أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ازهر مهدي - كراهية لا تتوقف















المزيد.....

كراهية لا تتوقف


ازهر مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3032 - 2010 / 6 / 12 - 22:58
المحور: حقوق الانسان
    


قد تكون الكراهية احدى اكثر الكلمات إثارة للاشمئزاز في جميع القواميس الثقافية للأمم ويتمتع الاشخاص الذين يحملون صفة الكراهية او يشعرون بأنهم مكروهون من طرف ما بطاقة سلبية تحد كثيرا من ابداعاتهم وقدراتهم ولكي لا اكون طوباويا فلا بد من الاعتراف ان الكراهية في حدود معينة هي شعور غريزي مطلوب احيانا وقد تدفع اصحابها اذا ما تعرضوا الى الحيف او شعروا بالانتقاص او انهم وضعوا في موقف يتناقض مع مبادئهم الى التصرف والاستجابة المضادين لدفع ما تعرضوا له من ظلم او هوان ، الكراهية المروعة هي تلك الكراهية التي تتحول الى هدف بذاتها والى اسلوب حياة وهاجس دائم لمن يعيشون معها ، ولست الان بصدد اعطاء تحليل نفسي فلست محللا او طبيبا نفسيا ولا يسمح لي المقام ههنا بالتفصيل الممل لكن لماذا اكتب هذه الكلمات اذا ؟

انه الشعور اليومي الذي اراه في المجتمع العربي المعاصر الشعور اليومي بأننا نغرق في الكراهية العمياء ، لكن الكراهية لمن ولماذا اصبحنا نكره بهذا العمق ؟ ربما اكون قد حصلت على الجواب قبل ان اكتب هذه السطور بدقائق ، شعرت أننا نكره الآخر لأننا نكره انفسنا ولأننا لا نستطيع ان نحب انفسنا ، لا اقصد بحب النفس هو الحب الاناني او النرجسي الذي يغرق الانسان فيه فيتحول الى ثقب اسود يمتص ما حوله ثم ينفجر بعدها متحولا الى كتل هامدة او هائمة لا يحمل أي مشاعر او آدمية بل اقصد حب النفس او الذات الايجابي الذي يتصالح المرء فيه مع نفسه ويمنحه القوة والاحساس بالجمال والصفاء ليقدمه اgمن هم معه او حوله.

اذا ما نظرنا الى الكراهية على مستوى الافراد في مجتمعاتنا فأننا نجدها مرتبطة بثقافة عامة يتم الترويج لها في العقود الثلاثة الأخيرة وترسخت في السنوات الحالية ، فلم يعد الفرد منا يسمع إلا النظريات العدائية ومصطلحات الاستثارة المخيفة خلال اطروحات شتى لاسباب تتعلق بالدين والعرق واللون والجنس والانتماء الفكري وغيرها كثير

الكراهية تراث وثقافة

( اني اشعر بالخجل لانني تسببت في مقتل قط صديقتي لكنني كنت ادافع عن نفسي فقط )

لم اصدق نفسي وانا اشاهد التقرير الذي اعده احد المراسلين الاميركان عن احد الممثلين الصاعدين والذي تعرض لهجوم من قط صديقته مما ادى الى مقتل الاخير وقد لاقى الشاب المذكور الأمرين من وسائل الاعلام والافراد الذين احالوا حياته الى جحيم وتعرض مستقبله الى الخطر ناهيك عن المحاكمة التي قد تسبب دخوله السجن او دفع غرامة ضخمة ولم تشفع لديهم ادعاءاته بأنه قد تعرض لنوبة غضب من القط الفقيد حتى اصبح أي الشاب منبوذا ومكروها من الجميع

ان الواقعة هذه كغيرها من الوقائع التي نسمع عنها ونضحك منها في كثير من الاوقات هي في حقيقتها تكشف عن حبهم ووعيهم العميق لمفهوم الحياة وحق الآخر مهما كان انتماء الآخر ونوعه بالتمتع بالحياة فلهذا لا يقبلون بأن تمر حادثة نعتبرها بسيطة مرور الكرام وانهم هناك في وعيهم الانساني يعتبرون ان الجريمة لا تتوقف عند قتل قط او حيوان بريء بل القضية قد تكون مؤشرا على ان الانسان القادر على ارتكاب جريمة بحق الحيوانات قادرا ايضا على ارتكاب مثيلاتها بحق الانسان فالحياة هي الحياة و لا تقبل التجزئة علما انني بكلامي هذا لااريد ان اصورهم كالملائكة بل كل ما اود قوله انهم بشر يمتلكون وعيا عميقا بالآدمية لا نمتلكه نحن للاسف

