لطفي حاتم
الحوار المتمدن-العدد: 921 - 2004 / 8 / 10 - 09:33
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بداية يتحتم التأكيد على أن هناك انعطافة سياسية في العراق, تتمثل في الكثير من المتغيرات التي تشترطها عملية انتقال السلطة إلى الأطراف العراقية . الأمر الذي يتطلب البحث والتحليل .
ان العديد من المتغيرات المراد تحليلها ورصد حركتها تتحدد بالموضوعات التالية : --
أ : تشخيص طبيعة السلطة الوطنية وموقعها في تعزيز الاستقلال والسيادة الوطنيتين .
ب : التحالفات الاجتماعية الجديدة ومواقع التيارات السياسية الناشطة في المرحلة الانتقالية.
ج: مشاركة قوى اليسار الديمقراطي في العملية السياسية وكيفية تشكيل جبهة ديمقراطية ذات كتلة شعبية مؤثرة في سير التطورات السياسية .
على أساس الرؤية المارة الذكر تواجهنا جملة من المهام التي تتطلب الدراسة والتدقيق بهدف تشكيل مقاربة فكرية/ سياسية ازاءها في مسعى لحشد الكتل الشعبية المناصرة لتوجهات المشروع الوطني الديمقراطي والمناهضة للسياسات الرامية إلى فرض سلطة وطنية (شكلية ) مباركة من قوى الاحتلال .
في هذا الاطار أقترح اعارة الاهتمام للأفكار التالية : --
تتحرك قوى اليسار الديمقراطي مع اطراف سياسية أخرى على أساس قضايا آنية تتبدل بين لحظة وأخرى وذلك تبعا" لتسارع عملية الحراك السياسي/ الاجتماعي الجارية في التشكيلة العراقية والقرارات الأمريكية/ الدولية المتزامنة معها.
ان العوامل المشار اليها تضع حركة اليسار الديمقراطي في خضم أوضاع سياسية متبدلة ليس لها آفاق مستقبلية اذا لم تقترن بوضوح الاهداف التي يسعى اليسار الديمقراطي لتحقيقها .
بهذا الاتجاه يتعين علينا تشخيص الركائز السياسية التي تتفاعل معها قوى اليسار الديمقراطي والتي أراها تتلخص في ثلاث قضايا رئيسية : --
1. نقل السلطة الحقيقية لقوى الشعب الوطنية .
2. استعادة السيادة الوطنية.
3 . انهاء الاحتلال العسكري الأمريكي للبلاد.
لتحليل مضامين تلك المفاهيم السياسية تبرز كثرة من القضايا العقدية التي تتطلب موقفا" فكريا" / سياسيا"
يتسم بالوضوح والشفافية . اذن دعونا نتوقف بملموسية تاريخية ازاء القضيا المثارة.
أولا" : -- تتم الاحاطة بطبيعة السلطة السياسية التي جرى تسليمها إلى الأطراف الوطنية في حزيران الماضي .من خلال أسئلة أساسية منها : ما هي طبيعة السلطات الامنية / السياسية / الاقتصادية التي تمتلكها السلطة العراقية الجديدة ؟ . .ومنها: من يملك السلطة الفعلية على ادارة شئون المؤسسة العسكرية التي يجري اعادة بنائها. وآخرهما : هل أن مهام السلطة التي تم تسليمها هي مهام أمنية ؟ . بمعنى ادارة الصراع العراقي بين أطراف السلطة الوطنية والقوى المناهضة لها وما يعنيه ذلك من تعريق الصراع ( الوطني ) بمشاركة أمريكية
ان الاجابة على الأسئلة المذكورة تشير الى أن انتقال السلطة للأطراف الوطنية في أحسن تقدير يشكل نقلة أولية / بدائية تدور حولها اشكالات وصراعات غير معروفة العواقب .
ثانيا" : -- أشكال ومضامين انهاء الاحتلال . هل الانهاء يعني صدور قرارات دولية تعترف بشرعية الحكومة العراقية الجديدة ؟ بمعنى آخر هل ان انتقال السلطة السياسية للأطراف العراقية يمنح الدبلوماسية الأمريكية حق الأشراف الدولي على ادارة الشئون العراقية ؟ واذا كان الجواب ايجابا" فهل يعني ذلك تحول دولة الاحتلال إلى دولة وصية؟ ماهو مصير قوات التحالف ؟ هل تنتقل إلى قواعد عسكرية دائمة على الأراضي العراقية ؟. ام أن تواجدها منوطا" بفترة زمنية محددة بقرارات دولية ؟ وأخيرا" ما هي الأدوار السياسية / الأمنية / العسكرية والاقتصادية للسفارة الامريكية في بغداد ؟.
ثالثا" : -- ارتباطا" بما جرت الاشارة اليه لابد من التوقف عند مفهوم السيادة الوطنية. والذي يمكن تحديده – المفهوم - بأنه الاطار القانوني الدولي الضامن لحرية الدولة في التصرف في شؤونها الداخلية , بمعنى احتكارها حرية اتخاذ القرارات الاقتصادية/العسكرية/السياسية في اطار مجالها الجغرافي بعيدا" عن التدخل في شؤونها الداخلية .
ان الأطر القانونية والمفاهيم الحقوقية المرتبطة بمفهوم السيادة الوطنية تشتبك مع قضايا أساسية تحددها في نهاية المطاف طبيعة الدولة وشكل بناءها, والمضامين الفعلية لنظامها السياسي ؟
ان الاحاطة بالموضوعات الحقوقية / السياسية المثارة تقود إلى أن الحديث على السيادة الوطنية في الظروف الملموسة يمكن اعتبارها ترفا" فكريا" محاطا" برغبات سياسية.
على أساس ما تقدم أرى ان يرتكز النشاط الفكري / السياسي لقوى اليسار الديمقراطي على خطين متلازمين يعكسان مزاوجة بين المرونة السياسية الآنية والرؤية المستقبلية عليه اقترح التصورات التالية : __
1. بناء رؤية سياسية تعتمد على الهوية الفكرية لليسار الديمقراطي والمستندة الى التحليل الملموس للحظة التاريخية الملموسة .
2. التخلي عن ربط النهوج السياسية لقوى اليسار الديمقراطي بصيغة ( التوافق ) رغم أهميتها في اللحظة التاريخية المعقدة حتى في حال المشاركة في السلطة ( الوطنية ) .
3. ان الموضوعة المشار اليها تستمد تزكيتها من ضرورة فك ارتباط حركة اليسار السياسية بأجندة السلطة السياسية التي لاتعبر بالضرورة عن مصالح ومستقبل الحركة اليسارية الديمقراطية .
4. وبهذا الاطار أرى ان تشرع قوى اليسار الديمقراطي بمحاولة بناء تحالف ديمقراطي واسع محاطا" بكتلة شعبية مؤثرة قادرة على المساهمة في تقرير مستقبل البناء الديمقراطي / الوطني للدولة العراقية .
5. التركيز على بناء السلطة الوطنية الديمقراطية المستقلة كمهمة وطنية عاجلة . بكلام ثاني التركيز على بناء النظام السياسي الديمقراطي الضامن لبناء الدولة العراقية الفدرالية واستعادة السيادة الوطنية .
ان بناء النظام السياسي الديمقراطي الوطني الفاعل يتطلب اجراءات وطنية أساسية منها على سبيل المثال : --
• اشراك كافة القوى الوطنية العراقية في العملية السياسية على أساس الديمقراطية ونبذ العنف .
• عملية الاشراك المشار اليها تتأطر من خلال : --
• تشكيل جمعية وطنية تكون الاطار الوطني الشرعي الضامن لنمو وتطور السلطة السياسية المستقلة .
• بناء اجهزة الدولة الوطنية من مؤسسات عسكرية/ أمنية بعيدأ عن الوصاية الأمريكية والاستعانةبدلا" عن ذلك بالقوات الدولية المتعددة الجنسية .
• اشراك المجتمع الدولي في عملية انهاء الاحتلال وتفعيل دوره في العملية السياسية والاشراف عليها .
• ان الوقائع الفاعلة على الأرض تتطلب الاعتراف بتواجد عسكري أمريكي في مناطق محددة من العراق وبسقف زمني تقرره السلطة الوطنية الديمقراطية المستقلة .
ان الأراء والأفكار المشار اليها تساهم كما أزعم في ترصين السياسة الواقعية لقوى اليسار الديمقراطي على قاعدة فكرية تنطلق من المواقع الوطنية / الطبقية التي تؤطر سياسة حركة اليسار الديمقراطية .
#لطفي_حاتم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