|
أو تعجبون من جرائم ضحاياها هم السبب...!!؟
بدرالدين حسن قربي
الحوار المتمدن-العدد: 3025 - 2010 / 6 / 5 - 10:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ابتداءً، فإن عقلاء الناس يُدينون ما فعلته اسرائيل بحق العزل الأبرياء من ركاب قافلة الحرية، لأنها عملية قرصنة وجريمة نكراء لايقبلها عرف ولا دين ولا قانون. ومن ثم فكل التحايا مع التقدير لكل من بذل ويبذل جهداً إنسانياً لرفع المعاناة عن المقهورين والمضطهدين والمحاصرين والملاحقين من ناسنا، وكشف الزيف عن الوجوه الكالحة التي جفّ فيها سحر الحياة، وترتكب جرائمها بدمٍ بارد من غير وازع من قانون أو ضمير أو بقايا إنسانية. لقد جاءت العملية الإسرائلية في اليوم الأخير من شهر أيار/مايو 2010 في الاعتداء على سفن قافلة الحرية المحمّلة بالمساعدات الإنسانية للمساعدة في كسر الحصار عن غزّة ذات المليون ونصف محاصر، وما صاحبها من مواجهةٍ وقمع تسبب بقتل وسفك دم الأبرياء في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني تصدعاً في وحدته وانقساماً في البقية المتبقية من أراضيه المحتلة. ولئن كنا نتفق أو نختلف مع ماقيل ومايقال عن الآمال والتطلعات، والتداعيات والآثار سلباً أو إيجاباً من تجار القضية ومن هم بمثابة أمّ الولد، فإننا نعتقد بأن العملية الإسرائلية لابد أنها كانت محسوبة، وإن لم يتطابق حساب السوق لمن حسب مع حساب الصندوق، فالرياح مضين بما تشتهي السفن. وإنما أن يكون العدو في ورطة من أمره مما فعل، وأن يتسع الخرق عليه، فلا يعني أيضاً أننا في حال حسن، لأن للأمر مابعده في ارتداداته الإقليمية والدولية في القريب العاجل قبل الآجل، والتي قد تشعل أوار حرب نسمع قرع طبولها وتهديداتها ووعيدها. ولئن كان البعض يقرأ علينا بغيرها والبعض الآخر يطمئننا بانتصارات وهزائم على الأبواب، فإن قادم أيامنا فيما نعتقد مما يشهد عليه واقعنا بما فيه من الفساد والاستبداد والقمع لايطمئن. لاشك أن العملية التي كانت موجهة إلى السفينة التركية مافي مرمرة Mavi Marmara ، تأكّد أن فيها مرمرة ولو لأعدائها، فقد انتهت إلى ماانتهت إليه وطرفاها من حقٍ وباطل يعتقدان وهما يدوّران زوايا الرؤية أنهما حققا غرضهما، والحقيقة أن نفي ذلك أو إثباته مرده إلى القادم من الأيام. تحليلات الحدث وقراءاته كانت كثيرة، والبيانات والشجب والتنديد كان أكثر، ولكن يلفت النظر أن قلةً لفتتها تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي على إحدى الفضائيات بأن الأوامر الأولية للجنود كانت بعدم إطلاق النار، وإنما رفض السفن بما فيها التركية الانصياع للنداءات الإسرائيلية بتغيير خط سيرها للتوجه إلى المياه والميناء الإسرائيلي اقتضى إنزال الجنود بواسطة الهليوكبتر على السفينة، وهو مما واجهه الناشطون الإغاثييون والإنسانييون - الذين وصفهم المتكلم بالإرهابيين - بالمقاومة بالعصي وقضبان الحديد وسكاكين كانت معهم مما تسبب بإصابات وجروح لبعض الجنود الإسرائيلين، وهو مااستدعى إعطاء الأوامر برمي القنابل الدخانية وإطلاق النار على المقاومين مما تسبب بمقتل عدد منهم. ويبدو التصريح وكأنه يريد التعذر للجريمة بعدم انصياعهم للأوامر ومقاومتهم بما معهم مما استدعى إطلاق الرصاص. ورغم أن عدداً من ركاب القافلة نفى وجود مقاومة باعتبارها سفناً إنسانية وحمولتها إغاثية ليس أكثر، ورغم أن جريدة القدس العربي في عددها الخميس 3 حزيران/ يونيو أشارت إلى أن الجنود الاسرائيليين الذين هاجموا السفن كانوا مدججين بالسلاح، ومع ذلك قفزوا في البحر هروبا من الجبابرة الذين واجهوهم بالعصي والقضبان الحديدية رافضين الاستسلام لهم وإطاعة أوامرهم، فلجأ زملاؤهم الآخرون الى إطلاق النار رغم الأوامر الأولية إليهم بعدم فعل ذلك، فإننا مع كل الروايات نركن إلى أن التصريح العسكري الإسرائيلي يؤكد حقيقةً مفادها أن مرتكبي الجرائم ومحترفيها يوجدون المبررات لجرائمهم الدنيئة والغادرة، والأعذار لقتل ضحاياهم في طول الأرض وعرض البحر وفي ظلمة الليل ووضح النهار على ظهور السفن الماخرة وفي غيابات السجون القاهرة. فلو رجعنا ثلاثة أسابيع إلى الوراء في 4 و 5 أيار/مايو استدعاءً لما قاله الوفد الرسمي السوري أثناء مناقشة تقريره الأول أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف لعددٍ من الساعات، لوجدنا أن إجاباته عمّا كان من قتلٍ وسفكٍ للدماء في سجن صيدنايا العسكري في تموز/يوليو 2008 لاتخرج عن إطار التبريرات والتعذرات السابقة. وهي أن ما جرى في السجن عبارة عن تمرد لمحكومين في جرائم تطرف وإرهاب وعدم انصياع لأوامر العسكر، أخذوا حراس السجن وهددوا بقتلهم، وأن السلطات الرسمية تعاملت بمنتهى الحكمة مع المساجين، وأن الجهات الأمنية تعاملت مع ماكان بمنتهى الرويّة، وأن الرصاص الذي أوقع حوالي 17 قتيلاً لم يستخدم إلا بعد رفضهم الانصياع لأوامر سجّانيهم وحرّاسهم. فركاب سفينة مرمرة الإغاثييون وسجناء صيدنايا العزْل هم في نظر قاتليهم متطرفون وإرهابييون، وركاب مرمرة قاوموا بالعصي وقضبان الحديد، في حين أن السجناء لايملكون مثل هذه الأدوات ولا حتى أقل منها بكثير، ولكنهم بقدرة قادرٍ احتجزوا ســجّانيهم المدججين بالسلاح، وفي الحالين سفينةً وسجناً أطلق القاتلون على ضحاياهم النار فيما قالوا حماية لجندهم وحرسهم وعسكرهم، فقُتل على السفينة عدد لايقل عن تسعة عرفناه من الساعة الأولى للجريمة، وهم معروفون بأسمائهم وأعمارهم وسلمت جثامينهم إلى عائلاتهم، وقُتل في سجن صيدنايا عدد مجهول عرفناه بعد آلاف الساعات بكلام رسمي في مطالع أيار الماضي قدّروه تقديراً بحوالي 17 قتيلاً، لأن العدد لم يتحدد بعد وأن أسماء الضحايا مازالت مكتومة رغم مضي السنتين، ومازال ذوي الضحايا لايعلمون عن مفقوديهم شيئاً. مجزرة قافلة الحرية جريمة مستنكرة، نتقدم بالعزاء إلى عائلات ضحاياها ومحبيهم، ونرفع قبعاتنا و(عقالاتنا) تحية لناسها وأحرارها ممن يريدون كسر الحصار وتكسيره، ونشكر كل من شارك واستنكر وشجب وتظاهر وصرّح وتوعد وهدّد، لأنه يشارك في خطوةٍ على طريق الألف ميل. وإنما نذكّر أن الأحرار وليس غيرهم هم الذين يحررون، وهم القادرون على التحرير، وليس المقموعين ولا المضطهدين أوالمقهورين. وعليه، فإن لنا مجازر ومَرْمَرَات كثيرة آخرها ما أُعلن عن عدد ضحاياها في جنيف قبل أسابيع ثلاثة، وكأن شيئاً لم يكن، وأن ضحاياها ليسوا شيئاً مذكوراً، وبلادنا بعشرات ملايينها محاصرة بفاسديها ومستبديها وأكابر مجرميها. أمْن الناس وحريتهم قضية أساسية ومهمة على طريق التحرر والتحرير، وقمع الرأي واضطهاد الإنسان وقتله بحجج معركة أو معارك لا يعلو صوت على صوتها ليس إلا سبيلاً للخنوع والاستبداد وخسارة الأرض، فالعبيد لايقاتلون، وإن حملوا عليه فلاينتصرون. ومن نسي فلا ينسينّ أن الضحايا (المرمرين) من سفن قافلة الحرية الإغاثية وضحايا سجن صيدنايا المعتقلين هم في عيون قاتليهم متطرفون وإرهابييون، عاملوهم بطولة البال والحكمة والرويّة، ولكنهم رفضوا الانصياع لأوامرهم فنالهم مانالهم من توحش القتلة، وألبسوهم سببها، فهل تعجبون...!! عندما ترون الجريمة تمضي دون حساب فاعلموا أن صاحبها مسنود ومدعوم وذاك هو السبب. أَوَ تعجبون ولامبرر للعجب...!
#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلام يبحث عن عنوان مناسب
-
الطارق والمطروق في أنظمة الطواريء 2/2
-
الطارق والمطروق في أنظمة الطواريء 1/2
-
الباشاوات الجدد
-
لفتة حضارية ولفتات غير ذلك
-
حرية وكرامة ووطن
-
ابن الثمانين عاماً إذ يضعف نفسية الأمة...!!!
-
هيثم المالح ابن الثمانين يوهن نفسية الأمة...!!!
-
الطريقة الكوكية في الحوار
-
انفلونزا التوريث الجمهورلكي
-
تفجيرات بغداد والأزمة السورية العراقية
-
إمارة رفح الإسلامية ودولة غزة
-
هذي الكويت، صلِّ على النبي
-
الأمل والإحباط في كلام السيد جنبلاط
-
ياحبيبي... كل شيءٍ بقضاء
-
المحكمة الجنائية السورية والدولية
-
حكاية من زمن الحرب السورية
-
هلوسات نرفعها إلى مقام من يهمه الأمر
-
مساعدات إعمار غزة والاختلاف عليها
-
حدَثَ في أسبوع ماقبل لهيب غزة
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|