قد نسمع من بعض الافراد في مجتمعاتنا وهم يسردون علينا قائمة طويلة تتضمن اعمال الزعماء الغربيين وخصوصا الامريكان في شن الحروب او نسبة الجرائم المرتفعة في بعض الاماكن لكنني اقول لهم ان الغرب ليس امريكا وامريكا ليست الغرب بل هي جزء من منه وان المجتمع الامريكي نفسه يمتلك قدرة على نقد الذات وحشد الآراء ضد اي عمل يراه غير انساني سواء أصدر من فرد عادي ام من شخصية عامة ام زعيم سياسي ، هذا ما يخص الولايات المتحدة اما ما يخص الدول الحرة الاخرى فالامر مختلف بصورة أكبر فهم اكثر التزاما بالمعايير الانسانية والحقوقية للبشر ولا حاجة لنا للتذكير بما يقومون به وان مسألة استقبالهم للاجئين الاجانب الذين لا يمتون اليهم بصلة عرقية او ثقافية ومنحهم الحقوق المدنية كافة لهي خير دليل على ما اقول وكلنا نعرف ذلك جيدا في حين جل ما تقدمه دولنا الى اللاجئين او المهاجرين هو القليل من الطعام والملبس الذي لا يغني عن جوع وربما بعض الخيم والمساكن الضيقة كالقناني من دون اي حقوق او امتيازات اساسية وحتى ذلك يتم باسم الصدقة والتفضل على الاخرين وليس باسم الواجب الانساني الذي كان من المقرر ان يبني مجتمعا اذا اصيب فيه عضو بمرض تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى

لكن ما فعلنا نحن ؟ لقد فعلنا كل شيء ( سلبيا بالطبع ) وان الكلام سيصبح مملا وتكراريا عند سرد ما قمنا بها من لاابالية او ما يوجد لدينا من فظائع لكن الادهى والامر من ذلك كله اننا لم نكتف باخفاء عيوبنا ومساوئنا بل قمنا بتصدير ما لدينا من غسيل قذر اليهم ، فقد توجهنا اليهم على شكل موجات من الهجرة وغيرنا تركيبتهم الاجتماعية والديموغرافية وأنشأنا مجتمعات منعزلة على ذاتها وطورنا مفاهيم متطرفة في عمق مجتمعهم وقمنا بعد ذلك بتشكيل جماعات ارهابية ناقمة تفجر هنا وهناك وعندما تثور ثائرة البعض منهم او يعربون عن خوفهم وقلقهم نواجههم بموجة أخرى مضادة لنظهر فيها بصورة الضحية المغلوب على أمرها

ان ما يوجد لدينا من تراث عقيم لهو تراث خطير يجب علينا مراجعته او حتى تغييره واقتلاعه واننا في لمحة قصيرة من تاريخنا المليء بالمآسي شهدنا تطورا نوعيا وانسانيا لا يمكننا ان ننكره وكان سببه الاساسي انفتاحنا على المعارف الانسانية جمعاء من جهة وتقبلنا للفئات القائمة بين ظهرانينا من جهة أخرى واذا كنا نحاول ان نجد دوما للمثال التاريخي كي نتقبل فكرة ما فلماذا لا نتقبل الثقافة المدنية المتحضرة التي سادت في القرنين الثاني والثالث الهجريين على الاقل بدل من التمسك بخرافات قرون طويلة من الجهل والظلام

خدعة الاقلية والاكثرية

من اكثر المصطلحات التي قد تضلل الفرد العربي هما مصطلحي الاقلية والاكثرية و إن التسمية او التصنيف ناشئين من النظرة الأحادية للمجتمع والفرد ، ففي المجتمعات التي تقوم على اسس الفكر القومي يتم تصنيف الشعب وفقا للأغلبية العرقية وفي حالتنا هم العرب مقابل الاكراد اوالبرر كما في المغرب والجزائر او بقية الاقليات الافريقية كما في السودان وهلم جرا ، وفي الدول التي تتبنى الفكر الديني كأساس لتكوينها يتم تصنيف المجتمع الى مسلمين وغير مسلمين وحتى المسلمين يتم تصنيفهم الى طائفة الاغلبية وطائفة الاقلية وفي المجتمعات التي التي تتبنى الفكر القبلي يجري التمييز ضد قبائل معينة بأعتبارها تفتقر الى القوة او الاصالة وتشترك الفئتين الاخيرتين بوجود تمييز جنسي واضح ضد المرأة ، وهذه المجتمعات او الكيانات اي القومية والدينية والقبلية تشترك بدورها في التمييز عندما تمارس تمييزا فادحا ضد الاقليات الفكرية التي تحمل توجها عقائديا معينا ، لكن السؤال الذي يغيب عن البال احيانا ألسنا وفق هذه الظروف أقلية واغلبية في ذات الوقت ؟ فقد اكون منتميا الى فئة عرقية معينة لكن احمل توجها عقائديا مغايرا للشائع او ان اكون فردا من الجماعة الدينية السائدة لكن في نفس الوقت انتمي الى قبيلة قد تكون مغيبة عن العمل المجتمعي ، والسؤال الأهم ألا نكون قد ساهمنا بتشجيع التمييز ضد انفسنا إذا ما سمحنا بحدوث حالة تمييز تجاه الطرف الآخر او التزمنا الصمت إزاءه او وافقنا وساعدنا عليه بإعتبار أننا قد نتعرض إلى التمييز يوما ما لكن وفق تصنيف أو مبرر آخر ؟ فعندما نقف متفرجين امام ما تتعرض له مجموعة سياسية او عقيدية او عرقية الى الاضطهاد فهل سنكون في خط الامان حينها ولن تجد الحكومة او الطبقة المتسلطة ( ان الاضطهاد والتمييز لا يرتبطان بالضرورة بالحكومات وان كانت الحكومات اكبر متسبب فيها في اغلب الاحيان ) ولن تتوانى الجهة المضطهدة ( بالكسر ) لتحولنا الى فئة مضطهدة ( بالفتح ) ان شاءت ذلك

لا توجد هنالك أقلية مطلقة أو أغلبية مطلقة فكلنا نحمل هذه الصبغة شئنا ام أبينا اي ان كل فرد او جماعة فينا يمثلون اغلبية واقلية في آن واحد وإن الذين يروجون الى مباديء الكراهية ضد وجود الآخر هم أنفسهم قد يتعرضون الى سحق او قمع من فصيل مختلف تحت مسميات اخرى ، المشكلة لا تكمن في التعدد والتوحد فقط بل تكمن ايضا في شحن المجتمع بطابع سلبي قد لا يعي ما يساق اليه وسط فورة من الحقد والتمييز وإن اكثر اعمال الشغب والعنف التي نشاهدها يمارسها ممن لا يحملون وعيا معينا او حتى قدرا يذكر من الادراك بل هم في مجملهم منفذين وادوات طيعة في ايدي المنابر الاعلامية النارية العنيفة.

من يوقف سيل الكراهية ؟

الجواب ببساطة لا احد ، فالجميع لدينا منتفعين من حالة الاحتقان ، البعض يسميها تعبئة والبعض يسميها كفاحا والبعض الاخر يسميها جهادا وغيرهم ممن يصنفها في قائمة الحفاظ على المجتمع وقيمه . لكن التعبئة ضد من والذين يقاسموننا الوطن هم اول من ينهش فينا والكفاح ضد من والحركات الراديكالية لدينا قد ارتكبت ابشع فضائع التاريخ علينا واي مجتمع واي قيم يحافظون عليها بعد ان سلبوا المواطن مفاهيم الشرف والكرامة والمواطنة والانسانية ، الاعجب من ذلك اننا رغم الانفتاح العالمي والمعرفي لا زلنا منعزلين ومتقوقعين اكثر من ذي قبل وحتى مفاهيمنا التاريخية الخاصة بالتسامح جرى محوها وحذفها فقد اختفت الصوفية ورجالاتها من قاموس التاريخ وجرى تغييب بسم الله الرحمن الرحيم من ذاكرتنا ولم تعد فضائياتنا تبث شيئا سوى الاغاني المتعرية او الاخبار الناقمة او المحاضرات الحانقة

اننا بحاجة الى مصلحين وفلاسفة ومرشدين وباحثين اكثر من حاجتنا الى جبابرة وزعماء باختصار نحن بحاجة الى ان نتذكر دوما ان نقول بسم الله الرحمن الرحيم .



#ازهر_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفديك بغزة والقدس يا شاليط
- الكل يتحدث عن غزة
- ثورات الزهور وثورات القبور من جورجيا الى مصر ومن سيكاشفيلي ا ...
- نعم للاسلام على الطريقة الامريكية والاوربية ..واليابانية ايض ...
- الاسلام .....وما بقي منه
- عندما يفخر الإسلاميون بمنجزات العلمانية
- صور من ذاكرة الالم
- هنا علاوي من الفلوجة هل تسمعني؟؟؟
- جنس ونوبل وانترنيت
- العراق وحسابات بني هاشم


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ازهر مهدي - كراهية لا تتوقف