مصطو الياس الدنايي
الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 16:14
المحور:
المجتمع المدني
على قدر أهل العزمِ تأتي العزائمُ .. و تأتي على قدر الكرامِ المكارمُ
مصطو الياس الدنايي / سنونى
بهذا البيت الشعريّ الجميل و الحكيمِ جداً للشاعر أبو طيب المتنبي ، سأبدأ موضوعي ..
بين فترة و أخرى نسمع خبرا عن حادثة اجتماعية – دينية ، وقعت في شنكال او في ولاطى شيخ ( سنجار و مناطق قضاء الشيخان و بعشيقة و بحزاني ) و كل منا يهمس في أذن الآخر .. لماذا ؟ لو ؟ دون أن نجد الجواب الشافي ، و هذا ما جعلني أفكر بذلك المشروع الأيزدي حول قانون الأحوال الشخصية و الذي لم أكن واحداً من كتابيه و لا من الذين عايشوا مناقشته أو وقفوا على اعداده ، إنما رأيتهم و سمعتهم و في مختلف المناسبات الثقافية الأيزدية التي حضرتها حتى الآن .. يستفسرون عن أسباب عدم تطبيقه و في كل مرة كانت نقطة أساسية و ضرورة ملحة في قرارات تلك المناسبات و انه تم تثبيتها في منهاج العمل اللاحق و سوف يتم بحثه و متابعته هذه مرة ( في كل اجتماع او مؤتمر ) ، بغير أن يُنفَّذ و لا يحزنون .
في أمر عدم بعث روح التنفيذ لمشروع قانون الأحوال الأيزدية .. الجميع متهمون حتى تثبُت براءتهم ( عكس المقولة .. المتهم بريء حتى تَثبُت إدانته ) .. من مؤسسات ثقافية او ادارية والتي فيها للأيزديين أيدي فاعلة و من مجلس روحاني و رأس الهرم الأيزدي و المجتمع برمته و الذي نستطيع القول أنه المتهم الأول في هذه القضية .
هنالك مَن تعبوا و سهروا كثيراً في كتابة ذلك المشروع المدني و إعداد ديباجته و منهم السادة الأفاضل ( الحقوقي ديندار جيجو / مقيم في السويد حالياً و صاحب موقع الكتروني ، المحامي بركات شيخ عمر ، خدر شنكالي / مدير ناحية سنونى حالياً ، هاشم عبدال / نائب مدعي حالياً ، و بتعاون من مركز لالش الثقافي و الاجتماعي / دهوك ) بالاضافة الى جهود السيد فرماز غريبو و السيدة عالية بايزيد مع الاعتذار لبقية الأسماء التي لا املك معلومات بشأن جهودهم في الموضوع ، لكنهم سكتوا مباشرةً و كأنهم كتبوا موضوعا كالذي اكتبه الآن ، فَنشروه لهم و انتهت القصة .. كيف لهم أن يتركوا أمرا مهماً كهذا دون أن يطمئنوا على ثمرة نتاجهم الفكري ذلك ، إلا إن كانوا ليسوا مؤمنين بما قاموا على اعداده حينه و هذا بعيد جدا عنهم !
المجتمعات كافة .. من أسرة ، و سائر الدوائر المدنية و الحزبية و الحكومية ، بحاجة الى تنظيم يتماشى مع الوضع العصري لأفراده من اجل ضمان حقوقهم و من كافة النواحي .
قبل أيام قرأنا خبراً في أحد المواقع الأيزدية بخصوص حالة اجتماعية و دينية غير محبذة في مجتمعنا .. و قبل ذلك حدثت حالات مشابهة في بعض مناطقنا نتجت عنها خروج فتيات من بيوتهن دون عودة .
رغم أن التكهنات صعبة في مثل هذه الأمور و رغم الفرق الجغرافي بين شنكال او ولاطى شيخ ، إلا أن تلك الحوادث وقعت خلال أشهر متقاربة و هذا ما يجعلنا نقلق أكثر من ذي قبل .. و الأكيد أن الأمر و الموضوع كان واحداً ، ألا و هو أن فتيات أيزديات خرجن من بيوتهن دون عودة .. و دون معرفة وجهتهن ، و دون أن يقوم أحدٌ ما بتسجيل دعوى قضائية في مراكز الشرطة أو المحاكم المختصة حول اختفائهن .. مع أن الأكيد أنهن لم يخطفن من اجل القتل ( أظن الأمر مفهوم هنا ) .
