|
الحلَّةُ بين العشق والانتماء أحداث وحقائق وذكريات الجزء الثاني 1965-1975
محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 08:57
المحور:
سيرة ذاتية
سيرة الفقيد الراحل جعفر هجول صدرت بعد وفاته وقد صدر الجزء الأول منها في العام الماضي وسأقوم بنشرها في حلقات للأطلاع عليها وليس لي فيها غير النقل محمد علي محيي الدين
الإهداء
إلى الخيّرين من ناس الحلّة في كل زمان ومكان
جعفر هجول
ترنيمة العشاق الثانية ... ها أنذا أطرق أبواب عشاق الحلة من جديد لأذكرهم بأن السرَّ في عشقنا لها يكمن في جمالها وسماحتها واستعدادها الدائم لاستقبال واحتضان ورعاية كل من قصدها للزيارة أو العمل أو الدراسة أو التجارة أو السياحة أو الاقامة . ها أنذا أفي بوعدي الذي ألزمت به نفسي بعد الاستقبال الحميم والنبيل من قبل ناس الحلة في كل مكان للجزء الأول ، أبهجني ثناؤهم وأسعدني حرصهم وأخجلني دعمهم ومطالبتهم بالمزيد وبالجديد ، منهم من أثنى عليَّ انتقاء الأحداث ومنهم من أطرى على توثيق الحقائق ومنهم من أضفى على الذكريات تصحيحاً وتعديلاً وتبديلاً . إن كل ما تقدم دفعني ان اكون في كتابة الجزء الثاني أكثر حرصاً وادق انتقاء وأوفى تفصيلاً لمسيرة المجتمع الحلي في خضم اكبر الاحداث واصدق الحقائق واحلى وامر الذكريات . لقد حاولت ان ارصد المنعطفات التاريخية المهمة ودورها المباشر وغير المباشر على سلوك الافراد الحليين وتأثرهم بها ايجاباً أو سلباً من مختلف الانتماءات والطبقات وتأثيرهم فيمن حولهم بالمتعدد والمتنوع من السلوك والاساليب والوسائل لتحقيق طموحات وطنية أو فردية مشروعة أو غير مشروعة مقصودة أو غير مقصودة ، خصوصاً ما تحقق بعد 17 تموز 1968 من بناء وتحديث للدولة العراقية وتخريب للإنسان العراقي . إن الجديد في هذا الجزء هو الحياة الجامعية في بغداد ودور الحليين الدارسين في مختلف كلياتها ولاسيما النشاطات الثقافية ومتابعة ما يقع في مدينة الحلة من احداث في الستينيات المتبقية من الجزء الأول إضافة إلى العودة إلى الحلة بعد التخرج والانغمار في حياة المدينة عملاً ونشاطاً وثقافة وسياسة وكذلك السفرات العديدة المتنوعة للدول العربية والاشتراكية (سابقاً) والغربية بصحبة حليين والاطلاع على عادات وتقاليد شعوبها وذكريات تفاصيلها التي غمرتني بثقافات أعدتني إعدادا يليق بكل شيء أحاط حياتي المستمرة طيلة السنوات التي أعقبت أعوام الجزأين (الجزء الأول والجزء الثاني والجزء الثالث) ، والتي تستحق بكل غرائبها وإحداث وحقائق وذكريات عشرين عاماً أخرى من 1986 إلى 2005 ، أتمنى لبقية العمر والصحة والقوة الاستمرار لأحقق لي ولكم الأمنية الأخيرة والأثيرة .
أضواء وآراء على الجزء الأول قبل أن أسوح بكم ومعكم في إحداث وحقائق وذكريات السنوات العشر اللائي سيضمها ويحتويها الجزء الثاني لابد ان اعلن لجميع الاخوة الحليين عن سعادتي لاستقبالهم الجزء الأول بالرضا والقبول وقد عبّر العديد من الأصدقاء عن اطرائهم واهتمامهم وملاحظاتهم وتصويباتهم ، لم تقتصر على الاخوة والاصدقاء في مدينة الحلة ذاتها بل شملت العديد من الحليين المقيمين خارج العراق الذين عاشوا صباهم وفتوتهم وشبابهم في سنوات الكتاب مما آثار حنينهم وذكرياتهم وحرصهم على الافصاح عن حقائق انصفت اسماء واضافت حقائق جديدة لم اكن اعرفها لذلك وجدت من الواجب ذكرها وفاءً للحقيقة واحتراماً لعتب ورغبة أعز الأصدقاء واعترافاً بدورهم السياسي والاجتماعي والتاريخي في مدينتهم ممن وصلتني رسائلهم أو ممن التقيتهم في الحلة أثناء زياراتهم إليها أو في الخارج أثناء سفراتي العديدة ، إن كل ما تقدم يعود إلى نجاح مهمتي في انجاز الجزء الأول ونجاح مهمة الكتاب في اذكاء وايقاظ روح الانتماء الأصيل لجمال شكل ومضمون مدينتهم الحلة وجمال ذكريات ابنائها . مقتطفات من آراء الأصدقاء وملاحظاتهم القيمة انتقيتها لكم من رسائلهم المطولة اغناء لما جاء في الجزء الأول وتصحيحاً لمعلومات مهمة لم اكن عارفاً بها قبل ذلك .
الصديق الدكتور طارق الشيخ (مقيم في بولندا) على عادة العزيز طارق جاءت رسالته هذه المرة مفعمة بالشاعرية والاخوة مطرزة بالفرح والاشادة بالجزء الأول الذي جاء تحقيقاً وتنفيذاً لرغبته وحثه لتحقيق حلم جيلنا إلى حد المغالاة في الاطراء ( ) ... الرسالة مطولة فيها الكثير من الملاحظات وصلتني عن طريق الصديق خليل إبراهيم نوري منها : (بعد ساعاتي التي عانقتها حتى لسعتني شمس النهار فمازلت أنا مخدراً وملقىً -بين العشق والانتماء- ورغم خفوت بعض ضوء بصري بعد تعب العمر في الترحال بين سطور الكتب فقد وجدت في اسلوبك عبارات جديدة في الأدب ارغمتني ان اعترف بامتلاكك شركة لنقل البضائع ، استطعت أن تنقل لي مدينة الحلة بكاملها على اسطول كلماتك ، مع ان المعروف في كل الدنيا ... ان شركات النقل تنقل البضائع الموجودة : فكيف يا سيدي اعدت للحياة ماضٍ قضى تماماً كما هرّبت رياح السنين الكثير من ذكرياته ... قد يقال ان الكثير من السياسيين كتبوا فعلاً قرأت واتعبني ان أنحت الخيال كي اعيش المنحى ... لكنك ولوحدك حملتني ... وبلا معاناة ان اعيش من جديد طفولتي الاحلى في الحلة واتذكر انحناءات ثوبها ودفئ احضانها وهزهزتي على ساقيها فعشت من جديد عبق ازقتها وملامح بيوتها وانحناءات شوارعها تذكرت من خلالك استقامة الأشخاص ونفح الأزهار ونسيم العصاري ومحاولة اصطياد العصافير ... فلله درك يفخر فوهي أمام كتاب سيرتك الذي جسّد لي كبار – أخيرات – آمالي فمازلت اذكر ان في لقاءاتنا بالاردن كما في أكثر من رسالة نمنمتها اليك : كان حاديَّ هودج شجاعتك وضوء صبرك ومناجم قدرتك ان تخطو في ساحات النشر كي تبقى بعد الرحيل شامخاً في مكتبات الناس الذين احبهم قلبك كي تكون فانوساً على رفوف مكتبتي انعم بلقاء حروفك ما عشت أنا وتبقى ارثاً حقيقياً لمن بعدي ، الله كم ثري السعادة أنا الآن ... وكم يتراءى لي جمال الحياة) .
