أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - درسُ سلماوي الصعب!














المزيد.....


درسُ سلماوي الصعب!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3023 - 2010 / 6 / 3 - 00:01
المحور: سيرة ذاتية
    


[email protected]
دخلَ على رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام وقد قرر ترْك الكرسي الذي شغله ستةَ عشر عامًا، رئيسَا لتحرير الجريدة التي أنشأها عام 1994، لتصدر كلّ أربعاء من القاهرة وتنطق بالفرنسية: "الأهرام إبدو". سأله عبد المنعم سعيد إن كان ثمة ما أزعجه، فنفى محمد سلماوي ذلك، وقال إنه، اليومَ، ببساطة قد بلغ السنَّ القانونية للتقاعد. فأجابه سعيد بأن أمرًا كهذا لا يتمُّ إلا بعد انعقاد لجنة واستصدار قرار، فأصر سلماوي قائلا إنه يحترم القانون، ويسعى إلى تنفيذه بنفسه، ولا ينتظره! وترك منصبه وسط محبة المحررين، ورفضِهم تنحّيه، ثم اقترح تسليمَ الراية لرئيس التحرير التنفيذيّ هشام مراد.
التنحّي الطوعيّ عن القيادة ليس ضمن ثقافتنا العربية. من الحاكم إلى أدنى السلّم الوظيفي. هنا درسٌ "عسير"، يقدمه سلماوي إلى جميع القيادات في المنابر كافة، سياسيةً كانت أو مِهنيةً، بأن الكأسَ يجب ألا تُحتسَى حتى نهايتها، كما علّمنا الإيتيكيت وقواعد الجمال. درسٌ مُرٌّ للمتشبثين بمقاعدهم حتى الرمق الأخير، طمعًا في عام أو عامين أو عشرة أعوام، دون الالتفات لحتمية تداول السلطة، وتحريك الدماء الجديدة في جسد المؤسسات كيلا تتكلّسَ ويصيبها تصلّبُ الشرايين والجلطاتُ الدموية القاتلة. درسٌ في كبح غريزة إنسانية أساسية، السُّلطة، وترويضها، انتصارًا للجمال والرقيّ.
إن لم يكن هذا السلوكُ الفريدُ شِعرًا، فلا كان الشِّعرُ. وأندهشُ أن سلماوي لم يكتب الشعرَ! ثم سرعان ما تتلاشى دهشتي حين أعودُ إلى قناعتي الأصيلة أن الشعرَ سلوكٌ وثقافةٌ وأسلوبُ إنصاتٍ إلى العالم، وليس كتابةً.
وسلماوي، بعيدًا عن مراكزه القيادية كرئيس اتحاد كتّاب مصر، والأمين العام لاتحاد الأدباء والكتّاب العرب، صحفيٌّ محترفٌ وأديبٌ ومثقف شامل. عرفناه عبر مقالاته في "الأهرام" كاتبًا باحثًا يحلّلُ الظاهرةَ ويؤصّل لها تاريخيًّا وجغرافيًّا وسياسيًّا وسوسيولوجيًّا، وفي "المصري اليوم" ككاتب ساخر، يضع يده على مكان الوجع من نقطته المُفارقة الطريفة، فيخرج القارئُ ببسمةٍ لا تلبثُ أن تؤرقَ يومَه وغدَه، وفي "الوفد" ككاتب صحفي يلتقط الخبر من زاويته الصادمة، فيحفّز القارئ على التأمل ليتورّطَ من فوره في المشاركة، وفي مجلة "أكتوبر" ككاتب بورتريه وصور قلمية يلتقط من ذاكرته الإنسانيَّ من غير الإنسانيّ، وعبر مسرحياته ورواياته عرفناه كمبدع يفنّد أزمةً اجتماعيةً أو سياسية من خلال عين أدبية مفتوحة على التاريخ، تُشعلُ الرمزَ لتثيرَ السؤالَ في قلب القارئ والمتفرج فيخرج مشحونًا مؤرَّقًا بالبحث عن إجابات، وكمترجم نقل لنا عديد الإبداعات الغربية المهمة. لذلك فهو يدرك تمام الإدراك أن المبدعَ لا يحتاج تسيُّدَ مؤسسةٍ كي يظلَّ حاضرًا في دائرة العطاء والنور. المبدعُ الحقُّ مؤسسةٌ كاملةٌ، من دون أن يعتلي منصبًا أو يؤازره كرسيّ. المبدعُ أعلى قيمةً من أعلى المناصب، وأشدُّ بأسًا دون مقاعد عاليةٍ يتوكأ عليها. بذلك الدرس الصعب قدّم سلماوي صورةً طيبةً للمصريّ أولا، وللمبدع ثانيًّا، ذاك الذي لا يتهافتُ على منصب، بل يتركه طوعًا حين يشاء. المبدع لا يسعى، بل يُسعى إليه. ليتنا نتعلم. المصري اليوم



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات قبطي، واحد م البلد دي
- مندور، ابنُ الزمن الجميل
- كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب
- فاروق الباز، أيها المصريّ
- أن ترسمَ كطفل
- سعد رومان ميخائيل يرصّع اللوحات العالمية على جداريات دار الأ ...
- هزْلُهم... فنٌّ
- أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية
- أن تصطادَ عصفورًا من النيل، فأنتَ إذن إبراهيم أصلان
- عاطف أحمد، فنانٌ من بلادنا
- الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
- قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
- كهاتين في الجنّة
- الشِّعرُ في طرقات قرطبة
- فاطمة ناعوت والسعي وراء تأنيث العالم
- لهو الأبالسة، وفنُّ القراءة
- هكذا الحُسْنُ قد أمَر!
- ساعةُ الحائط
- سهير المصادفة
- ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)


المزيد.....




- شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
- بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟ ...
- هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
- أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
- باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ ...
- وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص ...
- تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
- من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين ...
- سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص ...
- وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - درسُ سلماوي الصعب!