أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تركيا مستقبلٌ مرئي للمسلمين














المزيد.....

تركيا مستقبلٌ مرئي للمسلمين


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 18:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تركت تركيا التجارب الشمولية الشرقية خلفها، في حدثٍ سياسي نادر، وبهذا أمكنها صناعةَ قادةٍ من طراز مختلف، وعلاقات سياسية جديدة عن الدول العربية والإسلامية.وكل بلدٍ إسلامي يشكلُ تطورَهُ من جذورهِ الخاصة، ومن موقعِ تجربتهِ وبلده وحجمها، وليس من الفراغ التاريخي.وقد وجدت تركيا نفسها بأنها قائدةُ المسلمين في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وأنها تحكم أغلبية هذا العالم الإسلامي، ثم وجدتْ الدولَ الغربية تنتزعُ هذه الأغلبية منها بالقوة، بل تهاجم أراضيها لتحتلها!فظهر قائدٌ عسكري في هذه الفترة الخطيرة سماه الحدثُ الرسمي بأنه أتاتورك أبوالأتراك وهو منصبٌ أسري سياسي غير ديني.وهو ليس قائدا غائرا في صحراء العرب أو جبال إيران بل هو زعيمٌ يجثم في فم أوروبا الجائعة للمستعمرات أثناء هزيمة الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، فإما أن يستسلم وإما يزول!لقد قام كمال بهزيمة المعتدين على بلاده، وقيادتها في سبيل الحداثة، فصارع الماضي المتخلف والحاضر الغازي، فانتصر على الاثنين.وهو لا يملكُ حزباً تحديثياً أو كوادر فكرية بل يعتمد على جيش وشعارات عامة. ولن نتوقع منه أن يعالج قضايا المجتمع المعقدة والمركبة إلا بأسلوبه العسكري، أسلوب تحديد الخصم، ثم احتلال مواقعه واحداً بعد الآخر بالضربات القاضية!وقد حدد العدو الهدف وهو التخلف الديني، فوجه مدافعَهُ نحو مواقعه الحصينة الكبرى المتجسدة في جيوش الدراويش وهو آخر ما بقي من عصر الصوفية الذي لم يتجسدْ في خرقٍ بل في مستوياتٍ اجتماعية بذخية وهلوسات غير عقلانية، فُضربت التكايا والزوايا وتم تحطيم حشود العصر الوسيط الذي يتقلبُ في حشيش الدروشة.وتبصر أتاتورك الحداثة الغربية في علمٍ ونشيدٍ وحروف وهي رموزُ الجيشِ الوطني العَلماني الذي شكله، وسماهُ في ميدانِ السياسةِ حزبَ الشعب الجمهوري، فأطاحَ برموز الخصم القروسطية الشكلانية وهي الحروف العربية والأذان بلغةِ العرب واللباس كي يجعلها أدوات للإطاحة بالقرآن وهو لا يعرفهُ، ثم قام بإصلاحاتٍ مثل المساواة بين الرجال والنساء، وأتاح للفئات الوسطى الحريات في الفكر والتجارة والحياة، فعكس مستوىً دكتاتورياً عسكرياً للحداثة بلا جذور شعبه الإسلامية. ولكنه حاولَ الحداثةَ بذلك المستوى الفكري المحدود الذي يملكه!إن البنيةَ التحديثيةَ التي شكلها ظلتْ بنيةً شموليةً يؤسسُها نظامٌ غيرُ ديمقراطي، موجهاً مدفعيتَهُ الثقيلةَ نحو منظماتِ الصوفية التي تراءى لها من جانبِها بأن أتاتورك كافرٌ شديدُ الكفر، فحدثتْ معارك ضاريةٌ بينه وبين الطريقة الصوفية السائدة في ذلك الوقت (النقشبندية)، وهو أمرٌ يشير إلى الافتراقِ الشديدِ بين واقع (الإسلام) الذي تشكلن وغدا طقوسياً تخديرياً غيرَ عقلاني وعبر هذه الممارسات المتوجهة لتخريف سياسي واستغلالية ارستقراطية باعتْ ودمرتْ حاضرَ المسلمين!وقام البطلُ هنا أتاتورك المحدود المعرفة والجاهل بتاريخهِ الحضاري الديني وليس العسكري، بالتوجه بشكلٍ معاكسٍ حاد نحو الغرب. فأطلقَ مدفعيتَهُ على الطُرقِ الصوفيةِ والأبنية الدينية والتراثية والشعارات التاريخية والذاكرة الإسلامية.فكان لهذا التحديثِ القمعي إنجازاته وسلبياته، فقد عبرَ بتركيا من محنة التبعية وشمولية التخلف إلى مجالاتٍ نهضة واسعة، وقد ربطَ تركيا بأكثرِ العوالم تحضراً وديمقراطية، لكن من خلال حكم عسكري دكتاتوري، فحدث تناقضٌ خطيرٌ بين شكلِ النظامِ ومؤسساتهِ الشمولية وبين أهدافهِ الديمقراطية التحديثية، وراحتْ الطبقةُ الحاكمةُ العسكرية التي جاءتْ من بقايا الدولة العثمانية والمؤسسات الحاكمة تتقلبُ وتتغير في محاولةٍ للمزاوجة بين الشكل والمضمون، بين التكوين الكمالي العَلماني العسكري، وبين حاجات الشعب، بين شعارات عامة مؤدلجة وتاريخ ذي تراث عريق، فجاءت قوانينٌ مخلتفة وعهودٌ متباينة، ومشت وزاراتٌ مختلفة منتخبةٌ على هذا الحبل المشدود بين الحكم ومصالح الأغلبية الشعبية، فتحررت الأملاكُ والقوانين العامة قليلاً قليلاً من الهيمنة وأطلق سراح الجماعات الدينية، وعادتْ الدولةُ لشيءٍ من الأعمال الدينية، وتشجيع الإرث الإسلامي، وحدث حراك للجماعات السياسية الدينية، بسبب وجودها بين الأغلبية الشعبية التي تريد طرح مطالبها وحقوقها الاقتصادية المعاشية، في حين ان الطبقة الحاكمة القديمة تمترست في تقاليد أتاتورك السياسية خائفة من مد شعبي ديني متخلف يحطم منجزات الماضي الديمقراطية والحريات، خاصة هذا المد المتشكل في الأرياف.فظهرت حقبةُ الاعتدال السياسية وتشكلتْ بصعوباتٍ جمة هذه الجماعاتُ السياسية الجامعةُ بين جذور المجتمع الإسلامية وتنظيمات وأساليب الحداثة، ولكن الأهم هو تعبيرها عن طبقة وسطى حرة راحت تصارع امتيازات الطبقة العَلمانية الأتاتوركية التي نشأتْ في عالم شمولي، ونشأت في أحضان الحرب الباردة وكراهية الشرق والمسلمين واليسار، فجمعت بين منظمات الغرب العسكرية وأسواقه وبين وجودها في الشرق، ثم تنامت هذه العملية بشكل مطول صراعي كبير.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تركيا الحرية لفلسطين
- عالم جديد يتشكل
- أزمةُ كتلٍ رأسماليةٍ مختلفة
- العلمانية الإسلامية والتضحية
- النظامُ البرلماني البريطاني المبكر
- التجار والسياسة
- التعددية الدينية الغيبية والعقلانية
- مصر تتحرك!
- البرجوازية الصغيرة الشرقية العالمية
- جدلية التراكم الديمقراطي
- الأفكار والتحولات في العالم الثالث
- سيناريو العودة للوراء
- سيد قطب (1-3)
- خيار الزوال
- محاصصات طائفية وليست ديمقراطية
- هزيمة اليسار في الانتخابات العراقية
- الحداثة مشروعان فقط
- بُنى اقتصاديةٌ جديدةٌ
- انتخابات العراق والاستقطاب
- توريط مجتمعنا في انهيارات كلية


المزيد.....




- ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف ...
- زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
- -خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
- الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
- ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات ...
- إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار ...
- قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
- دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح ...
- كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع ...
- -كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تركيا مستقبلٌ مرئي للمسلمين