أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - الهروب إلى الليبرالية















المزيد.....

الهروب إلى الليبرالية


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 10:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ها هو الدور قد جاء على "الليبرالية"، لكي يحدث معها نفس ما سبق وأن حدث مع رفيقتها "الديموقراطية".
كانت البداية رفض وتكفير للديموقراطية والديموقراطيين، بإعتبارها منتجًا مستوردًا من الغرب الكافر، ويهدف إلى هدم الدين وتضليل المؤمنين... هذا ما قالوه في البداية عن الديموقراطية (ومازالت القلة تقوله)، بإعتبارها تحرض على ترك هدي شرع الله، والضلال وراء إتباع رأي البشر.

وعندما شاع واستقر مفهوم الديموقراطية في العالم أجمع، بحيث صار من العبث الطعن فيه أو مناهضته، اكتشفوا في الديموقراطية ما كان خافيًا عنهم، وهو أنهم يستطيعون عن طريقها الوصول لسدة الحكم، ليكون ذلك آخر العهد بالديموقراطية، ليبدأ الحكم بالسيف، والسوط، والرجم بالأحجار.
بل هناك أيضاً من يتمادى في التنطع، فيخبرنا بأن الديموقراطية ذاتها هي التي تفرض علينا تكميم الأفواه وإطفاء الأنوار، مادام هذا هو رأي الأغلبية.
بدأت لعبة الهروب إلى الشاطئ المقابل من قبل المعسكر الإشتراكي الشمولي، فوجدنا أغلب دوله تلحق بأسمائها كلمة الديموقراطية، في حين لم نجد الدول الديموقراطية بالفعل تستخدم الكلمة، حتى صارت التسمية بالديموقراطية تعني للناس على الفور عكس المعنى، فمفتقد القيمة ينتحلها ويدعيها لنفسه، كما يحرص اللص أن يحدثك عن أمانته!!. .

ومع اكتشاف جماعات الإسلام السياسي لمزايا الديموقراطية، صاروا يصرخون منادين بها، جنبًا إلى جنب مع شعاراتهم الأحادية والمهيمنة، والمخرسة لكل صوت، إلا صوت الذين نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الإله. .
إنهم يطلقون هذه السحابة من الدخان الوردي، لتعمى بها العيون، وعلى المتضرر أو من لا يقبل بهذا الخداع، أن يثبت العكس، وأن يبح صوته مثلما نفعل، في فضح ما يحدث للجماهير وللصفوة من خداع، يتيح لهؤلاء الإنضمام للمنادين بالديموقراطية، ومنحهم شرعية شعبية ووطنية، في مواجهة الدولة التي تحاصرهم بالقدر الذي تستطيعه!!

الآن جاء الدور على الليبرالية، التي كانت تحرّض حسب خطابهم على الإنحلال والفسوق، فتفكيرهم المتمحور حول جسد المرأة، لا يستطيع أن يفهم من الحرية إلا جانبها الجنسي، هذا الجانب الذي يحتل مكانة أولى في خطابهم المهيمن، والذي يقر، بطلاء شفاف من الشرعية المدعاة، ما يستنكره ويندد به هؤلاء في الظاهر، بل ويستهجنه ويرفضه رفضًا قاطعًا أصحاب الليبرالية المفترى عليهم!!. .

الليبرالية الآن، وبعد إنهيار النظم الشمولية وأيديولوجياتها المعادية لحرية الفرد، والتي كانت تحاول سجن الإنسان داخل قوالبها، ليستحيل إلى مجرد ترس في آلة، ليكون فقط من واجبه أن يكدح، ومن حقه أن يأكل ويتناسل، دون أن يُسمح له بالتفكير أو حتى بالحلم بحياة تختلف عن تلك التي يحشرونه فيها كما لو زنزانة... بعد إنهيار كل الجدران التي كانت تحاول إعتقال الإنسان باسم الحقيقة المطلقة التي توصل إليها عباقرة الشمولية،.
سادت الليبرالية العالم والشعوب الحية، ليحقق كل فرد فيها ذاته، لتتحقق بالتالي ذوات الجميع، فينهض المجموع بنهضة الفرد، بعكس ما كان من محاولة قهر الفرد بحجة تحقيق صالح المجموع.

هكذا بدأنا نرى اليساريين يلحقون بتوصيفهم كلمة ليبرالية، سواء جاء انتحال الوصف معبرًا عن تحول حقيقي في الفكر، ينحو لفهم المبادئ الإشتراكية على أسس جديدة ليبرالية، أو جاء إنتحال كلمة الليبرالية كمحاولة مخادعة لتجميل وجه متجمد وقبيح!!
لكن الطريف أن يدخل لعبة انتحال الليبرالية، أشد تيارت الإسلام السياسي تطرفًا، يفعلون هذا ليس فقط لمجرد التجمل، بل يستخدمونها كحجة في مناطحة الشعوب والحكومات الليبرالية، إذا ما بدأت تتخذ إجراءات تحافظ بها على حضارتها ومناخها الليبرالي. .

صارت الحجة التي يدافعون بها عن إرتداء النقاب في أوروبا هي الإيمان بالليبرالية. . الأمر عجيب وطريف إلى حد يجعلنا نتوقع لهؤلاء إذا ما تمادوا في تقهقرهم في الزمن والحضارة حتى يصلوا إلى العصر الجاهلي، أن يطالبوا بحقهم في وأد البنات بموجب الليبرالية!!
الأمر هكذا يمكن أن ينظر له من وجهين، الوجه الأول يدعو للاستبشار بالحاضر والمستقبل، فبعد أن كانت الليبرالية وصمة يخشى الفرد أن تلحق به، صارت الآن ملاذًا يهرع إليه حتى أشد أعداء الحرية. . يعني هذا بالتأكيد أن الليبرالية تنتصر على كل أيديولوجيات القهر والهيمنة، وأن حق الإنسان الفرد أن يكون ذاته قد صار بديهية مقدسة لا يجرؤ أحد على منازعته فيها.

لكن من الوجه الآخر فإن سوء الإستخدام للمفاهيم، وتحميلها بما هو مضاد لمضمونها الحقيقي، هذا يمثل خطرًا وعائقًا للشعوب حديثة العهد بذلك المصطلح... فلقد تم تشويه مفهوم الليبرالية بداية، بوصمه بالدعوة للفسق والفجور، لنعود وننقلب على أعقابنا، لنستخدمه لتبرير تكفين النساء، وترويج دعوات العداء والإستبعاد للآخر، بدعوى حرية الإلتزام بالعقيدة. . مثل هذه الألاعيب تجعل إنسان هذه المنطقة كمن يترنح ويدور حول نفسه عدة دورات، قبل أن يسقط نهائيًا طريح مستنقعات التخلف!!

ومرحليًا هناك أيضًا مشكلة غير هينة، وهي إلتباس مفهوم الليبرالية عند الشعوب الأوروبية مبدعة الليبرالية ذاتها، ذلك الإلتباس الذي يعوقها حتى الآن عن اتخاذ موقف حاسم من أولئك الذي ذهبوا إلى أوروبا ليدمروا الحضارة على رؤوس أصحابها. .

لا نتوقع بالطبع أن يبقى هذا الإلتباس طويلاً، فالظلاميون أنفسهم بتماديهم في غيهم، سوف يدفعون الشعوب الحرة للإستيقاظ، وإلى "إدراك الحمرة من الجمرة". . إدراك الفرق بين ممارسة الحرية لتحرير الإنسان، وبين استخدامها لقهره وإسدال ستارة سوداء على الحياة والحضارة.

الآن لنا أن ننتظر أن يأتي الدور على المفهوم الثالث، والذي يمر الآن بطور المحاربة من قبل محترفو خلط الأوراق، وخداع البسطاء. . ذلك هو مفهوم "العلمانية"، الذي يصور للناس الآن على أنه مرادف للكفر بالله وبالأديان، تمامًا على ذات النهج الذي سبق استخدامه مع مفهومي الديموقراطية والليبرالية، مع فارق طفيف فيما ينسبونه من تهم زائفة في كل مرة ولكل مصطلح. .
الدور الآن على "العلمانية" لتسود، وليقتنع الجميع بأنها الطريق لوضع الأمور في نصابها، لكي "نعطي ما لقيصر لقيصر، وما لله لله".



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة حوض النيل- محاولة للفهم
- حكاية البحث العلمي
- خربشات طفولية-3
- الرهبنة المصرية من منظور علماني
- زعماء على أعتاب الإخوان
- الإخوان وتخدير الذبائح
- من حاكم مصر الحقيقي؟
- رؤية علمانية لقوانين الزواج
- النهر الخالد ولعنة الأشاوس
- بين الخلطة والخلطبيطة
- حكاية -عبد المعين-
- البرادعي والجماهير سابقة التجهيز
- دائرة الإيمان وما حولها
- ماذا تريد جريدة المصري اليوم؟
- مفهوم المواطنة على المحك
- خربشات طفولية- 2
- الديموقراطية منهج حياة
- كن ليبرالياً ودعني أقتلك
- العنف المقدس وإرهابي طائرة الرئيس
- بيان للتوقيع من علمانيين مصريين


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - الهروب إلى الليبرالية