أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائف امير اسماعيل - اختراق حاجز الموت















المزيد.....


اختراق حاجز الموت


رائف امير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 20:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




يعد الموت الظاهرة الاحيائية الاكثر استغرابا والما. وهو المفهوم الاصعب تقبلا، برغم الوعود الدينية بحياة ما بعد الموت.خصوصا ان تلك الوعود كانت قد تمثلت بمنزلتي الجنة والنار لاغيرهما واشترطت لان يفوز بالاولى ان يكون الانسان ناجحا في تطبيق الوصايا المنزلة في كل لحظة من حياته. وبذلك امتد خوف الاقتراب من الموت من مدة زمنية قصيرة يتعمق الانسان بانتباهه اليها في المرض او الاحتضار او موت شخص ما الى ان يخاف في كل لحظة من حياته . وبذلك ايضا ارتبطت كل تفاصيل الحياة الدقيقة عبر الدين بهذه الظاهرة وزادت الصعوبة في تقبل المفهوم . وحتى بالنسبة للملاحدة فقد باتت هذه الظاهرة ايضا هي حتما لايمكن تجاوزه , او هو حل لابد منه لديمومة وتجدد الحياة ، او القضاء على الملل.
وبرغم انها قد بدت جلية للعيان في كل انواع وافراد الكائنات الحية فانني اعتقد ان هذه الظاهرة ( بالنسبة للانسان على الاقل) في طريقها الى الزوال التدريجي . ويوما ما لايتعدى المئات من السنين سيخرق هذا الحاجز وسيحتفل البشر بانهم ابتكروا طريق آخر وحالة جديدة هي التحول الاختياري الى مخلوقات اخرى ثم اخرى وهكذا... تبدل مع تبدل الوجود(واتساعه).
ان استغرابي من تحجر المفاهيم البشرية وتقبل البشر حدود لايرغبوها هو بالنسبة لي اكثر من استغرابي من هذه الظاهرة.
علينا اولا ان نشكك وندقق اكثر في (حتميتها) ونبدأ بالتفاؤل بحتمية القضاء عليها ( الاتية لا ريب فيها) واقتراح عدم جدواها بوجود بدائل اخرى . وان يكون الرقم 99 % بدل ال100%.
عدا الالام الشديدة التي ترافق وقت الموت ( توقف الاجهزة والاعضاء وموت الخلايا) ثم التحلل الكيميائي المرعب والتحول التدريجي الى( تراب) ، هنالك حالتان اساسيتان له الاولى هي فراق الدنيا والاحبة والمسؤولية وايقاف المسيرة ومشاريعها وملذاتها للميت والثانية هي فراق الاخرين له . ناهيك انه لايخضع لظوابط او عدالة حقيقية (خبط عشواء) ولكن عدا ماوردنا عن قصص الانبياء فان اي من البشر لم يتعدى عمره ال200عام مهما تجنب وتحفظ. ويرجع ذلك الى هرم الخلايا وعدم التجديد للفقدان التدريجي لحاشية الشريط الوراثي في الخلية، الضرورية في عملية الانقسام . ولكن لماذا تنفذ الخلية من فعاليتها لكي تحتاج الانقسام والتجديد؟ اليست هي معمل كيميائي له آلية مستمرة؟ وهل النقص في مركبات ما او زيادتها او اعطاب مكوناتها هو السبب؟ ولماذا لم يفلت احد من هذه المسببات ويعيش المئات او الالاف من السنين؟ اعتقد ان السبب الصحيح هو توقيتات جدول انفتاح الجينات الذي يفتح معه منذ اخصاب البيضة سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي بدورها تفتح عمل كل مجموعة من الجينات لمرحلة عمرية ما ولجزء ما ثم تؤدي نتائج هذة التسلسلات الى ايقاف اعمال البعض من الجينات لكل مرحلة وجزء الى ان يتوقف الكل . وعمر الانسان هو مجموع اعمار(مدد) تلك التفاعلات وهي محددة.
تشبث الانسان بالحياة والخلود ولم يفلح ومل البعض وانتحر وكانت النتيجة نفسها . لكن كانت هناك بعض النتف من الانجازات على الطريق وبعض ( الاذكياء) كان اولهم الجينات نفسها التي استطاعت ان تتحور وتخرج من جسد النيدرتال الذي كان يشيخ بعمر الاربعين الى الانسان الحديث الذي يشيخ بعمر السبعين. ثم استطاعت الجينات ان تطور الدماغ وتعظم حجم العقل لتشعله فكرا بحكها السريع والمتزايد( انتشار الافراد) لمعادلات الوجود. الفكر اختار طريق العلم ، والعلم بانجازاته الرائعة في كل اتجاهات الحياة مستمر بالاحاطة بهذه الظاهرة بشكل مقصود ومباشراو من خلال انجازات ذات صلة اوفتح آفاق ومفاهيم جديدة للموت والحياة بصورة عامة. ربما كانت البدايات في الرسم والنحت ثم اختراع آلات التصوير والتسجيل للصوت والصور المتحركة التي هي اعظم من حلم البطل كلكامش وتحنيط عظماء الفراعنة وهذه الانجازات تعتبر خطوات للخلود بالنسبة لمن سبقهم . هل ستقف الخطوات لهذا الحد ام ستمضي وتخرق اكثر.
اسباب الموت كثيرة بالاضافة الى الهرم وبالرغم من ان التطور الحضاري قد حدد ومنع الكثير منها او من كثرتها فان الحضارة ايضا تسببت بظهور اسباب جديدة له. العلم بنواياه البشرية الخيرة ( الجينية بعزلها عن الصراع البشري) هو عدو للموت . والصراع بينهما محتدم . وللاسف خبراتنا البشرية لحد الان تشير ان مسألة الموت هي في النهاية خارج امكانية العلم وان الطب وادواته لن تستطيع سوى اطالة العمر او تخطي المرض لبعض الوقت (يضاف اليها الوعي العلمي في تجنب مسبباته مع الوعي السلمي). لكن العلم تراكم بشكل هائل وبمتواليات اعظم من الهندسية وظهر علم الجينيوم الذي فك شيفرة الشريط الوراثي والعملية مستمرة في الكشف عن كل الجينات ( التقديرات انها ستكتمل خلال ال 100 عام القادمة) . وترتب عن هذا العلم ظهور مفهوم الاستنساخ البشري بعد ان استطاع ان يستنسخ بعض الحيوانات وظهرت افكار نظرية لصناعة الانسان الاخضر او الملون الذي يحوي جسمه البلاستيدات الخضراء والذي يتغذى مثل النبات وايضا تبين انه بالامكان صناعة مخلوقات جديدة بالتلاعب بطول وترتيب الشريط الوراثي للكائنات الحية. عدا ان علم الجينوم يقول انه بالامكان القضاء على الامراض الوراثية.
ان التقدم في هذا المجال يصطدم ( كحال العلم فيما مضى ) بالحواجز الدينية والاجتماعية والمخاطر المترتبة . ودائما هناك علماء عنيدون وعوائق تتراجع بالحاجة الملحة واختمار الافكار الجديدة في عقل الانسان والمجتمع. ان الاستنساخ البشري يعطينا جسد طبق الاصل ولايعطينا الاصل والمطلوب ان نكمل وصولا له.
الانسان هو جسد وفكر وربما شي آخر هو الشعور بالذات سيكون حجر عثرة لهذه المسالة بمعنى اننا لو استنسخنا انسان مرافق للانسان الاصلي منذ الطفولة بحيث مر بكل التجارب ومليء بنفس الافكار للاصل سيبقى الاصل يشعر انه ذات تختلف عن المستنسخ ولكن الشعور هذا سيختفي اذا نقل الدماغ اوجزء منه المتعلق بالذات الى المستنسخ خصوصا اذا تمت العملية بدون علمه وربما في هذه الحالة سيحس بتغير طفيف ربما لايستنتج انه قد خضع لعملية تبديل الجسد. وايضا العلوم الدماغية استطاعت كشف الكثير من مناطق الدماغ وعملها والخلية العصبية واسرارها و العمل مستمر في التمييز اكثر لمناطق الذاكرة والتحليل والتخطيط وصولا الى التحديد المادي او الكيميائي ل( الذات) او ربما هي مايعبر عنها بالنفس. واذا نجحت هذه التجارب ستفتح المجال ان تختار الذات جسدا آخر غير جسد الانسان ذو امكانية اكبر لتحمل صعاب المراحل القادمة بسبب تعاظم طموحاته ومن هذه الاحتمالات الانسان الالة ( ليس المقصود الروبوت الذي هو خطوة على الطريق بل ان يوضع الدماغ الحي داخل آلة) .. (اذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام) .
وعلى هذا الطريق وفي المستقبل القريب علينا ان نحمل الحاسوب بعض من مسؤولية الخلود . هذه الالة الرائعة المستمرة في التشكل والتطور بامكانها ان تحفظ بالاضافة الى صورة وصوت الانسان ، فكره ( و منها ذكرياته واحاسيسه) وعلى اساسها تتحدد مواقفه من القضايا المطروحة عليه فيجيب الحاسوب بالصورة المتحركة والصوت ( سواء كان الشخص الذي نقلت عنه حي او ميت وهذه الحالة مفيدة لمعرفة آراء الشخص عند غيابه لفترة) . سيتم تشغيل الحاسوب ( ربما سيتغير شكله تبعا لذلك اوسيكون هناك روبوت وجهه كوجه الشخص الميت او الغائب وكذلك هيئته وملابسه وصوته) وسيقولون له انظر لترى طفلك فقد كبر ودخل المدرسة فيجيب نعم اني اراه ولكن لماذا هو غير نظيف قربوه مني لاقبله كيف حالك يابني وما هذه الرائحة والجو حار وعليكم فعل كذا وكذا ( تجري الان بحوث نظرية لصناعة حاسوب من الحوامض النووية ).
وبدلا من التحنيط تم حفظ اجساد ميتة بكامل اجهزتها وخلاياها في سائل النتروجين لمتبرعين عسى ان يتوصل العلم الى حل في اعادتهم الى الحياة. وتم حفظ حيامن حية خصوصا لعدد من العباقرة في بنك وبعد ان شبعوا موتا تم فعلا التخصيب بحيامنهم لنساء انجبن عباقرة في كثير من الحالات وربما يمكن نقل شيفرة اي انسان ميت قبل تحللها و استنساخ ذلك الانسان منها او صناعة الشيفرة من خلال المعلومات المحفوظة في عظم ميت او تحليل صورته.
مثلما تنتشر الجينات وتتفتح بشكل (عمودي) لتكون الكائن الحي الفرد ، فانها تنتشر ايضا افقيا لتكون افرع الممالك الاحيائية بانواعها المختلفة بحتميات تتناسب مع مجاري الظروف البيئية ( بلغت الملايين من الانواع لحد الان) ولتكون حيوات متجددة . وهكذا بالنسبة للنوع الانساني فهي تكون الفرد بآليات متسلسلة لتجدد هيكله ومفاهيمه لكل مرحلة عمرية وتنتشر افقيا بالتزاوجات المتشابكة لتجدد النوع كهيكل للبشرية جمعاء ولتجدد المفاهيم في كل مرحلة من عمرها وصولا الى هيكل نهائي وفكر نهائي لانراهما من زمننا هذا . وربما سنكتشف طرق لابطاء التفتح الجيني او عكسه وعكس التفاعلات البايو كيميائية والعودة بالعمر الى الوراء.
نشرت في موقع الحوار المتمدن في العدد 2835 في 20 /11/2009 قصة قصيرة بعنوان( هروب الذات) افترضت فيها ان ذاكرة الانسان المهمة والقريبة من( ذاته) او ما تكون اساس ل( شخصيته) قد تتجمع في لحضات الاحتضار في خلية عصبية واحدة تنطلق في لحظة الموت الى عالم اللا زمكان وما أن تصل تضحك وتفهم (اضيف هنا انها ربما تتكيس وتسبت لبعض الوقت) . والان ربما علينا ان نربط هذه الفكرة مع الاختراع الجديد وهو تصنيع اول خلية كيميائية حية من مواد كيميائية ( هكذا اعلن العالم الامريكي فنتر ومساعديه ونشرتها الصحف في 21/5/2010 ) وهو اختراع يمثل اكبر صفعة للنوع البشري القديم الذي يعيش مع الحديث فارضا عليه افكاره بقوة ( الايمان ).
وهنا نقول اخيرا ماذا لو نقلت الى الخلية المصنعه هذه افكار او شخصية الفرد الواحد كتراكيب كيميائية وتستريح لبعض الوقت في المختبرات ريثما تنقل بعدها الى جسد حيوان او نبات لترى الوجود من زاوية اخرى ثم لتنقل بعدها الى جسد انسان مستنسخ ( تشابه فكرة التناسخ ) . العلم وحده الذي يجيب لاغيره .
31/5/ 2010



#رائف_امير_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هروب الذات - قصة قصيرة


المزيد.....




- هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س ...
- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات ...
- مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب ...
- بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز ...
- وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها ...
- وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل ...
- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائف امير اسماعيل - اختراق حاجز الموت