أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى : (6) (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق )














المزيد.....

من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى : (6) (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3025 - 2010 / 6 / 5 - 22:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القرآن الكريم لغة الحياة ، وما يقوله القرآن عن البشر يتجسد واقعا في حياة الناس ولا تملك إلا أن تقول ، صدق الله العظيم "

الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق

1 ـ شهد تاريخ مصر الطولونية حادثة تاريخية غريبة يرويها موسى بن مصلح المعروف بأبي مصلح ، وكان من الأعوان الثقاة لأحمد بن طولون ، وكان هو القائم على السجن في عهده ،وكان ابن طولون يقول له سراً " إذا رأيت من رجل إنه بريء فكلمني في شأنه ، فإني أضطر لاستعمال الشدة" .
ولاحظ ابن مصلح أن في السجن رجلاً منفرداً عن باقي المساجين منقطعاً للعبادة لا يسأل أحداً شيئاً، وبينما يتهالك بقية المساجين على طلب الشفاعات والوساطات للخروج فإن هذا الرجل منهمك في العبادة لا يلتفت إلى أحد .
اقترب منه ابن مصلح وسأله عن سبب عدم تلهفه على الوساطات حتى يخرج فاكتفى بالرد عليه بالشكر والدعاء له ، فازداد ابن مصلح إعجاباً به وحرصا على مساعدته ، وتحين فرصة فاختلى به وقال له: لو يجوز إطلاق سراحك بغير إذن لفعلت ولكني إذا أردتني أن أتشفع فيك لفعلت، فقال له السجين :" ما تقدر على ذلك ولا يستطيع التشفع فيّ عند ابن طولون إلا أبو طالب الخليج رئيس الشرطة، ولو أطلقت سراحي وقابلته لرجوت تسهيل أمري . " ، فقال له ابن مصلح :" أنا أخاطر بإطلاق سراحك على أن تعطيني العهود الموثقة أنك ستعود للسجن ولا تهرب " فقال السجين :" إذا كنت تشكّ في صدقي ووفائي فلا حاجة لك بإخراجي ". !
ووافقه ابن مصلح وأخرجه من السجن مقابل وعد شفهي بأن يعود بعد ثلاثة أيام ، أى يخرج ليلة الجمعة ويعود ليلة الاثنين.
وفوجيء ابن مصلح وهو يفتح باب السجن صباح السبت بوجوده أمام الباب قبل موعد مجيئه ، فأدخله السجن متعجبا، فلما دخل السجين غرفته سجد لله شكراً وحمد الله . وأخبر ابن مصلح عن السبب في عودته مبكراً ، فقد اتصل برئيس الشرطة أبي طالب الخليج ، وطلب أن يتوسط له ابن الخليج لدى الأمير أحمد بن طولون لاطلاق سراحه ، ووافق أبو طالب ودخل على ابن طولون وكلمه في إطلاق سراحه، ولكن ابن طولون كان في لحظة ضيق وغضب ، فتذكر جريمة السجين وتذكر أنه لابد من عقوبته وقتله، وفى غمرة غضبه حدد ابن طولون يوم السبت لتنفيذ العقوبة .!
ورجع أبو طالب الخليج بالخبر السيئ إلى صاحبنا فلم ينم ليلتها خوفا على مصير ابن مصلح الذى أطلقه من السجن سرا ، ومنذ الصباح الباكر جاء إلى السجن ليدخله حتى لا تقع العقوبة على ابن مصلح، وحتى يفي بوعده ولا يخيب ظن ابن مصلح فيه.
وسجد ابن مصلح لله شكراً، وامتلأ تقديراً للرجل الشريف.
وما إن مرت ساعات حتى حضر الجنود فأخذوا الرجل إلى ابن طولون ومجلسه، وفي المجلس الذي حضره ابن مصلح عرف أن جريمة الرجل كانت في قيادته ثورة في الإسكندرية لم يتم لها النجاح ، وقدم الرجل اعتذاره لابن طولون بأفصح بيان، فقبل ابن طولون اعتذاره وعفا عنه .
ولم يجرؤ ابن مصلح على إخبار ابن طولون بقصته مع الرجل، واكتفى بأن كتم اسمه، وبأن الرجل أصبح من أخلص أصدقائه.
ولذا خلت تلك الرواية من اسم البطل السجين الثائر الذى يفى بكلمته ولو فيها مقتله .

2 ـ ويبقى القول بأن أحمد بن طولون كان اقرب ما يعرف بوصف (المستبد العادل )، وهو توصيف خرافى لأن الاستبداد لا يجتمع و العدل . ولذلك فان مع حرص ابن طولون على العدل أكثر ممن تلاه وممن سبقه فقد اوقعه استبداده فى ظلم ابرياء كثيرين ، فبكلمة واحدة من المستبد يتم قتل انسان قد يكون بريئا شريفا .

3 ـ ومن القصة نفهم انه حتى فى عصور الاستبداد فان الارض لا تخلو من الشرفاء ، بل حتى لا يخلو المستبد نفسه من بعض نوازع الخير .
لذا فانه فى الاسلام لا نعادى الانسان الشرير المستبد نفسه بل نعادى الشر والاستبداد فيه . ولهذا فان باب التوبة مفتوح لكل انسان ، وبوسع الانسان الشرير أن يعود الى الخير و التقوى بعد الاثم و العدوان ، وبعد أن كان ظالما فاسدا يمكن أن يكون ورعا تقيا محسنا ، وهو هو بجسده وهيئته وملامح وجهه.



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (5 ) : الاستقواء با ...
- الدولة الأموية فى لمحة تاريخية
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (4) ( وَمِنَ الْأَع ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (3) الذين يوفون بعه ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (2) ( والذين ظلموا ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى : هل جزاء الإحسان إ ...
- مسلمة بن عبد الملك : قائد عسكري فذّ ظلمته التقاليد الأموية ا ...
- هل مات أبو طالب كافرا كما يزعم أرباب الدين السّنى ؟
- أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ؟؟ ابرا ...
- الرد على صاحب هذه الرسالة ( رسالة الى كاتبى موقع أهل القرآن ...
- ( 16 ) وعظ السلاطين: زياد ابن أبيه الواعظ السفاح :
- لا نبتغى الجاهلين !!
- ابن إياس مؤرخا
- (2 ) من دروس قصة موسى : - إن خير من استأجرت القوي الأمين -
- يسألونك عن ( الخلع )
- (16 ) وعظ السلاطين : رفع الإصر عن شعب مصر
- إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ
- ( 15):وعظ السلاطين : تغيير المناخ الثقافى بين معاوية ومبارك ...
- ( 13):وعظ السلاطين : تغيير المناخ الثقافى بين معاوية ومبارك ...
- بسبب هذا المقال تعرض موقعنا ( أهل القرآن ) لهجوم هكرز حسنى م ...


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى : (6) (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق )