أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - يوميات قبطي، واحد م البلد دي














المزيد.....

يوميات قبطي، واحد م البلد دي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 14:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل عامين، كتب الصديق النبيل مجدي الجلاد مقالا محترمًا عنوانه: "هل أنت مصريّ أم قبطيّ؟"، يطرحُ خلاله فكرةَ المواطَنة بعيدًا عن العقيدة، وكراهته عبارة "الوحدة الوطنية"، لأنها تعني، ضِمنًا، إمكانية وجود "شِقاق" يستوجب علاجه "بالوحدة". وأذكرُ قبل حوالي ثلاث سنوات، حينما كلفني بكتابة عمود أسبوعيّ للـ"المصري اليوم"، أن أخبرني بأن الجريدةَ لا تحبُّ مقاربة هذا الملف، لأنه ملفٌ مُفتعلٌ لا يجبُ تكريسه، فمصرُ للمصريين، أيًّا كانت عقائدهم. هذا التوجهُ المحترم يتحتم أن يُدعَّم عمليًّا وإعلاميًّا وتعليميًّا. وهو ما يحاول د. أحمد زكي بدر إرساءه الآن في مناهج التعليم المصري البائدة، فيلقى ما يلقى من ظلاميين يقفون مثل طابور خامس هادم ما تبقى من مصر الجميلة. الدينُ لله والوطنُ للجميع، هتف أجدادُنا مع مشارف القرن الماضي. ولكن فكرًا دخيلا، لا يشبهُنا ولا نشبهه، يحاول الآن ربطَ المواطنة بالعقيدة! وهو أمرٌ أقلُّ ما يُقال عنه أنه مضحك، وأخطرُ ما يُوسَم به أنه مدمِّر استقرار هذا البلد الأمين، وناخرٌ في بنية جماله وعراقته، تلك التي صنعها أجدادٌ قدامى، عاشوا هنا قبل سبعة آلاف عام، وكانوا من الثقافة والتحضّر بحيث كتبوا السطر الأول في كتاب التاريخ.
مناسبة هذه المقدمة هي أنني أتوفرُ هذه الأيام على كتابة تصدير (الطبعة ال 18) من كتاب وشيك الصدور، عنوانُه هو عنوانُ المقال. المِزحةُ بين القوسين، هي إحدى طرائف هذا الكتاب الممتع، الذي تحمستُ لتصديره لانتمائه إلى جنس الأدب الساخر في مستواه الرفيع الراقي. كونه الأدبَ الذي يطرح المشكلةَ، اجتماعيةً كانت أو سياسية، على نحو مبهج، يخلو من المعاظلة والتقعّر وكذلك من الإسفاف اللفظيّ والاستخفاف، ولكن لا يخلو من العمق المتأمِل المُلهِم. يرسم البسمةَ على وجوهنا، لكنْ يحثُّنا على تبصُّر المحنة بعيون مفتوحة على الوجع، بعد نزع خيط المرارة منه.
مؤلف الكتاب شابٌّ مصريّ (1974) اسمه فيليب فكري، صحفيّ بالكواكب وفنان كاريكاتور، ومسيحي، (بس طيب).
ومفردة "القبطيُّ"، بمعناها المعجميّ، تعني "مصريّ". فكلمة Egypt، "مصر"، مشتقة لغويًّا من مفردة Coptic، "قبطيّ"، ولكن في معناها الاصطلاحي الدارج في الثقافة المصرية الراهنة تعني "مسيحيّ".
يقول المؤلف في مقدمته: "أنا مواطن مصري، تم تصنيفي في حزب القَبَط،. حزبٌ لم أنتمِ إليه، بل صُنِّفتُ ضمنَه، فأدركتُ منذ نعومة أظافري أننى مختلفٌ، فأنا قبطي! أحيانًا أشعر بالتميز، نتيجة اختلافي، وأحيانًا بالنبذ، وأخرى بالوحدة، ولكنني لست كبقية سكان العمارة التي أقطنها، ولا كنتُ كبقية زملاء المدرسة، سوى حفنة قليلة من ’المختلفين‘ أمثالي. وأتذكر في طفولتي الابتدائية صديقي المسلم حين علم أنني مسيحيّ، جاء إليَّ وربت على كتفي بحنوٍّ.. وجهه يملؤه الحزن كأنه يواسيني! ورأيتُ المشهدَ نفسَه في فيلم ربت فيه محمد فؤاد على كتف عماد رشاد قائلاً: ’أنت مسيحي‘، ووجهه يملؤه العطف، وتعبير عماد وكأنه انكشفَ سرُّه!"
على نحو مرحٍ خالٍ من المرارة، يحكي المؤلف، ذكرياته، مع "اختلافه"، واسمه "المكشوف"، على حد تعبيره، منذ كان طفلاً، ثم صبيًّا، ثم شابًّا جامعيًّا، ثم رجلا ناضجًا، إلى أن ينتهي بمشهد فانتازي يتخيلُ فيه نفسَه أحدَ شهداء مطرانية نجع حمادي، مع حسن ربيع، الجندي المكلَّف بتأمين دار العبادة في عيد الميلاد المجيد، وقد لقي مصرعه مع مَن لقوا، وكيف جمّعتهم السماءُ حين حاول أن يفرّق بينهم بشرٌ، غِلاظُ القلب.
حكى المؤلفُ عن عجائب حصص الدين بالمدرسة، وعن زميله المسلم الذي "شَرِق" فأسرع إليه بزمزمية المياه، فرفض صارخًا: لا أشرب مكان مسيحيين، وكمان بابا وماما قالولى ماتلعبش مع مسيحيين! يحكي عن فوزه في مسابقة الرسم في الصف الرابع الابتدائي (سيراهن عليه الفنان الكبير مصطفى حسين ويتبناه فنيًّا حتى يكبر ويغدو جرافيكاتيير مميزًا)، ثم تُسحب منه الجائزة! إذ كيف يفوز مسيحيٌّ في مسابقة عنوانها "القدس العربيّ"؟ وحكي عن قصة حب لم تكتمل؛ زعم لحبيبته أنه مسلم، لأنها مسلمة، ثم اكتشف أنها مسيحية تزعم أنها مسلمة، حين ظنّت أنه مسلم! يحكي عن خيبات كثيرة تسبب فيها اسمه الصريح "فيليب"، في مجتمع لم يعد يحترم الاختلاف، وحرية الاعتقاد، ولم يعد على رقيّه في سابق عهده قبل قرن حين عاش صديقان: نجيب الريحاني وبديع خيري، عمرًا كاملا دون أن يفكر أحدُهما في أن يسأل عن عقيدة صاحبه، إلا لحظة الوفاة، أثناء طقوس الجناز.
اقرأوا هذا الكتاب الشيّق الشائك، فهو كتاب "المسكوتُ عنه". الكتاب الذي أحدُ أسرار جماله أن غلافه إهداءٌ من فنان مصر الكبير مصطفى حسين. أعدكم بجرعة وجدانية عالية ومراجعة للنفس، نحتاج جميعًا إليها. كم مرّة سأل أحدُكم أحدَ المارة عن عنوان ما، فأجابه: "امشي على طول، حتلاقي ’لا مؤاخذة‘ كنيسة...!" كم مرّة قال لك صديقك: زميلي في العمل مسيحي بس طيب!" أو: الطبيب بتاعي مسيحي بس شاطر جدًّا!" إلى آخر تلك العبارات الركيكة التي يجب أن تختفي من معاجمنا ومن قلوبنا، لأنها لا تليقُ بنا ولا نليقُ بها.
اقرأوا الكتابَ قريبًا، وأعدكم بألا تتوقفوا عن الضحك، فمؤلفه يمتلك خِفّةَ ظِلٍّ لا مثيل لها، وأعدكم أيضًا بألا تتوقفوا عن التفكير الجِّديّ في تصحيح أوضاع لا تناسبُ شعبًا راقيًا ينتمي لبلد محترم عريق. هي دعوةٌ مُحبَّة لأن نفتحَ قلوبنا ونتأملَ ما نقولُ ونفعلُ يوميًّا، ربما دون قصد، ما يؤذي مشاعرَ مواطنين وشركاء مصير في بلد جميل اسمه: مصر. المصري اليوم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مندور، ابنُ الزمن الجميل
- كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب
- فاروق الباز، أيها المصريّ
- أن ترسمَ كطفل
- سعد رومان ميخائيل يرصّع اللوحات العالمية على جداريات دار الأ ...
- هزْلُهم... فنٌّ
- أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية
- أن تصطادَ عصفورًا من النيل، فأنتَ إذن إبراهيم أصلان
- عاطف أحمد، فنانٌ من بلادنا
- الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
- قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
- كهاتين في الجنّة
- الشِّعرُ في طرقات قرطبة
- فاطمة ناعوت والسعي وراء تأنيث العالم
- لهو الأبالسة، وفنُّ القراءة
- هكذا الحُسْنُ قد أمَر!
- ساعةُ الحائط
- سهير المصادفة
- ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)
- الجنوب كمان وكمان (3)


المزيد.....




- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - يوميات قبطي، واحد م البلد دي