لو كانت هناك قاعدة أساسية نستند إليها أو قانون نسير عليه ( نَطلُب ، و نُطالَب وفقه ) ، لَكُنا عرفنا أين هُنَّ تلك الفتيات ، و كنا نعرف كيفية خروجهن من البيت و الأسباب التي أدت بهن الى هذا العمل ، مع ان الجميع يعرف ما حصل بشأن تلك الفتيات .. و هنا يجب الاشارة ان عملية الخطف يُعاقب عليها القانون أينما كان ، حتى لو خطف أيزدي فتاة أيزدية من طبقته و عشيرته و لونه ، و صادف إن تم تسجيل دعوة في المحكمة بحدوث حالة خطف لفتاة .. سَيتم إلقاء القبض على الشاب و التحقيق معه و اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه .. فَكيف بالله عليكم تحدث حالات خطف دون أن يتم تسجيل دعوى او حتى الاشارة إليها .. مَنْ يدري ، قد تكون الفتاة التي خرجت من بيتها متورطة او تحت تأثير شيء معين لم تستطع إيجاد حل آخر غير الهروب من البيت بذلك الشكل ، أو أنها خُدِعَتْ من قِبل زمرة او جماعة معينة جعلتها تعمل أمراً دون وعي بحجم فعلتها لاسيما وأن البعض من الفتيات مراهقات في العمر و لا يعرفن الأسود من الأبيض ؟ و قد يظهر من خلال تسجيل الدعوى قضائيا براءتها اجتماعياً من خلال طريقة خروجها من البيت و لجوئها الى مجتمع بعيد كل البُعد عن الديانة الأيزدية ، و قد يظهر أيضا من خلال التحقيقات جملة أمور أخطر مما نتوقعها نحن ، يقف ورائها تنظيمات او مخططات أخطر .
لكن كل هذا لن يتم ما دمنا غير منظمون .. و ما دام ليس لنا قانون يحمي لنا حقوقنا المدنية و الاجتماعية .. و ما دمنا نقول سَنفعل هذا العمل ، و سَنقوم بذاك ، و لن يتكرر ما حدث .. انما نحن جالسون و كلٌّ منا يتهم الآخر لعدم تنفيذ ما وعدنا به جميعا عندما كنا مجتمعين و قررنا ما سنفعله قانونياً ، و المتفرّقون أكثر عرضة للتورط في المشاكل و يصادفون ما لا يحبذون .. و ما حالات الانتحار تلك و التي باتت منتشرة في مجتمعنا و بالذات في الوسط النسائي إلا من نتائج التسيب الاجتماعي غير المنظم وفق أسس سليمة والمقيدة بالقوانين و السنن المدنية .
الأمر في غاية الصعوبة ، و كذلك سهلٌ جداً .. ألا و هو أن يقوم فرد ما منّا أو مجموعة ما من هذا المجتمع المغلوب على أمره ، فَيأخذ الأمور على عاتقه كي تتفاعل المشاريع النائمة و يصبح لنا سندٌ قانونيّ نتعامل به بعقلانية و حَقٌّ مكفول مع ذاتنا و مع الأطراف المحيطة بنا وكذلك البعيدة عنا عندما يتطلب الأمر و خاصة في الحوادث الاجتماعية و التي أصبحت تؤرقنا و تخيفنا .
و لأن أية خطوة في أي مجتمع تتطلب تضحية فكرية او عمل شجاع يقوم به أناس يأخذون القضية على عاتقهم من أجل تنفيذ تلك الخطوة لما فيها خير الجميع .. لذا ، و من هنا أوجه تحيتي للسيد حازم تحسين بك / ابن الأمير و البرلماني في إقليم كوردستان و أطلب منه أن يبادر لدعوة المعنيين بالشأن الى تفعيل قانون الأحوال الشخصية للأيزديين ( أنا مجرّد مواطن أيزدي و اعرف أن الخطوة تتطلب حراك من جانب ما ) ، و أتمنى أن يقوم السيد ابن الأمير بدور فعال لأن لكل عصر اسلوبه ، و هذا العصر لن يستطيع الأمير تحسين التعامل معه و مع مشاكله الاجتماعية بالشكل السليم ، بل ستتراكم فوق بعضها لأن منطق هذا الجيل مختلف تماماً مع كل التقدير و الاحترام للأمير تحسين بك .
ليتم دعوة هؤلاء الذين كتبوا ديباجة المشروع المدني للأيزديين ، و كذلك دعوة ممَّن لهم ارتباط بالموضوع مع مراعاة عدم تأجيله الى آجل غير مسمى كما يجري دائما ، و إن حدث و لم يتفق الجميع على النقاط المطروحة .. المهم ، نريد تنفيذ المشروع ، لأن أمر عدم التفاهم او الاتفاق المطلق شيء عادي جدا و نحن نعيش في بقعة صغيرة جدا من محيط جغرافية الشرق الأوسط الكبير .. و لكن غير العادي و المؤلم هو أن نبقى من غير دستور مدني و نحن نتحدث للعالم و نناقشهم أننا ديانة سماوية و لنا تشريعاتنا و قوانيننا الدينية و المدنية .
لقد تعبنا يا سيادة الأخ حازم تحسين بك من الاجتماعات المألوفة بالشأن الأيزدي ، و قرارات المهر الغالي و المهر المحدد و المهر ما بين و بين ، و من إيجار الطاووس و عدم إيجاره ، و التي نهلهل لها كلما جلسنا بشأنها و نقيم الأفراح و الدبكات كلما صدرنا أمرا جديداً عنها أو نتفرق و ننضم الى تلك الكتلة الحزبية و التي تغيض رفيقنا الذي عارضنا في نقطة معينة عندما كنا مجتمعين من اجل مسألة المهر او ما شابه .
مسألة المهور العالية او عكسها و إيجار الطاووس من عدمه ، أمور نسبية و بسيطة قياسا الى ما سَنتعرض إليه اجتماعياً و دينياً ، الآن ببطء و في المستقبل انفلات شديد لن يستطيع أحد السيطرة عليه .
لذلك أعود و أقول يا سيادة ابن أميرنا الغالي .. الفرصة مؤاتية لشخصكم كما للآخرين أيضا من مؤسسات ثقافية و شخصيات أيزدية لها الدور الفعال بتفعيل ما يتطلبه مجتمعنا من ضرورات قانونية في مجال الحق المدني و الاجتماعي ، فالناس يُخلَّدون بمواقفهم و أعمالهم المميزة .
دعنا نراك تضع الحجر الأساس لجيلٍ جديد في مجتمعنا وفق الحماية القانونية في كوردستان العراق و المركز و تلك الدول التي يقطنها الأيزديين خارج العراق ، و قل للذين يقولون أن المجلس الروحاني و الهرم الأيزدي ليس لديه ما يبحثه غير مسألة مزار لالش و المهور .. و اثبت لنا جميعاً أن المجتمع الأيزدي قادر على إثبات نفسه ، و أنا على يقين أنك سَتجد الكثيرين ممَّن سيتفاعلون معك و يقومون على إحياء مشروع قانون الأحوال الشخصية للأيزديين و تثبيته في المحاكم الكوردستانية و الحكومة المركزية .. و بذلك سَتضمن لمُلَّتك الأيزدية حَقٌ شرعيّ في التعامل مع ذاته و مع الآخرين ، و سَيكون اسمك مع الذين سَيقومون معك في هذا الدرب الإنساني خالداً في سجل التاريخ الأيزدي .
و أنا على يقينٍ تام أن لا أحد سَيعاتبكم أو يتذمر لما قد تتحركون به من أجل مجتمعنا سواءَ الجهات الحزبية أو الحكومية .. لا بل سَيبارككم الجميع ، إنما أن نضع أيدينا على خدودنا و نقول ليتها القيادة الكوردستانية تضع لنا قانوناً مدنياً تكفلُ به حقوقنا ، فأنه لن يكون لأنه و ببساطة الأمر فينا و متعلق بنا .
كما أوجه تحياتي لكافة المؤسسات الثقافية و المعنية بالشأن الأيزدي على أن يقوموا بدورهم ( ليس بالشعارات ) في إثارة هذا المطلب و تفعيله ، و كُلّي ثقة بأن المطلب سَيتحقق لو وجدت الإرادة الكافية و النيات الطيبة ، و ذلك من إيماني لما للأيزديين من تصميم على انجاز ما يريدون فعله لو أرادوا ، و الشواهد كثيرة عبر التاريخ القديم و في هذه الفترة السياسية أيضا .
أخيراً ، أنهي موضوعي كما بدأت : على قدر أهلِ العَزمِ تأتي العزائمُ .. و تأتي على قدر الكرامِ المكارمَ .
29 / 5 / 2010
#مصطو_الياس_الدنايي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