الأخ الكبير والصديق الدكتور عدنان الظاهر (مقيم في ألمانيا) بدءاً اعتذر شديد الاعتذار للدكتور عدنان الرائع والحميم عن عدم التفصيل في دوره المشهود والشجاع والبطولي في انتخابات نقابة المعلمين للعامين 1961 و1962 لقد كان الناشط المتميز فيها كقائد وممثل للقائمة المهنية الموحدة ولا ينسى الحليون المثقفون والتربويون من المعلمين والمدرسين دور العديد من الأحبة الملتزمين وفي مقدمتهم دكتور عدنان والاستاذ حسين صالح أما عدم التفصيل فيعود إلى افتقاري لتفصيلات ما جرى واني شاكر للدكتور ارسال التفصيلات الدقيقة التي تناولت انتخابات نقابة المعلمين للعامين اعلاه كما اشكر الأستاذ محمد علي محي الدين لايصالها لي والتي كان قد نشرها الدكتور ضمن منجزه (ذكرى وتاريخ – الفصل الأول – صفحات من تاريخ الحلة السياسي والنقابي – انتخابات نقابة المعلمين في الحلة) والتي جاءت التفصيلات على مساحة سبع عشرة صفحة (فولسكاب) فاضحة ضلوع السلطة المحلية مع العصابات الآثمة في حينها والذي كان من المفروض وقوفها على الحياد وتطبيق القوانين ، وقد اصطف المسؤولون من اكبر رأس (المتصرف) مروراً بمدير الأمن وضابطه ومفوضيه بل حتى الاستخبارات والانضباط والشرطة المحلية إلى جانب الجبهة المضادة للشيوعيين والديمقراطيين ولعبد الكريم قاسم نفسه ، وما ذكره الدكتور عدنان الظاهر يؤكد ما ذهبت إليه في الجزء الأول . أما عن صديقنا المشترك المرحوم وهاب عبد الغني القاضي فلا تنسى الحلة صولاته وجولاته ونشاطاته السياسية والمهنية النقابية وكان من المرصودين وفي واحدة من ذكريات مواقفه المشهودة والشجاعة في ليلة من ليالي الشتاء الباردة كنا جالسين في كازينو (أبو سراج) وكانت صالة الكازينو مكتضة بالروّاد المحسوبين على الشيوعيين ومؤيديهم في عام 1962 قبل انتخابات نقابة المعلمين جاء العريف عبود بصحبة شرطيين إلى الكازينو وتوجه أحدهما إلى الأستاذ وهاب وطلب منه أن يصطحبهم إلى مركز مديرية الشرطة القريب من الكازينو نهض معه وعند وصوله باب الكازينو توقف والتفت مخاطباً جميع الجالسين في المقهى بأعلى صوته قائلاً : (يا أهل الحلة ، العريف عبود وشرطته يريدون أن اذهب معهم إلى الشرطة ، لم اعتدِ على احد وليست هناك أية قضية وإنما الهدف أو الغرض هو الاعتداء عليَّ فاعلموا واشهدوا ان العريف عبود وشرطته هم المسؤولون لو تعرضت للموت ، الطريف بعد ذلك انه ذهب معهم والصدفة انهم لم يتوجهوا إلى المديرية عن طريق الساحة المقابلة لمصرف الرافدين آنذاك وإنما سلكوا السوق الصغير القصير الواقع خلف مقهى سيد غني العطار والذي كان فيه محل الحاج لفتة المردان (أبو عماد) والمؤدّي إلى شارع المكتبات كان الليل متأخراً بعض الشيء لا احد في السوق سواء من المارة أو من أصحاب المحلات والظاهر ان النية مبيتة للاعتداء عليه في هذا المكان وليس في المديرية ، كان وهاب يتمتع بقوة جسمانية استثنائية وعقل مخطط ، بفراسته عرف نيتهم نظر إلى احد الشرطيين الذي كان قميئاً قصيراً وبحركة مباغتة سريعة مسكه ورفعه إلى ما فوق هامته وقذفه على صاحبه الشرطي الثاني وطرح الاثنين ارضاً مما ادهشت المفاجأة العريف عبود الذي كان بديناً لا يستطيع الهرولة وراء وهاب الذي انطلق كعدّائي سباق المائة متر نحو الأسواق الفرعية المحيطة بشارع المكتبات واختفى). الأستاذ وهاب نموذج متميز يحتاج إلى كتاب مستقل عنه لما يتمتع به من اصرار على الاستمرار في طريقه الذي ارتضاه لنفسه ولقناعاته ولان المحطات التي التقيته فيها متباعدة قد اوفق إلى لملمة بعضها في الجزء الثاني. أيها الأخ العزيز عدنان لا تعرف مدى اعتزازي برسالتك الثمينة جداً ، فبعد اعتذاري عن تفصيلات الانتخابات النقابية للمعلمين وتوضيحي لانصاف صديقنا المشترك الراحل وهاب ، انتقل إلى الفقرتين 4 و5 من رسالتك التي احتوت على سبع نقاط في الفقرة الرابعة اشكرك على التأكيد على خطأ اسم الحاكم (القاضي) الذي قتله المحامي موسى الاعرجي وقد جاءني تصويب لقبه من الهاشمي إلى الشيخلي في رسالة أخي وصديقي الدكتور طارق الشيخ التي وصلتني قبلاً . أما أهم وأخطر توضيح افدتني به ولا يهمني أو يهم الكتاب أو يهم الحليين فقط بل يهم الحقيقية ويهم كل العراقيين ويهم (التاريخ) والذي يعتبر من أهم الاضواء التي سطعت على هامش الصفحة (113) تعليقاً على جملة مقوسة في المتن في السطر الأول والتي ذكرت تعقيباً على سياسة عبد الكريم قاسم وقناعته بتحقيق الموازنة بين القوى الديمقراطية والوطنية التقدمية التي تؤيده وبين القوى القومية والرجعية التي تعارضه وتعمل على اسقاطه (التي توافقت مع مخططات عالمية وهو نص الفقرة (5) من الرسالة: (خطأ كبير آخر وقع على الصفحة (113) من الكتاب حيث ذكر المؤلف في الهامش بخصوص المرحوم عطشان ضيئول الازيرجاوي ، (واستطاعة الايزرجاوي الهروب إلى ألمانيا الديمقراطية وانتحاره برمي نفسه من مسكنه في الطابق الثالث بعد سماعه بنجاح انقلاب 8 شباط) ياعزيزي جعفر التقيت بالايزرجاوي ضيئول صيف عام 1968 في موسكو خلال لقاء جماعة انشقاق عزيز الحاج (القيادة المركزية) وفي هذا اللقاء اسهب في ذكر أمور عسكرية دقيقة وكيف تم ابعاده واخرين من الضباط الذين كانوا يرون ضرورة ازاحة عبد الكريم قاسم عن السلطة وكيف كشفهم الحزب لقاسم فشتتهم ومزقهم شذر مذر ، كان يؤكد ان الحزب الشيوعي كشفهم لقاسم ، قال لي شخصياً انه كان مازال حتى يومذاك (صيف 1968) عضواً في اللجنة المركزية ويحمل هويتها التي انقذته يوماً من مشكلة ليست صغيرة ذكر تفاصيلها لي في حينه ، الذي دعاه ونظم ذلك اللقاء هو المرحوم مصباح الخيرو وقد حاول المرحوم وهاب عبد الغني القاضي تخريب هذا اللقاء والتشويش عليه لأنه في الجانب الآخر : اللجنة المركزية ضد جماعة القيادة المركزية) (*) . الأستاذ محمد علي محي الدين (مقيم في ناحية القاسم) الأخ محمد علي نشر في الحوار المتمدن العدد 2446 في 26/10/2008 (نظرات في مذكرات الأستاذ جعفر هجول) ذكر في نظراته آراءً لم تنفعني ولم تضر الكتاب ... لا اريد ان اخوض فيما ذهب إليه ، يكفي انه مقتنع بآراء وحقائق لا يفيدني مناقشتها وطرقه لأبواب دون علمه ان طرقها لم يفد الماضي ولا ينفع الحاضر ولا يبني المستقبل ، ولعدم دقته ذكر في سرده انني اخطأت في تاريخ الثورة المصرية وجعلتها 23/7/1952 وهي قد حدثت 1953 ولذلك وجدت ان اكتفي بخاتمة النظرات للأستاذ الناشر التي قال فيها : (وفي الختام لا يسعني الا الإشادة بما كتبه الأخ الكريم وما وثقه من حوادث واحداث أسهمت بشكل أو آخر في كتابة تاريخ الحلة وان ما ذكرته لا يغض من قيمة الكتاب واثره وتأثيره لما فيه من محطات رائعة واحداث جميلة ولمحات تستحق الإشادة والتقدير والشكر للأستاذ جعفر على هديته والى اللقاء بعد طبع الجزء الثاني من المذكرات) .
الصديق الرائع السيد صاحب الحكيم (مقيم في سوريا) شكراً جزيلاً لملاحظاته وتصويباته ودقته في تحديد اليوم الذي ألقي القبض فيه على الشهيد سلام عادل وهو 19/شباط/1963 أي في 25/رمضان ، صحيح اننا وصلنا إلى مديرية الأمن العامة في عيد الفطر وعند ارسالنا إلى قصر النهاية وحدث ما حدث في ليلة 26 شباط كان المسؤولون عن التحقيق والتعذيب في القصر مازالوا منشغلين بصيدهم الأثمن وان لصديقك سابقاً وصديقي حالياً (الدكتور محسن السيخ راضي) الدور الأساس في انقاذك ونحن معك لم يكن مستغرباً من حقيقة انتصار الصداقة على المبدأ والالتزام السياسي كما حصل المشهد المشابه حين انتبه (فوزي فرمان) لوجود صديقه (محسن كريدي) معنا وتصرف برمي رشاشته من كتفه وأمطر صديقه بالقبل والاحضان ثم اخبر بعدها أخاه علي كريدي بمكان وجودنا والذي جاء لزيارتنا في مركز شرطة المأمون مما أدى بالتالي إلى تصرف أخي (جاسم هجول) الذي كان في الناصرية وقتها كعضو شعبة بأن استحصل كتاباً من قيادة الحرس القومي في الحلة يطلب فيه استعادة خمسة من الثمانية للحلة بحجة اكمال التحقيق معنا على أساس انه لم يكتمل بعد وبقائك والأخوين طالب كاظم ومجيد طعمة . إن توثيق مثل هذه المواقف الايجابية تحسب لتاريخ هذه النماذج من الوطنيين مهما كانت انتماءاتهم . هناك موقف لا يقل أهمية عن موقف محسن الشيخ راضي معك أو معنا أو موقف فوزي فرمان مع محسن كريدي أو موقف أخي جاسم هجول باستعادتي إلى الحلة بصحبة محسن كريدي وحميد عبد الحسين وجودي عبد الحسين ورضا شويلية ، موقف ظل حبيس النسيان والتعتيم غير المتعمد طيلة خمسة واربعين عاماً ، موقف يحسب للمرحوم الدكتور (فرات شاكر وتوت) ، لو رجعت إلى الصفحة (178) من الجزء الأول تجد ان الأخ جودي عبد الحسين قد تصرف عندما شعر بأن صاحب الحكيم يعاني من سكرات الموت وصرخ (حرس) وجاءه احد افراد الحرس القومي الذي قال له جودي : (السيد راح يموت) وأجابه الحرس: (وانته شنو) فقال له جودي من هنا المسؤول ؟ انزلني إليه فأنزل جودي ثم عاد الينا بعد فترة قصيرة ونفذت إجراءات فك القيود ورفع اغطية العيون واعادة الأفرشة ، وعندما سألنا جودي عما دار بينه وبين المسؤول اجاب بأنه اقنع المسؤول بأن التحقيق معنا جميعاً قد اكتمل في الحلة ... الخ ، لم يقل لنا في وقتها من هو المسؤول وشاءت الصدفة ان التقي الأخ جودي في الحلة وخلال الحديث عن الكتاب (الجزء الأول) فاسترسل في ذكرياته عن مركز شرطة المأمون وان المسؤول الذي التقاه كان الصديق (فرات شاكر وتوت) وهو من الحلة أيضاً ويعرفنا وتصرف ما تصرفه من إلغاء للقيود ورفع اغطية العيون واعادة الافرشة. وأخيراً لا يسعني الا ان احيي صديقنا صاحب الحكيم على سيرته النضالية الوطنية ولابد ان اوثق مشاعره تجاه مدينة الحلة بايراد السطرين الاخيرين من رسالته الموجهة لي والمخصصة لملاحظاته القيمة عن الجزء الأول والمؤرخة (دمشق في 31/تموز/2008) والتي فيها (فالحلة تعني لي شيئاً تاريخياً مهماً ، وبرغم اني نجفي المولد وأقدس مدينتي وأحبها ولكنني حلي المودة ، فشكراً لك حيث أحييت بعض الذكريات ، وحركت بعضاً مما هو مخزون في الذاكرة) .
الأخ مجيد بيعي حمل إليَّ الصديق الناقد باقر جاسم محمد رسالة من حلي عاشق مثلي لمدينتنا ملاحظات جديرة بالاهتمام اغلبها اضافات لكن المهم جداً في رسالته توثيق تاريخ مصرع إبراهيم بن عبدكه وهو 5/9/1954 واسم قاتله (سهيل بن نجم العزاوي ، شكراً للصديقين باقر حاسم ومجيد بيعي لاسيما اشارته لمصدرين حول ذلك وكلاهما اعتمدا على ملفه في مديرية الآثار العامة . وبمناسبة اطلاعي على ما جاء في كتاب الدكتور العالم علي الوردي (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الجزء الخامس ص172) والذي نصه (مكث ابن عبدكه في السجن حتى عام 1936 ولما خرج من السجن عطفت عليه الحكومة وعينته مراقباً للآثار في بابل ، وقد سكن ابن عبدكه في الحلة بقية حياته، وفي مساء 5/أيلول/1954 بينما كان يمشي في بعض أزقة الحلة ، وهو يتحامل على نفسه لإصابته بالشلل النصفي ، أطلق عليه النار رجل وارداه قتيلاً وتبين ان القاتل هو سهيل بن نجم العزاوي الذي كان ابن عبدكه قد قتل والده قبل ستة عشر عاماً ، ويقال ان ابن عبدكه قال قبيل موته حين عرف هوية قاتله : ليش احنه ماتوافينه ؟ أنا قتلت أبوه وأعمامه قتلوا ابن عمي) . لابد اخيراً ذكر الملاحظات التالية على الرسالة وعلى مصدر الدكتور علي الوردي : 1. ذكرت في الجزء الأول / الفصل الأول حادثة مصرع إبراهيم عبدكه (العقد الأول) أي في الخمسينات ، وتعمدت في الهامش ذكر ما قاله القاضي خليل اسكندر في لقاء الصدفة وما ادعاه من تفصيلات وتاريخ حول ابن عبدكه لضرورة معرفة الحقيقة والوقوف عليها رغم توهمه بتاريخ مصرع الرجل مما يدل على صعوبة توثيق التاريخ عموماً ، إن ما أردته هو توثيق الخلق والرجولة لدى ابن عبدكه وهذا ما اتفقت عليه كل المصادر . 2. وصفي لشخصيته في الجزء الأول تأكيد على حقيقة شخصيته وعلى مواقفه وبطولاته وانتمائه الصادق للعراق ومشاركته في ثورة العشرين ومطالبة كل من مهدي الخالصي ومحمد الصدر ، الملك فيصل الأول للعفو عنه ولم يتحقق ذلك فحكم بالاعدام وخفض إلى السجن خمسة عشر عاماً ، ونفذ حكم السجن بحقه فعلاً . 3. إبراهيم بن عبدكه قتل على ضفة نهر الحلة (الفرات الصغير) في محلتي محلة الوردية بعد صلاة المغرب أثناء عودته المعتادة كل يوم إلى بيته وليس في أزقة الحلة كما ذكر الدكتور الوردي . 4. صحيح ان الشيخوخة وحياته الاستثنائية السابقة قد أورثته الوهن والتعب والضعف ، لم اسمع باصابته بالشلل النصفي ، وحتى لو انه اصيب بالشلل الجزئي أو النصفي ، فهذا لا يغير من حقيقة وقوع حادث اطلاق النار عليه في الشارع العام الخالي تقريباً من الناس على ضفة نهر الحلة تحت أشجار اليوكالبتوس ومقابل قصر سلمان افندي البراك والذي لا يبعد عن (عكَد هجول) أكثر من خمسين متراً .
الهوامش ( ) ذكرت في الجزء الأول بدايات علاقتي بالأخ الدكتور طارق في ثانوية الحلة أواسط الخمسينيات وكانت محطات لقاءاتنا متنوعة ومتعددة آخرها لقاءات الاردن عندما كان مقيماً فيها كأستاذ في جامعة اربد وكذلك مواصلة المراسلة إذ كنت مقيماً في الشام وله الفضل في حثي والاستمرار في ذلك من خلال الرسائل التي نتبادلها بواسطة بعض الدكاترة من الاخوة السوريين العاملين معه في الجامعة . (*) لقد دفعتني هذه الحقيقة إلى ضرورة مقابلة الصديق جاسم حسن شلال باعتباره عضو المكتب العسكري للحزب الشيوعي العراقي في زمن عبد الكريم قاسم والاستفسار منه عن تفصيلات هذا الموضوع بالذات فعلاً تم اللقاء في بيتي صباح 18/3/2009 واطلعته أولاً على رسالة الدكتور عدنان الظاهر حول موضوع عطشان الايزرجاوي فأجاب بما يلي على سؤال طرحته عليه بضرورة توثيق حقيقة مادار في اجتماع المكتب العسكري آنذاك انصافاً للحقيقة التاريخية ولمواقف رفاق الدرب : قال : في أوائل آذار عام 1962 اجتمع المكتب بقيادة عطشان الايزرجاوي كمسؤول المكتب وعضوية حسين العلاق مسؤول الفرقة العسكرية الخامسة في بغداد وعلي إبراهيم من اهالي المسيب مسؤول وزارة الدفاع ومعسكر الرشيد ومسؤول اللواء العشرين والقطعات المجاورة لا اتذكر اسمه أما الفرقة الأولى فمسؤوليتها عليَّ لحد الناصرية والناصرية والبصرة وغيرها لرفيق من البصرة لا أتذكر اسمه أيضاً . في الاجتماع نوقش الوضع السياسي واتفق الجميع على ضرورة تغيير عبد الكريم قاسم ، المعتاد في اجتماعات مكتبنا ان تكون الفترة بين اجتماعين حوالي ستة أشهر ، بعد ثلاثة أشهر بلغنا بعقد اجتماع يحضره رفيق من القيادة ، عقد الاجتماع وكان رفيق القيادة المشرف هو الرفيق سلام عادل ، طلب منا مناقشة الوضع السياسي مجدداً ، أكد الرفاق مجدداً على وجوب تغيير عبد الكريم قاسم والامكانية متوفرة جداً دون وقوع اية ضحايا ، حتى ان الرفيق علي إبراهيم تعهد أمام الرفيق سلام عادل بأن امكانيات القوى العسكرية التي يقودها تكفي لتحقيق ذلك ، وقد لاحظنا جميعاً ان الرفيق= =سلام عادل كان يرفض هذا الاتجاه لكن كنا نستشف بأن الرفيق سلام عادل مقتنع بما طرحناه ولكنه ملتزم بقرار اللجنة المركزية ، كما اتذكر ان الرفيق علي إبراهيم سأل الرفيق سلام عادل : لو فرضنا ان الجانب الآخر قام بحركة انقلابية فما هو الموقف ؟ أجاب : إن امكانياتنا العسكرية جيدة اضافة إلى جماهيرنا الواسعة يمكننا ان نفشل أي تحرك ونستغل الفرصة للتغيير أو فرض شروط على عبد الكريم قاسم . رد الرفيق علي إبراهيم على ذلك بأن الموقف سيتطلب امكانيات مضاعفة من حيث المجابهة وافشال الحركة المضادة ومن ثم عدم استطاعة فرض اية شروط ، فرد الرفيق سلام عادل : إننا يجب ان نلتزم بقرارات اللجنة المركزية . بعد هذه الحقائق التي طرحها كشاهد حي على التاريخ سألته عن رأيه في الحركة العسكرية للشهيد حسن سريع في 3/7/1963 واسباب فشلها فأجاب كان يمكن للحركة النجاح لو تسنى للقائمين بها (وهم كلهم ضباط صف ومدنيون) تحرير الضباط المعتقلين في معسكر الرشيد ، باعتبار الضباط قيادة مجرّبة وذوات خبرات عسكرية ، ولما فشلت الحركة في تحرير الضباط فشلت برمتها ، فعلقت على ذلك ومن اجل ذلك كانت المؤامرة على حياة الضباط عن طريق (قطار الموت) .
#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هالمال حمل أجمال
-
الحزب الشيوعي في النجف يتظاهر
-
عرب وين طنبورة وين
-
أبيتنه ونلعب بيه
-
من يقف وراء مجازر كركوك
-
الشاعر طه التميمي صرخة في الزمن الصعب
-
الكلام صفة المتكلم5
-
أرضاع الكبير ومص الصغير
-
الكلام صفة المتكلم4
-
أنهجمت المنطقة الخضراء على روسهم
-
الكلام صفة المتكلم3
-
الكلام صفة المتكلم 2
-
الكلام صفة المتكلم
-
ألف مختار ما يأخذ بثارات الشيوعية
-
ثقافة البطيخ
-
لمة يتامى
-
صلاح عمر العلي والذاكرة المعطلة
-
اجتثوا الشيوعيين ..وأبقوا البعثيين
-
يمنعون الغناء ويجيزون البغاء
-
الحزب الشيوعي ...بلوة ابتلينه
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|