|
شهاب الدين أضرط من أخيه
نوري جاسم المياحي
الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 12:17
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا تلوموني عندما اكتب بلا مجاملة لهذا او ذاك .. لان لامصلحة لي في ان امدح هذا او أذم ذاك .. وانما انا عراقي كتب عليه ان يولد في ارض الرافدين منذ اكثر من سبعين سنة .. وعاش الحلو والمر في حياة العراقيين (والحجي بيناتنا معظمها مرارة وطيحان حظ ) .. وقرأت الكثير عن تاريخه .. ولم اتأثر بمغريات السفر خارج العراق .. او التمتع بفلوس لم اتعب في جمعها كما فعل الذين قضوا معظم حياتهم خارج العراق .. وخلاصة الحديث والقول انني لم اعرف غير العراق ولم احبب غير العراق واهلي اهل العراق .. فلا تلوموني عندما ابكي العراق وانزف دما ودمعا لمعاناة شعب العراق المظلوم .. البعض من ابنائي وأحفادي في بعض الاحيان يسألونني عن العهد الملكي او عهد عبد الكريم قاسم .. فأحاول ان أشرح لهم قناعاتي وانطباعاتي عن تلك الفترات الحلوة منها والمرة .. لانه ومع الاسف الشديد .. الجيل الجديد من شباب العراق لايميل للمطالعة .. ولا طموح عنده فتلمس عنده وبوضح عدم المبالاة والاهتمام بما يجري .. وبالتأكيد هذه الحالة النفسية التي يمر بها شبابنا لها مبرراتها وليست وليدة اليوم والكل ساهم في ايصالهم اليها .. من المعلم في الابتدائية الى استاذ الجامعة .. الى رجال الدين في الجوامع والحسينيات والتكيات وحتى في الكنائس .. ولا ينكر ان للعائلة دور مهم في هذا الموضوع أيضا.. ازمة القيم والاخلاق معظم العراقيين اليوم لايدركون انهم يعيشون أزمة أخلاق عراقية تربى عليها جيلنا ( جيل السبعين فما فوق ) اي من كان عمره 50 سنة فما دون لم يعا يش مكارم الاخلاق التي كانت سائدة انذاك .. ومنها التفاني في حب العراق وارض العراق وشعب العراق ولا يحتاج الى اناشيد واغاني وشعارات او احزاب لذلك.. الاعتزاز بانتماءك لهذا الشعب الجبار .. الشجاعة والفروسية في التعامل مع الاخرين وحماية اهل المحلة والمدينة ( الشقاوات وطبيعتها ومن يريد معرفة المزيد عن هذه الظاهرة الاجتماعية ويمكن الرجوع الى الكتب ذات العلاقة ومنها كتب الدكتور علي الوردي-- طبيعة المجتمع العراقي ) .. وكان العراقي يتميز بالغيرة والشهامة والاعتزاز بالنفس والانتماء الى العراق .. الرحمة والحنية .. فلم يميزالانسان العراقي ولم يفرق بين جار وجار اخرعلى اساس الدين او الطائفة او القومية فالكل سواسية كاسنان المشط.. ولاسيما في منطقة بغداد القديمة التي ولدت أنا فيها وترعرت على اخلاقها وعاداتها.. كان اليهودي والمسيحي والمسلم .. الكل تعيش على المحبة والمودة وكعائلة واحدة تحزن لبعضها وتفرح وترقص لبعضها في المناسبات المفرحة .. قد لايصدق البعض ذلك قياسا على هذه الايام.. لن ينام جارك جوعان وانت شبعان .. الكل تهب لمساعدة الفقير والمحتاج .. والالتفاف حول المريض لحين شفاءه .. وان غاب رب الدار الكل تتسابق لحماية عائلته وتسد فراغ غيابه .. الامانة ميزة من الميزات المتميزة للعراقي فان وجدت من يخون الامانة .. فمصيره الاحتقار والاذلال ويجلب العار الى عائلته وعشيرته .. اما اللص فكان مصيره النبذ والطرد .. وكان الطفل يربى على الامانة واحتقار السرقة .. وكلنا يتذكر ان جداتنا وامهاتنا كانوا يقصون علينا قصة الحرامي وامه وكيف قطع لسانها عندما ارادوا اعدامه.. كانت التربية تعتمد على رواية وحكمة القصص البسيطة التي يرويها الكبار لابناءهم والتي تنطبع في ذاكرتهم .. اما اليوم فالطفل يكبر وهو يشاهد افلام الرعب ومصاصي الدماء والقتل وانواع الاسلحة وكرين دايزر.. اما المزور والغشاش .. فهذه كانت اكبر جريمة في جبين المرأ والعائلة.. بينما اليوم نجد الوزير مزور ورئيس الحكومة المحلية مزور بحيث اصبح التزوير ميزة عادية لايخجل منها ان زور شهادة او وثيقة وحتى النسوان اصبحن مزورات.. بينما كان المزور ايام زمان يضرب مئة الف قندرة على راسه وراس اللي خلفوه .. اما الظاهرة الجديدة والتي تتميز بها هذه الايام فهي الرشوة .. مسكين الشرطي ايام زمان .. كانت الرواتب ايام زمان لاتسد رمق الانسان ولاسيما الشرطي فهو لايتمكن من شراء باكيت سيكاير لتخفيف هموم حياته اليومية لان يومه كله ..هم وحزن وكليب مجروح.. وبما ان واجب الشرطي الوقوف في ابواب الدوائر الحكومية او الموظفين ويمنع المراجعين من الدخول والخروج الكيفي .. نجد المراجعين يتجمعون وينتظرون دورهم في الدخول والمراجعة .. وبما ان معظم المراجعين انذاك من المد خنين وبما ان العراقي يتميز بالكرم الحاتمي .. فلهذا نجده عندما يريد ان يدخن سيكارة عليه ان يقدم السيكائر للواقفين قربه ولاسيما الشرطي .. وبما ان الشرطي لايستطيع رد هذه المبادرة الكريمة فنراه يتقبل السيكارة شاكرا .. وانطلاقا من القول المتعارف عليه انذاك ( لايرد الكريم الا البخيل ) ...نجد ان الشرطي المسكين يتهم بالرشوة ويوصف بانه (صدر شرطي بسبب انواع السكائر المختلفة التي تقدم له والتي يدخنها ) اما اليوم والعياذ بالله فالكل تطالب الرشوة وبلا خجل او مستحى .. وياللعار كم تبدلت قيم واخلاق العراقيين .. انقلبت كلها راسا على عقب .. ان كانت لديك معاملة في احدى الدوائر الرسمية فعليك ان تورق الدنانير التي يسمونها هدية تلطفيا عن تسمية الرشوة التي تبدأ بالفراش وتنتهي باكبر موظف .. يوما دخل مريض الى مستشفى اليرموك بسبب نوبة قلبية المت به .. وبما ان الحركة ممنوعة عليه .. ووكما نعلم انه بشر ويحتاج للتبول .. بالسابق ايام الفقر كان في كل مستشفى مباول معدنية خاصة ستيل جنها مراية يستعملها المرضى .. ففتش المرافق للمريض عن مبولة لمريضه فلم يجدها .. فذهب يستنهض الهمم ويستثير النخوة لمن يساعده في ايجاد مبولة لابيه .. واذا باحد الفراشين او العمال يقترب منه ويقول له هامسا لاتقلق ( لاتدير بال ) انا سادبر لك مبولة بس لاتنساني بالاكرامية.. وفعلا وبعد دقيقة عاد ومعه دولكة ماء بلاستك استخدمت كمبولة .. عندها دفع المرافق الاكرامية وقدرها الف دينار .. لدولكة سعر ها اذا اردت شراءها من السوق لايتجاوز 250 دينار .. وهكذا تكررت العملية واصبحت كلفة البولة الواحدة الف دينار .. فتصوروا كم كلفت البولة هذا المريض المسكين لحين خروجه من المستشفى الحكومي فالله يكون في عون الفقير .. ان السلبيات الاخلاقية والقيمية في المجتمع العراقي قد تجاوزت حدود المعقول والمقبول.. وانا لم ادخل في التفاصيل وانما مررت بها مرورا سريعا كي اشرح للشباب ما كانت عليه اخلاقنا وما اصبحت عليه اليوم .. البعض متفاءل ويعتقد ان الامور والحالة السيئة هذه لابد ان تصلح وتعود المياه الى مجاريها السابقة .. انا اختلف مع المتفائلين واضم نفسي الى حشد المتشائمين ..فهي ليست بناية لنعيد بناءها وانما حياة مجتمع وتربية تحتاج عقود وأجيال لكي تربيهم .. وهذه التربية تحتاج الى معلمين وبمرور الزمن وللاسف الشديد فقد العراقيون هؤلاء المعلمين..وكما تعلمون هذا ينطبق على الاب الصالح والام النقية والمعلم الواعي ورجل الدين الحقيقي المؤمن والمخلص لتعاليم دينه .. وامثال هؤلاء اين تجدهم اليوم ...وان فاقد الشيء لايعطيه .. فمن لايحب العراق لايمكن ان يبني العراق .. السبب بسيط انه لم ينشأ على حب العراق كما نشأ السابقون .. والعراقيون اغنياء بأمثالهم الشعبية المعبرة عن الحالات الانسانية .. وفي هذا المقام ينطبق المثل التالي على الوضع الاخلاقي والقيمي الذي وصل اليه العراقيين ..اي كمن يريد ان يأخذ من الحافي نعل ... فلايمكن للحرامي ان يكون صادقا والجبان شجاعا والعميل وطنيا ومن يحمل الجنسية الامريكية او البريطانية يخلص عراقيا .. ابدا لايمكن ذلك .. قد تجد امريكي حقيقي او بريطاني اصيل يحن ويرحم العراقيين اكثر من العراقي المتجنس .. وهذا ماشاهدته بام عيني كم من امريكي قدم المساعدة الانسانية لاناس عراقيين .. لكن هذا لايعني ان كل الامريكان او البريطانين او اليهود خوش اوادم وابناء حلال .. بينهم بل الاكثرية منهم تميل لعمل الخير والقلة اشرار وكلاب اولاد كلب .. بعكس العراقيين ( هذه الايام مو سابقا قبل ستين سنة ) الاكثرية تميل للشر والقلة القليلة هي من تميل للخير .. ومن هنا ينبع تشاؤمي .. فلا اتوقع من معلم هو نفسه يحتاج الى معلم ان يربي جيلا جيد الاعراق .. او قاضي غير نزيه ومرتشي يمكن ان يكون قدوة لاحقاق الحق ونشر العدالة .. وبما ان العدل اساس الملك فمتى فقد العدل فلا وجود للملك .. ولناخذ مثلا اخر ومهم .. اذا كان ضباط الجيش والقادة الامنين غير نزيهين او كفؤين وهم أنفسهم يحتاجون الى تربية عسكرية وامنية .. فكيف سنبني هذين المؤسستين الحساسة والمهمة ..؟؟؟؟ دعوني اقولها وبصراحة ابو كاطع انا متشائم من مستقبل العراق والعراقيين .. بربكم راقبوا سلوكية وتصرفات قيادات العراق الحالية التي لاهم لها الا المناصب ونهب المال العام تخرجون بنتيجة وقناعة ان شهاب الدين اضرط من اخيه والكل ضراطة وانتم اعرف بهم مني ولا حاجة للتصريح باسماءهم او تعداد مناصبهم....وعلى السادة الامريكان الخجل من أنفسهم ومن الشعب العراقي لاعطائهم الشرعية والمشروعية لامثال هذه القيادات الهزيلة اللهم احفظ العراق واهله
#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لن ننسى الاحبة والمجرمون طلقاء
-
عدوانية وعنصرية قادة اسرائيل سيزيلها من الخارطة
-
الاعلام وتحوله الى بوق للسلطة
-
يا موت زر .. فالحياة بالعراق ذميمة
-
واقع ومستقبل الطاقه الكهربائيه في العراق
-
وين ابو الغيرة ؟؟ وين ابو المروة ؟؟
-
هل يوجد بينهما دم مهدور ؟؟؟؟
-
مو عجيبة ولاغريبة من زلمنا
-
الاعلام و كشف عورة الفاسدين
-
ذكريات مرعبة لايام الجريمة العالمية
-
العراقي يرقص مذبوحا من الالم
-
شبان السياسة يتفوقون على الشيوخ في التكتيك
-
قادة وسياسين بلا جذور ولاكرامة
-
المحاصصة .. فيروس استعماري
-
التمني راس مال العراقي الحر المستقل
-
هل يصلح الحداد ما افسده الدهر ؟؟؟
-
لاتبكي ملكاً مضاعاً كالنساءِ
-
مفوضية الانتخابات تخفق وتؤجج الصراع بين الزعماء والكتل
-
ايهما افضل ملكي دستوري او جمهوري وراثي ؟-- (3)
-
الملف الاسود متى يغلق ؟؟
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|