|
أمة ( اقرأ ) لاتقرأ
ايهم محمود العباد
الحوار المتمدن-العدد: 3036 - 2010 / 6 / 16 - 08:31
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لو خرج الجاحظ من قبره ، لسقط صريع مكتبته عشقاً ، ولو تنفس المتنبي برهة ، لما تخير غير الكتاب جليساً ، فمن أية نافذة سنطل (نحن) على العالم ، والبون يكبر بيننا وبين التاريخ ، والمستقبل أيضـا !
القاهرة لم تعد تكتب وبيروت لم تعد تطبع وبغداد تقف بين الاثنتين تعالج أخطاء الحاضر وتقضم بنانها حتى النزيف .. ومابين حرب أهلكت البلاد والعباد وخراب أطـاح بأشلاء الأمن والاستقرار ، بات الكتاب على جرف قاب قوسين أو أدنى من الانهيار ، ولعل السؤال الأكبر سيبقى معلقا ، متى ستلوح الأمجاد التي نترقبها بعيني زرقاء اليمامة ، والمواطن الأميركي يقرأ من الكتب مايعادل مايقرؤه (200) مواطن عربي في الشهر الواحد !!!
للغوص أكثر في أعماق هذه الطامة ، كان لابد أن نفتح هذا الملف مع الباحث والأكاديمي الدكتور حميد سالم الذي حدثنا قائلاً :
" للقراءة دوافع عدة تعمل على استثارة الإنسان وتدفعه إلى الكتاب ومن أهمها وجود الرغبة في المطالعة والحاجة إلى الشهادة والطموح والسعي لإثبات الذات ونيل التقدير والاحترام من قبل الناس . أما الأسباب التي تقف وراء عزوف الناس عن القراءة ، فهي كثيرة أيضاً ومتنوعة ، وأبرزها البطالة الحادة والحروب المتعاقبة وتأثير الأسرة والمجتمع إلى جانب قلة المكتبات وشيوع الوسائل البديلة كالانترنت والتلفاز واستخدامها كوسائل ترفيهية على الأغلب ، فضلا عن الجانب الشخصي المتعلق بنفسية الإنسان وسيكولوجيته وميوله ورغباته . وبدوري اقترح جملة من الحلول التي من الممكن أن تساعد على التوجه نحو القراءة كتوفير المكتبات العامة والمدرسية ، والإكثار من إقامة معارض الكتب مع خفض أسعارها وكذلك توفير فرص عمل للشباب للقضاء على أوقات الفراغ ، وإنشاء نوادي علمية وثقافية تحفل بالأنشطة المختلفة وبصورة مستمرة ، بالإضافة إلى زيادة وعي الأسرة والمدرسة " .
الشاعر علي مولود السامرائي قارئ نهم ، لكنه أبدى سخطه الشديد حيال أبناء مجتمعه إذ تحدث بمرارة وحسرة :
" أرى أن الأسباب المباشرة للعزوف عن القراءة تتعلق بالفرد ذاته ، فهنالك أشخاص لاتميل ذواتهم إلى القراءة فهم مصابون بكسل ثقافي حاد ، ولاشك بأن العولمة كان لها إفرازات سلبية على المجتمع وخاصة بعد الانتشار الهائل لوسائل الاتصال والتي - للأسف- يتم استخدامها بطريقة غير مهذبة لأجل إشباع حاجات غريزية ، وهذا مايجعل المتلقي ينغمس فيها كأدوات تسلية ، وإهمال الجوانب العلمية والثقافية التي ولدتها الثورة التكنولوجية الحديثة " .
الصحفي مروان العباد كان هو الآخر متوترا ومتمردا على الواقع بكل تجلياته ، فاكتفى بعبارة واحدة حارقة :
" ياصديقي الجميل ، كيف لي أن أتقن نطق الحروف وعجلات الدبابة تطحن إضلاعي منذ سبع سنين ، كيف !؟ " .
الطالبة زهـور خالد والطالبة نـور عبدالنبي ( طالبتان جامعيتان ) أوضحتا رأييهما بإسهاب :
" يعتبر ارتفاع أسعار الكتب عاملا أساسيا للجوء معظم المهتمين بالقراءة إلى الاستعاضة عنها بالانترنت بالرغم من انه لا يلبي حاجاتهم كالكتاب ، فينبغي علينا الأخذ بنظر الاعتبار وسائل الاتصال بمجملها كونها أدوات ذات منفعة عظيمة كما وان لها نتائج وخيمة ، إذا ما استغلت بصورة عشوائية من قبل أصحاب الشخصيات المهزوزة ، وخاصة فئة الشباب ، وبالتالي نتمنى من أصحاب القرار الاهتمام بالجانب الثقافي لأنه يمثل واجهة العراق الحضارية ، لاسيما وان وطننا الحبيب تمتد جذوره في التاريخ إلى 6000 سنة من الفكر والإبداع ، فكيف بنا ونحن أول من طبع الحروف على لوح طيني لنعلم البشرية مبادئ الكتابة ؟" .
الحاج إحسان ( صاحب مكتبة ) لم يختلف كثيرا في وجهة نظره عما سبق ، إلا إن أكثر ما أثار فضولنا وعجبنا تصريحه الجرئ :
" بالرغم من أن غالبية زبائننا هم من النساء ، إلا أنهن يلهثن وراء كتب الماكياج والأبراج والطبخ وتفاسير الأحلام بالدرجة الأولى ، وتأتي الكتب الثقافية في ذيل قائمة اهتماماتهن بالقراءة . اعمل في هذه المكتبة منذ عام 1959 وقد كنت أبيع مايزيد عن (360) ألف جريدة في اليوم الواحد سابقا ، أما في يومنا هذا ، فان مبيعاتي منها لاتزيد عن (10) صحف فقط ! " .
اختتمنا جولتنا مع مجموعة شباب عاطلين عن العمل وطلاب مدارس شاب كلامهم شئ من التناقض ، فراحوا يؤكدون بأنهم محبطون بسبب أوضاعهم المعيشية المتردية ، ولم تعد القراءة تقضي وطرهم ،فأضحت جل أفكارهم وأحلامهم مقتصرة على هاتـف محمول حديث وسيارة فارهه وقصة حب يقتاتون على لياليها مهـما كانت عواقبها ...
#ايهم_محمود_العباد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|