عبد الباري الشيخ علي
الحوار المتمدن-العدد: 3034 - 2010 / 6 / 14 - 17:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يختلف غالبية الشعب العراقي بان الكارثة التي يعيشها ويعاني منها ألان هي بسبب طبيعة النظام الطائفي والعرقي
وفرض نظام المحاصصة أو ما يطلق علية مؤخرا رياء ا وكذبا ( التوافقية السياسية) أو( الشراكة في الحكم) .
فعلي الرغم من ضعف الوعي السياسي الاجتماعي الذي يسود غالبية الشعب العراقي نتيجة تعاقب الأنظمة الغير ديمقراطية, وفشل الأحزاب السياسية في إشاعة الفكر والنهج الديمقراطي ,فان غالبية شرائح المجتمع أخذت تدرك عبر التجربة وانفضاح النوايا السيئة لقاد ة النظام والمشاركين في العملية السياسية علي السواء في سلوكها إزاء إعادة وحدة; بان الطائفية السياسية هي نفي للعراق كدولة إسلامية موحدة ,وان الأخذ بالشريعة الإسلامية حسب ادعائها قد يخرج عن المبدأ العام في وحدة الدين الإسلامي, وان النظام الطائفي العرقي السائد حاليا يشكل غطاءا لتوزيع النفوذ والمصالح لهذه القوي وتأسيس دولة نفاق ليس لها علاقة أو ارتباط بمصالح المجتمع من ناحية , ولا شرعيا بوحدة الدين الإسلامي من ناحية أخري ..
إن بروز التمايز بين الطائفية السنية والشيعية اعتمد علي تراكمات تاريخية لهيمنة الصراعات القومية السياسية للمطامع بين الصفويين والعثمانيين في استغلال ونهب العراق, ووضعت بصماتها علي تبلور الطائفية علي حساب وحدة التوجه الديني. تبلور هذا التمايز نوعيا بعد التقسيم الامبريالي البريطاني للمنطقة إلي دويلات وإنشاء الدولة العراقية الوطنية بعد الحرب العالمية الأولي وتفتيت الامبراطورية العثمانية. وفي محاولة تثبيت الطائفية كيانها كقوة سياسية استدعي بها الأمر الاعتماد علي قوي خارجية. تمكن الالديمقراطي والقومين استيعابها وخلق تجمعات ضعيفة غير مستقلة سياسيا , وإنما مرتبطة توجهاتها بالمراجع الدينية , ولم يخرج إطار توجهها السياسي عن مناهضة التنظيمات الشيوعية
واليسار الديمقراطي والقومي
و بالتالي انعزلت هذه القوي الدينية تلقائيا سواء سياسيا اوفكريا عن لواء جبهة قوي حركة التحرر الوطني العالمي اوالعربي, كما لم تشكل أو تؤسس مشروعا سياسيا اجتماعيا وطنيا حسب متطلبات تلك المرحلة .
إن مسيرة الطائفية السياسية في العراق تختلف عن مسيرة الإسلام السياسي في بعض البلدان العربية, حينما أكدت حركات الإسلام السياسي في البلدان العربية الاخري علي الجانب الإنساني في الدين, بالأخص في المطالبة باشاعة العدالة الاجتماعية, مما قاد الكثير منها الاقتراب أو ربما التواصل سياسيا مع النهج العلماني بالعمل السياسي الاجتماعي, وهذا يختلف مع التوجه الطائفي السياسي للحركات والتجمعات الإسلامية في العراق التي أصبحت قوي معارضة مجردة تفتقر إلي برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي شامل يشكل البديل الحقيقي لنظام صدام . , وكنتيجة لارتباط الجانب الشيعي بنظام الحكم الإسلامي في إيران رفعت شعار إسقاط سلطة صدام وتحولت بذلك نوعيا من دعوة طائفية تدعو إلي المبادئ الدينية في منهجية نظام الدولة بشكل عام إلي قوي سياسية تستهدف فقط الهيمنة علي السلطة البديلة للنظام ألصدامي ,مما قادها إلي التعاون حتي مع الشيطان(الإدارة الأميركية ) اعتمادا علي قاعدة الغاية تبرر الواسطة أو الوسيلة.لقد أكدت القوي والأحزاب السياسية الطائفية منذ اندماجها في مؤتمرات المعارضة التي نظمت تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية ابتداء من بيروت وانتقالا إلي فينا ووصولا إلي صلاح الدين , بان الشيعة في العراق تشكل الأكثرية النسبية من سكان العراق ولهم الحق في الهيمنة والسيطرة علي مقاليد النظام الجديد , وهذا ما انعكس في توليفة بريمر التي تمخض عنها مجلس الحكم ا و عند وضعة هيكلية نظام المحاصصة الطائفية والعرقية للنظام العراقي الجديد .
إن الدين السياسي يعتمد علي المفهوم العام للدين بينما تعتمد الطائفية علي المفهوم الخاص, وهذا ما يجعلها لا تمثل مفاهيم التوجه الديني العام ,ولا يحق لها تعميم مفاهيمها التفسيرية في شؤون الدولة بشكل مطلق وهذا ما يقود إلي إن نظام المحاصصة الطائفية السياسية لايمثل الإصلاح العام بقدر ما هو عقد مؤقت يهتم بقضايا توازن مصالح الطائفية السياسية وليس بالضرورة حول قضايا عامة تمس مصير الأمة .
إن التحالفات بالبلدان الديمقراطية الغربية تجري علي أساس مشروع سياسي مشترك يعتمد علي الأسس المشتركة للقضايا الأساسية التي وردت ضمن برامج الأحزاب الانتخابية , ويشكل تجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع بحيث يكون من المستطاع للقوي السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بالطعن قضائيا, إذا ما انحرفت الدولة عن تطبيقه ,بينما ما يجري في العراق تقاسم مصالح الكتل الطائفية والعرقية السياسية, وان أي إخلال في ميزان التقاسم, وليس من جراء عدم تطبيق البرامج للدولة, يودي إلي الحفاظ أو انهيار الدولة.
ففي الوقت الذي اخذ الدين السياسي في نهجه السياسي الاجتماعي في العالم العربي يشكل العدو الأساسي للمصالح الأميركية الصهيونية , ويدخل في معادلة الصراع بين هيمنة الاستغلال الدولي وبين جبهة الكفاح من اجل التحرر وإزالة التخلف والتبعية , ايدت الطائفية السياسية العراقية هدف ونهج المصالح الأميركية والصهيونية في تدمير العراق بفرض الحصار الإ أنساني الذي دام 13 عاما وذهب ضحيته حسب تقارير هيئة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية مئات الآلاف من الشيوخ والأطفال وتدمير الهياكل الأساسية للاقتصاد الوطني وقاد لأول مرة في تاريخ العراق إلي هجرة مئات الآلاف من العراقيين بحثا عن ضمان مستلزمات الحياة وضمان الديمومة والبقاء, و وقفت هذه القوي السياسية الطائفية والعرقية جنبا إلي ادعاءات وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية مادلين أولبرايت في تبرير هذه الإبادة للشعب العراقي (وليس لصدام وحاشيته ) وتعاونت بدون قيد أو شرط مع المخطط الأميركي الصهيوني في احتلال العراق الذي اعتبر الرئيس بوش حربة هذه علي العراق كونها دولة إسلامية تمثل (ياجوج ومأجوج ) الذي جاء ذكرها في خرافة التوراة ( سفر التكوين )
كون ياجوج ومأجوج سيقودان جيش جرار لتدمير إسرائيل ومحوها عن الوجود ,.و مارست جميع الأكاذيب التي لم يشهد التاريخ مثيل لها من الدجل السياسي, واعتبار العراق محور الشر للرسالة المسيحية اليهودية التي كان تؤمن بها الإدارة الأميركية. وحسب هذه التصورات التوراتية ستهب قوي عظمي لحماية اليهود في حرب يريدها الرب ضد الكفرة وتقضي علي ياجوج ومأجوج ليبدأ العالم بعدها حياة جديدة . لقد عبر الرئيس بوش عن ذلك هاتفيا مع الرئيس الفرنسي شيراك بقولة حرفيا ( أنة تلقي وحيا من السماء لإعلان الحرب علي العراق لان ياجوج ومأجوج انبعثا من جديد في العراق وهما ينويان تدمير الغرب المسيحي) وغيرها من التوجيهات الدينية المسيحية اليهودية التي عرضها كاظم فنجان في معرض تقديمه للكتاب الموسوم ( لو كررت ذلك علي مسامعي فلن أصدقة ) للكاتب الفرنسي جان كلود موريس, وانعكس هذا التصور الخرافي بإعلان بوش علنا إن حربة علي العراق هي بمثابة حملة صليبية, وهذا يعني تاريخيا الحرب ضد الإسلام وتبرير القتل الجماعي للمسلمين ليشمل حتي الأطفال والرضع كما مارسه الصليبين بعد احتلالهم القدس.وهذا ما قدمه وزير الدفاع الأميركي رامسفلد في عدة مؤتمرات لتبرير القتل العشؤائي والتعذيب الذي مارسه جيش الاحتلال الأميركي وجيش المرتزقة – المجرمين المحترفين – التابع لخدمة الجيش الأميركي وصاحب الحصانة عن إعمال القتل والإجرام ضد الشعب العراقي .
تعاونت الأحزاب الطائفية والعرقية العراقية مع هدف حفنة المشركين – إدارة بوش – , وتغاضت عن القتل العشوائي للمدنيين والتخريب المتعمد لمؤسسات الدولة الأساسية وغير ذلك من الإعمال الاشرعية التي تتنافي وجميع القوانين الدولية في تحديد واجبات المحتل, وكذلك تتنافي والشريعة الإسلامية, كما لم تقف بجانب الاحتجاجات الدولية حول القتل والتعذيب في السجون للمدنيين ,وزحفت هذه الأحزاب علي بطونها باعلي إشكال الذل في تأييدها ممارسات قوات الاحتلال بالاشتراك في مجلس الحكم( مجلس الاحتلال) علي أساس التقسيم الطائفي والعرقي وليس علي أساس الاعتراف بها كقوي سياسية وقبولها ومباركتها لجميع القوانين الاشرعية في تقويض مؤسسات الدولة والتغاضي وإعطاء الشرعية لقوات الاحتلال في قتل المدنيين من العراقيين بشكل وحشي يتنافي والقوانين الدولية وشرائع الدين الإسلامي .
فلقد قام جيش الاحتلال الأميركي انتقاما لقتل أربع مجرمين من جيش المرتزقة( ليس جنود نظاميين اميركان) بشن مذبحة الفلوجة التي وصفها الكاتب الأميركي جيرمي سكيل فصلا في كتابة الشهير ( بلاك ووتر ) بأنها أبشع من مذبحة (ماي لاي ) في فيتنام عام 1968 الذي قتل الجيش الأميركي فيها ( 347) شيخا وطفلا ورضيع, وأحرقت جميع الأكواخ في القرية في حين يذكر الكتاب علي صفحة( 141 )إن الجيش الأميركي قتل ما يقارب(600) مواطن مدني عراقي يضمنهم شيوخا وأطفال رضع , كما أشار في معرض سرده لمذبحة الفلوجة بان المدينة تحولت إلي سيريفو علي الفرات,استعملت القنابل الكيماوية والفسفورية التي لازال أهل المدينة يعانون منها ومن إمراض تحذر المنظمات الدولية الإنسانية من عواقبها علي الولادة .لقد تم التكتم عن بشاعة الجريمة وعدد الضحايا بشكل مفصل . وأعقبت هذه المذبحة مثيلها هي مجزرة النجف الاشرف التي ذكر قسما منها كتاب بلاك وتر, في حين لم يذكرها الإعلام العراقي والعربي كجريمة تتنافي والشريعة الإسلامية والقوانين الدولية .
تميز الفارق بين صدي وتأثيرات الجريمتين ,عندما فضح الصحفي الأميركي الشهير سيمون هرش جريمة ماي لاي وأدان الإعلام العالمي هذه الجريمة , واعتبرها حرب إبادة, وخرجت المظاهرات الاحتجاجية في أغلبية دول العالم تندد بوحشية الحرب التي تمارسها اميركيا , وشكلت زخما أساسيا في إدانة جرائم الاحتلال, ولعبت لاحقا دورا في إنهاء الحرب .
بينما حصلت جريمة الفلوجة بموافقة رئيس الوزراء آنذاك أياد علاوي كما ورد في كتاب بلاك ووت الطبعة الانكليزية صفحة( 286) ,ولم تستنكر الأحزاب الطائفية والعرقية و القوي السياسية العاملة علي الساحة حتى رياءا هذه الجريمة النكراء, بل الانكي من ذلك, أنها استمرت تردد بدون حياء وشرف وطني بكون الاحتلال تحريرا للشعب العراقي ,كما اعتبرت يوم الا حتلال والغزو عيد وطني للعراق وهذا يشكل اكبر دعارة سياسية في التاريخ.ا .إن مواقف الطؤائف السنية والشيعية السياسية يتنافي ومفاهيم الدين والشريعة, بالوقت ذاته يعتبرون مطلب بعض العلمانيين فصل الدين عن سياسية الدولة ألحادا وكفرا .
تبدلت المعادلة والنهج للأحزاب الطائفية بعد مشاركتها في سلطة الاحتلال وتراجعت الطائفية الشيعية السياسية عن نهجها السياسي الذي نشأت علية والداعي إلي تشيد نظام ديني علي غرار إيران وأصبح القسم الأعظم من المراجع لا تؤيد منهجية دولة الفقيه ولكن اعتقادهم بأنهم يشكلون الأكثرية النسبية من سكان العراق يحق لهم قيادة الدولة العراقية بكونه حق مذهبي لإزالة المظلومية التي يعتمد علية المذهب الشيعي. إما الطائفية السنية فإنها تشكلت من اتحاد –لملوم-بعد الاحتلال لا تجمعها مرجعية واحدةووانما كرد فعل من التخوف الذي طرأ في تشكيلة المحاصصة والانتقال النسبي من الواقع السني لتاريخ الدولة العراقيةالا طائفية إلي هيمنة الطائفة الشيعية السياسية علي الدولة الجديدة , وتلاقت مصالح الطرفين في ميزان واحد لتقاسم الدولة
ومن اجل الحفاظ علي كينونتها الجديدة وحماية مصالح كل طرف في عملية المحاصصة السياسية التي رسمها لهم الحاكم بريمر في الهيمنة علي السلطة, فأنهم آخذو يعلنون رياء تأييدهم للعملية الديمقراطية والتعددية الحزبية بحدود ضمان مصالحهم السياسية الذاتية والإبقاء علي تأجيج الاحتراب الطائفي بالشكل الجديد بعد إن فشل سلاح الاقتتال ورفضته غالبية المجتمع بشتى اطيافة , وأصبحت لا تمانع في التعاون مع الكتل العلمانية الصغيرة المتناثرة الذين تعتبرهم فقهيا كفرة من اجل اكتمال النسبة التمثيلية في تشكيل الحكومة وذهب كل طرف يستجدي معونة البلدان المجاورة ويرضخ إلي شروط مصالحها المتباينة واحترابها المذهبي لتثبيت كيانها السياسي الذي تفتقده داخليا. .
استمر النظام بسلوكه الاوطني لقيادة الدولة بعد إن قادت الانتخابات عام 2005 علي أساس التوزيع الطائفي والعرقي إلي بزوغ تشكيلة برلمانية تعجز الأنظمة الشمولية والفردية في صنع مثل هذا المستوي المتدني من برلمان يضم جهلة ومرتزقة وفاسدون طائفيون غلاة, حيث سمح مثل هذا البرلمان للاحتراب الطائفي ,وعمق هيمنة المليشيات الإجرامية علي سير عملية الأمن الداخلي للدولة, وإشاعة القتل والتصفيات الجسدية علي الهوية للمواطنين الأبرياء , بإشراف وزير الداخلية السابق باقر صولاغ (الذي كوفئ علي جرائمه بترقيته إلي وزير مالية في حكومة المالكي )وتوزيع قادة الجيش إلي ألوية موزعة ولائها للأحزاب الطائفية السياسية, لا يجمعها هدف وحدة الوطن والدفاع عنة ضد العدو الداخلي والخارجي .
لقد اخذ ت غالبية الشعب العراقي عبر الواقع, وليس بالضرورة عن وعي سياسي, تدرك بان هيكل النظام أصبح يستند بالأساس علي المصالح الذاتية للأحزاب الطائفية والعرقية السياسية, وبعيدا عن المصالح العليا للوطن والمواطنين , بالتالي لابد إن يقود ذلك إلي السرقة والنهب والاستحواذ علي المزايا الخاصة لهذه الفئات, كله جعل العراق يتحول إلي الأكثر تخلفا وفسادا في العالم حسب مؤشرات منظمة الشفافية العالمية من ناحية , و إن الحكومة لا تعبر أو تعكس معاناة وشقاء الفرد العراقي من ناحية أخري.
لذلك فان الأحزاب السياسية الطائفية والعرقية المهيمنة علي الدولة والساحة السياسية مهما غيرت من خطابها السياسي الدعائي الذي طرحته في معركة الانتخابات وتلونت بثياب اللا طائفية لامتصاص عدم رضي الشعب فإنها تبقي في جوهرها قوي سياسية تعتمد علي نظام المحاصصة الطائفية مستغلة نفوذها السياسي والمالي والدعائي الذي بنته عبر أكثر من سبعة أعوام من ترسيخ التخلف الاجتماعي السياسي لتسهيل توجيهه وادارتة عبر التكليف الشرعي وفرض مثل هذه التشكيلة كهيكلية لمستقبل النظام العراقي.
إن فرض النهج الطائفي والعرقي السياسي يشكل دعوة إلي نكران وحدة حقوق المواطن ضمن الدولة الواحدة كحقوق سياسية عامة لايمكن ممارستها إلا ضمن مجموع شرائح المجتمع الواحد, وهذا ما يشكل جوهر مضمونها الاجتماعي وإدراج وحدة حقوق الإنسان في مصطلح الحرية السياسية. لذلك يستحيل قيام الحرية العامة للمجتمع وضمان حقوق الإنسان بابعادة المتعددة وجعله قانونا في العراق ما دام هناك توجه طائفي عرقي سياسي يجعل من مطالب الحرية العامة السياسية الاجتماعية مطالب تخضع لامتيازات طائفية وعرقية ..
برهن الواقع والتاريخ بان حقوق الإنسان لا يملكها المجتمع بالولادة, بل أنها تنتزع بالكفاح ضد تقاليد الأنظمة المتخلفة البالية التي نشأ عليها الإنسان أو التي يجري التأمر لفرضها بشعارات دينية أو طائفية متخلفة عن المشروع الوطني أو الدولي لذا تكمن أهمية حقوق الإنسان في أنها ارتبطت بالعمل السياسي من اجل تغيير الكيان الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والنفسي ,وأخذت تدرك الجماهير عبر التجربة وليس عبر تكامل الوعي الفكري هي ليست منحة من الطبيعة, وإنما من خلال النضال ضد القيم القديمة ومن اجل التجديد الذي يقود إلي التغيير وإزالة التخلف التراكمي.
علية فان فرض الطائفية والعرقية السياسية كنهج ومرشد يشكل النقيض لمسيرة التطور الطبيعي للقوي المنتجة ويكرس جوهر التخلف الهيكلي للدولة ونظام الحكم,.لذا يجب إن تعتبر مراقبة تطبيق شريعة حقوق الإنسان من قبل المنظمات المهنية وغير المهنية المستقلة حركة من الأسفل إلي الاعلي , واعتبارها ليس عطاء حكومي تمنه الدولة علي الرعايا يسمح للحكومة أو الدولة إن تستغلها كسلاح لتغطية التفافها حول جوهر النظام الديمقراطي, و بالأخص الديمقراطية الاقتصادية الاجتماعية
إن الدولة الديمقراطية المعبرة عن مصالح غالبية المجتمع لاتحتاج إلي فرض الشريعة.من اجل اكتمال كينونتها السياسية .فان الدين عالم لله,ولا اكراة في الدين الإسلامي .ولكن ربط الشريعة في سن القوانين الديمقراطية يشكل تقييد لحرية الفرد ومتطلباته المتغيرة حسب التطور السياسي الاقتصادي الاجتماعي.لذلك فمنذ أكثر من قرنيين من مسيرة النظام الديمقراطي في البلدان الغربية لم يجعل الدستور العقيدة الدينية أو ممارسة عبادة معينة, شرطا للامتيازات السياسية والاجتماعية والاقتصادية, كما إن مفهوم الليبرالية منذ قرن, وتطوره لاحقا, الذي اخذ يؤطر مفهوم النظام الديمقراطي وتوسيع مفهوم الديمقراطية ثقافيا واجتماعيا, لم تتعارض جميعها في التطبيق والممارسة مع الدين والمعتقدات الدينية المختلفة عندما اعتبرت الطائفية الدينية مراحل متخلفة للفكر الإنساني يرفضها تطور الواقع الإنساني الهادف إلي المسيرة والتطور وتحويلها إلي علاقات لاتعتمد علي الدين وتباين الطوائف وإنما علي علاقات علمية نقدية يخدم الإطراف ضمن العلاقات الإنسانية العامة التي يجمعها الدين الواحد وحل الخلافات التاريخية الكامنة بوسائل العلم القوي الوحيدة التي أصبحت تحل التناقضات لمصلحة الإطراف..
لذا فان فرض الشريعة في سن القوانين أو جعل القوانين لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية شكل سيفا علي رقاب قوي المجتمع السياسي غير الطائفي , كله قد أعطي دورا فاعلا للطائفية السياسية للتغاضي وتبرير القتل والفساد والتنكيل بالأخر , بل يمكن القول أنها وراء نشاط المليشيات وفرق الموت التي تعم جميع إنحاء المدن والتي قادت إلي انعدام تكامل مقومات الدولة العراقية منذ أكثر من سبع سنوات في بناء النظام الديمقراطي.
إن السماح لفرض نصوص الشريعة علي الدستور والقوانين والاجتهاد في اختيار النص حسب المصلحة الذاتية باعتبار كون هذه النصوص حمالة اوجة سوف يفرض قيود علي الدولة في عدم التطوير والتغيير للنظام الحديث حسب متطلبات السياسة و سن القوانين حسب احتياجات ومتطلبات المجتمع وضرورات التغيير.
إن تجريد الدولة للامتيازات الطائفية والعرقية لا يعني بتاتا إعلانها عن إلحادها, أو أنها ترفض الدين والمقدسات الدينية, بل هو تعزيز لاستقلالية الشعائر الدينية للطوائف المتعددة وتعزيز في موقفها المتساوي البعد من مختلف الأطياف الدينية وحصر التباين الطائفي كونه شانا دينيا يمارسه الفرد اتجاه ايمانة بمعزل عن وسيط أو تأثير خارجي .
فالدولة الديمقراطية الحقة لا تحتاج إلي الدين لاكتمال كينونتها السياسية.فالأساس في الدين هيعوامل ذاتيةلحرية والعدالة,وهوما يمكن تحقيقه حسب الطريقة الديمقراطية الدنيوية,أي إن يتم عزل الدين عن السياسة والسلطة وهذا ليس معناه ابتعاد الدولة عن الدين وإنما المثول المتساوي للطوائف والأعراق والأديان إمام القانون.
إن استقلالية الدولة اتجاه الطوائف يمكن إن يعزز من نقاوة الإيمان الديني, وسلخ الاعتماد علي عوامل ذاتية في التفسير والاجتهاد يمكن إن تشوه من جوهر التعاليم الدينية وتوجهاتها الإنسانية في خدمة سعادة البشر.
.
إن الدولة التي تعتمد علي المحاصصة بين الطوائف السياسية والعرقية لانعكس مصالح وحاجات الأمة, كما لا تتمكن بحكم الاختلاف والتناقض في المصالح الذاتية في معالجة المعضلات الاقتصادية الاجتماعية حيث تبقي أطروحاتها علاجات مؤقتة ضمن توزيع المصالح الفئوية واستغلال الدين في ممارستها السياسية , كله جعل من النظام القائم خلال السنوات السبع الماضية يصب في خدمة المشروع الصهيوني المسيحي في تفتيت الأمة ونسف أركان الدولة الوطنية.
#عبد_الباري_الشيخ_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