي للسكان في الدولة. فمن 124 قرية ومدينة في اسرائيل يبلغ عدد سكان كل منها اكثر من 5000 نسمة، نجد ان 47 منها هي قرى ومدن عربية، ويبلغ تعداد 21 منها ما يربو على 000،10 نسمة وتتمتع 8 منها بمكانة مدينة(9). إن التوسع الجغرافي غير المخطط غالباً، الذي يبرز في اراضي الجماهير العربية، يحوي في طيّاته الاساس لإقامة مناطق مدنية عربية (سوفير 1998) في اجزاء من الجليل والمثلث. اضف الى ذلك أنّ العرب يعيشون في 6 مدن مختلطة: عكا، حيفا، يافا، اللد، الرملة والناصرة العليا، مع العلم ان الأخيرة تأسست كمدينة يهودية. وقد دخل العرب مؤخراً الى بعض المدن الاخرى مثل كرميئيل ورحوبوت والخضيرة ونتانيا وايلات وبئر السبع (سوفير 1998). التغييرات الجوهرية التي تطرأ على هؤلاء السكان تزيد من امكانيات تنمية حياة ثقافية منفصلة وناشطة وتأسيس تنظيمات سياسية ديناميكية وانشاء نشاط اقتصادي. (Rouhana & Ghanem 1993)
لقد ادخل الازدياد العددي واتساع مناطق الرزق قدراً من القوة السياسية والثقة بالنفوس مثل الاحساس بقوة الجماعة، لاسيما مع اقتراب عدد افرادها بسرعة لحوالي مليون. وفضلاً عن ذلك فقد طرأ ازدياد منذ السبعينات على التنظيمات السياسية والجماهيرية في المستويَيْن المحلي والاقليمي (Rouhana 1989, 1997). وعلى الرغم من ان بعض هذه التنظيمات ليست ناشطة فانها توفّر بنية تحتية يمكنها ان تشرع في النشاط اذا اتيحت لها الظروف المواتية. وبالفعل، فهناك نقاش مستمر حول كيفية إعادة بناء لجنة المتابعة بواسطة طرح سياسي متفق عليه وعبر تغييرات تنظيمية عارمة. وقد جرت في السابق محاولات جادة ترمي الى اقامة تنظيمات وطنية اعلنت عنها اسرائيل غير شرعية بواسطة تطبيق انظمة الطوارئ. غير ان ثنائية القومية لا تتمثل في الواقع بالأساس التنظيمي المنفصل للجماهير العربية فحسب (ليس بصورة مؤسسة او ثابتة في القانون)، بل بالمشاركة في السياسة الاسرائيلية، وفي التمثي البرلماني وفي النشاط شبه الائتلافي ومن خلال التمثيل في الوزارات والمكاتب الحكومية وفي مؤسسات الدولة، حتى وان كان هذا التمثيل محدوداً وقليلاً.
لقد حَدا الواقع الديمغرافي والجغرافي في اسرائيل، وبفضل المشاركة السياسية، ببعض المثقفين الى الاستنتاج بأن اسرائيل هي دولة ثنائية القومية (Seliktar 1989) او انها في الطريق لتصبح كذلك (Lustick 1989) لا سيما لان التنافس الشديد بين المعسكرين السياسيين سيؤدي، لا محالة، حسب تحليل لوستيك، الى اضفاء شرعية على اقامة ائتلافات سياسية مع الاحزاب العربية الأمر الذي يمهد الطريق لثنائية قومية حقيقية.
