لنحول بعض المساجد الى مدارس ومنتديات علمية ودور سكن *

لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3037 - 2010 / 6 / 17 - 07:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

* المقصود بالمسجد _الجامع والحسينية _ واين ما ورد اسم دور العبادة فالمقصود الاثنين معا ...
كان , وربما ما يزال , ثمة قرار او قانون ينص على اعفاء كل شخص يقوم ببناء مسجد من الضريبة مدى الحياة , وكان هذا وازعا لكثير من رجال الاعمال واصحاب الثروات لتشييد دور العبادة التي ملأت بغداد والمدن الاخرى . ويبدو واضحا ان قسما من هذه المساجد لم يشيد بنية خالصة او لوجه الله , كما يعتقد البعض , بل ان مصالح شخصية وعمليات حسابية دقيقة لا يعرف تفاصيلها الا الراسخون في العلم ومن سلك هذا الدرب الذي وجده خير مخرج يتهرب من خلاله من التزاماته تجاه الدولة وبشكل قانوني , وليسبغ على نفسه صفة قد يفتقدها ... وسأشير هنا الى جانب واحد فقط من العمليات الحسابية التي تعتري هذه الصفقة , وهو اجازة البناء التي تمنح للمتبرع وما تدره عليه من منافع مالية... فالعراق كما يعرف الجميع يعاني منذ سنوات طويلة من شحة كبيرة في مواد البناء , كالطابوق والاسمنت والمرمر وغيرها , وان ضوابط مشددة تعتمد في عملية التوزيع , الا ان هذه الضوابط لا تشمل الاجازة هذه وان لصاحبها الاولوية في التجهيز وبكميات تفوق كثيرا الحاجة الفعلية للبناء , والزيادة هذه ستجد طريقها وبكل سهولة الى السوق السوداء ولكم ان تتصوروا الارباح التي تدرها على صاحب المشروع ... واضيف الى ذلك ان بعضا ممن بنى مساجد ضخمة حصل على اجازة ثانية لا ستيراد قسما من المواد كالمرمر والسيراميك والزجاج ... واستورد منها اضعاف حاجة البناء الفعلية وليضخ ذلك الفائض للاسواق , فكانت حقا مصدرا هائلا لثروات اضافية ... ولكي اعطي كل ذي حق حقه فأن ما ذكرت لا يشمل الجميع فقلة منهم كان دافعه ايماني خالص وكان صادقا مع نفسه وربه ...
ثمة جانب ثان من المهم ان اتطرق اليه وهو عملية تلاعب كبيرة حدثت في عملية بناء المساجد جائت مع الغزو الامريكي للبلاد , وذلك حينما راح البعض من ضعاف النفوس , وفي فترة الفلتان الامني وانعدام مراقبة السلطة على الممتلكات العامة , ليستولوا على قطع اراضي مخصصة للخدمات العامة , وبنوا عليها المساجد ليس بدافع الاجر والثواب , وانما كان الهدف الحقيقي هو الحصول على الدار المرفقة بالمسجد وليتخذه مستقرا دائما , مستغلا الحرج الذي سينتاب السلطات اذا ما ارادت ازالة البناء باعتباره من بيوت الله وان عملية الهدم تدخل ضمن الهرطقة والكفر و ...
يتضح من هاتين الحالتين , ان لجوء البعض الى بناء دور العبادة كان لمصالح شخصية ومنافع مادية بحتة , وان الرب , حسبما قرأت وسمعت , لا يشرفه ان يطلق اسمه على هذه الدور , فهو اعلى شأنا من ان يرضى لنفسه ولا لاسمه ان يشوه او يكون سبيلا للتحايل او الالتفات على القانون او الاستيلاء على ممتلكات الغير من صعاليك لم تستطع بالطرق المشروعة ان تنال على مبتغاها لتلجأ الى التحايل والحذلقة ...
ارى ان الدافع الوطني والوازع الديني يفرض على الجميع , وخاصة اولي الامر , في ايجاد حل لمعضلة هذه الدورالتي انتشرت في كل حي وزقاق , والتفكير بصورة جدية في كيفية الاستفادة , وتخليص العباد من بعضها الذي سد الطرقات وشوه المناظرالجميلة للشوارع وحرمت المواطنين من الفضاءات الخضراء التي كانت عامرة باشجارها وورودها , كما ان اعداد غير قليلة منها شبه مغلق اغلب ايام الاسبوع وعندما تفتح ابوابها لا يؤمها سوى انفار لا يتجاوز عددهم اصابع اليدين ...
في احصائية لوزارة التخطيط صدر مؤخرا , اشار الى ان العراق بحاجة فعلية الى ثلاثة ملايين وحدة سكنية ليقضي على ازمة السكن , كما ان الحاجة باتت شديدة جدا الى العديد من المدارس والمستشفيات ... ولطالما كانت الكثير من المساجد غير ذات جدوى , فأني ارى , وقد يشاطرني الرأي الاخرين , ان تستغل كمدارس تخفف عن اولادنا زحام الصفوف وتزودهم بعلم يفيدهم وينفعهم ويؤمن مستقبلهم , او تحويلها الى دور سكن توزع على الفقراء والمساكين والمشردين وانقاذهم من واقعهم المؤلم والذي لم يعد يحتمل , اما تلك التي تضم مساحات واسعة فبالامكان استغلالها كمستشفيات بعد اجراء تحويرات عليها تساعد المرضى في التخفيف عن معاناتهم والامهم ممن ابتلى بامراض شتى جلبتها لنا الحروب والغزوات ... كما يمكن استغلال البعض الاخر كمنتديات علمية وثقافية تسهم في نشر الوعي والثقافة التي صرنا احوج ما نكون اليها في ظل هذه الظروف الحرجة التي يمر بها البلد ... واجزم ان اجراءات مثل هذه ستكون حتما اجدى بكثير من مباني لا يرتجى منها خيرا سوى مكبرات الصوت التي امست مصدر ازعاج لسكنة المناطق القريبة منها , او اتخاذها من قبل البعض اوكارا للارهاب او ابواق للدعوة للقتل والذبح والسلخ , وكم من عتاة الارهابيين تخرجوا من تلك الاماكن وكم عاثوا في الارض فسادا ... ولا املك في الاخير سوى دعوة الحكومة الجديدة لتشكيل لجنة رفيعة المستوى تدرس امكانية الاستفادة من هذه الدور ومنع بناء المزيد منها وازالة ما بني منها تجاوزا واصدار تشريع يقضي بأن لا تقل المسافة بين جامع واخر عن عشرة كيلومترات ...

#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات