|
في توجهات السياسة الأمريكية والنظام العربي الحاكم
خالد سليمان القرعان
الحوار المتمدن-العدد: 922 - 2004 / 8 / 11 - 11:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترى الدول العظمى ، أن المفاهيم والنظريات السياسية الحديثة ، التي تتعلق باستمرار الأمم وحياة الأفراد ، تفرض عليها استخدام وتطبيق نظرية العنف ؛ من اجل تدعيم نفوذها في أنحاء ومناطق العالم الحيوية ، وتغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقائدية ، الناتجة بمفاهيمها العامة : عن الصراعات الطبقية والدينية ، وأنظمة الحكم التي تتعدى بوجودها الركود النسبي والجمود المطلق بتوجهاتها المصيرية إزاء مجتمعاتها ،؛ خاصة الأنظمة الفاعلة حاليا في مناطق الأطلنطي والمحيط الهادي ، إضافة إلى بعض مناطق البلقان وأوروبا الشرقية ، والمناطق المهمة والحيوية في الشرق الأوسط والخليج العربي التي تترنح في ظل حكم الأنظمة العربية ، المترتب وجودها على وجود الدولة العبرية التوسعية في مناطق الإسلام الحيوية . تنبه الفكر السياسي الغربي مؤخرا ( الإدارة الأمريكية ) ، إلى الأنظمة التحررية البيروقراطية والأرستقراطية الملكية القائمة على مساعداتها ؛ حيث اخذ وجودها يعمل على الشلل الإنساني والاقتصادي ، والولوج إلى جرها على الصراع العقائدي مع الشعوب العربية ، الذي ينعكس بدوره ضد الوجود الغربي والمصالح الاقتصادية العامة ، بسبب ذاتية هذه الأنظمة التي لا تستطيع التكيف مع حداثة أو رؤى مجتمعاتها الدينية والتي لا تزال تتمسك بفاعليتها الديكتاتورية ، وتعمل على خلق التصدع في الهرم الديني عند هذه المجتمعات ، دون العمل على إيجاد التوازن الذاتي في القانون والشريعة ونظام الحكم ؛ وذلك من خلال ما يسمى بعالمية صدام الحضارات الدينية بين الغرب والشرق ، والعودة إلى قرون ماضية عفى عليها التاريخ الإنساني وتاريخ أوروبا الحديث ، والذي استطاع فيها الإسلام من فرض وجوده بل القضاء على اعظم إمبراطوريات العالم في حقبة تاريخية محدودة .
وهكذا أخذت هذه الأنظمة العربية حديثا ؛ تؤثر بشكل فعلي ومتكامل على نظم التنمية العالمية وبرامج السياسة التوازنية المفترضة ، بين المجتمعات الدينية في الشرق الأوسط والخليج بطرق مسلم بها وغير مباشرة ، حيث استيقظ الغرب بفرضياته واستراتيجياته السياسية ، من اجل تغيير عامة هذه الأنظمة تعاقبيا ، في حدود عشرات السنين على الأكثر ، وبافضليات عسكرية ( عنف مباشر ) ، تجاه الأنظمة الثورية والملكية في المناطق العربية القائمة على دعمها ، وشراكة الشعوب تجاه الأنظمة المتواجدة في أوروبا والبلقان أو الدولة العبرية ، والذي يمكن لها التفاعل مع النظرية العالمية المطلقة ( اللادينية ) من خلال التغيير الذاتي .
نرى من خلال الطروحات المفترضة أن الفكر السياسي المطلق ( اللاديني ) ، المتمثل برؤى الإدارة الأمريكية عالميا انه يؤكد بفاعليته ، أن استخدام العنف : هو الطريق الوحيد لتجاوز عقبات وجود الأنظمة العربية في مجتمعات دينية من اجل التقدم بالإنسان العربي من خلال حق التدخل الإنساني ، وحماية الحرية الدينية عالميا ، من قيد أنظمة الحكم العربية الطاغية والمتوارثة وبالتالي تستطيع الإدارة الأمريكية تطبيق رؤاها الشمولية مع أنظمة التجدد ومن خلال الشراكة الشعوبية المصالحية ، والبقاء على عامل الدين بين الشعوب العربية دون التصادم معها بسبب حكامها ؛ حيث يتم تطبيق النظام الإسلامي والحفاظ عليه عالميا ، كما حافظ الإسلام فيما مضى على المسيحية واليهودية ؛ ويمكن للإنسان المسلم حال تحرره ، الانتقال من حال العبودية الطوعية للنظم العربية إلى حال التفاعل والانتماء وحال التواصل الإنساني والديني بجميع احوالة ومجرياته لاستكمال طابع الحضارة البشرية الفضلى ، كون الحضارة لا تستكمل وجودها إلا بالتكامل الديني وتجاوز المعضلات العقائدية بين الشعوب والأديان .
اقرب بداية لهذه التطبيقات الفرضية ، في إنجاز وتحقيق ما يمكن إنجازه عسكريا ، كخطوة أولى ، ولترسيخ بعض المفاهيم عالميا بالتضاد مع نهوض السلفية الجهادية في بلاد الإسلام ؛ عملت الإدارة الأمريكية بالتعاون مع ما يسمى بالتحالف الدولي على :
(!) . التخلص من أنظمة كانت قائمة بمعيتها في مناطق البلقان ، وما حل في البوسنة والهرسك وغيرها ، وتشييع الحرية الدينية والتكامل أو التوازن العقائدي والعرقي ؛ وتسييس الإسلام المعتدل في الوقت الذي ظهرت فيه السلفية الجهادية المرتبطة بالقاعدة في هذه المناطق .
(2) . الإطاحة بنظام طالبان المتشدد في أفغانستان ، وهو وليد الحقبة الملكية الأولى الذي تسبب في ولادة أو اختلاق عامل التصادم الحضاري مع الغرب ، وانبثاق السلفية الجهادية هلامية القاعدة بزعامة أسامة بن لادن .
(3) . الإطاحة بنظام حزب البعث الحاكم في العراق بزعامة صدام حسين ، وهو النظام الآخر وليد الملكية في مناطق آسيا الوسطى فيما لو تجاوزنا الحقبة الشيوعية بزعامة عبد الكريم قاسم . وما ترتب على النظم الملكية المجاورة من ترسيخ عناصر تصب قيمها تشددا في مفاهيم ومبادئ قاعدة أسامة بن لادن انطلاقا من السعودية ( تنظيم القاعدة ) ، وأبو مصعب الزرقاوي انطلاقا من الأردن ( أنصار الإسلام ) ، إلى العراق ، وغيرهم هنا وهناك ، إضافة إلى ما سيترتب على العامل الزمني من ولادات تنظيمية وجهادية ، مع استمرار أنظمة الحكم العربية الطاغية وتقنينها للتبعية والطوعية بطرق غير مباشرة ، كما هو الأمر الآن في السعودية ومصر والأردن ، والبلدان العربية الأخرى .
من أهم العناصر المادية التي ظهرت بتوجهاتها السلبية ، بالتضاد مع المفاهيم والمبادئ المطلقة المراد تطبيقها من خلال فرضية أو نظرية السياسة الأمنية الاحتوائية للإدارة الأمريكية منذ زمن قريب في مناطق البلقان وأفغانستان والعراق وغيرها من المناطق العربية ، فقد ترتب على ذلك ظهور الكثير من العناصر والانعكاسات الأمنية اللامتوازنة حضاريا على المجتمعات العربية والإسلامية التي حكمتها النظم الطاغية والتي لم تحقق حسب الرؤى العالمية غير : الشعوبية والطائفية المتخلفة ، والقضاء على نظم تقدم التنمية العالمية وبرامجها ، إضافة إلى انتشار الأوبئة والأمراض المميتة وتفاقم ظاهرة انتشار التفكك الأمني وظهور التنظيمات السياسية والثورية ( الإرهاب العالمي ) ، ومحاربة الدين الروحي وقيمه ، واحتكار الثروات على حساب رقاب الأمة العربية والإسلامية ؛ . . . بينما كانت العناصر الهامة عند تغيير هذه الأنظمة والانتهاء منها هي : الأولى : - سيطرة ساسة الفكر المادي التجددي للإدارة الأمريكية على تنظيم وتخطيط ما يصب من تغييرات ومفاهيم في صالح الصهيونية العالمية من اجل هيمنة الدولة العبرية على الأرض والمعتقد والإنسان العربي أمنيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا ؛ مما دفع ذلك إلى بروز صحوة اسلامية تتمثل بالإسلام السياسي مغايرة للمفاهيم الغربية والأنظمة العربية الأخرى المتآمرة توراتيا ، الذي سبق لها وكانت تصب في صالح الإنسانية العربية حسب ما جاء في طروحات مفكريها .
الأخرى : - سيطرة الجيوش المتحالفة على ثروات الأرض العربية الإسلامية ونهبها بطرق غير مباشرة ، والتعدي بل اقتراف المجازر الجماعية بين الآمنين من العرب والمسلمين وتمرير محاولة استيلاء الدولة العبرية على طرق التجارة والأملاك العامة والتدخل بعامل الدين الروحي الذي يعتبر المغذي للوجود العربي والإنسان المسلم على الأرض العربية .
الأخيرة : - عدم قابلية أو قناعة الشعوب العربية والإسلامية بسياسة التغييرات الأمنية التي تصب طروحاتها الفلسفية في صالح الأمة العربية الإسلامية دينيا وثقافيا واجتماعيا بل وحضاريا عن طريق تخليصها من أنظمة الحكم العربية القائمة بمعيتها سواء أكانت ملكية أو جمهورية لتداخل عامل التوراتية والدولة العبرية في قيام هذه الأنظمة الطاغية منذ نشوءها .
#خالد_سليمان_القرعان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية خطى في الظلام - الجزء الاول
-
علاقة النظام العربي بالصهيونية والادارة الاميريكية
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|