2. الوعي ثنائي القومية في إسرائيل
حسب وجهة نظر العرب، ونتيجة الواقع الديمغرافي والجغرافي والسياسي الذي يؤكد وجودهم، وبسبب كونهم السكان الأصليين فهم يعتبرون الأرض التي قامت عليها دولة اسرائيل، وطنهم. لكنهم يعتبرون انفسهم رغم ذلك أقلية قومية وليس جلياً اذا كانت الأقلية العربية، في هذا الوقت، تعتبر اسرائيل دولة ثنائية القومية. ولا توجد حالياً مؤشرات تدل على أن العرب بلغوا حد الوعي الموازي للواقع الديمغرافي والجغرافي والاحساس الجذوري المتأصل لديهم، ربما بسبب الديناميكية السياسية للاكثرية اليهودية والقوة التي يفرض فيها الوعي القاضي بأن اسرائيل هي دولة يهودية. وليس واضحاً أيضاً ما هي التغييرات السياسية او الديمغرافية التي يمكنها ان تبلور مثل هذا الوعي.لم تطرح الثنائية القومية في اسرائيل كجزء من البرنامج السياسي لاي حزب حتى الأن. ان العدد المتزايد من الفلسطينيين (والاسرائيليين) الذين يفكرون بالخيار ثنائي القومية يعنون، دون اي استثناء، الى المنطقة الجغرافية التي سميت فلسطين في عهد الانتداب. لكن، ورغم غياب هذا الخيار من الحوار السياسي فإنَّ العملية المتواصلة من البحث عن تسويات يمكنها ان تحقق مساواة جماعية وشخصية ستؤدي، على الأرجح، الى مناقشة هذا الخيار بصورة أو بأخرى. وعلى سبيل المثال فالانجذاب المتزايد لخيار "دولة جميع مواطنيها" قد يؤدي الى بحث أي مبنى يساهم بأكبر قَدْر في تحقيق المساواة داخل دولة مثل هذه. ويمكن لنقاش كهذا أن يشكل سابقة من أجل فحص خيار ثنائية القومية في اسرائيل.لا داعي للتنويه بان الوعي ازاء دولة ثنائية القومية في صفوف الجمهور اليهودي يكاد يكون معدوماً. وعموماً، فان كينونة العرب في اسرائيل باعتبارهم اقليةً قوميةً أُسقطَتْ عنهم على المستوى السياسي، فضلاً عن قمعها نفسياً. ان الحوار السياسي في اسرائيل يعبر عن وعي سياسي تشكل ضمنه يهودية الدولة الركن العقائدي الرئيسي الذي تلتزم به اكثرية السكان اليهود. وليس للعرب ضمن هذا الوعي سوى مكانة هامشية جداً. إن الحضور الجغرافي العربي مقيّدٌ باستراتيجية سياسية وتخطيط عام ويتم ضبط التكاثر سكاني العربي بواسطة قوانين تحظر هجرة العرب الى الدولة. ويتم الحد من تأثيرهم السياسي عبر نظام من الرقابة الاثنية، والحد من وعيهم حيال حقيقة وجودهم بواسطة عمليات نفسية متطورة (مثل التنكر أو التقدير المتدني). لقد حسمت الموجات الاخيرة من الهجرة اليهودية التكاثر الطبيعي للسكان العرب وقلصت نسبتهم من مجمل السكان الى 16% (من 18% عام 1989) مما عزز لدى الجمهور اليهودي الوعي بالهيمنة اليهودية الديمغرافية والفعلية.
وعليه، فاذا كان هناك احتمال لظهور وعي بواقع ثنائي القومية فعلاً في اسرائيل فسيكون سبب ذلك، على الأرجح، محصوراً بالسكان العرب أنفسهم. فالتزايد العددي والنسبي للسكان العرب هما متغيران مركزيان (ضمن سائر التغييرات، كما التنظم السياسي والقيادة) في عملية التغيير الادراكي. فاذا تخطى عدد السكان العرب حاجز المليون وبلغت نسبتهم نحو 20% فان ذلك سيكون الخط الفاصل في التغيير الادراكي. واذا طالب الجمهور العربي وقيادته، في ظل مثل هذه الارقام، بالاعتراف بالواقع الوجودي فسيواجه الجمهور اليهودي صعوبة في الاستمرار بالتنكر لثنائية القومية على أرض الواقع.
تحديد شروط لثنائية القوميّة
ادعي في هذا الجزء أن هذه التغييرات حتمية او معقولة او حتى ممكنة، انما يرمي هذا الفصل إلى عرض التغييرات التي سيتعين على الدولة والمجتمع ان يخوضاها من أجل تطبيق نظام ثنائي القومية سويّ في اسرائيل. ان الخيار ثنائي القوميّة يف
إن الوضع الديمغرافي الراهن لا يشفع للاقلية العربية في اقناع الاكثرية اليهودية بدراسة مثل هذه الخطة. وفيما لا تسبب النسبة بين العرب واليهود من مجمل السكان زيادة الوعي لثنائية القومية فليس جلياً ما هو التناسب الأمثل - سكانياً، لكي نعتبر الدولة او المجتمع ثنائية/ ثنائي القومية. فالكاثوليك في ايرلندا الشمالية يشكلون، على سبيل المثال، 35% من مجموع السكان، والجماعة الناطقة بالفرنسية في كندا تمثل 26% من مجمل سكان القطر. ويشكل الباسكيون في اسبانيا والاكراد في تركيا والتاميل في سريلنكا ما بين 14% و 18% من السكان في دولتهم. ويحتمل ان يكون المفتاح لدمج النسبة مع الارقام المطلقة مقياساً تطبيقياً بصورة اكبر لاختبار متى يتم تجاوز الحافّة لدولة ثنائية القومية. وكما سبق واوردنا، فإن تصاعد الرقم المطلق للسكان العرب والازدياد في نسبتهم في الدولة سيصعب على الدولة مواصلة تجاهل الواقع ثنائي القومية. وبالرغم من ذلك فليس واضحاً لماذا ترغب الاكثرية اليهودية في التفريط بالامتيازات المتاحة لها والناجمة عن بنية الدولة التفضيلية اذا لم تستطع الاقلية العربية وضع تحدٍ حقيقي امامها. والسؤال، بالتالي، هو: هل يستطيع العرب وضع تحدٍ مُرضٍ ازاء الهيمنة اليهودية العارمة؟ واذا كان بمقدورهم ذلك فعلاً فبأي الظروف؟ وبكلمات اخرى، ما هي الظروف المُثلى التي تتيح لمثل هذا الخيار فرصة التحقق.احدى الطرق لزيادة وزنهم السياسي والديمغرافي هي زيادة عددهم ونسبتهم من مجمل السكان بحيث:
أ - يكون متعذراً على اسرائيل رفض المطالبة بثنائية القومية والحفاظ، في الوقت ذاته، بمصداقية وقناعة، على ادعائها بأنها دولة.
ب - ان يستقطبوا اهتماماً وانتباهاً اقليميين ودوليين.
ج - ان ينسجم الامر مع تسوية توافقية.
واحد السبل من اجل تحقيق ذلك هو رصّ الصفوف مع المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة في المطالبة باقامة دولة ثنائية القومية في حدود فلسطين ابّان الانتداب. وحتى اذا كان هذا الهدف بعيد المنال (إلا انه غير مستحيل) فسيكون مثل هذا التطور منوطاً، الى حد كبير، بمستقبل "عملية السلام" بين اسرائيل والفلسطينيين. ويجب ان نشير الى ان اعداداً متزايدة من الفلسطينيين في اسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة والمنفى يدرسون افضليات هذا الخيار، على الصعيد الفكري، على الاقل.
