ناجي شيزوفرينيا !

جمعة الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 922 - 2004 / 8 / 11 - 11:02
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

تصلني، بين يوم وآخر، رسائل بالبريد الالكتروني، من جهات إسلامية متطرفة، تتضمن بيانات ومقالات وفتاوى، مليئة بالشتائم البذيئة والتهديدات بالقتل والذبح، موجهة لجميع خلق الله، ماعدا الزرقاوي ومن على شاكلته من البلطجية. ومن شدة قرفي وانزعاجي، من مضمون هذه الرسائل، أعدت بعضها على عنوان المرسل مع كلمة خشنة أو شتيمة، على أمل أن يكفوا عن إرسال رسائلهم على بريدي. لكن هذه الجهات أثبتت أنها صبورة، غاية الصبر، على أشخاص متطرين من أمثالي، فراحت ترسل المزيد. ومشكلة البريد الالكتروني، على حسناته الكثيرة، أن صاحبه لا يستطيع أن يمنع الرسائل الواردة إليه، مهما تفنن في "حظر" أو "حجب" المزعج منها، أو غير المرغوب فيه، فالعولمة عولمة، ومن لا يعجبه يضرب رأسه بالحائط!
لكن ما يدهشني في بعض رسائل هذه الجهات المتطرفة، أنها تحمل رسومات من الفن التشكيلي الحديث، تتصدر بيانات التهديد والوعيد بالقتل والذبح والتدمير، ولا أعرف، في الواقع، سر العلاقة بين هذا الفن الحضاري الرفيع وبين هؤلاء البلطجية. وما زاد في دهشتي هو أن جميع الرسومات واللوحات الفنية، التي تتصدر هذه الرسائل هي من نتاج فنان واحد أسمه ناجي الحازب. وناجي الحازب هذا رسام وشاعر أيضا. وكما أذكر فقد صدرت له، مطلع السبعينات، مجموعة شعرية عنوانها "على ضفاف الشيزوفرينيا" وكان هذا المرض (وليس الشعر!) غير معروف، كمصطلح، على نطاق واسع، في تلك الأيام، لذلك فعندما عرفنا أن الشيزوفرينيا تعني انفصام الشخصية، صرنا نسمي الشاعر ناجي الحازب ناجي شيزوفرينيا. وها هي السنين تمضي وإذا بناجي شيزوفرينيا يكتب تحت رسوماته، التي تزين فتاوى الذبح وقطع الرقاب، عبارة تقول "من لوحات، الفقير لله والغني بفيضه، ناجي الحازب آل فتله"!
وقبل وقت قصير وصلتني واحدة من تلك الرسائل، وهي تتضمن مقالا يدافع عن ناجي الحازب لأن بلدية إحدى المدن الأوروبية منعته من إقامة معرض للوحاته، لأنها (أي اللوحات) تحض على التطرف والإرهاب، كما تقول البلدية. فقلت، مع نفسي، يا سبحان الله، كيف ومتى انتقل ناجي الحازب من ضفاف الشيزوفرينيا الى ضفاف الجنون الكامل؟!

#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات