أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قانصو - أحلامهم الفقيرة !..














المزيد.....


أحلامهم الفقيرة !..


محمد قانصو

الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 01:49
المحور: حقوق الانسان
    


لم يتنظرني القلم كعادته منسرحاً على الأوراق فوق طاولتي المستطيلة, وما طاب له البوح إلا بينهم هذه المرة, هم المنسيون في عالم متخمٍ بالمعرفة, وهم المعارف حقاً في زمن المنكرات!..
سابقني إلى بيوتهم الفقيرة, ودخلنا معاً نتصفح الوجوه والقلوب, نسترق السمع إلى همس أحلامهم ونطبق الجفون على صور من ذاكرةٍ بعيدة ..
منهكاً يبدو وعلى محياه ترتسم تعرّجات السخط, يبتدأ الكلام .. موجعاً , متمرداً , يشرح لك معاناته لكنه رغم السخط لا يطلب المستحيل, جلّ مطلبه أن يعيش بكرامة, ويكسب من عرق الجبين قوتاً يعود به عند المساء إلى العيون الجائعة , هو" أبو إبراهيم " ومحله في الإعراب الطبقيّ نكرة غير مقصودة بالنداء , وعلى إيقاعه الثوري المستمر تقفز من عيني التفاتة نحو الشارع لتقف على صورة زعيم وقد خطّت فوقها وعود وورود!.. ولا أخفي إبتسامة هازئة طفرت من شفتيّ المرتجفتين الناقمتين !.. تشبه إلى حدٍ خطين متاوزيين ..
وفي شارع يضيق بأهله تحاصره أبنية متراكمة رُكّبت فوق بعضها يكتمل المشهد بؤسا , وتسارع نحونا طفلة في السابعة تمطرني بوابلٍ من الدعوات المرصوصة , تنتهي الكلمات , وتتكلم عينان جميلتان زرعتا في وجه هو أشبه بحقلٍ متعطشٍ لماء الحياة ..
وتعود الدعوات ثانية ممزوجة بابتسامة الرضا بعد انقباض الكفّ الصغير على معدن زهيد .. لم يعبر اللقاء سريعاً دون أن يترك بصمات إستفهام أشبعها القلم حدة ووضوحا !
هدأة التأمل يقطعها " أنيس" برشقات من اللعنة تخطأ أهدافها حتماً فتصيب أذني المرهفتين لسماع أنّاتهم أنيس هذا يا أحبتي لا يريد أكثر من كهرباء مقننة, خسارته مستمرة وزبائنه لا يتفهّمون .. وموظفو الجباية لا يتفهّمون أيضا ..
وندخل بيت " آمال "علنا ننهي القطيعة بينها وبين " فؤاد ", فتبادرنا بدموع عينيها باحتواء ذكي ويتسمّر فؤاد في مقعده لائذا بالصمت, لتبدأ آمال مرافعتها مطالبة زوجها بمعاملة لطيفة واعتراف بمشاعرها, مستشهدة بالعاشق التركي الذي لم يبخل على حبيبته بإحدى كليتيه, وهي حتماً لا تريد كلية وإنما تريد كلاما .. و يتخلى فؤاد عن صمته ليصبّ جام غضبه على واقع الحال, فهو موظف بسيط يضيق ذرعاً بأعباء الحياة , وتكاد تنوء به الهموم لتجعل ربيع قلبه معشوشب بالهم, فلا يقوى القلب على النبض, ولا يفصح اللسان عن حبّ يستوطن الأعماق ..
نكمل جولتنا ونتعثر بنداء "أم عدنان" تلتقط انفاسها وتقبض بيدها على صدرها ناحية القلب , نقف ويطول الوقوف وأم عدنان مسترسلة بحكاية حلم البارحة الطويل ,فهي قد قطعت ودياناً ثم رفعها الطير إلى الفضاء, ولا تنسى أنها أكلت تفاحة وبعضاً من لذيذ طعام, وشاهدت نوراً وو..
وفي النهاية تصمت بخشوعٍ كمن ينتظر صدور الحكم من قوس القضاء ..
نلملم وريقاتنا الموشّاة بأحلامهم ونعود عند المساء, نسترجع كل الكلمات , نتأمل كل النظرات ..
يا أحبائي الفقراء طوبى لأحلامكم الفقيرة .. طوبى لعين تحلم برغيف ..
طوبى لأذن تشتاق كلمة الحب .. لرجل يحلم بالكهرباء ..
طوبى لطفلة تغمض عينيها الجميلتين على فرح الدخول إلى الدكان ..
طوبى لأم عدنان وأحلامها التي تتجاوز الدنيا طمعا بالآخرة ..
لكنني يا أم عدنان لست ممن يبيعون للمعترين أمتاراً في الجنة ..
أنا أؤمن بجنّة الأرض قبل جنّة السماء !..
أؤمن بأن للحالمين صوتاً وصفحةً ودواة ..
وأرى الأفق متسعاً لأحلامكم الجميلة وأحلاماً تكبر وتكبر حتى حدود المستحيل ..


الشيخ محمد قانصو
كاتب وباحث لبناني
[email protected]



#محمد_قانصو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذراً يا أمِّي .. من قَدرٍ أُميٍّ ..
- الخرس الزوجي
- الخصوصية بين الإحترام والإقتحام ..
- إنتخب وعيك
- هل المهر حبرٌ على ورق ؟!..
- قراءة في مشروع قانون لحماية النساء من العنف الأسري ..
- التخطيط الأسري في المجتمع الإسلامي
- مسرحية العريفي
- شلال الضوء
- الحب من منظور إسلامي
- الحوار
- عقوبة الإعدام .. رؤية إسلامية
- نعم ولا واخواتهما
- الإسلام والآخر
- يا التقاء الفرقدين !..
- آحادية الفكر صنمية العصر
- مكانة المرأة وموقعها في الإسلام
- الاسلام وثقافة الحياة
- النعجة الشاردة
- العصبية والتعصب


المزيد.....




- دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
- إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي
- إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال ...
- مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قانصو - أحلامهم الفقيرة !..