ديناميكية ثنائية القومية - الظروف "المساعدة"
حتى بدون تطور دراماتيكي مثل هذا ما زالت لدى العرب القدرة على وضع تحدٍ جديّ امام الامتيازات اليهودية في البلاد. فكما يدعي (Lustick 1989) فان التسويات السياسية تغير ملامحها بموجب عمليات شائكة ومركبة تتألف من الخلط بين تراكم الضغوط المتزايدة مع تصدعات بالانماط القانونية للحياة المؤسساتية." وسيتوجب على العرب ممارسة ضغوط على المؤسسة بصورة منهجية يمكنها خلق تحولات في اتجاه ثنائية القومية. وستوفر الاستراتيجية التالية ظروفاً "مساعدة"، تزيد من تحدي المبنى الاثني وتطور امكانيات لتفكير جدي حول خيار ثنائية القومية. احد الظروف التمهيدية المطلوبة لنجاعة هذه الاستراتيجية وترشيدها هو صياغة النخب السياسية والفكرية لخطة سياسية طويلة المدى لثنائية القومية، بحيث تشمل حلماً جلياً لدولة ثنائية القومية. إن الواقع ثنائي القومية الراهن سيطرح والتناقض في جهاز السلطة الاسرائيلي، اي عدم امكانية ردم الفجوة بين الامتيازية الاثنية وبين الديمقراطية، سيتم تأكيده. ومن اجل غاية الاقناع والمصداقية سيتعين عليها ان تكون منهجية وتظهر اقناعاً ذاتياً داخلياً وعقد العزم من أجل تجسيد وتحقيق الحلم بعيد المنال الذي يدعي مساواة (كاملة). وستضطر النخب، بالاضافة لذلك، إلى اتخاذ الخطوات المحددة الملموسة التالية من اجل خلق ظروف موائمة لكينونة هذا الخيار:
1. زيادة الوعي ازاء الازمة الراهنة في العلاقة مع الدولة والتأكيد على عدم امكانية تحقيق المساواة وافتقاد الكرامة الانسانية في ظل النظام الراهن.
2. بعث الحياة في المؤسسات القومية الحالية مثل لجنة المتابعة، ولجنة الدفاع عن الأرض، والمبادرة الى اقامة تنظيمات غير حكومية جديدة، محلية وقومية، تستنهض البرنامج السياسي وتشجع النشاط الجماهيري من اجل دعمه.
3. بصورة تناقضية، استخدام الديمقراطية العرقية لإحداث تصدعات في النظام الامتيازي ووضع تحد امام القوانين والانظمة المجحفة، مثل تحدي تسويات التوطين التفضيلية، واستئجار أراضِ واستخدامها، وقروض اسكانية غير متكافئة وغير ذلك.
ويجب ان تتم مثل هذه التحديات بحذر وبجهود مشتركة تشمل علاقات عامة واللجوء الى تدابير قانونية عبر جهاز المحاكم.
4. العمل مع حلفاء يهود. اذا كانت المطالبة بالمساواة في دولة ثنائية القومية صادقة وصريحة ونابعة من قناعة داخلية فان ذلك سيؤثر على افراد وجماعات داخل الجمهور اليهودي من الذين يعيرون الديمقراطية والمساواة اهتماماً بالغاً يفوق امتيازية الدولة العرقية.
5. التوصل الى قرار استراتيجي يحظر اللجوء الى العنف من أجل تحقيق الغايات وبالتالي، تبني طرق تكتيكية بعيدة الأمد من استعمال حقوق المواطن التي لا تتيح مجالاً للعنف. وفضلاً عن ذلك، سيتوجب عليهم التعلم من تجارب مجموعات مشابهة وتطوير وسائل جديدة من المقاومة المدنية وتفعيلها بوتيرة مكثفة.
6. التوجه في بعض الحالات الى مؤسسات دولية بما فيها الامم المتحدة ودول ديمقراطية. وقد تمخضّت المحاولات القليلة التي تم فيها التوجه الى مؤسسات دولية او دول ديمقراطية، حتى الآن، عن نتائج طيبة. وعلى سبيل المثال: اللقاء الذي عقد بين ممثلي القرى غير المعترف بها ومندوب وزارة الخارجية في لندن تكلل بالنجاح تماماً كما حصل في قضية التمثيل في هاغ امام المحكمة الدولية فيما يتعلق بفرض قيود على تزويد القرى غير المعترف بها بالمياه.
7. زيادة وتيرة التفاعل مع مجموعات فلسطينية وعربية اخرى دون الحاق الضرر الجدي بعلاقتهم مع اسرائيل (الا اذا كانت تبحث عن خيار مغاير). ومن المفروض ان ترمي هذه التفاعلات الى الحصول على دعم للطرح ثنائي القومية وتعميق الهوية الوطنية واثراء الهوية الثقافية المضعضعة.
8. استثمار الائتلافات السياسية بحيث لا يتاح استغلال حقيقة مناهضتهم للسلطة اليمينية من قبل حزب العمل وانصاره اذ يعتبر تأييد العرب له مفهوماً ضمناً ومفروغاً منه. ان العرض الذي طرح مؤخراً بترشيح عربي لمنصب رئيس الوزراء هو مثال للاثبات بان لديهم قدرة في التأثير على تحديد هوية رئيس الوزراء القادم.
لا يكفي الاستثمار الناجح لجميع الاستراتيجيات المذكورة آنفاً، بحد ذاته، لتحقيق هدف تغيير الجهاز. وقد تؤدي هذه الخطوات الى إحداث تصدعات او حتى تمزقات بالغة. لكن، حتى ولو، فان الاكثرية اليهودية ستستصعب التفريط بالهيمنة. ورغم ذلك فان معنى تلك الشروخ أن تتجاوب المؤسسة في اماكن تكون التنازلات فيها اقل ايلاماً مثل تعزز الموارد ورفع مستوى الخدمات وربما حتى توفير مدى معين من
السياق الاقليمي والدولة
لقد حصرت النقاش حول بعض الانعكاسات الدولية للامكانيات النظرية بان تقوم نخبويات عربية يدعمها الجمهور بطرح خيار ثنائية القومية وتتطلع الى تحقيقه بصورة فاعلة في الظروف الفضلى (من خلال اللجوء الى استراتيجيات فضلى). من المعروف ان دولة ثنائية القومية، كما تم تعريفها آنفاً، ستكون لها انعكاسات على علاقة اسرائيل بالعالم العربي والعالم الثالث والعالم الغربي والعالم اليهودي. لكنْ من المحتمل ان تُحَوّل التطورات الديناميكية في العالم والنظام الاقليمي المتغير والتغيرات غير المتوقعة داخل المؤسسة الاسرائيلية على الطريق الطويل نحو ثنائية القومية، ان تُحَوّل النقاش حول الانعكاسات الدولية على النتيجة النهائية، أي دولة ثنائية القومية، الى عديمة المعنى يجب ان نشير أيضاً، الى ان تحليل الخيار ثنائي القومية في السياق الاسرائيلي يورد هنا من اجل توضيح مفهومي لتحليل الخيار وكذلك من اجل تحليل احتمال وجوده. على اي حال، ليس وجود هذا الخيار وسواه ممكناً بدون أن نأخذ بعين الاعتبار السياق الأقليمي للمشكلة الاسرائيلية الفلسطينية. واذا راعينا الطبيعة المتغيرة للصراع فمن المحتمل ان يكون اي من الخيارات وارداً بالحسبان بصورة اكثر او اقل. وفيما لا يزال الوقت مبكراً على فحص مدى التأثير الذي سيكون لهذا الخيار على العلاقات الدولية لاسرائيل او على علاقتها مع العالم اليهودي من المهم ان نفحص التأثير الذي سيكون لطرح المطالبة بثنائية القومية في السياق الاقليمي. وكما ورد آنفاً، يجابه مثل هذا الخيار بمعارضة الجمهور اليهودي ولا يمكن ان يتم طرحه الا من خلال الجمهور العربي. ان المطالبة الصادقة والمنهجية للعرب في المساواة ضمن دولة مدنية او ثنائية القومية يمكنها ان تفرض تحديات اقليمية ودولية، بمعزل تام، تقريباً، عن اتجاه تطور "مسيرة السلام." واذا الغت السياسة الاسرائيلية في الضفة والقطاع امكانية اقامة دولة فلسطينية فقد يشكل الحلم والنموذج اللذان يقدمهما العرب في اسرائيل محفزاً لانضمام فلسطينيين آخرين. وفي نهاية المطاف، ليست ثنائية القومية الحقيقية خياراً رديئاً بالنسبة للفلسطينيين، رغم وصولهم الى الخطة بلا مناص. تُشكِّل هذه الخطة، بسبل متعددة وبالنسبة لكثير من الفلسطينيين، خياراً أفضل من طراز دولة فلسطينية تتشكل من مجموعة من الكانتونات.سيكون تأثير نضال الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي المنفى من اجل ثنائية القومية ذا بُعد كبير على المستجدات الاقليمية. واذا اثبت هذا التحليل نفسه فان مركز الثقل الخاص بالمشكلة الفلسطينية سيتحرك باتجاه الداخل،) الداخل الفلسطيني)، اي ان العرب في اسرائيل سيضطلعون بمهمة رئيسية في اعادة تعريف القضية الاسرائيلية الفلسطينية. وبصفتهم رواد ثنائية القومية، الذين يحظون بدعم جلي باعتبارهم يذودون عن مثل هذا الخيار، فسيتم اكتشاف دورهم ضمن الحركة الوطنية الفلسطينية من جديد وتقويم مكانتهم الدونية. اذا تكللت المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين بالنجاح واقيمت دولة فلسطينية بعدها فسيتقلص الإنهماك الاسرائيلي الدائب بالشؤون الامنية في ضوء السلام الذي سيسود بين اسرائيل وهذه الدولة ودول عربية اخرى. وستحظى المطالب التي يقدمها العرب في اسرائيل بعزم واصرار، شبه مؤكد، بدعم عربي واطلاع دولي مما يزيد من احتمالات إحداث شروخ اخرى في النظام الراهن، وستستصعب جاليات يهودية في دول غربية تقدم الدعم غير المشروط لاسرائيل، بدافع القلق ازاء ظروفها الأمنية، ستستصعب مواصلة تقديم مثل هذا الدعم في عهد السلام لاسيما اذا كانت مطالب العرب في اسرائيل شرعية ولا تنطوي على العنف، تماماً كما تمكنوا هم انفسه من تحقيق المساواة في المواطنة ضمن دولهم الديمقراطية. وقد يشرع مثل هذا السيناريو كوّة لتسوية ثنائية القومية بين اسرائيل والدولة الفلسطينية - بطريقة تعيد تعريف شكل العلاقة بين المجموعتين القوميتين. وبالفعل، فان كثيرين على قناعة بان حالة ثنائية القومية في فلسطين يجب ان تجتاز اولاً مرحلة فلسطين المستقلة في اطار دولة فلسطينية منفصلة في غزة والضفة الغربية. وعندما يتمكن المواطنون العرب في اسرائيل من تقديم خطة مبلورة ومدروسة وان يحشدوا لها التأييد والدعم، فإنّ ذلك سيزيد من احتمالات تجسيد هذا الخيار.
ملاحظات
1) لا يتأسس هذا المقال على الفرضية القائلة ان حل الدولتين حتمي او ممكنٌ أو مرغوب فيه. ويعتقد كاتب المقال أنه فيما اذا تم فرض حل اقامة دولتين على الفلسطينيين فأن الدولة الفلسطينية لن تكون بالضرورة دولة تشكل للفلسطينيين تسوية "تاريخية" عادلة.
2) قد تختلف الوعي بوجود واقع يتصف بوجود شروط غير متساوية وتقييم مدى اخلاقية ومنهم اهميته كعنصر تحدد العلاقات الاثنية والصراع الاثني بين من يستفيد من هذا الواقع وبين هؤلاء الذين يتحملون الصعوبة الناتجة عن وجوده. وهذا، كما يبدو أحد الاسباب الكامنة وراء تقييم باحثين من انتماءات اثنية مختلفة لامكانية التوصل الى حل سياسي.
3) يجب التأكيد على أن نظرية الاحتياجات الانسانية طورتها مجموعة باحثين في العلاقات الدولية بحث اعضاؤها عن طريقة لتحليل الصراعات الاثنية القومية وعن حلول مقترحة لحل الازمات (Burton 1987; Mitchell 1990; Azar 1990). هذا على الرغم من انها تستعير بعض بنودها من نظرية ماسلو (Maslow 1970) حول تراتبية الاحتياجات الانسانية. وعلى الرغم من ان هذه النظرية تأخذ بالحسبان الاحتياجات الانسانية للفرد داخل المجموعة الا انها تشدد على جانب التطور الاقتصادي والاجتماعي للمجموعة وعلى حاجتها للهوية وللاعتراف بها وللمساواة. وعلية فهي ليست نظرية من مجال علم النفس تبحث في الاحتياجات النفسية للفرد، بل نظرية تتمحور حول المجموعة الاثنية القومية كأداة تحليلية.
4) على سبيل المثال، يصف (Lustick 1980) ثلاثة مجالات اساسية للسيطرة تقوم الدولة باستغلالها لكي تديم سيطرتها على السكان العرب: ابقاء وتشجيع التفرقة الموجودة والقائمة على اسس دينية ومنطقية وعائلية، وعملية استيعاب نخب عربية بواسطة تسهيلات خاصة تمنح لها بهدوف ابعادها عن السعي وراء اهداف جماعية لمجموعاتها الاثنية، وثالثاً تعزيز التبعية الجماعية وخاصة في المجال الاقتصادي.
5) هذا التشخيص مستعار من: (Ryan 1981).
6) عندما انطلقت الانتفاضة الاولى في سنة 1988 لم يكن هناك شك في عودة توضه الحاجز النفسي الذي فَرَّقَ بين اسرائيل والمناطق المحتلة داخل وعي الفلسطينيين والاسرائيليين معاً. وكانت حكومة الليكود 1977 قد حاولت جاهدة طمس هذا الحاجز .
(Rouhana 1991)
7) يشكل هذا الخيار البرنامج السياسي الرسمي لحركة ابناء البلد، ومن الممكن ان يطرح هذا الخيار نفسه بقوة على الساحة السياسية او الفكرية في ظل البحث المستمر عن خيارات جديدة.
8) تؤشر المعطيات في الكتاب الاحصائي السنوي لاسرائيل في العام 1995 على نسبة21، 5% . تم حساب النسب في المقال لتفادي شمل سكان القدس العربية والجولان.
9) معطيات من الكتاب الاحصائي السنوي لاسرائيل ،1995, (لائحة رقم 2.16).
10) أخذاً بالحسبان الطابع الامتيازي للدولة فأن جميع التعديلات التي توجبها ثنائية القومية القانونية هي، في الظاهر وفي الواقع، مطالب الجماعة المسيطرة عليها. هذه التعديلات تخدم صالح هذه المجموعة بطبيعة الحال. اما الوضع القائم اليوم فيلخص في التالي: طالما ان المبنى السياسي القائم اليوم هو مبنى دولة اثنية امتيازي قانونياً، فهو يميل لصالح المجموعة المسيطرة.
Biblliography
Azar, E.E. 1990. The Management of Protracted Social Conflict. Hampshire, England: Dartmouth Publishing Company.
Burton, J. 1987. Resolving deep-rooted conlfict: A handbook. Lanham, MD: University Press of America.
Burton, J. 1990. Conflict: resolution and prevention. NY: St. Martin s Press.
Ghanem, A. 1998. State and minority in Israel: The case of the ethnic state and the predicament of its minority. Ethnic and Racial Studies 21: 428-448.
Goldscheider, C. 1992. Demographic transformation in Israel: emergin themes in comparative context: 1-38. In: Population and social change in Israel, ed. C. Goldschieder. Boulder, Colo: Westview.
Green, L. 1994. Internal minorities and their rights. In J. Baker (Ed.). Group Rights. Toronto: University of Toronto Press.
Grossman, D. 1993. Sleeping on a wire: Conversations with Palestinians in Israel. New York: Farrar, Straus, and Giroux.
Gurr, T.R. 1993. Minorities at Risk: A Global View of Ethnopolitical Conflicts. Washington, D.D.: United States Institute of Peace Press.
Hartney, M. 1991. Some confusion concerning collective rights. Canadian Journal of Law and Jurisprudence. Vol. 4: 293-314.
Horowitz, D.L. 1985. Ethnic Groups in conflict. Berkeley: CA: University of Caligornia Press.
Israel, Central Bureau of Statistics. 1995. Statistical Abstract of Israel. Jerusalem: Central Bureau of Statistical.
------1998. Statistical Abstract of Israel. Jerusalem: Central Bureau of Statistics.
Johnson, D. 1998. Native rights as collective rights: a question of group self-preservation. Canadian Journal of Law and Jurisprudence. Vol. 2: 19-34.
Kretzmer, D. 1990. The Legal Status of the Arabs in Israel. Boulder, CO: Westview Press.
Lijphart, A. 1977. Democracy in Plural Societies. New Haven, CT: Yale University Press.
------1991. Self-determination versus pre-determination in ethnic minorities in power-sharing systems. In D. Scheiderman (Ed.). Language and the State: The and politics of Identity. Pp. 153-165. Montreal: Les E ditions Yvon Blair.
Lustick, I. 1980. Arabs in the Jewish State: Israel s Control of a National Minority. Austin, Texax: University of Texas Press.
------1989. The political road to binationalism: Arabs in Jewish politics. In O. Seliktar and I. Peleg (Eds.). The emergence of a binational Israel: The second republic in the making: 97-123, Boulder, CO.: Westview Press.
------1979. Deeply divided societies: consociationalism versus control. World Politics, 31: 325-344.
Maslow, A.H. 1970. Motivation and personality. 2nd Edition. New York: Harper And Row.
Mitchell, C. 1990. Necessitous man and conflict resolution: More basic questions about basic human needs theory. In J. Burton (ed.). Conflict: Human needs theory. NY: St. Martin s Press.
Rouhana, N. 1989. "The Political Transformation of the Palestinians in Israel: From acquiescence to challenge," Journal of Palestine Studies 18, 3: 38-59.
------1991. Palestinians in Israel: Responses to the Uprising. In R. Brynen (Ed.), Echoes of the Intifada: Regional Reprecussions of the Palestinian-Israeli conflict: 97-117. Boulder, San Francisco & London: Westview Press.
------1993. "Accentuated identities in protracted conflicts: the collective identity of the Palestinian citizens in Israel," Asian and African Studies 27: 97-127.
------1997. Identities in Conflict: Palestinian Citizens in an Ethnic Jewish State, New Haven: Yale University Press.
------1998. Predicaments in the relationship between ethnic states and ethnonational minorities: Israel and its Arab citizens. Third World Quarterly, 19: 277-296.
Rouhana, N. & Ghanem, A 1998. The crisis of minorities in ethnic states: the case of the Palestinian citizens in Israel. International Journal of Middle East Studies. 30: 321-346.
------1993. The democratization of a traditional minority in an ethnic democracy: The Palestinians in Israel. In E. Kaufman, S. Abed & R. Rothstein (Eds.), Democracy, Peace and the Arab-Israeli conflict: 163-185. Boulder, Colorado: L. Rienner Publishers.
Ryan, W. 1981. Equality. New York: Pantheon.
Seliktar, O. 1989. Conceptualizing binationalism: state of mind, political reality, or legal entity. In O. Seliktar and I. Peleg (Eds.). The emergence of a binational Israel: The second republic in the making. Boulder, CO: Westview Press.
Smooha, S. 1992. Arabs and Jews in Israel: Change and Continuity in Mutual Intolerance, Vol. 2, San Francisco: Westview Press.
------1998. Ethnic Democracy: Israel as an archtype. Israel Studies. 2: 198-241.
______________________
* محاضر في قسمي علم النفس وعلم الاجتماع في جامعة تل أبيب
* قام بترجمة المقال الى العربية نادر عبد الكريم.
صادر عن مركز الجليل للأبحاث الأجتماعية - حيفا