أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جعفر المظفر - الشيوعيون والبعثيون.. وقضية الرحم الواحد















المزيد.....

الشيوعيون والبعثيون.. وقضية الرحم الواحد


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3030 - 2010 / 6 / 10 - 22:13
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    



هذه ثالثة المقالات التي بدأت الأولى منها بعنوان (الشيوعيون والبعثيون هل هم أبناء رحم واحد) بينما كان عنوان الثانية (مقالة بين مقالتين.. الشيوعيون والبعثيون.. هل هم أبناء رحم واحد), وستكون هذه الثالثة خاتمة لهذا الفصل من الكتابات وليس لكل الكتابات التي تعالج العلاقة بين الحزبين وتنطلق منها لوضع تصورات حلول من شانها أن تضيع رقعة الخسائر في بلد ما عاد يتقن أي شيء سوى الخسارة حتى كأني به بات يتقن فن النجاح في الفشل
***********
بما إن الوحدة كانت هي الهدف (الأسمى) للحزب فان التغيير الذي حدث قبل فترة قصيرة من انهيار جمهورية البعث الأولى وذلك على صعيد البحث عن نظرية اجتماعية ( تحالف الطبقات الكادحة – أي الفلاحين والعمال بالمفهوم الماركسي) كان أنتج ارتباكا حقيقا بين الطريق (الروحي) للوحدة الذي كان يقربها من حدود التصوف, كما تجلى ذلك في أفكار مؤسسه وفيلسوفه ميشيل عفلق, وبين هذه التشريعات المادية التي تجعل الوحدة تأتي لصالح مجموعة أو طبقة وليست لصالح أمة بكل طبقاتها.
حينها كان لا بد من إدراك إن مفهوم (الأمة الطبقة) البعثي بدأ يواجه التراجع على يد مفهوم (طبقات الأمة) الماركسي, وقد أثار ذلك اعتراضات كثيرة وخاصة من قبل مؤسس الحزب الذي أفلح بعد ذلك بإعادة الابن الضال إلى الطريق التي قررتها مرحلة التبشير والتأسيس.
وفي الوقت الذي كان بمقدور الأيديولوجية الشيوعية أن تمتلك قدرا معينا من المرونة للتمحور ضمن معطيات مرحلة ما وساحة ما, مُفَسرٌ ذلك بوجود نظرية اجتماعيه تكفل حدا أساسيا من العلاقة بين المستقبل والحاضر, فإن الأيديولوجية البعثية وجدت نفسها عاجزة عن تحقيق قدر ولو ضئيل من هذا الاقتران بسبب افتقادها للنظرية الاجتماعية التي تسهله. وليس معنى ذلك إن الشيوعيون كانوا قادرين بسهولة على تحقيق ذلك الاقتران, إذ كانت مرت سنوات قبل أن يلجأ الشيوعيون الروس للبحث عن سبيل إليه, وكان الفيتو الذي وضعته الأيديولوجية الأممية على التوجهات الوطنية لأي حزب شيوعي كفيل بإحداث الكثير من الخصومات التي وصلت إلى حد اتهام رفاق العقيدة الواحدة بالانحراف وحتى الخيانة, وعلينا أن نتذكر طبيعة الاختلاف بين الحزبين الشيوعيين, الصيني والسوفيتي لكي نقترب من تلك الحالة, وذلك الذي حدث أيضا مع اليوغسلاف(تيتو) أو مع رومانيا(جاوجيسكو).
وإذا ما كان هناك ثمة أمل أن تتطور التجربة اللبرالية لكي تنتج تطورا محسوسا على صعيد مجمل رؤاها وعلاقاتها, وذلك انطلاقا من عقيدة فكرية لا تتناقض مع هذا التطور وإنما توجبه وتغذيه, فإن إمكانات أن يتطور الفكر الشيوعي أو البعثي بهذا الاتجاه كان صعبا للغاية وذلك بسبب خلل حقيقي في الفكر الأيديولوجي ذاته الذي يغلق إمكانات كل تطور يتعارض مع نظام الحتميات ومع النهايات المغلقة للتاريخ, ويمكننا أن نرى ذلك واضحا في التقدم الذي أضافته التجربة اللبرالية إلى نفسها بسبب التطورات العلمية والثقافية المتواصلة, والذي ما كان ممكنات أن يحدث لولا الاستعداد العالي للفكر اللبرالي للابتعاد عن المقدس الأيديولوجي والانفتاح على المتغيرات الجديدة بما يكفل الأخذ والعطاء, وبما يوجب التعديل والتغيير.
إن هذا الاستعداد على المستوى الفكري كان مدعوما بآليات تسهل أمره, ولعل أهم هذه الآليات هي المسألة الديمقراطية, وما كان للنظام اللبرالي أن يمتلك هذه القدرة على الصمود لولا امتلاكه القدرة على التطور, فلو كان هذا النظام وضع لنفسه أيديولوجية لا يجوز الخروج منها, ولو أنه حصر نفسه في نظام المقدسات, لما تحرك خطوة واحده باتجاه التغيير ولجعل نفسه لقمة سائغة للسكون الذي لا يؤدي سوى إلى التفسخ.
ومن المفيد العودة إلى أيام المجابهة الحقيقية بين النظريتين أو بين النظامين لنعرف تلك المرونة التي تحلى بها الفكر اللبرالي, فالمعسكر الغربي لم تأخذه العزة بالإثم العقائدي, ذلك الذي أخذ الشرقيون بقيادة السوفيت, فراح يحاول من خلال المجابهة تطوير نظامه الاقتصادي والاجتماعي بالشكل الذي يغلق ثغرات الريح, وبما لا يتعارض مع ثوابته الأساسية, كما أن صراعه مع الشيوعية لم يقف بينه وبين الاعتماد على الثقافة الماركسية أو الاقتراب منها لتشريع بعض التحولات والقوانين الاجتماعية التي حولت أنظمة الكثير من تلك الدول إلى أنظمة شبه اشتراكية, بمعنى قوانين الضمان الاجتماعي الكافلة لتوزيع الثروة, وبالشكل الذي لا يتعارض مع الملكية الفردية أو نشاط رأس المال.
والقول أن هذا النظام كان بعيدا عن مصدات الفكر الأيديولوجي لا يعني انه نظام بلا عقيدة, وبالتالي لا يفترض إنه نظام بلا ثوابت, والحقيقة إن نظامه الاعتقادي القائم على اقتصاد السوق والحرية الفردية والتمسك بالديمقراطية كشكل أمثل لممارسة الحرية ولحمايتها يجعله متفتحا, ليس فقط على التفاعل مع المتغيرات, وإنما بدءا لاعتبار تلك المتغيرات حاله متلازمة ولازمة أساسية من لوازم التطور, فلولا توفر هذا الفهم وهذا الإقرار لما كان هناك استعداد للتفاعل مع المتغير غير المتعارض مع الثابت الذي يؤكد على الحاجة إليه, وهذا المتغير وان جاء أيضا في حمأة الصراع مع الفكر الشيوعي إلا أنه لم يدخل من باب التنازل لذلك الفكر وإنما من باب عدم تسليط الثابت على المتغير بشكل ينهي الحاجة للأخير كلازمة من لوازم تطوير الثابت والحيلولة دون أن يتحول هذا الثابت إلى مقدس لا يجوز الاقتراب منه.
وأخيرا يمكنني القول إن الشيوعيون يؤمنون بنهاية مختلفة للتاريخ عن تلك التي يراها البعثيون, الأولى مشاعة أممية والثانية قومية مع أرجحية عربية تضمنها الرسالة الخالدة, ومع ذلك الاختلاف في النهايات فان البداية هي واحدة على الصعيد الفكري, إنه الإيمان بالحتميات المتأسس على أدلجة العقيدة.
غير إن وحدة البداية هي أساس المشكلة, وإذ لا مكان لاجتماع حتميتين في مكان واحد وفي زمان واحد, لذلك فان ألآخر الطيب هو الآخر الميت, وما كان بإمكان الحتميتين الشيوعية والبعثية أن تلتقيا إلا لأغراض تكتيكية, فالصراع على ملكية التاريخ لا يسمح بوجود منافسين. إن (الحتمي) الأول لا يصدق أن (الحتمي) الثاني سوف يسمح له بتطبيق أفكار من شانها أن توجه مسيرة التاريخ باتجاه معاكس لما (يجب) أن يسير إليه.
لذلك يجب أن لا نصدق أن بإمكان حتميتين أن تجتمعا تحت سقف واحد الا وكان النفاق ثالثهما وتبييت النية والغدر رابعهما.
إن تحديد البادئ فنيا بالقتال ليس بالمدخل الصحيح لكتابة التاريخ, كما إن إحصاء من قتل أكثر لا يصلح إلا لأغراض التعويض الفني أو للملاحقة الجنائية, أما كتابة التاريخ بالاتجاه التي يكفل عدم تكرار الخطأ ومنعه من أن يتكرر بأشكال أخرى فإنه يحتاج إلى إحصاء من نوع آخر, إحصاء يستهدف تحديد الفكرة القاتلة قبل الفرد القاتل.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة بين مقالتين.. عن الشيوعيين والبعثيين وهل هم أبناء رحم ...
- الشيوعيون والبعثيون.. هل هم أبناء رحم أيديولوجي واحد
- محاولة نظرية لفهم تاريخية القتال البعثي الشيوعي وذلك الذي قد ...
- الحزب الأيديولوجي... نزول إلى الأعلى
- أمريكا.. هل هناك فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين
- بإمكان الوطنية العراقية أن تنتظر قليلا
- العلمانية.. إنقاذ الدين من رجالاته السياسيين
- من الذي يتدخل في شؤون الآخر... العراق أم جيرانه ؟!
- ثقافة اليشماغ... حول رسالة معد فياض إلى مام جلال..
- الديمقراطية وأخطار المثقفين
- الإسلام السياسي أقصر الطرق لتقسيم العراق
- هل تخلى المالكي عن ناخبيه
- الشعب على حق ولو كان على خطأ
- لو ظهر عبدا لكريم قاسم الآن لسانده ( السنة ) وقاتله ( الشيعة ...
- القلم.. قدس الله سره, والكاتب.. حفظه الله ورعاه
- ليس هناك حل للعراق سوى أن تديره شركة أجنبية
- عن تشكيل الحكومة .. أزمة دولة وليست أزمة حكومة
- العراق ... وفرصة الخروج من المأزق الجديد.
- الديمقراطية العراقية... صح ولكن في المكان الخطأ
- التاسع من نيسان ...لا تخافوا, التأريخ لم يعد يُكْتَبْ بنفس ا ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جعفر المظفر - الشيوعيون والبعثيون.. وقضية الرحم الواحد