|
طريق الحقيقة رقم 15
محمد تومة
الحوار المتمدن-العدد: 923 - 2004 / 8 / 12 - 09:44
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
طريق الحقيقة رقم 15 1- شعارها الثقافي الاستراتيجي: 1- لا أحد يملك الحقيقة. 2- أنا أبحث عن الحقيقة. 3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها. 2- شعارها السياسي التكتيكي: الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي، والحرية للكردي. 3- أيديولوجيتها: سياسة غصن الزيتون وفلسفة حقوق الإنسان. 4- شعارها الاقتصادي الاستراتيجي: مجتمع الإبداع والرخاء والعدل. - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عنوان الحلقة: الشرق الأوسط وصراع الهويات مرة أخرى مواضيع الحلقة: 1- الشرق الأوسط والأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية وقراءة التاريخ. 2- الشرق الأوسط لماذا نحن متخلفون؟ ولماذا في الغرب متقدمون؟ 3- مدرسة أخرى تعالج قضية الهوية – قراءتها وأفكارها وحلولها ورأي طريق الحقيقة. 4- القضية الكردية في ميزان الهوية القومية والدينية والمنطق التاريخي. 5- كلمة ختامية ومشروع الحل للهوية والتقدم والتطور. - - - - - - - - - - - - - - - - - - 1ً- الشرق الأوسط والأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية وقراءة التاريخ: الإنسان والتاريخ: الإنسان: هو الكائن الوحيد الذي يصنع التاريخ. لا تاريخ بدون إنسان ولا إنسان بدون تاريخ منذ أن وجد الإنسان على سطح الأرض وجد حريته مُقيدة من الطبيعة وبدأ صراع طويل ضد الطبيعة كي يتحرر. وبصراعه مع الطبيعة صنع تاريخه وصنع نفسه بنفس الوقت. إن الإنسان كائن حي ولكي يعيش يجب عليه أن يأكل ويلبس ويسكن ويستخدم حاجيات ولكن الطبيعة لا تعطيه هذه المتطلبات الحيوية جاهزة فكان على الإنسان أن يدخل في صراع مرير مع الطبيعة كي يحصل على هذه المتطلبات. ولكن الطبيعة لا تعطي شيئاً بدون معرفتها. وهنا برز العامل المعرفي في التاريخ. لقد خلق الإنسان وخلق معه عقل فاعل متطور بخلاف الحيوان الذي يملك عقلاً أيضاً ولكنه لا يملك في دماغه آلية المعرفة. ولذا سمي الإنسان بالكائن العاقل والحيوان بالكائن الغريزي. وهذا يعني أن الإنسان لا يعمل شيئاً إلا بعد أن يوزنه بعقله والحيوان يعمل ويتحرك ولكن كل ذلك بدافع غرائزه ليس للعقل أي دور. إن عقل الإنسان رفض أن تكون حريته خاضعة لعطاء الطبيعة وشغل عقله للتحرر من عبودية الطبيعة إلى سيادته عليها. ولكن الطبيعة تحوي أسرارها العميقة ولا تكشف عنها إلا بالمعرفة وهنا كان ومازال دور العقل الذي يملكه الإنسان ذو قيمة كبيرة. إن التاريخ هو مجموع نشاط الإنسان الذي يمارسه على الطبيعة بغية تحويل المادة الطبيعية لما يفيده. إن تحويل مواد الطبيعة يتم عن طريق عملية الإنتاج، والإنتاج هو خلق خيرات حيوية وضرورية للإنسان. بدون هذه الخيرات لا يستطيع الإنسان أن يعيش ولذا تكون عملية الإنتاج هو التناقض الرئيسي في كل زمان ومكان في حياة الأفراد والشعوب والأمم. كيف نفهم الإنتاج؟ انقسمت عملية الإنتاج في السياق التاريخي إلى قسمين: 1- مرحلة الإنتاج الطبيعي. 2- مرحلة الإنتاج الصناعي. إن الإنتاج هو ميزان القوة لكل شعب أو أمة. لقد كان وما زال تقاس قوة شعب ما أو أمة ما بقوة إنتاجها. ومع تطور عملية الإنتاج نشأت عنها عوامل كثيرة: السياسية - الفلسفية - الأديان - والثقافة والعلم – وهو الجانب الروحي. وانقسم الناس في كل مجتمع إلى قسمين في عملية الإنتاج – سمي بالبناء التحتي والبناء الفوقي. البناء التحتي: يمثل العملية الاقتصادية – الزراعة والصناعة والتجارة وهم الناس الفعليون لصنع التاريخ. أما البناء الفوقي: هم الإداريون – أي السياسيون أصحاب السلطة والإداريون ينقسمون كالبناء التحتي إلى إداريين وتنفيذيين وإيديولوجيين. مهمة الإداريين هي رسم السياسات ، والتنفيذيين - التنفيذ ، والأيديولوجيون يقومون بمهمة محامي الدفاع عن تلك السياسات. لو سألنا السؤال التالي أي فرد أو شعب: هل تريد أن تكون قوياً أم ضعيفاً؟ ومن البداهة سيأتي الجواب بنسبة 99.99% وهذا الرقم المحبب في العالم الثالث، يريدون القوة ويرفضون الضعف. ولكن لو سألنا سؤالاً آخر وهو كيف يمكن أن نكون أقوياء؟ ومن البداهة أيضاً ستأتي النتيجة بنسبة 99.99% مختلفاً الواحد عن الآخر. ترى أبن تكمن الحقيقة، في الجواب الأول أم الثاني؟ ففي جواب السؤال الأول: يحكم الإنسان بالعاطفة. وفي جواب السؤال الثاني: يحكم الإنسان بالعقل. ولكن بكمٍ هائل من الاختلاف – فكيف يمكن حل مشكلة هذا الاختلاف؟ لكي نكون أقوياء، تلك هي مشكلة الحقيقة. والحقيقة من وجهة نظر طريق الحقيقة تكمن في فهم التاريخ وعملية الإنتاج، إنتاج الخيرات المادية المأكل والملبس والمسكن والحاجيات التي لا نستطيع أن نعيش بدونها. مفهوم القوة في الإنتاج الطبيعي والإنتاج الصناعي: إن الذي يحدد مفهوم القوة هو الطاقة. الطاقة في الإنتاج الطبيعي يقوم على المصادر الطبيعية:1- طاقة الإنسان. 2- طاقة الحيوان. 3- طاقة الهواء والمياه. إن هذه الطاقة هي مصادر طبيعية لا يدخل عقل الإنسان في ذلك وقد استمرت حياة الإنسان في عملية الإنتاج الطبيعي لفترة طويلة من الزمن معتمداً على هذه الطاقة الطبيعية. وهذا يعني أن عقل الإنسان كان نائماً وسيبقى نائماً مادام الإنتاج الطبيعي سائداً وإن العقل الإبداعي لا وجود له أي هناك فراغ في عملية الإبداع. ولما كانت الطبيعة لا تتحمل الفراغ. وفي هذه الحالة سيملئ الإنسان عقله بالخرافات والأساطير ويسعى وراء أهداف استراتيجية طوباوية لا يمكن تحقيقها. ويسيطر على عقل الإنسان الخيال الميتافيزيقي. وثقافة الأيديولوجيات لا فرق سواء أكانت دينية أو دنيوية. ومع النمو السكاني سيتناقص الإنتاج يوماً بعد يوم وسيحل الفقر. فقراً في المأكل والملبس والمسكن والحاجيات. وعندها سيزداد التفاوت الطبقي وتتناقص فرص العمل. عندها ستتحول السياسة إلى عامل إرتزاق ويبدأ الصراع على السلطة والإستيلاء عليها بالقوة والتمسك بها إلى الأبد. ويبدأ مسلسل سحق الحريات وإنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. عندها لا يمكن التكلم أو الحلم بدولة المؤسسات والقانون والمجتمع المدني. ويتحول المجتمع بأكمله إلى مجتمع تناحري ويفلت وحش العنف وتظهر عصابات إرهابية بأسماء غريبة وعجيبة لا أول لها ولا آخر. ويدخل المجتمع بأكمله في مناخ الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المذهبية الطائفية القومية ...الخ ترى هل يعي السياسيون والمثقفون والمفكرون في الأمم الأربعة في الشرق الأوسط لما نحن ذاهبون إليه. ألا تتطلب المرحلة التاريخية تغيير الأهداف الإستراتيجية والتكتيكات التي عفا عليها الزمن. والتي هدفها محاولة إرجاع التاريخ إلى الوراء. إن قوة عملية الإنتاج الطبيعي تكمن في الكم، فكلما كان الكم كثيراً كان الإنتاج وفيراً وكلما قل العدد كان الإنتاج قليلاً. لقد كانت الحاجة لبناء المشاريع العمرانية الهائلة التي تركها الإنسان كآثار عملاقة في مختلف أصقاع الأرض: كالأهرامات – والقلاع – والمعابد الإسلامية والبوذية – والمسارح – وسور الصين العظيم. ترى كم من البشر سيقوا لبناء هذه الآثار العملاقة؟ لقد كانت طاقة الإنسان والحيوان هما المصدران الوحيدان لبناء هذه الآثار. وهكذا كان العمل في الزراعة وكذلك في الحرب. فكلما كان الجيش كثير العدد من البشر كان ذلك يمثل القوة. وكذلك في كبر المساحة الجغرافية – لقد كانت عظمة شعب ما تكمن في امتلاك أكبر مساحة من الأرض. وهذا يعني كبر إنتاجها ولهذا نرى في السياق التاريخي كلما كان شعباً ما يملك قوة عسكرية كثيرة العدد كان يتجه نحو حركة استعمارية. والامتداد نحو امتلاك أكبر مساحة جغرافية. لهذا قامت إمبراطوريات كبيرة كانت تضم أمماً وشعوباً مختلفة لا فرق في أيديولوجيتها سواء أكانت دينية أو علمانية فهي حركة استعمارية يقف وراءها العامل الاقتصادي. لم تلعب تلك الأيديولوجيات سوى دور اللُحمة في تجميع أكبر قوة ممكنة من البشر أي من الطاقة بخدمة الهدف الاقتصادي الاستعماري والتوسع والتمدد. مفهوم القوة في الإنتاج الصناعي: إن مفهوم القوة للطاقة في الإنتاج الصناعي هو نقيض مفهوم القوة في الإنتاج الطبيعي تماماً. فمفهوم القوة في الإنتاج الصناعي مصدر قوته يعتمد على النوعية. وبذلك تشكلَ النقيض الديالكتيكي لمفهوم القوة وكان هذا سبباً في انتقال البشرية من مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى. وكانت نقلة حضارية هائلة. ونلاحظ أن الأمم والشعوب التي بقيت في الاستمرار على الطاقة الإنتاجية على المصادر الطبيعية بقيت متخلقة عن هذه النقلة الحضارية ولا زالت تعيش في مرحلة صراع الأيديولوجيات وستظل تبقى حتى تفنى أو تنتقل إلى الطاقة الإنتاجية الصناعية. ماذا يعني مفهوم القوة؟ لقد انقلب مفهوم القوة في الطاقة من الكثرة العددية والمساحية إلى الأقلية المبدعة. لقد استبدلت طاقة الإنسان والحيوان والهواء والماء بطاقة الآلة وانقلبت حياة الإنسان الاقتصادية الإنتاجية رأساً على عقب. وتبعتها الحياة الاجتماعية والثقافية أيضا. فالعمل الذي كان يتطلب طاقة ألوف الناس والحيوان سواء في الزراعة أو الصناعة يمكن أن تقوم بها آلة واحدة. ففي الزراعة كانت الحاجة يتطلب بإنتاج وفير إلى ألوف من الناس سواء في الفلاحة أو الزراعة أو الحصاد وكذلك في البناء. فرفع حجرة يبلغ وزنها خمسون طناً إلى ارتفاع عشرات الأمتار لبناء تلك الشواهد الآثارية العملاقة التي تركها البشر إلى عشرات الألوف من البشر، ولكن تلك العملية سواء أكانت في الزراعة أو البناء لا تحتاج إلا إلى آلة واحدة ولا يحتاج الأمر سوى كبس زر لينجز العمل. وفي الحرب تغير مفهوم القوة كلياً: فالجيوش الحديثة في مجتمع الإنتاج الصناعي لم تعد تقاس قوتها بعددها بل بما تملك من طاقة الآلة. وكلما كانت آلتها متطورة كانت قوتها أكبر – ولهذا نرى أن الذين خاضوا حروباً بعقلية قديمة أي عقلية الإنتاج الطبيعي جرّوا على أنفسهم الهلاك. في المجتمع الصناعي لم يعد الإيمان ولا الشجاعة ولا الصبر والجلد ولا قوة العضلات ولا طول الشوارب والذقن نافعاً. بل المفيد هو التكنيك المبدع الحديث. إن عملية خلق مجتمع صناعي يحتاج إلى عقول مبدعة لكشف حركات المادة والإبداع يعني خلق شيء جديد لم يكن معروفاً سابقاً. والمطلوب في مجتمع الإنتاج الصناعي النوع المبدع وليس الكم الغبي. وهكذا تكون قوة شعب ما أو أمة ما تكمن في امتلاكه أكبر عدد من العقول المبدعة. والتاريخ القديم والحديث لإنتاج المجتمع الصناعي مليء بالشواهد والأمثلة. فهزيمة النظام الصربي لم تكن تنقصهم الشجاعة ولا قوة العضلات ولا إيمانهم بقوميتهم وحبهم لوطنهم ولا الصبر والجلد ولكن انهزموا لأن تكنيكهم كان قديماً وبحكم التطور تحولت إلى خردة. وهزيمة الطالبان ( الأفغان ) لم يكن ينقصهم الإيمان والشجاعة ولا طول الذقون ولا الصبر والجلد وقوة العضلات بل كان تكنيكهم خردة أمام تكنيك الطرف الآخر المبدع الحديث. وهزيمة النظام السياسي العراقي لم تكن تنقصه قواته المسلحة الشجاعة والصبر وقوة العضلات وحب الوطن بل كان تكنيكهم خردة أمام التكنيك الحديث للطرف الآخر. لقد اعتمد الصرب والطالبان والعراق على قوة العضلات والشجاعة والإيمان للإنسان. وقضوا على كل العقول المبدعة. بينما الطرف الآخر كان يعتمد على قوة العقل المبدع هذه العقول المبدعة اكتشفوها وفق برامج تعليمية وثقافية ونظم سياسية وفرت لها المناخ المناسب والأمن والسلام الاجتماعي والحرية فكان للطرف الأول الهزيمة وللطرف الثاني النصر. هناك شواهد حية لأمم خاضت الحرب الحديثة وانهزمت وأخذت من هزيمتها عبرة وأدركت سر هزيمتها وتصرفت بعقلانية بعيدة عن العاطفة. وغيرت مناهجها التعليمية وهويتها – وثقافتها السياسية وبالرغم من أن جغرافيتها لا تملك الطاقة ولا المواد الأولية للإنتاج الصناعي ولكن ركزت في استراتيجيتها على كشف وخلق العقول المبدعة ونجحت في ذلك وخلقت المجتمع الصناعي وهاهي اليوم تدق باب العالم ليس بجيوشها بل بصناعتها. هناك أمم كثيرة تملك كل المقومات الأساسية من المواد والطاقة في أراضيها ولكن لا تملك العقول المبدعة. ونحن الأمم الأربعة في الشرق الأوسط العربية والفارسية والتركية والكردية من هذه الأمم لذلك نراها تسير في مؤخرة التاريخ العالمي الحديث يحكمها كم هائل من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعنف سائد ويطال حياة كل إنسان في كل لحظة. فإذا كان هذا وضع هذه الأمم فكيف يمكن لها أن تخلق العقول المبدعة؟ فمن أية هوية وثقافة سياسية ونظم حقوقية نأخذها؟ هذا ما سنبينه في مشروع طريق الحقيقة للحل... 2ً- لماذا نحن متخلفون في الشرق الأوسط؟ ولماذا هم متقدمون في الغرب؟ أينما التقيت في الشرق الأوسط مع فرد أو جماعة، فعندما يثار موضوع التخلف والتقدم نسمع شكوى الناس من أحوالهم يتكلمون عن آلاف الأمثلة السلبية من واقعنا عن التخلف منها سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وعلمية وتكنولوجية وعادات وتقاليد والرؤية الفلسفية وبالمحصلة لا يوجد هناك عامل إيجابي كل ذلك مقارنة بالغرب المتقدم. وعند طرح السؤال على هؤلاء الناس الذين يشكون من السلبيات لماذا لا نكون متقدمين مثلهم في الغرب؟ يأتي الجواب في حسرة وآهة طويلة ثم يقول لك إن ذلك مستحيل بنسبة 99.99% إذاً إنه اليأس! وعندما تناقشهم وتقول أليس نحن بشر مثلهم لهم عينان ولنا عينان لهم عقل ولنا عقل لهم أذنان ولنا أذنان ولهم يدان ولنا يدان لهم أرض ولنا أرض. أين يكمن الفرق ولماذا نحن متخلفون وهم متقدمون؟ ومن وجهة نظر طريق الحقيقة كونها تملك جزءاً من الحقيقة ومن حقها أن تعبر عنها، السبب هو مشكلة الحقيقة. فإذا لم نكتشف الحقيقة فسيظل كابوس اليأس يسيطر علينا وسنظل ندور في دوامة التخلف حتى نفقد إرادتنا الوطنية وحريتنا في تقرير مصيرنا. والإجابة على السؤال لماذا نحن متخلفون في الشرق الأوسط؟ ولماذا هم متقدمون في الغرب؟ وفق منظار طريق الحقيقة نطرح المقارنة الآتية بيننا وبينهم في الممارسة العملية النظرية علنا نكشف سر تخلفنا... 1- هم ينظرون في الغرب إلى الإنسان الفرد له حقوق وعليه واجبات. 2- نحن ننظر إلى الفرد الإنسان كفرد في قطيعٍ من الغنم. 3- هم يعتبرون السياسة في خدمة الشعب. 4- نحن نعتبر الشعب في خدمة السياسية. 5- هم يعطون حقوق المواطنة للفرد أياً كان لونه وقوميته ومذهبه وحزبه بعد مرور خمس سنوات. 6- نحن نسحب حقوق المواطنة والجنسية حتى ولو كان عائشاً على أرضه ألف سنة. 7- هم يعطون الحق للمواطن أن يتظاهر فرداً أو جماعة ليعبر عن احتجاجه لسياسة لم تعجبه وترافق المتظاهرين حماية أمنية وسيارات إسعاف لحماية الناس. 8- نحن نرسل قوات الأمن ليستخدموا الهراوات على رؤوس المحتجين. وإرسال نصفهم إلى قبور جماعية والربع إلى السجون والربع الأخير يختفي عن الأنظار هرباً من الموت. 9- هم يمارسون السياسة على المكشوف وفي الهواء الطلق. 10- نحن نمارس السياسة في السراديب وتحت الأرض. 11- هم يكتشفون مستقبلهم وفق الكمبيوترات الالكترونية. 12- نحن نكتشف مستقبلنا بواسطة السحر وفتاحي الفال. 13- هم يشغلون عقولهم لإبداع تكنولوجيا جديدة لزيادة إنتاجهم. 14- نحن ننتظر أن يأتينا الوحي من السماء كي نفهم أسرار المادة. 15- هم يبحثون عن الإنسان المناسب ليضعوه في المكان المناسب. 16- نحن نبحث عن الإنسان غير المناسب لنضعه في المكان المناسب. 17- ساستهم ومفكروهم وفلاسفتهم يناضلون من أجل مزيد من الحرية لمواطنيهم. 18- ساستنا ومفكرونا وفلاسفتنا يناضلون من أجل سحق أكبر قدر من الحرية لمواطنيّ بلدهم. 19- هم يحاولون المستحيل لإرضاء شعوبهم. 20- ونحن نحاول المستحيل لقهر شعوبنا. 21- هم يعيشون مع كل يوم جديد حياة جديدة. 22- نحن نعيش مع كل يوم جديد حياتنا القديمة. 23- هم يؤمنون بالعلم. والعلم يحل كل مشكلة. 24- نحن نؤمن بالخرافات والأساطير. ونجعلها حلاً لكل عقدة. 25- هم يسعون بكل جهدهم لخلق مناخ الأمن والسلام الاجتماعي. 26- نحن نسعى بكل جهد لخلق حالة التناحر الاجتماعي. 27- هم يحاولون الانطلاق من سطح الأرض إلى السماء. 28- نحن نحاول الإنحدار من سطح الأرض إلى تحت الأرض. 29- هم يدرّسون أبناءهم مناهج السلام والحرية وحقوق الإنسان. 30- نحن ندرس أبناءنا مفاهيم الحقد والكره والعنف والعبودية. 31- هم منتجون للتكنيك. 32- ونحن مستهلكون للتكنيك. 33- هم يبنون مراكز الأبحاث العلمية والجامعات لدراسة العلوم الطبيعية وإجراء التجارب على المادة الملموسة. 34- نحن نبني مزيداً من مراكز العبادة وتكيات المشايخ لدراسة العلوم اللاهوتية. 35- هم يحاولون المستحيل لإخراج المرأة من الظلام لتعرض نفسها للشمس. 36- نحن نحاول المستحيل لحبس المرأة في الظلام. 37- السياسة عندهم حق مقدس لكل مواطن. 38- نحن عندنا السياسة للأسياد والعبيد ممنوع عليهم ممارسة السياسة. 39- هم ينصحون أولادهم لدراسة العلوم الطبيعية لفهم أسرار المادة وزياد خيالهم العلمي. 40- نحن ننصح أولادنا بدراسة علوم اللاهوت لزيادة خيالهم الميتافيزيقي. 41- هم يغيرون لباسهم ومأكلهم ومسكنهم وفق المتغيرات التاريخية. 42- نحن نحافظ على مأكلنا وملبسنا ومسكننا للأبد لا فرق عندنا صيفاً وخريفاً وشتاءً وربيعاً. 43- هم يتناوبون على السلطة السياسية عن طريق صندوق الانتخاب. 44- نحن نتناوب على السلطة السياسية عن طريق الدبابة والإذاعة والتلفزيون. 45- هم يختارون النظم السياسية والحقوقية التي تكافح الفساد. 46- نحن نختار النظم السياسية والحقوقية التي تزيد من الفساد. 47- مفكروهم ومثقفوهم وفلاسفتهم ينورون شعوبهم. 48- مفكرونا ومثقفونا وفلاسفتنا ينشرون ثقافة الظلام وتزييف الحقيقة. 49- أنظارهم متوجهة نحو المستقبل. 50- أنظارنا متوجهة نحو الماضي. 51- هم يعتنون بالحي. 52- نحن نعتني بالميت. أخي العربي والفارسي والتركي والكردي هل عرفت سبب تخلفنا وتقدمهم. فإذا لم تقتنع بوجهة نظر طريق الحقيقة كما أوردناها، والتي لا ندعي أننا نملك الحقيقة كاملة. نرجو منك أن تكشف لنا الحقيقة لأنك تملك جزءاً من الحقيقة. لقد كان الغرب مثلنا متخلفون. وكانوا يعانون من نفس الأمراض التي سببت لنا التخلف ولكنهم فهموا السبب وبطل العجب. وعالجوا أمراضهم وشفيت أجسادهم وها هم اليوم متقدمون وأقوياء فإذا كنا نريد أن نكون أقوياء مثلهم فما علينا إلا أن نتخلص من أمراضنا. لنعيش مع الأقوياء في هذا العالم الذي لم يعد للضعفاء مكان لهم مع الحرية. مدرسة أخرى تعالج قضية الهوية – قراءتها – وأفكارها وحلولها ورأي طريق الحقيقة: المصدر: مدرســــــــــة دمشق المنطق الحيوي. www.damascusschool.com الدكتور رائق النقري. من الموقع الالكتروني (( رسالة جوابية )). الصديق العزيز أبو إلياس: تحية وبعد تشرفت بمعرفة تفاصيل حياتك كمناضل وإن كنت أعد خلفيتك الشيوعية في خانة التزام الاستبداد بشكل أيديولوجي وسياسي وشعار الحرية الذي ترفعه هو أنبل شعار ولكن رفع من قلب كل الطغاة. ولكن مع تقييمي السلبي للماركسية بوصفها تمثل منطق جوهر نافي للآخر استنفذت أغراضها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية أي قبل أن تكون قد ولدت كانت الماركسية تحفر القبر لخونة الاشتراكية وأمل الجماهير الفقيرة في رفع مستوى معيشتها. أقول رغم ذلك فإن الماركسية كانت وربما لا تزال تستقبل أناساً صادقين في نواياهم الثورية ولا شك أنك منهم وإنني لا أحترم فقط توجهاتك السابقة واللاحقة. بل أشد على أيديك ومن معك بدءاً بعائلتك الرائعة تحياتي الخاصة لزوجك المصونة راجياً أن أتعرف عليكم عند عودتي قريباً إلى الوطن. ملاحظة: ألا تلاحظ أن حقائقك بعيدة عن تعرف التراث الحيوي الإسلامي؟ وبما أنك تناضل مع واقع عالم إسلامي في غالبيته العظمى. فكيف تفسر ذلك مع انتظاري لقرائتك لأطروحات المنطق الحيوي وفق المصالح ودمتم لتحقيق إرادة الحياة: الحرية. الدكتور رائق النقري. جواب طريق الحقيقة – تقول: الصديق العزيز الدكتور رائق النقري لقد قرأنا أطروحاتك لنظرية المنطق الحيوي المنشورة على الموقع الإلكتروني www.damascusschool.com . بكل اهتمام وعمق وننظر لطروحاتك ولكل الأطروحات الأخرى وفق مبادئ طريق الحقيقة التي التزمنا بها وهي: 1- لا أحد يملك الحقيقة. 2- أنا أبحث عن الحقيقة. 3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها. لا فيتو ضد الفكر. إننا نحترم كل كلمة وكل فكرة كتبتها في أطروحاتك. فهذا حق مقدس لك ولكل إنسان. إننا لا نرفض ولا نقبل كل ما كتبت. كما أننا لا نريد من الآخرين أن يقبلوا أو يرفضوا كل ما نكتب، كل واحد منا يملك جزءاً من الحقيقة. أما هل الحقيقة في ما تقول وتكتب أو فيما نقول ونكتب هذا الحق لا نملكه لا نحن ولا أنت. صاحب الحق هو الممارسة التاريخية الاجتماعية. إننا نعتقد إن مأساة تخلفنا نحن الأمم الأربعة في الشرق الأوسط تكمن في مشكلة الحقيقة. لكون كل فرد منا في الأمم الأربعة يدعي أنه يملك الحقيقة المطلقة ويحاول فرضها على الآخرين. إن هذه الحقيقة المطلقة التي ندعي أننا نملكها هي سبب كل أزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية. إننا في طريق الحقيقة نلمس بأنك تملك حساً وطنياً صادقاً وتشعر بمرارة الألم الذي يعانيه وطنك وأبناء وطنك. هذه العاطفة والإحساس الصادق وراء كتابتك لأطروحاتك المعقدة والطويلة والشاقة محاولاً تشخيص الداء للوصول إلى وصف الدواء. لم تترك شاردة ولا واردة ولا زاوية من زوايا الحياة والواقع إلا ووضعتها تحت المجهر. فكان لك رؤيتك وتشخيصك وطرح الحلول للخروج من الظلام والتخلف. لقد رأينا أن نأخذ الأفكار والتشخيصات للمرض والأفكار المطروحة للحل الآتية... التي نراها هامة جداً والتي يمكن للقارئ أن يتوقف عليها. إننا سنبدي رأينا لهذه الأفكار التي تستدعي الرأي. لا على أساس القبول أو الرضى بل على أساس الوصول إلى الحقيقة. لقد بذلت جهداً مضنياً. وقدمت أفكاراً وفق مرحلتين: 1- مرحلة التشخيص مع النقد. 2- مرحلة طرح الحلول وفق نظرية المنطق الحيوي. كل ذلك ضمن الهوية العربية الإسلامية الموروثة. لقد عالجت كل الأمور السياسية والاجتماعية والأيديولوجية والقومية والحقوقية والثقافية والعسكرية والتكنولوجية والعلمية والتاريخية كل ذلك وفق الهوية العربية الإسلامية. وطرحت العنوان المستقبلي لمنطقة الشرق الأوسط. الولايات العربية الإسلامية. وأحياناً أشرت إلى الهلال الخصيب والتزمت بهذه الهوية من بداية طروحاتك حتى النهاية ووجدت فيها الحقيقة. ولا حقيقة خارج هذه الهوية. ووجهت تساؤلاً أو نقداً لطريق الحقيقة في نهاية رسالتك بالعبارة التالية: (( ألا تلاحظ أن حقائقك بعيدة عن تعرف التراث الحيوي الإسلامي. وبما أنك تناضل من واقع عالم إسلامي في غالبيته العظمى فكيف تفسر ذلك )). ولتفسير ذلك نفيدك بما هو آت: إن كل تلك الأفكار التي طرحتها للحل هي أفكار عصرية وحديثة تتماشى مع منطق العصر. ولكن إطلاق الهوية العربية الإسلامية على تلك الأفكار تكون النتيجة مرفوضة داخلياً وخارجياً على السواء. لأن كلا الهويتين لها تاريخ طويل من السلبيات. فالهوية الإسلامية منذ وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وحتى تاريخه لم تكن الهوية السياسية العربية الإسلامية سوى تاريخ طويل من الانقسامات والقتل والصراع على السلطة. والفقر والجهل والمصيبة الأكبر التي حلت بهذه الهوية والأيديولوجية هو انقسام أتباع الدين الإسلامي إلى ثلاثة وسبعين فرقة أي ثلاثة وسبعون هوية بدءاً من السني والشيعي والعلوي والقادري والنقشبندي الخ... وإن كل فرقة تدعي أنها الناجية وتملك الحقيقة المطلقة وتكفر الآخر وبالتالي تحلل سفك دمه. لقد زرعت هذه الفرق ثقافة الحقد والكراهية فيما بينها وامتدت جذورها إلى أعماق الأرض. إن تاريخ الراشدين والأمويين والعباسيين والعثمانيين قديماً. وحديثاً الخمينيون والسودانيون والطالبان، وما نشاهده من عمليات قطع الرؤوس باسم الإسلام في العراق. إن هذا التاريخ للهوية الإسلامية مليء بالقتل والذبح والاختلاف وكذلك التاريخ القومي العربي بدءاً من الأمويين. وخلال القرن العشرين وإنشاء دول ذات هوية قومية. جرت على شعوبها من تناحرات ومذابح كبيرة ونتيجة للتفاوت الحضاري بيننا نحن الشعوب العربية والإسلامية والعالم المتقدم ألا ترى أن رفع شعار أسلمة العالم وفق الهوية الإسلامية وتعريب العالم وفق الهوية القومية شعاران خطيران. قد يقلب العالم كله ضدنا؟ ترى أي شعب في العالم ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين عصر الحضارة المتلألئة أن يقبل بأن نفرض عليهم ديننا. أو قوميتنا العربية وذلك رحمة بهم لأن لغة أهل الجنة العربية كما أشار أحد الكتاب في حلقة "طريق الحقيقة رقم 14". وحالما تطلق هذه الهوية على مشروعك السياسي والثقافي سوف يظهر آلاف المفكرين يكتبون آلاف المقالات عن كل تاريخ الهوية العربية الإسلامية. فكيف يمكن أن تدافع عن هذه الهوية أمام هذا الكم الهائل قبل أن تسعى لإقناع الجماهير. فإذا كان المقصود هو الحفاظ على الدين كعقيدة لنا أو القومية العربية كهوية لنا. نحن لا نعتقد أن هناك خطراً على ديننا الإسلامي ولا على عروبتنا. إن الأمر المهم هو أن نخرج من تخلفنا السياسي والاقتصادي والحضاري. وإن التقدم السياسي والاقتصادي والحضاري لا يعني إلغاء الدين والقومية. إن المشكلة الرئيسية في الهوية الدينية والقومية والشيوعية هذه الهويات الثلاث هويات شمولية مطلقة تنفي وجود الآخر المختلف عنها ولا تقبل أي نقد أو تغيير. ولا تقبل مبدأ تداول السلطة بالتناوب عن طريق الانتخاب المتعدد. ولا تقبل الديمقراطية كشكل لنظام سياسي. إن مجرد إطلاق الهوية العربية الإسلامية على الولايات العربية الإسلامية المتحدة يعني هذا من الناحية القومية أن كل من يعيش على أرض هذه الولايات المتحدة الغير عربي والغير إسلامي مواطنون من الدرجة الثانية. لا يحق لهم المشاركة السياسية وهذا يعني أن الأكراد والأمازيغيين والقوميات الأخرى في السودان والآشوريين والكلدان هم مواطنون وافدون ليس لهم أي حقوق سياسية ولا حقوق ثقافية وإن الأرض التي يعيشون عليها أرض عربية وإسلامية ليس لهم سوى حق العبيد. أما المواطنون المختلفون دينياً كالمسيحيين واليهود يعتبرون أهل الذمة، فلهم حقوق أهل الذمة. ترى هل يمكن تطبيق هذه الهوية القومية والدينية في القرن الحادي والعشرين بعد ظهور شريعة حقوق الإنسان والتي باتت شريعة كونية يتزايد أنصارها يوماً بعد يوم ولا بد أن يأتي اليوم الذي سيكون فيه دستوراً ونظاماً حقوقياً لكل الدول على الأرض. ترى كيف يمكن لنظرية المنطق الحيوي الإسلامي العربي أن تقنع الأكراد في الوطن العربي وتركيا وإيران والأمازيغيين في الجزائر والأفارقة في السودان بعد كل المذابح الرهيبة التي ارتكبت بحقهم من قبل الحكومات التي اتخذت الهوية القومية والإسلامية على السواء؟ ترى كيف يمكن إقناع المسيحيين في لبنان ومصر وتركيا وإيران بعد كل المذابح الرهيبة التي ارتكبت بحقهم بمنطق نظرية المنطق الحيوي للهوية العربية الإسلامية ليعيشوا بأمان وسلام وبحقوق متساوية في ظل الولايات العربية الإسلامية المتحدة؟ إن الذي يجب أن يشغل بالنا ليس الخوف على ديننا أو عروبتنا لأننا سنبقى مسلمين وعرباً بل يجب أن نخاف على فقدان مأكلنا وملبسنا ومسكننا وفقدان حريتنا وإرادتنا الوطنية في أوطاننا. إن الذين يريدون أن نبقى متخلفين يخططون لسرقة أموالنا وعقولنا المبدعة من أجل تجويعنا ولنكون بحاجة إليهم على الدوام. إنهم ليسوا بحاجة إلى ديننا ولا إلى قوميتنا. إن مجرد إطلاق اسم الهوية العربية الإسلامية لا يوفر المأكل والملبس والمسكن والحاجيات لنا. إن تأمين كل ذلك لا يكون إلا بالعلم. ونحن لا زلنا بعيدين عن العلم بعد الأرض عن كوكب المريخ. إن كل ممارستنا العملية قائمة على العاطفة والخرافات والأساطير. والعلم لا يعطيك شيئاً ما لم يكن هناك مناخ سياسي وثقافي وحقوقي خاص يوفر فيه الأمن والسلام الاجتماعي أولاً وقبل كل شيء إن الهويات الدينية والقومية والشيوعية لا تحقق سوى العنف ولا تزرع سوى ثقافة العنف ولا يمكن أن تستمر هذه الهويات إلا بالعنف وقطع الرقبة. لقد حاول الكاتب إجراء عملية تجميلية للهوية العربية الإسلامية عن طريق مفهوم المنطق الحيوي وعن طريق توجيه النقد. كل ذلك لا يغير من جوهر الهوية العربية الإسلامية شيئاً. ونظراً لاختلاط الشعوب ببعضها البعض وهجرة الملايين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية إلى الغرب واتخاذهم الجنسية الغربية والزواج منهم وولادة جيل كامل من الأبناء لم تعد هناك إمكانية الانفصال عن العالم الخارجي أو اتخاذ هوية لا تتوافق مع هذا الوضع التاريخي الاجتماعي الثقافي الذي نشأ... ولذلك بات الأمر بحاجة إلى هوية جديدة يراعي الظرف التاريخي الذي حل وقد طرحنا هوية الشرق الأوسطي الجغرافي وفق فلسفة حقوق الإنسان بصرف النظر عن دينه وقوميته ومذهبه ولونه. كل إنسان له الحق الإنساني في المأكل والملبس والمسكن والحاجيات ويمارس حريته وحقوقه الإنسانية وفق مشروعية عقد متفق عليها. إن الدفاع عن قضية خاسرة مضيعة للوقت والجهد ويعني مزيداً من التخلف الحضاري. لقد أعطى التاريخ فرصة للهوية الدينية والقومية والشيوعية. ولم تستطع هذه الهويات أن تجدد نفسها لتبقى.. ونستطيع أن نقول أننا سنبقى إسلاميين وعرباً فلا خوف على ديننا وعروبتنا على الإطلاق. ولنتابع في الإطلاع على أفكار الكاتب كيف عالج موضوع الهوية وكيف طرح أفكاره للحل. أ- مرحلة التشخيص والنقد: مشكلة الأقليات: 1- يقول الكاتب: (( يتوجب أن نخصص وقتاً وجهداً حيوياً ونظرياً وسياسياً للاستفادة مما للأقليات من دروس تاريخية على المستوى الثقافي والعقائدي والسياسي وكيف ظهرت وكيف استطاعت الاستمرار. وكيف يمكن أن نستفيد من الجوانب الإيجابية في تجربتنا وذلك باستبعاد صيغ الاتهام المسبق باليهودية والصهيونية إذ من المعروف أن الشخصية الإسلامية تصور أن الأقليات هي دسائس اليهود لهدم الإسلام من الداخل. والملاحظ في هذه العقلية هو أنه وبكل بساطة عقلية كاريكاتورية فضائحية تبسط الأمر لأن عقليتها ومصالحها الاجتماعية تملي عليها إتباع الطريق الذي يجعل من هذه الأقليات مصدراً للاسترزاق والاستثمار المتعدد الأوجه وذلك بالدعوة لمحاربتها أو محاصرتها أو تكيفها بالأعمال القذرة والتباري في إظهار عبرة الدين ضدها وهو أمر لا يكلف شيئاً غير تهييج الناس وهم الأكثرية على خوض معركة الانتصار فيها مضمون من هذه الأقلية البائسة المقهورة الفقيرة المعزولة والتاريخ القديم والحديث مليء بهذه الأمثلة. وهذه الحالة من الضغط والإرهاب هي بذاتها تجعل عوامل الانفلاق الداخلي أكبر لدى هذه الأقليات ويجعلها تشك في وجود إمكانية الخروج من هذه المعركة. وبما أنها مفروضة فلتكن ولنسعى إلى الانفصال لتكون لنا دول نعيش فيها بكرامتنا ودون شعور بالخوف أو الذل وإذا كان الاستعمار سيستفيد من الانفصال ليكن فالاستعمار أرحم وهذه الحالة من التبرير للانفصال يمكن أن تتم ضمن الطائفة الواحدة والقومية الواحدة كما جرى في الانفصال السوري عن مصر، حيث كانت التبريرات، أن المصريين أكلوا الأخضر واليابس، وأن المصريين يعاملون السوريين بفوقية وعقلية فرعونية أقسى ألف مرة من عقلية الاستعمار الغربي (وبما أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة) فإن تبرير الانفصال والانعزال بدويلات كرتونية يمكن أن يحدث باستمرار بوصفه ردود فعل متشجنة، فالإرهاب يولد الإرهاب، والنقمة تولد الحقد والانتقام وهذه الحالة من الصراع الانتحاري، كفيلة بإدامة نمط وجود الأقليات إلى قرون أخرى)) 2- (( ولحسن الحظ فإن التاريخ المعاصر يعطينا مثالاً واحداً يسفه مرة واحدة، كل المنطق الذي يقول إن اليهود هم وراء كل الأقليات والفرق الإسلامية أو المسيحية... وخلال أقل من ثلاثين عاماً يمكننا ملاحظة أن معظم الحكومات العربية المتعاقبة في العالم العربي الإسلامي كانت متواطئة بشكل أو بأخر مع المصالح الصهيونية وهؤلاء الحكام في معظمهم ينتمون إلى الأغلبية بحيث يجوز التساؤل هنا أيا كان يعمل لصالح الصهيونية، الأغلبية أم الأقلية؟ ثم لماذا نتهم الأقليات باليهودية المبطنة، مع أن اليهودية المعلنة كان معترفاً بها على مر التاريخ الإسلامي، حيث لم تحدث مجزرة واحدة ضد اليهود كيهود أو المسيحيين كمسيحيين والمجازر كانت كلها ضد الأقليات الإسلامية ترى؟ ألم يكن من المنطقي التوجه مباشرة إلى راس الأفعى ما دامت هي راس الداء، والعقلية التآمرية التي تضع اليهود وراء كل فتنة على الأرض متفشية فقط في الأديان التي نقلت عن اليهودية كل شيء: من فكرة التوحيد، إلى طقوس الختان وتحريم لحم الخنزير والحجاب، وربط الدين بشؤون السياسة والاعتقاد بمشروعية احتكار حاكمية الله وبقصة آدم والأنبياء الإبراهيميين جمعياً، بحيث لا يوجد بيت مسيحي أو إسلامي إلا وفيه اسم من اصل يهودي، وفكرة من أصل يهودي، ومع ذلك فإن كل كتل المسيحية والإسلام تتهم غيرها بوصفها دسيسة يهودية، ترى هل حقاً اليهود هم بهذه العظمة والحيوية؟ ليؤثروا- وهم في العالم كله لا يزيدون عن (15) مليوناً فقط بمصير المليارات، إنه إذن توفيق رب العالمين لهم، وخذلانه لأعدائهم لو تعلمون)). 3- قوى التفرد والشخصنة ( إما أبيض وإما أسود ): يقول الكاتب: (( أما قوى التفرد فإن الصعوبات تنجم عن صورة المستقبل المنشود، وعن صورة الوسائل والصعوبة تكمن في أن الفكرنات المستقبلية التجديدية تحتاج إلى صورة، ورؤية براقة للمستقبل، وهذه إما أن تستعار من الماضي السحيق، وإما أن تنسج من الخيال. وصور الماضي، هي التي بقي لنا منها المظاهر الإيجابية، ولكن هذه القيم يمكن أن تكون أرضاً مشتركة مع قوى الشخصنة، التي ترضى بتقديس هذه المراحل التي مرت في الماضي وبالتالي فإن الأمر قد يجرها إلى منزلقات الانضواء تحت قيادة قوى الشخصنة، أما صور المستقبل المنسوجة من الخيال، فهي تقوم على مستقبل يزول فيه الظلم والضعف والعقم والفاقة ويصبح كل شيء جميلاً على وجه الأرض. وفكرنات قوى التفرد الباحثة عن استعادة نموذجها من الماضي الذهبي وتلك التي تبحث عن نموذج مستقبلي جديد كلياً وتحقيق الجنة على الأرض، كلاهما سيعاني من أزمة المصداقية التي تجعل الماضي الذهبي قابلاً للإحلال على الأرض والمصاعب الممكنة في حالة هذه الفكرنات، هو أن تؤدي إلى مقاطعة فكرنات الشخصنة، وعدم الاستفادة من فاعليتها وإلا فإنها بكل بساطة ستصبح تقليدية وتكرس الواقع الذي ترفضه.)) 4- الإمام الحيوي جمال عبد الناصر وروح التقليد والعاطفة: ( (قيل قديما أن الناس على دين ملوكها ولاحظ ابن خلدون ان الناس يتأثرون بملبسهم وأفكارهم بمن هو أقوى منهم وكما أن الدول والمجتمعات القوية الأوربية غدت قاعدة محرضة موجهة للنهضة في واقعنا العربي الإسلامي فان الدول القوية في أي من الأقطار العربية والإسلامية غدت بدورها قابلة للتأثير في باقي أقطار العالم العربي والإسلامي وتعد الفنون عامة بما فيها من أزياء وأغاني ورقصات ودبكات الأسهل والأكثر قابلية للانتشار والنفوذ في حال نهضة وقوة الدولة المنتجة. وأخذت القاهرة هذا الدور مع عبد الناصر بشكل غدت فيه دبكة الصعيد أجمل ما تهفو النفس العربية والإسلامية للمشاركة فيها. ومن ذلك عد عبد الناصر، بالنسبة لقطاع كبير من الرأي العام العربي، يستحق صفه الإمام الأكثر حيوية)) ويسأل الكاتب كيف تحقق ذلك لعبد الناصر: (( برغم أن أي ناصري اليوم، ومن قبل، يستطيع أن يسرد لك مئات الأخطاء التي وقع فيها عبد الناصر وبالطبع، يستطيع غير الناصريين أن يسوقوا أسماء كثيرة، لا تقل حيوية عنه. فلماذا إذاً له تلك المكانة؟ للإجابة عن هذا السؤال، فإننا يمكن أن نلخصه، بما يمكن تسميته بـ "الفقه الإسلامي الناصري" الذي عبر عنه في مجمل خطبه وأعماله التي سعى بها لإيجاد أساس فقهي إسلامي للحرية، والاشتراكية والوحدة، ومحاربة الظلم والاستعمار ( ارفع رأسك ياأخي العربي فقد ولى عهد الاستعمار ))) تلاميذ عبد الناصر في التقليد: دبكة تكريت ودبكة سيرت. صدام حسين. والقذافي. يقول الكاتب (( من هؤلاء التلاميذ الذين قلدوا أستاذهم القوي عبد الناصر إمام الشعارات ترى ماذا كانت النتيجة لنرى؟ ويقول الكاتب عن ذلك (( فقد حاول رفع الراية من بعده وتحقيق الإقليم والقاعدة. كل من صدام حسين في العراق، والقذافي في ليبيا. ولم يستطع أي منهما أن يمتد شبراً واحداً خارج العراق أو ليبيا، بل إنهما معاً الآن يعانيان الحصار الشامل. ورغم ثرواتهما النفطية الهائلة فإن بلديهما نماذج عن الفقر والتخلف. ترى هل يعود ذلك إلى كونهما اتبعا طريق عبد الناصر؟ الإجابة هي النفي والإيجاب معاً. فالناحية الإيجابية، تعود إلى فهم كل منهما إلى أن عبد الناصر كان مجرد إذاعة وصور لا يجرؤ أحد على عدم رفعها، حتى في غرف النوم والى أن عبد الناصر كان مجرد زعيم لمعتقل كبير، يضع فيه الناس والخبرات باسم القطاع العام. وزنزانات يضع فيها خصومه. إن لم يعدمهم. )) [[ أو يذوبهم بالأسيد ]] طريق الحقيقة. ((هذه الناحية ليست بعيدة عن الصحة، في مرحلة من مراحل عبد الناصر.. وقد ورثها وضخمها نفط صدام والقذافي. وكان سبباً في المصائب التي وصلا إليها. ولم يتعظا بوصول عبد الناصر قبلهما إليها في الانفصال وهزيمة 1967. أما الناحية السلبية التي تنفي كونهما سارا على طريق عبد الناصر.. فهو عدم انتباههما إلى الدروس التي استفادها عبد الناصر، بعد الهزيمة وكانت في غاية الوضوح وهي أن معركة العرب الأولى هي الوحدة ضد قوى الهيمنة الصهيونية. وأن العرب، في هذه المعركة، يجب أن ينطلقوا من مواقع عقلانية، تقبل التعاطي معه معطيات العولمة الدولية السياسية المتمثل بالأمم المتحدة.)). ((ولهذا السبب، فإن تصيده في هزيمة 1967 كان المقصود به استنزاف قوة الجذب الحيوي للإقليم المصري، والتحطيم السريع لصناعة الصواريخ التي كانت في بدايتها ولم يستطع إعلامه السيطرة على رغبته في التباهي بها. وهي ما زالت قيد الإنشاء )). 5- تجربة صدام والقذافي ونتيجة رقصاتهما: ((والمتأمل في تجربة العراق وليبيا يلاحظ بعداً كبيراً عن هذا الدرس. فشعارات المواجهة مجانبة، وتخوين حتى اللذين قبلوا القرار (242) لا يهتز لها رمش )) (( ولسنا بحاجة إلى متابعة رقصات صدام حسين والقذافي لأنها رقصات داميه تراجيديه بامتياز فرقصة صدام سببت بقتل مليونين عراقي وإيراني خدمة للغرب والولايات المتحدة وأمراء النفط وبعد أن انتهى من تلك الرقصة بخيلاء وبهاء غنت له سعاد الصباح وكل الكويت والسعودية والغرب وجد نفسه يذبح على المرقص العراقي ويسلم العراق ليصبح مرقصاً للأمريكان وبعد ثلاثة عشر عاماً من الرقص ذو الإيقاع الهادئ مع الأمريكان والأكراد وجد نفسه فجأة في قفص من الأقفاص الأمريكية التي تتسع له ولمن يحب من مشاهدي التلفزة عالميا أن يتمتع بمتابعة القمل يرقص بين شعره رقصة تكريت الأخيرة. أما القذافي فكانت رقصاته أكثر إثارة إذ طلق العروبة والقضية الفلسطينية وذهب منذ سنوات يتعلم الرقص الإفريقي )). 6- آخر الراقصين أسامة بن لادن: (( قبل أن تصبح كلمة القاعدة عالميه وتلفظ بأصلها العربي للدلالة على الإرهاب الدولي والدلالة على أسامة بن لادن بوصفه المسؤول الأول عن القاعدة في أفغانستان والمسؤول عن أحداث تدمير برجي نيويورك في 11 من أيلول 2001. نقول : قبل ذلك بعشرات السنين فان تعبير القاعدة كان أثيرا عند العرب الباحثين عن دوله تصح أن تكون منطلقا لنشاطهم التثويري ومع أن حركات إسلاميه عنصريه استطاعت أن ترث عن الأمريكان جزءاً كبيراً من دولة أفغانستان بعد أن تحالفوا مع الأمريكان لطرد السوفيت منها ومع أن أسامه المليونير السعودي- استطاع بالتعاون مع حركة طالبان أن يعيد إنتاج دولة القاعدة بالمفهوم الذي أراده كل من عبد الناصر)). ((وعلى الرغم من أن أسامة بن لادن استطاع أن ينشأ "دولة قاعدة" في أفغانستان إلا انه وبسبب عدم منعة أفغانستان كدوله سرعان ما انهارت دولة طالبان الأضعف في العالم أمام الهجوم الأمريكي الأقوى عالميا )). ويختتم الكاتب رأيه عن رقصة أسامة بن لادن بالسؤال التالي: ((هل لقاعدة ابن لادن مستقبل حيوي؟ ويجاوب الكاتب بنفسه (من المؤكد أن منطقه النظري الطائفي العنصري يخلو من أية حيوية ))). ((ومع أن خطوة هذا النموذج على العالم العربي والإسلامي واضحة للعيان وتؤدي إلى إعادة العالم العربي والإسلامي إلى الاحتلال )) (( وهذا ما تم بالفعل )). (( ومرة أخرى ومع أننا لا نرى في تحويات بن لادن النظرية أكثر من تحويات طائفية عنصريه متخلفة عن فهم مستلزمات العصر فإننا نلاحظ أن تحوياته العملية لا تصلح أن تكون أكثر من عبرة لمن يريد أن يعتبر)). 7- احتواء هيمنة الأنظمة المحلية: (( المبادرة الحيوية على المستوى السياسي المحلي )) يقول الكاتب: ((كلنا يدرك أن المبادرة الحيوية، كي تشهد النور، لابد لها، من الانتقال، من المستوى الفردي والنظري، إلى المستوى الجماعي والعملي، وبالتالي، عليها أن تأخذ بعداً سياسياً وفئوياً على التنوع، بين اتجاهات قوى الشخصنة والتفرد، من موقع محدد عربياً وإسلامياً )). ويجيب الكاتب على نفسه ويقول: (( ولكن المشكلة تبقى هنا، يمكن لنا أن نتقدم باتجاه المبادرة الحيوية أو أن نبقى أسرى أزماتنا وهزائمنا، لا نستطيع إلا أن نكون ضحايا آخرين في سياقها )). 8- المشكلة التي تجابه الكاتب في نظرية المنطق الحيوي في الأسئلة التالية: يقول: (( ولكن، ما المقصود بذلك بالضبط المقصود وباللغة العربية الفصحى هو من سينهض لتحقيق هذه المبادرة ومن الفئة التي ستحمل لواء مفاعلتها مع الجماهير ومن هي السلطة التي تسترشد بها، وتطورها إلى التنفيذ ؟ وفي أي الساحات العربية ستجد هذه المبادرة إمكانية المباشرة في التطبيق )). 9- جواب الكاتب على هذه الأسئلة أتت كالتالي: ((ومثل هذه الأسئلة تطرح قضايا إشكالية خطيرة.. فالعمل السياسي الشعبي الحر ممنوع ومصادر في معظم الأنظمة العربية.. ومعظم الاتجاهات الفئوية السياسية وصلت إلى الإفلاس. والعجز عن تحقيق أي من أهدافها المعلنة وبدلاً من امتلاك شجاعة الاعتذار والنقد الذاتي فإنها انغلقت على مصالح أحادية توفرت من خلال تحولها إلى شخصنات سلطوية تحقق مكاسب على المستوى النفسي والفئوي وربما المادي للذين انضموا تحت لوائها )). ويقول الكاتب متسائلاً: ((ولكن هل يخلو المجتمع العربي من الأنظمة والسلطات والفئات السياسية؟ وهل مصالحها متعارضة كلياً مع المبادرة الحيوية؟ )). ويجيب الكاتب نفسه: (( ويجب الاعتراف أولاً بأهمية السلطة الرسمية. لتحقيق هذه المبادرة، ومع اعترافنا، بأنه ما من تقدم أو تخلف عن المبادرة الحيوية، يتم إلا عن طريق السلطة الرسمية ّ في المحصلة النهائية على الأقل )) ويقول الكاتب عن السلطات الموجودة بهوياتها الدينية والقومية مايلي: ((فإن معظم السلطات القائمة، وصلت إلى ذروة الإفلاس في حل أي من المشاكل، التي تواجهها على المستوى الداخلي والخارجي. ومعظم السلطات القائمة لم تعد مهددة بالسقوط لصالح قوى المعارضة، لكنها مهددة بالعجز الذاتي، والمطلوب.. هو دفع السلطات القائمة للتصريح بذلك )). (( والإعلان، بشكل صريح وواضح، عن عدم جدوى العقلية التآمرية الانقلابية للتغيير السياسي، وهذا الإعلان، ليس مطلوباً لتطمين السلطات من مبررات إتباع سياسات حمقاء، بحجة البحث عن المتآمرين، وإجبارها على إتباع سياسة أكثر مرونة وانفراجاً، واحتراماً لشعوبها، ولحقوق الإنسان دون خوف)). 10- هل نحن موحدين أم غير موحدين في أوطاننا: يسأل الكاتب ويجيب: ((هل يعني هذا، أننا غير موحدين في أوطاننا ؟ الإجابة هي النفي، فوحدتنا السياسية الكرتونية، التي فرضها الاستعمار قائمة على عناصر تفرقة إقليمية وطائفية، تجد تعبيرها في مصالح أقليات حاكمة، في هذه الكيانات. وعلى هذا الأساس، فالولايات الحيوية العربية الإسلامية المتحدة يمكن ويجب أن تباشر بدءاً من الصيغة الاجتماعية والسياسية والثقافية، في كل إقليم.. فلا يصح أن نقمع اللغة الكردية، أو البربرية، أو العربية ونمنع أهلها من النطق بها، وتعلمها، وندعى أننا وحدويون وحيويون )). ((ولكن، لنعترف بأنفسنا أولاً. ولنعترف أن لا طريق للوحدة إلا بالتنوع. وأن لا حق بالثروات والحياة، إلا بامتلاك لغة العصر، التي بدونها لم تكن هذه الثروات لتظهر أو تستعمل. لنتوقف عن استبدال تحديات العصر بعيش أوهام التاريخ السحرية وانتصارات الملائكة، التي تنتظر استدعاءها بقليل من البخور.. والدوران حول القبور. إذا كان من حاجة للقبور. فهي لأخذ عبرة الموت؟ فطالما أننا سنموت يوماً، فمن العيب أن نقبل الموت قبل حينه. خوفاً ويأساً وإذا كان العدو الأول، هو اليأس والخوف. فإن الغرور والاستهانة بالآخر، وسوء النية، به هو الوجه الآخر، لهذا العدو.. وعلينا المباشرة في مواجهته من كل زاوية )). 11- ويكتب الكاتب بنفسه عن محازير الهوية العربية الإسلامية التي يطرحها: (( بعد أن تعرفنا أبعاد هويتنا الحيوية، وسبل عولمتها، لتتسق مع المنطق الموحد، فإننا، وعلى الرغم من شعورنا بكونها بديهية، فإن الشعور بالعجز عن تحقيقها قد يشل الكثيرين عن مجرد التفكير جدياً بإمكانات تحققها.. ومثل هذا اليأس لا يعود فقط لمصالح قوى الهيمنة في تمزيقنا.. بل يعود أولاً وقبل كل شيء إلى كون الهوية العربية الإسلامية مجرد موروث عن القفا العثماني!! الذي انغمر رأسه قروناً مديدة من الانحطاط وعندما صحى على هذه المأساة التي بدأت تظهر أكثر فأكثر مع نهوض حثيث وشامل للغرب.. ظن سلاطين بني عثمان أن مجرد استيراد الطربوش الأحمر من النمسا وارتدائه بفخار يجعل الرأس أكثر طولاً وبالتالي يجعل التفكير أكثر رقياً.. ولكنه ما إن ارتداه جيداً حتى شعر بأن قوى الغرب تنتف ما بقي من شعر!! وتستألب عليه كل الشعوب التي كان يربطها بقفاه بعيداً عن الطربوش )). 12- بخصوص الهوية رفضاً وقبولاً ولماذا: (( وعلى الرغم من أن هذه المبادرة الحيوية لاستعادة وحدة سوريا [[ الهلال الخصيب ]] وفتح الحدود باتجاه مصر والعراق ستبدو غير مقبولة للبعض كثمن لعضوية إسرائيل في المنطقة. وسوف ينظر إلى ذلك كنوع من التنازل والخيانة.. ولكننا سنواجه هذه العقلية الاتهامية الغوغائية ونشير إلى مسؤوليتها – أيضاً – عن كل ما حدث من هزائم.. وأن هذه الغوغائية هي التي سمحت وتسمح للمزاودات الانتحارية بالاستمرار حول المنطق الجوهر العنصري الديالكتيكي )). (( وأن ما يمنعنا عن تحقيق ذلك هو أن قوى الهيمنة الصهيونية والغربية، هي التي لا تعترف بنا. هي التي لا تقبل التساكن معنا. وأن المطلوب أولاً هو اعترافها بوحدتنا وبحقنا في الحياة والحرية. وعندما نستطيع أن نصل إلى هذا المستوى، نكون قد وفرنا على أنفسنا الكثير من الأهداف الوهمية، التي لا تؤدي إلا إلى مزيد من النكسات والهزائم.. وبالطبع فنحن – هنا – لا نبرر سياسة الركوع والاستسلام، ولا نطالب بالتخلي عن الحقوق الحيوية المتوازنة [[ سلام الشجعان ]] .. وأكثر من ذلك، فإننا لن نستطيع تقديم أي عرض جدي بالتعايش الحيوي المشترك إقليمياً وعالمياً مع اليهود والغرب، إلا عندما نملك القدرات الذاتية الدفاعية، الرادعة والمشجعة على تنامي القوى الحيوية اليهودية المراهنة على السلام طريقاً وغاية.. وفتح الطريق أمام تحولات داخلية للاعتراف بنا وبضرورة المواطنة الحيوية معنا.. وهذه أهم وأكثر فعالية من كل أسلحتنا، وصيغ إعلامنا الديماغوجية العنترية، الجوفاء حيناً والذليلة المبحوحة أكثر الأحيان، وعلى الموجه نفسها. ويسأل الكاتب: ترى هل سيشعر اليهود بالأمان في مثل هذا البحر العربي الإسلامي؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن لا نقع ضحية المتاجرة بهلوسات الهولوكست الذي يواجه اليهود جراء عيشهم خارج ارض أنبيائهم.. كما يجب أن لا نقع ضحية المتاجرة بهلوسة الخوف من احتمالات الغدر و الخيانة التي يهلوس بها بعض العرب تجاه اليهود مستندين إلى قراءة أحادية للتاريخ .. والهلوسات المماثلة الرائجة عند اليهود حول العرب ونبيهم )). 13- المناهج التعليمية ومسيرة التاريخ والنتائج: (( فإن المناهج الثقافية الرسمية تقدم للتدريس مخططاً كاريكاتورية.. عن تاريخنا المجيد بحيث.. تحتفظ ( بأسماء أخناتون نبوخذ نصر وحمورابي وآشور وامرئ القيس وزهير بن أبي سلمى وعنترة ) وقبل أن تأتي كوكبة الإسلام. التي تبدأ بالاضمحلال بعد قرنين وتتلاشى كلية منذ عشرة قرون. ويغيب التاريخ حيث يبرز لنا ( سايكس بيكو ) و( التتار )، و(المماليك) و(الأتراك)، وتقف لحظة عند فتح القسطنطينة، ونغيب لنستيقظ على اتفاقية ( سايكس بيكو ) والاستعمار الغربي.. وإسرائيل وقوات التدخل السريع )). (( هذه الصورة لمسيرة التاريخ تعاش بشعور من الألم والتحدي والقدرة على المواجهة اعتماداً على التاريخ. ولكن أي تاريخ.. يثبت أننا قادرون على التحدي؟ ولماذا لا تمر فينا قرون التتار والمماليك والأتراك من جديد؟! وخلال هذه الفترة الطويلة كم من جيل ولد ومات. ولم يعرف من زمانه، غير اسم الأتابك، والخديوي، والمملوك.. وكم من جيل ولد ومات وهو لا يعرف من زمانه، ولم يعرف عن (محمد) إلا أنه امتطى البراق إلى السماء بأسرع من الصواريخ. ولم يعرف عن (علي) غير ضربته لباب خيبر بأقوى من الديناميت )). (( ماذا نريد القول من هذه التساؤلات؟! إنما نريد قوله ببساطة.. إن الثقافة والإعلام والتعليم تعطينا على المستوى الرسمي والشعبي شعوراً مخدراً بقرب النصر. لا على إسرائيل بل على جد إسرائيل. ونسمع في الأخبار، بين الحين والآخر، ضجة وفرحة كبرى بدخول أحد المسيحيين إلى الإسلام؟! وأن الإسلام قادم لإنهاء كل من يتخلف عنه لأنه الوحيد الذي يدل على طريق الخير في الحياة والممات. والنصر معقود من عند الله للمؤمنين.. أما لماذا غاب الخير عنا.. خلال قرون وقرون، لماذا؟. لم نعرف غير المزيد من الظلام والتقهقر.. فالأمر لا يستحق حتى البحث؟؟ ولا يرقى إلى مستوى اللغز الذي يجب أن تتحرك العقول لحله.. إنها هنيهة في عمر الأبدية.. الإسلامية. وماذا تساوى عشرة قرون من عمر الزمان. إنها غفوة. والآن استيقظنا.. وفي كل بيت كتاب اللغة العربية ونسخة من القرآن )). ((هنا المشكلة الحقيقية في امتلاك تقنيات العصر التي تحتكرها إلى الآن قوى الهيمنة، وليس لدينا لمواجهتها غير الضعف وغير النفسية استسلامية قدرية )). 14- والكاتب يقارن بين الغباء العربي الإسلامي – والذكاء الياباني والألماني: ويقول الكاتب: (( أم أن هناك صيغة أخرى؟ يمكن أن نواجه بها قوى الهيمنة؟ وبالتالي الحصول على مستلزمات التقنية المعاصرة؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بأس من البحث في الأسباب التي جعلت من اليابان وألمانيا قادرتين على تطوير قدراتهما التقنية، رغم هزيمتهما الساحقة في الحرب.. ورغم المعاهدات المفروضة على التقنيات العسكرية. بمعنى آخر، ما الذي يجعل العالم العربي والإسلامي، قادراً على مواجهة قوى الهيمنة؟ كما واجهتها اليابان وألمانيا المهزومتان عسكرياً؟!.. أليس واقع كل من ألمانيا واليابان يعطيهما قدرات على خرق المعاهدات ومباشرة التحدي العسكري؟. أكبر من أية دولة عربية؟ ومع ذلك، لماذا لا نلمس التدمير الشامل، والعتاد العسكري المنافس؟! قد يرد بعضهم، بأن اليابان وألمانيا ليستا مهددتين بالاحتلال والتجزئة ونهب الثروات كما هو حال العرب والمسلمين. للإجابة، نرد: أن الهيمنة التي تمارس على كل من اليابان وألمانيا. أخطر من التجزئة ونهب الثروات، لأنهما محتلتان عملياً بقواعد عسكرية.. ولأن القرار السياسي المستقل، ليس بيد قادتهما، في كل المسائل.. ومع ذلك، وضمن هذا الوضع فإن اليابان وألمانيا، تدان الصاع صاعين، المرة تلو المرة.. فكيف ذلك؟!. وهل بإمكاننا- نحن- تحقيق ذلك؟ )). 15- الكاتب يرى أن أخطر الأمراض التي أصابتنا تكمن في الأهداف والاستراتيجية التالية: تعريب العالم وأسلمة العالم وللإجابة على التساؤلات السابقة يقول الكاتب: (( الإجابة، تكمن- أساساً- في روح الغزو والتوسع للتعريب والأسلمة التي نجتر شعاراتها، ليل نهار. وكأنها مهمة مقدسة وتكليف من الله لتحقيق ما يعجز أنبياؤه عن تحقيقه!؟.. وكأنه لا يوجد في القرآن (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) إن ما لا يشاؤه الله .. نشاؤه- نحن- نيابة عنه، وليس لدينا غير التمائم؟ وعقلية السحر المنتصرة )). (( وثمة نقطة يمكن أن تفضح عقلية المواجهة هذه وأهدافها.. فلنفترض، كما ذكرنا سابقاً، إن فلسطين لم تحتل، ولنفترض أنه لا يوجد لدينا نفط، ترى ماذا سيكون حالنا.. هل ستنتهي العقلية الأحادية؟ الإجابة بالتأكيد هي النفي.. ولسوف، يكون حالنا، في ذلك، أقرب ما يكون إلى حال أفغانستان والسودان، لا من حيث التخلف والضعف بل أيضاً من حيث شدة التعصب وانغلاق العقلية والسعي لأسلمة العالم !؟!.. بالخطابات العنترية تجاه الخارج وبالحروب الأهلية في الداخل. هنا الجرح.. فلنشر إليه مجدداً وهنا، سبب مواجهتنا المهزومة مع قوى الهيمنة الدولية )). 16- وأخيراً ننهي مرحلة تشخيص الداء للكاتب بسرد قائمة طويلة من الأمراض: يقول الكاتب (( هنا المواجهة الأشمل، ومع العدو الأكبر.. أي عقليتنا المتسلطة الأحادية التي تزيد نفي الآخرين )) (( يحق لنا أن نتساءل.. عمن يهدد من في العالم العربي؟ بصرف النظر عن المداخلات الخارجية. فماذا نجد ؟!! )). 1- التفاوت في الثروة بين بعض الفئات وغيرها.. وبين بعض الأقطار وغيرها.. 2- والمسلمين المشتتين في عالم شاسع من الفقر أمام دويلات (مكرسكوبية) تحتكر ثروات فلكية. 3- التمايز بين المدينة والريف. 4- الجو مشحوناً بجو حرب بين عائلات وعشائر، تبحث عن الثأر والانتقام، من بعضها بعضاً، لأتفه الأسباب. 5- فإن إثبات الرجولة والشرف والبطولة تجاه حركة غير متزنة من إحدى بنات أو نساء البيت، ما زالت مصدراً للانشغال وطرد الملل من أجواء القرية. 6- فلا بد أن نتوقع إشكالات تهدد الأمن الاجتماعي!!.. بسبب طموحات الفئات المهملة الضائعة بين أحياء الصفيح! أو أحياء المقابر! المسكونة فعلاً في القاهرة.. تشكل، هذه الأوساط، مرتعاً للتمرد الاجتماعي والعنف لتسوية أوضاعها عن طريق أية دعوة تسهل لها طريق العنف. 7- وثمة مصدر آخر لتهديد الأمن الاجتماعي يكن في الفروق بين الأقليات الحاكمة، والأغلبية المحكومة، وبين الأغلبية القومية والدينية والأقليات التي تعيش في كنفها. 8- وما دام الأمر، كذلك، فإننا دون وجود إسرائيل، ودون وجود قوى هيمنة دولية.. سنكون في حالة أزمات وحروب مستمرة. 9- وبتعبير آخر، عندما يصبح كل منا سيداً في وطنه، تزول الحروب التي تحدثها حالة الانقسام بين سادة وعبيد. 10- وما ينقصنا بالمقارنة معها هو إيجاد طرق قانونية حيوية سليمة فعالة متوازنة للصراع السياسي والاجتماعي والثقافي، لإزالة الغبن. 11- فلإزالة حالة الدونية والتبعية والتخلف، علينا مقاومة العقلية الأحادية والعنصرية فينا أولاً. 12- إن معظم خبراء البناء والتسلح الذين يأتون إلى بلادنا، ويخرجون بصورة سلبية عن حقيقة مشاعرنا العدوانية تجاه بعضنا وتجاه العالم.. يذهبون لتزويد مراكز الاختصاص، بما يلزم لإحكام السيطرة ضدنا.. لضرب وتخريب ما لدنيا من قدرات.. 13- ولذلك فإن سبل امتلاك تقنية العصر، وإن كانت ممكنة جزئياً عن طريق استقدام الخبرات الأجنبية، والحصول على بعض المساعدات، من الدول الصديقة.. إلا أن هذه الخبرات لا يمكن أن تكون إيجابية ، في أعماقها، ولا يمكن ضمان استمرارها بفاعلية.. وبخاصة، إذا كانت مرتبطة بحكومات قابلة للسقوط عند كل دورة انتخابية. أما الصداقة مع الحكومات غير المرتبطة بدورات انتخابات.. فمصيرها أسود.. لأن مصيرها يخضع لمزاج الفرد الحاكم. 14- وبالطبع، فإن مصاعب أي حل تكمن في سيادة عقلية المصالح الأحادية القطرية. وهي مصالح يمكن أن تتضاءل مع ازدياد الحاجة إلى تكتلات اقتصادية سياسية تستطيع المشاركة في النظم الاقتصادية والسياسية العالمية الآخذة بالولادة في العالم، كالوحدة الأوربية، التي ستنتهي معها مبررات التناحر على الأسواق العربية. 15- مدرسة دمشق المنطق الحيوي: أسسها الدكتور رائق علي النقري لتكون تذكيراً لمنطق الحياة بوصفه بداهة لإصلاح و تجديد وتحرير صيغها من الفاسد والميت والمستنفذ أغراضه الحيوية. 16- ولتكون استلهاما نقديا للتراث العربي الإسلامي لبلورة الميثاق الحيوي للولايات العربية والإسلامية المتحدة. 17- والتوقف عند أطروحات هذا التقرير وتوصياته لا يعود فقط إلى أهميته الإستثنائيه من حيث كونه يعد كارثة تدمير العراق تعبيراً يلخص السياقات الفكرية والسياسية للهزائم المتتالية التي أوصلتنا إلى تلك النهاية الوخيمة وأعادت العرب جميعا إلى مرحلة الاستعمار .. بل إن أهميته الإستثنانئه تكمن في كونه يوضح حجم الصعاب والتحديات التي يواجهها أي رأي يقول لا لجميع التيارات العنصرية القومية والطائفية والعلمانية والتي كانت وما تزال مهيمنة على الخطاب الإعلامي العربي وما تزال مدعومة من الانظمه المتاجرة بالعلف العروبي والإسلامي والماركسي؟؟ 18- نحن هنا من الذين يؤكدون أولوية مقاومة الهزيمة تبدأ من مقاومة عوامل الهزيمة الداخلية، في ديار العرب والمسلمين، وأن أول معالم الهزيمة في العالم العربي والإسلامي هو غياب الوعي العملي و النقدي. 19- إننا وان كنا فعلاً ورثنا ثقافتنا والاسلاميه من قرون الانحطاط إلا أن الحيوي من التراث الإسلامي.. كاف لإحداث إصلاح هائل في شعوب العالم العربي والإسلامي بدون الحاجة إلى تغيير قناعات الجماهير؟؟ بل فقط من خلال احتواء الثقافة والاسلاميه ضمن المنطق الحيوي لهندسة وإدارة المعرفية.. ولذلك كان لابد من وضع أسس هذه الهندسة لتكون أداة تفهم وتحقيق الميثاق الحيوي. 20- ومن هنا فإننا - هنا- لا نريد التأكيد - مجدداً - على ريادة المبادرة الحيوية التي انطلقت عام 1967 لتعميق العقلية النقدية وتجاوز العنصريات القومية والطائفية والعلمانية. 21- ويناقض الكاتب نفسه بنفسه في تحقيق هذه المبادرة ويقول: (( هل هذا يعني أن تفاؤلنا سيكون ملموساً في هذا الجيل؟ وقد يفاجأ الكثيرون، إذا قلنا، إن أي حل يستهدف الخروج مما نحن فيه من أزمات، لابد أن يعتمد خططاً تمتد إلى عشرات السنين، وإذا قلنا أجيالاً؟؟ فإننا قد نكون متفائلين )). 22- (( أيعقل هذا؟ أسنبقى في هذه التخطبات والهزائم والآلام فترات طويلة أخرى! هذا ما سوف يزعج الكثيرين من القراء المتعطشين إلى الخلاص السريع! ولكنها الحقيقة المرة )). 23- صحيح أنها فترة بسيطة في عمر التاريخ وصحيح أن الأجيال التي ولدت في بداية القرن ما تزال تعيش عقلية ما قبل الحرب العالمية الثانية، وما تزال تحكم وتتحكم بنفسها وبعالمها، ضمن تلك العقلية. وطريق الحقيقة تسأل [[ ترى لماذا لا زالت تعيش في هذه العقلية؟ وما السبب في ذلك ]]. 24- وغياب الوعي العملي في ديار العرب والمسلمين يتضح من كون معظم سمات الفقه الموروث عن عهود الانحطاط بكونه فقهاً يقوم على العنصرية الأقوامية أو الطوائفية أو اللغوية بينما المطلوب بلورة فقه مصالح التوحيد الحيوي لتحييد الأصنام الموروثة عن عهود الانحطاط وعن التأثير في التيار الأقوامي والطوائفي. 25- فالفئوية القومية العربية في تركيا، أو الكردية في إيران، تجد نفسها تسعى لتحقيق مصالحها الإيديولوجية القومية مع امتداداتها الفئوية العربية أو الكردية.. الخ. كما أن الفئوية الطائفية السنية أو الشيعية في السعودية تجد نفسها تسعى لتحقيق مصالحها الأيديولوجية الطائفية، مع امتداداتها الفئوية في إيران وتركيا. 26- وحالات اختلاف النزوع الفئوي المصلحي ليس فيها- مبدئياً- ما هو غير مشروع، إلا أنها في وضعنا البائس تعني مزيداً من التقسيم والتناحر، لكل هذه الفئويات ضمن اتجاهين عريضين في كل قطر وهو التيار القومي والطائفي. 27- فإن الغرب- نفسه- بدأ التخلي عن هذه الأقوامية إلى الوحدة الأوروبية. 28- كما أن التيار الأقوامي- على الأخص غير العربي- يغرس الشعور بالعار من تراثه الإسلامي.. ولذلك، فإن هذا التيار الأقوامي- مرة أخرى غير العربي- يفتقر القدرة على التواصل التراثي.. وفي حين يتوفر للتيار الطائفي التواصل مع التراث المصنوع - أساساً- في مراحل الانحطاط فإنه يفتقد القدرة على استلهام الروح المتجددة للثورة الإسلامية في قرونها الأولى.. ويحنطها ضمن أصنام طقوسية سحرية ميتة!!. وكلا الجناحين يخوض صراعاً مريراً يساهم في استنزاف ديار العرب والمسلمين بلا طائل.. 29- وفي الجانب العربي- على سبيل المثال- فإن التيار القومي العربي والتيار الديني هما الاتجاهان الأكثر حضوراً في الفقه السياسي التناحري، الذي شهدناه ونشهده في تناحر الاتجاهين بين بعضهما بعضاً، وتناحر كل منهما مع نفسه. 30- وفقه المصالح التوحيدية.. أو الحيوية الإسلامية، التي نعرض ها في هذا الموقع، ليس جديداً ولا فريداً.. ولن يكون الأخير.. لأنه اجتهاد يتجدد بتجدد الظروف.. 31- بيان مرشح مدرسة دمشق المنطق الحيوي"مستقل" - محمود محمد أنور استانبولي- قطاع / أ /1990- ملخص جريدة الثورة يقول: (( التصدي لمحاولات الاغتراب عن التراث العربي والإسلامي ، والمطالبة بإعادة التواصل معه بعقل نقدي يستلهم روح العصر)). وهكذا نكون قد أوردنا الأفكار التي نراها مهمة للكاتب في تشخيص المرض وكشف الأمراض. والآن مرحلة وصف الدواء ولنرى كيف طرح الكاتب أفكاره لمعالجة كافة هذه الأمراض التي أصابت جسد الأمة العربية الإسلامية.
مشروع الحل: 1- التعددية السياسية في الميثاق الحيوي: (( والمخرج الحيوي من مأزق العقلية الاتهامية التآمرية هو السعي إلى بلورة أغلبية باتجاه حيوي عربي إسلامي متعددة في صيغ تعبيرها الفئوي السياسي، بحيث يصبح مفهوم الأغلبية والأقلية مفهوماً سياسياً فقط )). (( وضمن هذا الاتجاه الفئوي يمكن أن نتوقع قيام اتجاهين عامين انطلاقاً من هوية حيوية عربية إسلامية )). 1- الاتجاه الفئوي الأول: هو اتجاه (قوى الشخصنة) التي تجسد الموروث الاجتماعي وتغلقه. [[ التيار المحافظ ]] طريق الحقيقة. 2- الاتجاه الفئوي الثاني: هو الذي يرفض الموروث الاجتماعي بوصفه انحطاطياً، ويسعى للتجديد وهؤلاء (قوى التفرد). [[ التيار الإصلاحي ]] طريق الحقيقة. [[ وطريق الحقيقة تقول: وهذا ما قسمته الثورة الخمينية في إيران بعد استلامه السلطة وممارسة السياسة ترى ماذا كانت النتيجة؟ هل فعلاً هذا التقسيم أدى إلى تغيير ثوري في حياة الشعب الإيراني أم زاد الطين بلة ]]. (( ويركز المدرسة الحيوية على الفئة الثانية كمشروع للحل ويقول أن الاتجاه الفئوي الثاني الممكن هو اتجاه قوى التفرق فإنه على العكس من ذلك يضم النزعات التجديدية ويتميز بالسعي لتجاوز الموروث السائد والزعامات التقليدية )) (( وبالطبع فإن قطاع المبدعين يشكل مجالاً خصباً لاتجاه قوى التفرد، خاصة بين الفنانين والشعراء والكتاب والمثقفين، لأن التجديد هو هاجس الإبداع في كل العصور، وهو هاجس ثقافي يسعى عبر الثورة الثقافية، إنجاز ثورة في الواقع!! وإذا كانت هذه الفئة لا تشكل قطاعاً جماهيرياً كبيراً، فإن لها نفوذاً شعبياً يخترق التعينات والشرائح التقليدية ويمكن لها أن تشكل بشكل حاسم في تيارات الرأي العام بمختلف اتجاهاتها )). [[ لقد أصاب الكاتب كبد الحقيقة عندما قال ]] (( ولكن الشريحة الأهم والأكثر قابلية للانضواء ضمن اتجاه قوى التفرد هي فئة الطلبة الشباب، ففي هذه الشرائح نجد الاستعداد للتضحية والتجديد والانفتاح الذي يصل إلى ذروة خطه البياني، في عمر الإنسان )). [[ وتحفظنا في طريق الحقيقة نقول: هل من الصواب جذب وجمع هذا التيار الشبابي الذي هو أمل كل أمة في تنفيذ إرادته والسير بهم بدون ثقافة الحقيقة، الحقيقة التي تنير دربهم وسط الظلام ]]. 2- ((من هنا تنبع صعوبة فكرنة قوى التفرد، ولذلك فإن عليها استخدام تقنيات جديدة تستند إلى معطيات العلم، ومتطلبات العصر لتثبت أن قوى الشخصنة تفهم الموروث فهماً محنطاً صنمياً، وأن الحقيقة هي شيء آخر!!؟ أو أنها تؤكد أن العلم والعصر يفتحان معطيات لتجاوز الماضي كلياً، وأن من لا يسير في هذا الاتجاه فإنه سيتحول إلى مستحاثة أثرية أو سيكون ضد الحياة!!)) (( وصعوبة فكرة قوى التفرد لا تقف عند صيغ النفي والتشكيك الموجه إلى عملها. بل تتعدى ذلك إلى الأصول التنظيمية والسياسية التي تفرض الصيغ التقليدية وتحتاج إلى صيغ جديدة تتناسب وطموحاتها، وهذه الصعوبة لا تواجهها قوى الشخصنة، لأن قيمها التنظيمية تقوم على تقاليد معروفة، فالكبير يأمر الصغير والغني يأمر الفقير، وابن البكر يحمل الراية والأسرة المعروفة بزعامتها هي التي تهيمن؟! والطموح لا يتعدى إعادة ترتيب الواقع بحيث تشذب الأخطاء وتغلق الأبواب أمام (صعاليك) قوى التفرد؟! ولا تحتاج في صيغة عملها إلى السرية إلا في لحظات محددة، ومسائل محددة وهذا، على عكس، قوى التفرد التي تحتاج إلى صيغ تنظيمية غير تقليدية وتدعو إلى تغيير الواقع جذرياً )). وماذا سينتج من هذه الثقافة، يقول الكاتب: (( وبالطبع فإن قوى متطرفة في اتجاهات الشخصنة والتفرد يمكن أن تظهر)) [[ اليمين واليسار المتطرف ]] طريق الحقيقة. (( في حال تعرضهما لصعوبات لا تحل بالطرق العادية، عندئذ سنرى أن رموز العنف (كالقبضة) والشعلة والسيف والزوبعة والبلطة والكف الأسود أو الأحمر.. الخ)) [[ تماماً كما حصل في العراق الآن ]] طريق الحقيقة. (( تجد طريقها إلى فكرنات المتطرفين، في قوى الشخصنة والتفرد هي التي تسود العالم العربي الإسلامي وتتجلى بعقلية أحادية عاجزة عن إيجاد أرضية مشتركة )). (( ونحن – هنا- لا نطالب بأرضية مشتركة تمحو الاختلافات، بل نريد تشجيع الاختلاف والتنوع والبحث عن تنوع وتعدد البدائل على أرضية المصالح المشتركة، وضمن الاتجاه الحيوي العربي الإسلامي )). 3- يطرح الكاتب مشروع الحل من المنطلقات الناصرية والبعثية ويقول: (( ويمكننا اليوم، بفضل المنطق الحيوي، بلورة الفقه الحيوي، العروبي، الناصري، والبعثي.. على نحو واضح.. ومع أن هذه المسألة ليست وقفاً على تلك الحركات والأحزاب التي تسمى نفسها ناصرية، أو بعثية.. إلا أنه يمكنها مباشرة هذه المهمة مما هي عليه الآن.. بحيث يمكن أن تعيد حضور الرمز الناصري واستلهامه كفقه حيوي إسلامي قادر على إنهاء التناحر الأقوامي والطائفي في ديار العرب والمسلمين وقادر على مساعدة أغلبية جماهير ديار العرب والمسلمين في التخلص من أصنام الطائفية والطقوسية والعقلية السحرية.. ألم يكن عبد الناصر واضحاً كل الوضوح في مثل هذا الحدوس؟!)) [[ ويناقض الكاتب نفسه بنفسه ويقول ]] (( ولكن إذا كان عبد الناصر له كل هذه الأهمية، فلماذا هذه الصعوبة في العثور على من يعرفه في مصر نفسها، وبخاصة بين الأجيال الشابة..؟ وإذا كان عبد الناصر مغيباً، إلى هذه الدرجة، وفي مصر نفسها.. فلماذا الإصرار عليه؟! )) 4- منطق القوة في نظرية المنطق الحيوي: (( فإذا افترضنا أن مثل هذا الميثاق الحيوي قد تحقق في إطار معين.. فكيف السبيل إلى مده باتجاه الأقطار الأخرى؟ هل يتم بالحرب؟ أم بالاجتياح؟ )). ويجيب الكاتب على سؤاله هذا: (( ونحن ما زلنا – إلى الآن – نذهب إلى أكثر من القول، بأن القوة هي سبيل الوحدة!! وأنه ما من وحدة سياسية، في العالم، مستمرة بدون وجود قوة، تقوم بحمايتها وصيانتها. وأكثر من ذلك، فإننا – أيضاً وأولاً – نؤكد أولوية الصيغة الأمنية العسكرية للقوة، ولكن ضمن إطار القوة الحيوية الاجتماعية عامة، أي ضمن المثال الحيوي، ومع أن البعد العسكري، هو أحد أبعاد هذه القوة، فهو البعد الرادع للانفصال وقواه!! )). (( وبهذا الصدد، فإن القوى العسكرية التي يمكن أن تحمل مسؤولية الدفاع عن الإقليم المثال الحيوي، أو أية صيغة للتضامن والوحدة الحيوية.. يجب أن تكون في وضع متفوق، بشكل حاسم على القوى المحلية والخارجية، التي يمكن أن تبادر أو تدعم، أو تحمي التجزئة والانفصال )). [[ وطريق الحقيقة تسأل كيف يمكن أن تكون هذه القوة العسكرية متفوقة على القوة المحلية والخارجية؟ هل بالعدة أو بالعدد؟ ومن أين يمكن أن تؤمن هذه العدة؟ هل هي مصنوعة محلياً أم مستوردة؟ وهل يمكن للقوة الخارجية التي لها مصالح اقتصادية استراتيجية وأمنية في المنطقة أن تعطينا هذه العدة المتطورة جداً كي نكون أقوياء؟ ترى هل بقي لنا من العقول المبدعة في المنطقة التي تصنع هذه العدة نتيجة ممارستنا السياسية بلهوية العربية الإسلامية خلال القرن العشرين بكامله؟ وإذا افترضنا أننا صنعنا هذه العدة هل فعلاً هناك في التاريخ العالمي أمثلة تدلنا بأن القوة العسكرية فعلاً حافظت على أي وحدة سياسية بالقوة العسكرية ]]. 5- التناقض في طرح الآراء: (( فإن التقدم على جبهة الوحدة، لن يتم بأمر إداري، ولن يحدث بمغامرة عسكرية. بل يحتاج إلى قدرات سياسية لإمامة حيوية مبدعة، ولن يكون دون نكسات )). 6- نظرية الكاتب في المنطق الحيوي والهدف الأممي: يقول الكاتب: (( فإن إشكالية الوحدة السياسية للدولة الحيوية العربية الإسلامية ترقى إلى مستويات تلزمنا أن نتجه لإعطاء السيادة الحيوية، لكل منا، أولاً: في حدوده السياسية الموجودة.. لتصبح، فيما بعد، منطلقاً حيوياً فاعلاً لا باتجاه العرب والمسلمين فقط، بل باتجاه العالم – كله – بآن واحد.. وذلك، لأن استدارة الأرض أصبحت حقيقة سياسية )). [[ طريق الحقيقة تسأل كيف يمكن للعالم أن تقبلنا بالهوية العربية الإسلامية. ونحن نتفق على أن استدارة الأرض أصبحت حقيقة سياسية ولكن المشكلة تكمن في الهوية المناسبة بهذا الوضع التاريخي الجديد وثقافته الكونية. فهل يمكن الانطلاق نحو العالمية بالهوية العربية الإسلامية؟ ]]. 7- عن العمل السياسي: (( يعد العمل السياسي واجباً، وليس ارتزاقاً، ويعد المشاركة في الحكم أمانة ومسؤولية، وليس غنيمة شخصية، ويساهم في بلورة مفهوم العمل السياسي بشكل يتطابق مع مفهوم (الجهاد) السياسي الذي لا ينفي الآخر بل يسعى للاغتناء به وإقامة التوحيد على أساس مشروعية وضرورة التنوع الذي يتفوق في أهميته على العبادات و التقوس الفردية، مع أن هذه الصفة التطهيرية، العذرية للعمل الحيوي سياسياً، ستبقى قليلة النفوذ والفاعلية بين الجماهير )). [[ وطريق الحقيقة تقول رأيها: إن العامل السياسي هام وخطير بنفس الوقت وطريق الحقيقة متفق مع رأي الكاتب من أن العمل السياسي واجباً وليس ارتزاقاً وإن المشاركة في الحكم أمانة ومسؤولية وليس غنيمة وشخصية وكلنا نسأل هل يمكن أن يكون هناك هوية عربية إسلامية بدون عمل سياسي ارتزاقي وغنيمة شخصية؟ وهل في تاريخنا العربي الإسلامي قامت مثل هذه السياسة؟ فإذا لم تقيم طوال هذا التاريخ الطويل فهل يمكن أن تكون في المستقبل؟ ]] 8- ويتابع الكاتب لطرح الحل السياسي ويقول: (( ومع ذلك، فإننا نرى: أن سبل الخروج من صيغة العجز، والنفاق، والانتهازية السياسية السائدة، عند معظم القوى الحاكمة والمعارضة سيبقى في إيجاد ميثاق حيوي، تقره الغالبية من المواطنين، تؤكد الاتجاه الحيوي في ديار العرب والمسلمين باعتباره صيغة لأرضية مشتركة، تقر وجود الاختلاف، وضرورة التنوع وتجعل التنوع الحيوي العربي الإسلامي هوية مقبولة للغالبية، ونقول: الغالبية، لأننا يجب أن نقفل الأبواب، والنوافذ أمام منطلقات أخرى، قد تكون رافضة لأي شيء يمت للعروبة، ولا تقبل أي شيء يمت للإسلام )). [[ وطريق الحقيقة تسأل كيف يمكن إظهار رأي الأكثرية والأقلية وفق أية آلية؟ هل بالإنتخاب الحر المباشر؟ أم بالتعيين المقرر سلفاً ونسبتها 99.99%. وهل تقبل الهوية العربية الإسلامية التنوع والإختلاف سواء أكانت قومية أو دينية أو مذهباً؟ أليست الأمة العربية واحدة موحدة وكل ما هو على أرض العرب أو الولايات العربية الإسلامية عرباً مسلمين أي لا وجود لا للأكراد ولا الأمازريين والأفارقة والقوميات الأخرى ولا وجود للأديان الأخرى. إننا أمة عربية واحدة إسلامية فلماذا الإنتخاب؟ ولماذا الأكثرية والأقلية – وإن الإنتخاب بدعة ديمقراطية التي أوجدها الكفار للقضاء على هويتنا العربية الإسلامية ]]. 9- ويتابع الكاتب في طرح أفكار السياسة: (( وهنا قد يرد قائل.. وهل رفع شعار الولايات الحيوية العربية والإسلامية المتحدة شعار واقعي؟ قابل للتحقق في ظروف الهيمنة؟ الإجابة: نعم! نعم! نعم! )). وبعد نعم ثلاث مرات يجاوب الكاتب على نفسه ويقول: (( ولكن، إذا كنا لم نستطع تحقيق الوحدة العربية، فكيف سنحقق الوحدة العربية والإسلامية..؟)) ويجاوب الكاتب على هذا السؤال المشروع: (( إن الوحدة الحيوية للعالم العربي والإسلامي تتضمن الوحدة السياسية بالتأكيد، ولكن لا تتوقف عليها، والأهم ما فيها، هو وحدة الأساس المنطقي الحيوي.. فالإمبراطورية العثمانية، كانت في مرحلة ما موحدة سياسياً، وكان ذلك أفضل مما نحن عليه الآن، بالتأكيد!! ولكن المنطق الجوهري العنصري، لتلك الوحدة العثمانية كان يعمل لنفي نفسه، ولذلك، كانت تلك الوحدة صائرة إلى الزوال، حتى بدون عدو خارجي!! فقد خلقت أعداءها الداخلين، إلى درجة كافية للانفراط والتلاشي.. والوحدة الحيوية، التي ندعوها اليوم، مطلوبة – ليس فقط – على المستوى السياسي، وهو الأهم، بالتأكيد، ولكن – أيضاً – على المستوى الشعبي. هل يعني هذا، أننا غير موحدين في أوطاننا؟؟ الإجابة هي النفي، فوحدتنا السياسية ضمن الكيانات الكرتونية، التي فرضها الاستعمار قائمة على عناصر تفرقة إقليمية وطائفية، تجد تعبيرها في مصالح أقليات حاكمة، في هذه الكيانات )). 10- (( ولذلك، فإن أفضل درس يمكن الخروج به هو القدرة على ظهور نظام دفاعي إقليمي عربي، على قاعدة ميثاق حيوي عربي إسلامي )). 11- احترام أنفسنا حتى يحترمنا الآخرين: (( ولكن ليكن واضحاً، فإن هذا الاعتراف لن يمكن انتزاعه في يوم وليلة.. إذ لا بد أولاً من احترام أنفسنا حتى يحترمنا من يستعدينا.. واحترام أنفسنا يعني العمل على تنمية القدرة الدفاعية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والسكانية والبيئية والنفسية في الجانب العربي )). 12- مشكلة اليهود والأقليات القومية: (( ترى هل سيشعر اليهود بالأمان في مثل هذا البحر العربي الإسلامي؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن لا نقع ضحية المتاجرة بهلوسات الهولوكست الذي يواجه اليهود جراء عيشهم خارج ارض أنبيائهم )) (( والذي ستكون فيه أمن الولاية الحيوية اليهودية بمثابة أمانة حيوية بيد الغالبية السياسية الحاكمة للولايات الحيوية العربية الإسلامية المتحدة يعني [[ أهل الذمة ]ٍ] (( ولكن إذا تساءل احدهم كيف نسمح بولاية نسميها "يهودية" ضمن ولايات نسميها عربية إسلامية؟؟ الرد على ذالك هو أن إضافة تعبير "حيوي" يعني إضافة كل ما يتضمنه ويلزم به قبول الميثاق الحيوي المؤسس على بداهة وكونية مفهوم الشكل الحيوي الذي يتجاوز أية عنصرية.. )) 13- حقوق الإنسان للجميع أو الطوفان: (( ومع ذلك، ومهما قيل في العمر الاقتصادي الحيوي، فإن ما يتوجب التركيز عليه هو ضرورة الانفتاح على الاقتصاد العالمي، من موقع المشارك، والمنافس، وفي هذا فقط ندخل العالم.. ونتجاوز العقلية الأحادية.. التي ستجعلنا نتعامل مع الأسود والأصفر، والأحمر، والبوذي، والهندوسي، والمسيحي، واليهودي، والملحد ونراهم يشاركون في إدارة الكثير من منشآتنا، وتشغيلها، كما يشارك أبناؤها في العالم في الإدارة لتشغيل منشآت اقتصادية عالمية! وعلى قدر نمو هذا العمران الاقتصادي الحيوي ترتهن، إمكانات تجاوز العقلية الأحادية )). [[ طريق الحقيقة، رأيها في هذا البند وتقول: إن كل هذا التواصل والتفاعل هو نتيجة للعامل الاقتصادي ولكن العامل الاقتصادي هو شغل الحمير كما قالها الإمام الخميني أحد زعماء الهوية الإسلامية الذي يسعى لأسلمة العالم، فلماذا نشغل عقلنا بشغل الحمير؟ )). 14- قول الحق ولو على نفسك: يقول الكاتب (( يقول الكاتب: فهل كل الغرب معادً للعرب والمسلمين؟ وإذا كانت الإجابة، نعم، فلماذا لا نحمل أنفسنا قسطاً من المسؤولية؟!. ألا يوجد فينا ما يبعث على الكراهية من قبل الآخرين؟، واحتقارهم واشمئزازهم منا؟! وإذا كان الاختلاف الحضاري، في القديم مبعثاً للكراهية والعداء!!.. فلماذا استطاعت القارة الهندية التي وجد فيها عشرات بل مئات القوميات واللغات المختلفة، أن تحظى بصيغة لا تمنع وحدتها السياسية، ولا تحرم عليها امتلاك تقنيات نووية وفضائية؟، وامتلاك مناهج ثقافية وتعليمية تجعل منها رابع دولة مصدرة للأدمغة في العالم!!)). 15- بخصوص امتلاك التقنية المعاصرة: (( هنا السؤال الصعب، السؤال التحدي: وهو كيف ننتج التقنية المعاصرة، ونشارك في تطور معطيات الحضارة التقنية المعاصرة؟. هذه هي الجبهة الرئيسية، وهنا العدو الحقيقي! وهو يقبع بشكل أساسي فينا..)) (( وإذا استطعنا أن نبني سياسات وأنظمة اجتماعية، وثقافية قادرة على إجراء هذه المراجعة، فإن إمكانات التقدم على طريق المشاركة، في إنتاج تقنيات العصر ليست أمراً مستحيلاً. وما لم نضع نصب أعيننا عدونا الأول وهو التخلف التقني وما لم نجيش لهذا الهدف فإننا سنكون مجرد أدوات لاستهلاك قمامات الآخرين.. ولكن تطوير القدرة التقنية والتواصل مع الثورة المعلوماتية يتطلب قدراً كبيراً من حرية التواصل والاستخدام شبه المجاني مع شبكات "الإنترنت" وهو أمر ترتعد منه أنظمتنا لأسباب بعضها مفهوم وأكثر مجرد وهم وغباء.. لأن التواصل الحر مع الإنترنت لن يغير عملياً أي نظام.. مهما كان متسلطاً ولكن التسلط والاستبداد بالفعل هو العدو الأول لكل تقدم ثقافي وتقني حيوي )). رأي طريق الحقيقة في الهوية المطروحة من قبل الكاتب: صديقي العزيز رائق النقري المحترم: نعتز بك ككاتب وكعقل مفكر يعصر دماغه لتشخيص أمراض أمته العربية والإسلامية بغية معرفة الداء لوصف الدواء ونحن في طريق الحقيقة نشعر مثلك بمرارة الألم من التخلف الذي نعيشه اليوم وننظر إلى العالم المتقدم بحسرة ونحلم بأن تكون أمتنا العربية الإسلامية تنهض وتتخلص من تخلفها وتأخذ مكانتها إلى جانب الأمم المتقدمة... ولكن تحقيق الأحلام ليس بالأماني والعواطف والخطب والقرارات السياسية ولا بالنظرات المثالية. بل بالعلم وبمعرفة قوانين التاريخ. لقد قلنا سابقاً وفي الحلقات السابقة لطريق الحقيقة وذكرنا بالقول المأثور الشعبي (( أن لكل زمان دولة ورجال )) ((وأن الإنسان ابن زمانه)). إننا نعيش اليوم في عالم اجتماعي تاريخي تتغير دوله ورجاله ولا نستطيع أن نوقف هذا التبدل والتغيير في الدول والرجال إن هدفنا في طريق الحقيقة هو (( الحي أفضل من الميت )). الحي المعاش الحالي الذي يعيش مع وجود اجتماعي مادي وكل وجود اجتماعي مادي يخلق وجوده الاجتماعي الروحي. إن الهوية التي طرحتها في نظرية المنطق الحيوي وهي الهوية العربية الإسلامية ظهرت لوجود اجتماعي مادي منذ ألف وأربعمائة سنة. وكان الإنتاج السائد آنذاك هو الإنتاج الطبيعي. أي عندما كان أجدادنا العرب المسلمون يعيشون في وجودهم الاجتماعي المادي مع الجمل والماعز والبعير والحمار ويسكنون تحت الخيمة وكانوا يعيشون في عزلة تامة عن العالم وتتالت الأجيال في ظل هذه الهوية. فكان لهم القوة واللحمة. ولكن بظهور إنتاج المجتمع الصناعي تغير الوجود الاجتماعي المادي. حيث خلق معه وجوداً اجتماعياً روحياً جديداً. فظهرت السيارة والطيارة والقاطرة والبارود وناطحات السحاب بدلاً من الجمل والبقر والعنزة والحمار والخيمة ...الخ وبظهور إنتاج المجتمع الصناعي وتغيير الوجود الاجتماعي المادي وتوجه البشرية نحو الإختلاط نتيجة للثورة التي حدثت في وسائل المواصلات والاتصالات. فالعامل الاقتصادي لعب دوراً رئيسياً في الاختلاط. فلا بد أن يتبعه الاختلاط الثقافي. لقد فرض هذا الإنتاج الصناعي طريقه لعيش الإنسان يختلف كلياً عن إنتاج المجتمع الطبيعي فكما أن العيش بوجود اجتماعي مادي قديم أصبح أمراً مستحيلاً كذلك إمكانية العيش بوجود اجتماعي روحي قديم أمراً خطيراً وعاقبته التخلف. لا يمكن فرض وجود اجتماعي روحي قديم على وجود اجتماعي مادي جديد إلا بالإرهاب. والإرهاب لا يحمل في طياته أي معنى ثوري والهوية العربية الإسلامية هي من مخلفات الوجود الاجتماعي المادي ذي الإنتاج الطبيعي. إن محاولة فرضها على وجود اجتماعي مادي ذي إنتاج صناعي بالإرهاب عمل خطير للغاية وهذا يعني قتل الناس بدون أي هدف ثوري هو فرض هوية بالقوة تجاوزها التاريخ. إن أمتنا العربية والإسلامية لا تستطيع أن تعيش بمعزل عن العالم فلا بد أن تتصل وتتواصل مع هذا العالم سياسياً واقتصادياً وثقافياً وحضارياً. إن هذا الواقع التاريخي أصبح حقيقة عيانية ملموسة نعيشها. تعيش اليوم بيننا قوميات وأديان متعددة كالأكراد والأمازيغيين والأفارقة والآشوريين والكلدانيين والمسيحيين ويهود ويزيديين ...الخ والمصيبة الأكبر التي ابتلى بها ديننا الإسلامي وهي انقسام المسلمين إلى ثلاثة وسبعين فرقة مذهبية وكل فرقة تدعي أنها الناجية والبعض منهم مستلمون السلطة باسم المذهب السني أو الشيعي وكل فرقة من هذه الفرق تكفر الآخر وتحلل سفك دمه. سؤالنا في طريق الحقيقة: الهوية العربية الإسلامية التي تطرحها. بأي هوية مذهبية ستحكم؟ وما مصير المذاهب الأخرى؟ هذا من الناحية الدينية. أما من الناحية القومية لقد أطلقت اسم الولايات العربية الإسلامية على الدولة السياسية. وهذا يعني مجرد ذكر كلمة العربي يعني هو السيد والقومي الآخر عبد أو مواطن من الدرجة الثانية وإن أمواله وأرواحه وأعراضه أمانة بيد السيد. وماذا لو كان هذا السيد غير أمين كسلاطين العثمانيين واشتهى مال أو عرض الآخر المختلف عنه أو أحد أزلامه هل من قانون يمنع السيد من التصرف بالعبد كما كان السلاطين العثمانيين يفعلون. إننا مثلك مسلمون أباً عن جد وعرب أباً عن جد ولكن ما ذنبنا ونحن وأولادنا نعيش اليوم وبعد مرور نصف قرن من الإستقلال مع الفقر والذل خرسان وطرشان محروم علينا أن نسمع وأن نتكلم ولم يعد أمامنا طريق للخلاص من فقرنا وذلنا سوى طرق الكسب الحرام أو استرخاص عرضنا والتي فيها كرامتنا الإنسانية. إن هويتنا العربية الإسلامية وكافة مشاريعها السياسية والاقتصادية والثقافية قد شاخت وهرمت. وإن ما فعلته وفق نظرية المنطق الحيوي لإعادة شباب هذه الهوية هو الصباغة. تماماً كمن يفعل بعض من مشايخنا اليوم. الذين غزا الشيب شعرهم وهم يصبغون شعرهم وشواربهم بالصبغة السوداء. ترى هل يمكن بهذه الصباغة أن تقنع أحداً بأنهم أصبحوا شباباً. وهل الشبوبية تكون بصباغة الشعر؟ إن الأمم التي كانت مثلنا متخلفون لم يصبغوا شعرهم وشواربهم بل غيروا هويتهم وثقافتهم وفازوا بالتقدم وجددوا شبابهم ولقد ذكرت بنفسك بعض من هذه الأمم. لقد برهن التاريخ أن الهوية الديمقراطية هي الهوية الوحيدة التي تستطيع الأمم أن تجدد شبابها في ظلها. وتتقدم مع التاريخ. وإن الهويات القومية والدينية والشيوعية هي هويات ذات ثقافة مطلقة لا يمكن أن تتماشى مع مجتمع الإنتاج الصناعي الذي له الهيمنة العالمية. أما مجتمعات الإنتاج الطبيعي وكافة هوياتها قد تجاوزها التاريخ ولا يمكن تجديدها. إننا كنا قد طرحنا هوية الشرق الأوسط الذي منطلقه الإنسان بصرف النظر عن قوميته ودينه ولونه ومذهبه وكل إنسان بحاجة إلى متطلبات أربعة المأكل والملبس والمسكن والحاجيات، أما كيف سيمارسون حريتهم مع البعض: تكون وفق سياسة غصن الزيتون وفلسفة حقوق الإنسان ضمن ميثاق وعقد اجتماعي يفصل فيه كافة الحقوق الإنسانية بدءاً من الفرد والجماعة والشعب والأديان على تكتل اقتصادي في جغرافية الشرق الأوسط التي تضم الأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية والقوميات الأخرى – لا سيد ولا عبد – إننا نحترم كل كلمة وفكرة طرحتها لأننا في طريق الحقيقة ملتزمون بشعاراتنا من أن لا أحد يملك الحقيقة وهذا يعني أن ما تقوله أيضاً ليس هي الحقيقة. قد تكون الحقيقة فيما تطرحه من هوية أو قد فيما نطرحه أو فيما يطرحه غيرنا. أين تكمن الحقيقة؟ سيكون الجواب للتاريخ ونحن سائرون معه. 4- القضية الكردية في ميزان الهوية القومية والدينية والمنطق التاريخي: من وجهة نظر طريق الحقيقة لم يظهر خلال القرن العشرين شخصية تاريخية قرأ التاريخ وأدرك منطقه ومارس ما قرأه وأدركه على الواقع كشارل ديغول. لقد قال ديغول كلمته المشهورة (( إنني لا أستطيع أن أحارب التاريخ )). وكان ممارسته العملية مع التاريخ وفق المواقف التالية: 1- في الموضوع الجزائري: قال كلمته الشهيرة (( إن فرنسا تستطيع أن تعيش بدون الجزائر )) وحسم الوضع بعد أن أوصل الجنرالات الفرنسيون بفرنسا من دولة دائنة إلى دولة مديونة ومن دولة من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثانية وبعد مقتل مليون إنسان من الجزائريين والفرنسيين. تصالح مع التاريخ وأنقذ فرنسا من الهلاك. 2- لقد فرضت الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر حصاراً دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً على الصين بعد أن حصلت على استقلالها وانقلبت إلى دولة شيوعية اشتراكية وبقيت خارج منظمة الأمم المتحدة وكان سكانها يومها يبلغ خمس سكان العالم. وزار الرئيس الفرنسي الصين واعترف بها بالرغم من المعارضة الشديدة من قبل الولايات المتحدة وها هي اليوم الصين دولة في منظمة الأمم المتحدة ولها مقعد في مجلس الأمن إلى جانب الأربعة الكبار ثم انهارت جبهة الحرب ضد التاريخ. واحدة تلو الآخرى. وتصالحوا مع التاريخ أسوة بشارل ديغول. وفي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها... كانت وسائل الإعلام تنقل في فترة الستينات من القرن العشرين أخبار مذابح رهيبة بين البيض والسود المحرومين من كل حقوقهم الإنسانية بسبب لونهم. لقد كان السود في الولايات المتحدة محروم عليهم أن يركبوا الباصات العامة. وكان محروم عليهم الاختلاط بالبيض في المقاهي والبارات والمسارح أو أي مكان آخر وفي السكن بجانب البيض. واقتدت الولايات المتحدة الأمريكية بشارل ديغول وتصالحت مع التاريخ. وها نحن اليوم نرى أن السود يؤلفون نصف الجيش الأمريكي ووزيراً للخارجية ومستشارة للأمن القومي. وممثلة ومذيعة تلفزيونية وأميناً لمنظمة الأمم المتحدة فارتاح السود والبيض معاص وارتاحت أمريكا بكاملها. ثم تابعتهم روديسيا وجنوب إفريقيا وعقدوا صلحاً مع التاريخ وزالت النظم العنصرية من الوجود وأصبح السود والبيض مواطنون على قدم المساواة في الحقوق والواجبات. أما الذين وقفوا في وجه التاريخ مغرورين بقوتهم ولم يتصالحوا مع التاريخ فأزالهم التاريخ من الوجود. منهم من أحيلوا إلى المحاكم ومنهم من التجأ إلى الكهوف. ومنهم التجأ إلى السراديب تحت الأرض بعد أن كانوا في القصور. وبناءاً على هذه القراءة للتاريخ: نقول بعد الذي حصل في العراق وظهور اسم الشعب الكردي واسم كردستان بعد أن تم إنكار وجود الشعب الكردي من قبل السياسيين والمثقفين العرب والفرس والترك خلال القرن العشرين بكامله وظهوره كحقيقة ملموسة مرئية كقرص الشمس. نسمع بين الحين والآخر من وسائل الإعلام أن الساسة الأتراك والفرس وعلى لسان أعلى مسؤوليهم الذين يتحملون المسؤولية التاريخية لشعوبهم الإسلاميون منهم والعلمانيون بأنهم ضد الاعتراف بوجود الشعب الكردي وضد الاعتراف بأية حقوق إنسانية سوى حق العبيد وأنهم يريدون يبقوا سادة والأكراد عبيد لهم. بل إنهم ضد حتى ذكر اسم الكردي في قائمة البشرية. لقد قامت القيامة ولم تقعد بظهور اسم الكردي لأن ذلك يعني فضيحة كبيرة لهم أمام الرأي العام العالمي التقدمي وحقوق الإنسان. بعد كل الجهد الذي بذلوه خلال القرن العشرين لمحو أي رمز يدل على وجود الشعب الكردي. لقد غيروا أسماء القرى والمدن الكردية. ومنعوا إطلاق أي تسمية كردية وزيفوا كل التاريخ فكيف يكون اليوم في العراق ويصبح العبد الكردي رئيساً ووزيراً ويشارك أخيه العربي على قدم المساواة في الحقوق والواجبات في خدمة وطنه العراق. إنهم يرون في ذلك مصيبة كبيرة حلت عليهم ورجعت حليمة لعادتها القديمة مطلقين يد القوات الأمنية لحرب التاريخ تماماً كما فعل الجنرالات الفرنسيون وأمريكا مع السود وروديسيا وجنوب إفريقيا إلا أن ظهر ديغول رجل التاريخ وحسم الوضع وعقد صلحاً مع التاريخ وأنقذ فرنسا ومن تبعه من الهلاك. نريد هنا أن نذكر أصحاب الهوية الدينية والقومية والعلمانية وقد تنفع الذكرى. لقد حاولت أمريكا المستحيل بأن تجعل السود بيضاً فهل تغير لون السود وأصبحوا بيضاً. وقد حاول الساسة في روديسيا وجنوب أفريقيا أيضاً أن يجعلوا السود بيضاً فهل تحول السود إلى بيض؟ وكانت النتيجة اعترافهم بواقع لم يخلقه هم. فبقي الأبيض أبيضاً والأسود أسوداً وكلاهما بشر لهم نفس الحقوق والواجبات. نقول للساسة العرب والفرس والترك: بالرغم من كل المحاولات التي بذلتموها خلال القرن العشرين لتجعلوا الكردي عربياً أو فارسياً أو تركياً، فهل نجحتم في ذلك؟ وأخيراً ظهر اسم الكردي... أما لماذا لم تنجحوا في ذلك. فإن كنتم مسلمين وتؤمنون بوجود الله بأن الله سبحانه وتعالى خلق البشر مثلما خلق العربي والفارسي والتركي خلق الكردي أيضاً. وإن كنتم علمانيين ماديين فالمادة التي خلقت العربي والفارسي والتركي خلقت الكردي أيضاً. وإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليكون حراً وليس عبداً لأحد سوى الله. إن إرادة الله تكمن في التاريخ. وإن من يقف في وجه التاريخ يقف ضد الله. وسيكون حينذاك حكم التاريخ. فالذين قرؤوا التاريخ واستوعبوا دروسه وتصالحوا مع التاريخ سلموا. فهل نتعظ نحن الأمم الثلاثة في الشرق الأوسط من دروس التاريخ لتنجب شعوبنا كوارث مرعبة. ليس العنف والإجراءات الأمنية. الأسلوب الصحيح لحل مشاكل الشعوب وحسم الأمور. بل بالحوار المتبادل على أساس مبادئ حقوق الإنسان وسياسة غصن الزيتون. لقد انتهى عهد السادة والعبيد ولم يعد يقبله التاريخ مطلقاً مرة أخرى. نسأل ترى هل سيظهر في الشرق الأوسط ديغول عربي أو تركي أو فارسي ليعلمنا قراءة التاريخ؟ أم سنظل نسير وراء جنرالات الحرب إلى أن تحل بنا الكارثة. 5- كلمة ختامية ومشروع الحل للهوية والتقدم والتطور: أخي العربي والفارسي والتركي والكردي لقد خلق الإنسان ومعه العقل. إننا الأحياء مجبرون للعيش مع الواقع المادي المحسوس والملموس. ولكي نحيى ونحظى بحياة كريمة علينا نحن الأحياء أن ننتج متطلباتنا المادية الحيوية من هذا الواقع المادي. إن ما يجب أن يشغل عقلنا هو الواقع المادي ذاته ما دام يعطينا متطلبات الحياة. إننا نرى في هذا الواقع المادي كل شيء يتغير ويتبدل ويتطور بفعل النشاط الإنساني التاريخي. ولكن الإنسان يخلق مع هذا النشاط التاريخي المادي معه جانب روحي. وهذا الجانب أيضاً يتغير. والعامل الهام الذي يجب أن ندركه أن كل حي يولد ويكبر ويهرم ويفنى. والإنسان كائن حي يولد صغيراً ويكبر ويهرم ويفنى. والهوية هي من منتجات الجانب الروحي في هذه العملية التاريخية. إن الهوية كالملبس في حياة الإنسان. فعندما يكون الإنسان صغيراً له ملبسه. وعندما يكبر له ملبسه. فكل مقاس من الملبس يلعب دوره في حفظ الإنسان من المؤثرات الخارجية. والإنسان يكبر ويكبر معه مقاس لباسه وكذلك الإنسان عندما يصنع تاريخه تكبر معه هويته. ويلاحظ في السياق التاريخي. أن الأمم والشعوب التي تبدل هويتها وتأخذ الهوية المناسبة التي تعبر عن مفردات ومفاهيم العصر الذي حل تحظى بالتقدم والتطور بسرعة. إن تغيير الهوية سواء أكانت قومية أو دينية أو ثقافية. هذا لا يعني أننا نغير قوميتنا أو ديننا. كل ما في الأمر هو تغيير مفردات ثقافتنا المادية والروحية كي نعيش مع العصر المتغير والمتبدل والمتطور بسرعة. ولنضرب مثلاً على ذلك: كل إنسان يولد من أب وأم والأب يكدح ليقدم المأكل والملبس والمسكن والحاجيات لمولوده. والأم تقوم بدور الرعاية والخدمة والحنان لحين يكبر المولود. ولكن الأب والأم يغذيان عقلهما من ثقافة هوية. والمشكلة الكبيرة والمعقدة تكمن في عندما يكبر المولود ويدخل معركة الصراع مع الواقع الطبيعي والاجتماعي المتغير على الدوام. وهنا يقع الولد في إشكالية كبيرة فالأب والأم اللذان تغذى عقلهما بثقافة هوية يريدان أن يلقنا ولدهما. هذه الثقافة وأولادهم يحتارون بين الواقع الموضوعي المعاش وثقافته وبين ثقافة الأب والأم. وإن تعاملوا مع الواقع الموضوعي المعاش بجانبيه المادي والروحي بمفردات هوية والدهما لا يستطيعان أن يتكيفا مع الواقع الجديد الذي ظهر وبحاجة إلى هوية جديدة بمفرداتها لتعبر عن هذا الواقع. ترى ما هو الحل لهذه الإشكالية التاريخية؟ ليس الحل في قتل الوالدين أو إلقائهم في البحر أو الصحراء. بل يجب إحالتهم على التقاعد. لأن لا عضلاتهم ولا عقلهم تستطيعان أن يقوما بدورهما لتقديم المساعدة اللازمة لأولادهما بثقافة الهوية القديمة. إنهم آباؤنا وسيحظون باحترامنا وعلينا أن نقدم كل مستلزمات الحياة لهما لحين قضاء أجلهما لأنهم هم الذي خلفونا. وأن الهوية هي أيضاً تمر بهذه الرحلة. إن هويتنا الدينية والقومية لم نعد نستطيع أن نصنع في ظلها الجرار والسيارة والطيارة والقطار والإلكترون ...الخ ولا نستطيع أن نخلق في ظلهما الأمن والسلام الاجتماعي ولا العدل ولا نستطيع أن نؤمن الحق الإنساني بموجب مفردات هويتنا الدينية ولا القومية لأن سلطة الهوية الدينية قائمة على المذهب داخلياً وخارجياً قائمة على حق الطائفة وكذلك الهوية القومية ونظامها القومي قائم على حق القومية بموجب تقسيم اجتماعي قائم على سيد وعبد. وإن الهوية القومية كل مفرداتها قائمة على التعالي القومي والشوفينية والعنصرية. وكل هذه المفردات مناقضة لحقوق الإنسان والتي ظهرت كهوية كونية لا مفر منها. الحل: إن الجيل الجديد الحي يحتاج إلى هوية جديدة كي يدخل في حلبة الصراع مع الواقع الموضوعي المادي والروحي. هذه الهوية تكون مفرداتها معبرة عن روح العصر الذي حل. وقد طرحنا هوية شرق أوسطي جغرافي الإنسان منطلقاً بصرف النظر عن دينه وقوميته ولونه. قائمة على المصالح المشتركة الحيوية. في ظل نظم سياسية وقانونية وحقوق المواطنة بالتساوي في الحقوق والواجبات لا سيد ولا عبد. نأمل أن نكون قد وفقنا في نقل هذا الصراع والجدل بين أنصار الهوية القديمة والجديدة من أفكار المفكرين والمثقفين والسياسيين وما قدمناه في طريق الحقيقة. ولا ندعي امتلاك الحقيقة كاملة بل نبحث عنها. ونؤمن لا فيتو ضد الفكر. ويحق لكل إنسان أن يطرح رأيه في هذه القضية الحساسة سواء أن دافع عن القديم أو الحديث. إن تمسك العربي بعقاله والفارسي بعمامته والتركي بطربوشه والكردي بسرواله كرمز للهوية ليس هو الطريق الصحيح لمعالجة مشكلة الهوية. إن مشكلة الهوية هي مشكلة ثقافية. أي كيف يجب أن تعيش في مأكلك وملبسك ومسكنك وحاجياتك وممارسة حريتك هل وفق الطريقة القديمة؟ أم وفق الطريقة الجديدة؟ إن الحياة في تجدد مستمر وكما قال أحد الفلاسفة اليونان (( إنك لا تستطيع أن تغمس اصبعتك في مياه نهر جاري مرتين )) إن أدركت ذلك بعمق وغيرت ثقافتك وطريقة معيشتك سلمت. وإن إستمريت في التمسك بثقافتك القديمة هلكت. هذا هو حكم التاريخ إن لم ندركه اليوم سندركه غداً ولكن بعد فوات الأوان. ودمتم حلب في ------------------------------------- محمد تومة 9/8/2004مـ -------------------------------- أبو إلياس ------------------------------------------------------------- منشـــــور على مواقع الحرية: www.alhouria12.bravehost.com www.angelfire.com/un/alhouria12/index1.htm www.alhouria12.150m.com www.alhouria12.jeeran.com www.freewebs.com/alhurria
للاتصال بنا: [email protected] [email protected] [email protected] " يرجى إرسال الرسالة ضمن ملف مرفق (file.doc) "
هاتف منزلي بحلب/ سوريا: من داخل القطر 5750454 021 من خارج القطر 5750454 021 00963
ملاحظة: نرجو من جميع زوار مواقعنا مساعدتنا للوصول إلى الحقيقة، بإرسال طريق الحقيقة رقم 15 إلى كل معارفهم من كتاب ومفكرين وباحثين بغض النظر عن قوميته أو دينه أو لونه لأن موقع الحرية بأمس الحاجة إلى نقدهم مهما يكن، فلا فيتو ضد الفكر وإن شعار موقعنا: لا أحد يملك الحقيقة.. أنا أبحث عن الحقيقة.. أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها. وشكراً...
#محمد_تومة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق الحقيقة رقم 13
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|