أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الصياد - دلالات تَسَوُّل بيل كلينتون عبر الإنترنت















المزيد.....

دلالات تَسَوُّل بيل كلينتون عبر الإنترنت


محمد الصياد

الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 23:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة مظاهر وتجسدات شيئية وقيميّة تميز الرأسمالية الأمريكية الفظة،‮ ‬ونظامها السياسي،‮ ‬وجهازها البيروقراطي‮ ‬المعقد،‮ ‬عن الرأسماليات الناضجة في‮ ‬الغرب الأوروبي،‮ ‬من ذلك مثلاً‮ ‬ما خرج به قبل أيام الرئيس الأمريكي‮ ‬الأسبق بيل كلينتون على مواطنيه الأمريكيين،‮ ‬من دعوة عاطفية استجدائية،‮ ‬لمساعدة زوجته وزيرة الخارجية هيلاري‮ ‬كلينتون على سداد ديونها الناجمة عن خوضها معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية،‮ ‬والتي‮ ‬خسرتها لصالح الرئيس الحالي‮ ‬باراك أوباما‮.‬
في‮ ‬التفاصيل فإن الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق بيل كلينتون وجه رسالة إلكترونية إلى مناصري‮ ‬زوجته وزيرة الخارجية هيلاري‮ ‬كلينتون‮ ‬يدعوهم فيها للتبرع،‮ ‬لمساعدتها في‮ ‬تسديد ديون حملتها الانتخابية الرئاسية الفاشلة عام‮ ‬‭,‬2008‮ ‬وهي‮ ‬ديون تبقى منها،‮ ‬بحسب صحيفة وول ستريت جورنال‮ ‬في‮ ‬أبريل الماضي‮ ‬771‮ ‬ألف دولار تدين بها لشركة‮ ‬بين شوين وبرلاند‮ ‬الاستشارية التي‮ ‬قدمت المشورة لهيلاري‮ ‬كلينتون،‮ ‬وهي‮ ‬شركة‮ ‬يملكها مدير حملتها السابق مارك بين‮.‬
ولكي‮ ‬يحفز بيل كلينتون أنصار حملتها الانتخابية السابقين على دعم حملة التبرعات هذه،‮ ‬فإنه عرض عليهم أن‮ ‬يسافر المتبرعون‮ (‬لاحظ على حسابهم الخاص‮) ‬إلى نيويورك لقضاء اليوم معه،‮ ‬إذا تبرعوا بخمسة دولارات أو أكثر من‮ ‬11‮-‬18‮ ‬مايو‮ ‬‭.‬2010‮ ‬وهذه ثاني‮ ‬مرة‮ ‬يتقدم فيها بيل كلينتون لطلب المساعدة المالية لزوجته،‮ ‬لتسديد ديونها الناتجة عن ترشحها لانتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة‮.‬
ولكي‮ ‬يكتمل مشهد‮ ‬اللؤم‮ ‬الاستجدائي،‮ ‬فإن الموقع الإلكتروني‮ ‬للوزيرة هيلاري‮ ‬كلينتون،‮ ‬دعا الأفراد للتبرع بمبلغ‮ ‬أقصاه‮ ‬2300‮ ‬دولار،‮ ‬وذلك لتفادي‮ ‬دفع الضرائب في‮ ‬حال زاد المبلغ‮ ‬عن الرقم المذكور‮.‬
وكانت ديون السيدة كلينتون المترتبة على إدارة حملتها الانتخابية قد بلغت‮ ‬2‭,‬25‮ ‬مليون دولار،‮ ‬تم دفع الجزء الأعظم منها في‮ ‬حملة جمع التبرعات الأولى التي‮ ‬نظمها الزوجان،‮ ‬ولذا فقد كان سؤال الرسالة الإلكترونية التي‮ ‬وجهها الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق للمتبرعين هو‮ ‬إن حملة هيلاري‮ ‬مازالت عليها ديون متبقية،‮ ‬أعرف أنها تود أن تراها مسددة بالكامل،‮ ‬فهل تتقدم اليوم لمساعدة هيلاري‮ ‬مرة أخرى هي‮ ‬الأخيرة‮ ‬؟‮. ‬
ولك أن تعلم عزيزي‮ ‬القارئ أن السيدة كلينتون نفسها قد أقرضت من مالها الخاص حملتها الانتخابية‮ ‬13‮ ‬مليون دولار استردتها بالكامل‮.‬
والأدهى من ذلك أن الزوجين كلينتون كانا قد كسبا‮ ‬109‮ ‬ملايين دولار منذ أن‮ ‬غادرا البيت الأبيض عام‮ ‬2007‮ ‬من إلقاء المحاضرات والخطابات،‮ ‬ونشر المذكرات،‮ ‬والتي‮ ‬تصدرت قائمة أكثر الكتب مبيعاً‮.‬
ونسجا على منوال الموروث الرأسمالي‮ ‬الأمريكي،‮ ‬الذي‮ ‬أحالته الممارسة التراكمية عبر السنين إلى تقاليد،‮ ‬تشكل جزءاً‮ ‬لا‮ ‬يتجزأ من الثقافة السياسية الأمريكية السائدة،‮ ‬فلقد اعتمدت السيدة كلينتون اعتماداً‮ ‬تاماً‮ ‬على الأثرياء من المتبرعين الذين دفع‮ ‬غالبيتهم أقصى ما‮ ‬يسمح به القانون من المال‮.‬
ولذا،‮ ‬وكما نقول نحن في‮ ‬الخليج بلهجتنا الدارجة‮ ‬صار ما لهم عين‮ ‬يفتحوا وجوههم‮ ‬على هؤلاء مرة ثانية،‮ ‬فكان لابد وأن‮ ‬يوجها حملة تسولهما نحو عامة الناس،‮ ‬الذين لولاهم ولولا أصواتهم لما استطاع المال السياسي‮ ‬أن‮ ‬يرفع من‮ ‬يشاء ويذل من‮ ‬يشاء من الساسة الأمريكيين،‮ ‬ومن أولئك الطامحين الجدد لتسلق قمم المجد والشهرة والنعيم والعيش الرغيد‮.‬
ماذا‮ ‬يعني‮ ‬هذا وما هي‮ ‬دلالاته؟
إنه‮ ‬يعني‮ ‬ببساطة أن السياسة الملعونة،‮ ‬وخصوصاً‮ ‬باعتبارها أحد مكونات الثقافة الأمريكية البنيوية الفوقية السائدة،‮ ‬تفترض إباحة كل شيء‮.. ‬ودلالات ذلك عديدة لعل أبرزها‮:‬
‮(‬1‮)‬التكسُّب والتسول السياسي‮ ‬ممارسة أمريكية اعتيادية،‮ ‬يمارسهما كبار الساسة وصغارهم على حد سواء‮. ‬فعندما‮ ‬يتحول‮ ‬مذهب‮ ‬إذا لم تستحِ‮ ‬فافعل ما شئت‮ ‬إلى مكوِّن عضوي‮ ‬في‮ ‬أنساق قيم و‮ ‬مناقبيات‮ ‬الوسط السياسي‮ ‬الأمريكي،‮ ‬التي‮ ‬تغذيها لوبيات المصالح النافذة وتمويلاتها المشرعنة والأخرى‮ ‬غير المشروعة للسياسيين وحملاتهم الانتخابية،‮ ‬ناهيك عن استخدامها الواسع للمال السياسي‮ ‬للتأثير على قرارات وتشريعات الكونجرس المتصلة بمصالحها،‮ ‬بصورة مباشرة أو‮ ‬غير مباشرة‮ ‬‭-‬‮ ‬فإن ذلك‮ ‬يؤذن بتفسخ الأساس الأخلاقي‮ ‬للرأسمال الاجتماعي‮ ‬الذي‮ ‬يشكل الحاضنة الأساس للنظام ككل‮.‬
