|
المرتكزات الاساسية العامة لتشخيص هوية اي بلد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3025 - 2010 / 6 / 5 - 22:29
المحور:
المجتمع المدني
دون ادنى شك ، لو اردنا ان نعلم هوية بلد ما، يجب ان نعرف العوامل الرئيسية لتحديد و تشخيص هويته التي تختلف عن الاخر، و لا يمكن ان نعينها اعتباطيا او نحصرها في اي اطار محدد سوى كان ايديولوجيا او ضمن مساحة فكر معينة، و لا يمكن ان تكون هذه العوامل المحددة ملك لاحد او خاص بجهة او حزب او تيار يفعل ما يشاء بها او يغير من جوهرها او مضمونها وفق عقليته و هواه او مصلحته. هناك اعمدة رئيسية متعددة لاسناد اي بلد و هي التي تثبت اركانه و تبرز من معالمه و ملامحه و توضح مكامنه و تركيبته و انتمائاته و تحدد موقعه من كافة النواحي ، و هي المستندات التي تعتبر الاهم و الاوسع و الاكبر من اي مشروع سياسي او فكري لاية جهة كانت مهما بلغت شموليته و سعته . و لا يمكن ان يختص اي كان سوى كان شخصية عامة او مؤسسة او حزب او تيار فكري في تحديد و تنفيذ هذا المهام الذي من شان المجتمع و التاريخ و الجغرافيا و الطبيعة و التركيبة الاجتماعية و موروثات الشعب ان تهتم بها، اي بتوضيح شكل و صورة و اركان الهوية الحقيقية لاي مجتمع و البلد الذي يعيش فيه ، و لا يمكن اختزاله بيد مجموعة او حزب او تيار معين، و لذلك، لا يمكننا ان نستمع الى من تريد فرض ما تمليه عليه مصالحه وهو يريد ان يختص في تشخيص هوية البلد بعرضها و طولها باي شكل كان ، و ما تفرضه عليه الصراعات السياسية من التطرف في هذا الجانب و الانحراف لاهدافه الحزبية و بدوافع متعددة لن يطول و لا ينفعه، و ستبقى اقوال و اراء و مواقف اي كان لا تخرج من مساحة و اطار الايديولوجيا و عقيدة حزبية ليس الا. تختلف الهوية من بلد لاخر طبعا و حسب اختلافات تلك العوامل و نسبة الجهات العرقية و الدينية و المذهبية و المستوى الثقافي و التاريخ و الروابط الاجتماعية و العادات و التقاليد و مدى تمسك اي مكون بالمعتقدات و نظراتهم الى خصوصياتهم بعيدا عن عموميات اليلد و اختلافاتهم مع الاخرين، وما ينتجه الوعي العام لمكونات شعبه من العوامل المشتركة و هذا يخص بلدان الشرق في اكثر الاحيان، و انما يصح في الغرب من هذه الناحية مختلفة تماما و لا يمكن ان نقيس المحددات الخاصة بالهوية لجميع البلدان بمقياس واحد . و عندما تبرز الهوية بشكل واضح عفويا و مستندا على ماموجود على الارض دون ضغوطات او اعتبارات لمصالح جهة دون اخرى سيعترف الجميع باسترضاء كامل بها و يشارك في اعلائها و يتمسك بانتمائه اليه دون اي ضغوط تذكر . و الهوية التي تعكس التركيب و الشكل و الصورة الحقيقية لجميع مكونات المجتمع دون استثناء و نابعة من تاريخه و روابطه الاجتماعية ستترسخ بسهولة و يؤمن الجميع بها، و يتكامل البلد و هو حامل الهوية المعينة و المبنية على الحقائق و يتعامل معه الجميع وفق خصوصيات هويته. العراق اليوم و بعد تاريخ مرير، انزاح عنه الغبار و استوضحت صورته للعيان بشكل كامل و ما كان مختفيا طيل العقود الماضية جراء ما تطلبته المصالح السياسية، برز اليوم و طفح الى السطح و تبين الواقع الحقيقي و جوهر التركيبة الاساسية له بشكل جلي، و هنا ان حاول احد بدافع انتمائه الايديولوجي و الفكري ان يذرف دموعا على مجريات الامور ويريد بذر الرماد في العيون ان يضلل العالم كي لا يروا ما هو عليه العراق ، لن يصمد كثيرا و لن يتمكن من ادامة نصب الموانع امام كشف الحقلئق التاريخية و التركيبة الاجتماعية و السمات العامة و الاختلافات الموجودة بين مكونات المجتمع العراقي من جميع الحوانب، و هي التي تُنصع الهوية و تبرز جوهر اي بلد و تبرز هويته لعالم في العصر الحديث. حاولت جهات متعددة، و تحاول اليوم بطريقة مغايرة، ان تفرض نفسها و تدعي ما لا يمكن ان يُصدٌق و يتتبر نفسها صاحبة الموقف الصحيح و لكنها لا تتحمل الحقيقة المرة ان انكشفت له، و تريد يتضليلها ان تضع السواتر امام عيون العالم، و تستخدم الفاظ و عناوين لا يمكن ان نصفها الا بانها ايديولوجيات مقولَبة و في مساحات ضيقة قد مر عليها الزمن و لا يمكن ان تبقى نافذة المفعول لهذه المرحلة. ما روجت و طرحت الى الاسواق السياسية في الحملات الانتخابية العراقية قد افادت بعض الجهات لاسباب سياسية معينة، الا ان الواقع و العوامل التاريخية المحددة للهوية و المجتمع بكل ما فيه لن يرضخ مرة اخرى لمتطلبات المصلحيين من خارج البلد و الموالين لهم في محاولاتهم لقلب الحقائق و ادامة ما سار عليه المتسلطين طيل العقود الماضية لحكم العراق. العراق الجديد يسير بخطى واثقة في هذا الاتجاه و بترسيخ الديموقراطية في ظل الحرية النسبية المتجسدةو التي تتوسع يوما بعد اخر، سيخلف ورائه العقليات و الايديولوجيات و الافكار القديمة النافذة المفعول، و لا يمكن ان يحكم العراق فكر و توجيه و عقلية احادية النظرة و بوجه الخصوص من يسيطر عليه موروثات العقود الماضية المترسبة لحد اليوم، و عليه ان يربت على عقليته ليصحوا و يقرا الواقع الجديد و ما استجد و ما استوضحت من الحقائق التي لم يكن يعرفها من قبل لكي لا يتخلف عن القافلة . و الهوية العراقية برزت اجزاء كثيرة منها و استقلت و لا يمكن ان تغطيها العقد الفكرية البالية، و هي متنوعة الشكل و التركيب و تحوي في طياتها على التعريف الكامل و الواضح و الحقيقي لمكونات الشعب بكل فئاتهم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس من اجل سواد عيون ابناء غزة
-
مابين كوردستان و الصحراء الغربية و جنوب السودان
-
ملالي طهران و استشهاد بَسوز و اسطول الحرية
-
نعم لحرية التفكير و الاقرار و عدم النزوح وراء الخطابات التوج
...
-
ماتفرضه الاحساس بالمسؤولية على السياسة
-
هناك شيء اعمق و اهم من اللغة باعتبارها كلمات و جمل
-
الم نحتاج الى الحوارات بعيدا عن السياسة في هذه المرحلة ؟
-
متى نقطع دابر الانحناء امام الكاريزما
-
من يقف ضد تأليه القيادات الجديدة في العراق؟
-
لم نلمس الردود الفعل الاقوى ازاء ما تعرضت اليه كوردستان ايرا
...
-
اين وصلت حركة الخضر الايرانية؟
-
هل من المعقول ان تبدا و تنتهي الاحتجاجات العفوية بامر خاص
-
هل حقا لا يريد الشعب الكوردستاني ممارسة حقه في تقرير المصير
-
اسرع انجاز سياسي في تاريخ العراق الحديث !!
-
مقومات بقاء فاعلية الايديولوجيا او استنفاذها
-
هل يتجه العراق الى الحداثة في التعامل مع الواقع الجديد ؟
-
هل بالامكان توفير فرص العمل لكافة العراقيين ؟
-
تسييس الفعاليات المدنية لمصلحة من ؟
-
ما التيار الفكري المناسب لهذه المرحلة في الشرق الاوسط
-
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
المزيد.....
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: التهجير القسري الذي ينفذه الجيش
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: نتائج التقرير الاخير للتصنيف ال
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: لا يمكن للعالم ان يسمح بحدوث مج
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: -اسرائيل- ملزمة بتسهيل تدفق الم
...
-
الأمم المتحدة تحذر من -مجاعة كارثية- هذا الشتاء في غزة
-
الاتحاد الأوروبي يدعو لتبني قوانين وإجراءات عاجلة لترحيل الل
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام إسرائيل أساليب -فتاكة- في الضفة
...
-
صدام حسين ويحيى السنوار .. بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تقار
...
-
صدام حسين ويحيى السنوار .. بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تقار
...
-
إلغاء إعدام المتهم بالقتل المرتبط بـ-متلازمة هز الرضيع-
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|