‮(‬2‮) ‬رغم الخاصية الفريدة،‮ ‬الغريزية‮ ‬إن شئتم،‮ ‬التي‮ ‬يتمتع بها النظام الرأسمالي‮ ‬مقارنة بالأنظمة الاقتصادية والاجتماعية التي‮ ‬سبقته،‮ ‬والأخرى المنافسة له،‮ ‬من حيث قدرتها على تجديد نفسها باستمرار لمقاومة سنن شيخوختها وتهالكها،‮ ‬وذلك بفضل ديمقراطيتها المؤسسة على سيادة حكم القانون‮ ‬‭-‬‮ ‬رغم ذلك إلا أن مثل هذه وغيرها من التكهنات التي‮ ‬نالت كثيراً‮ ‬من بنية الديمقراطية الأمريكية العريقة،‮ ‬تشير بأنها قد أدت‮ ‬غرضها واستنفدت خزينها القيمي‮ ‬والتنظيمي،‮ ‬وذلك نتيجة للتداعيات والآثار التي‮ ‬أفرزتها الأطوار الفوضوية التي‮ ‬اجتازتها الرأسمالية الأمريكية،‮ ‬واندفاعها المحموم من طور الرأسمالية المغامرة إلى طور الرأسمالية المقامرة‮ ‬‭(‬GAMBLING CAPITALISM‭).‬‮ ‬وهما طوران تَطَوُّريان،‮ ‬ينطويان بالضرورة على إحداث ندوب‮ ‬غائرة في‮ ‬البعد الأخلاقي‮ ‬للديمقراطية الأمريكية،‮ ‬وأن تحيل هذه رويداً‮ ‬رويداً‮ ‬إلى ديمقراطية نخبوية‮ ‬يتحكم فيها كبار الأثرياء،‮ ‬ويسيطر على سلطتها التشريعية نواب وشيوخ من نفس الطبقة‮.‬
ومن المؤكد أن الوسط السياسي‮ ‬الأمريكي‮ ‬قد أصبح مدركاً‮ ‬لهذه التداعيات ومخاطرها على مستقبل الديمقراطية الأمريكية،‮ ‬وهو لذلك‮ ‬يحاول جاهداً‮ ‬العمل على تجديدها وإعادة بث الروح في‮ ‬أطرها التنظيمية وأنساقها القيمية،‮ ‬ولعل الإصلاحات التي‮ ‬يقوم الآن الرئيس باراك أوباما بتنفيذها والتي‮ ‬شملت بصورة رئيسة حتى الآن نظام الرعاية الصحية،‮ ‬بجعله أكثر شعبية‮ ‬وشمولية‮ ‬،‮ ‬والنظام المالي‮ ‬والمصرفي‮ ‬بوضع ضوابط صارمة على أعمال المقامرة بالأموال التي‮ ‬تميز ممارسات‮ ‬وول ستريت‮ ‬،‮ ‬والتي‮ ‬تسببت في‮ ‬العديد من الأزمات الهيكلية للاقتصاد الأمريكي،‮ ‬آخرها وأخطرها الأزمة المالية الأخيرة‮ ‬‭-‬‮ ‬لعل هذه الإصلاحات تصب في‮ ‬هذا الاتجاه.



#محمد_الصياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا تكفيرية أيضاً
- الشبه بين الاتحاد السوفييتي‮ ‬السابق والولايات ا ...
- بعد عقد من اندلاعها‮.. ‬حرب التصفيات بين أمريكا ...
- وما الجديد؟‮!.. ‬مصالح رأس المال أولاً‮ &# ...
- جو‮ ..‬تشيني
- ‮»‬رأس المال‮« ‬لا‮ ‬يوا ...
- اكتشاف عظيم‮: ‬فقراء العالم‮ ‬4̷ ...
- ملابسات محبِطة في‮ ‬كارثة العبّارة‮ »̷ ...
- حول علاقة الدين بالدولة الأمريكية الحديثة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الصياد - دلالات تَسَوُّل بيل كلينتون عبر الإنترنت