|
في طريق وحدة اليسار في فلسطين
بكر عبدالحق
الحوار المتمدن-العدد: 3017 - 2010 / 5 / 28 - 12:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تعد الاحزاب ذات التاريخ اليساري عنوان يجذب الاشخاص ذوي التوجهات اليسارية. اعني بالاحزاب ذات التاريخ اليساري اي الاحزاب التي كانت تحمل برامج يسارية تقدمية لم تستطع ان تجددها لتواكب العصر وتتحدى قوى الظلام والرجعية ومن ثم تراجعت. ثم ذابت في المؤسسات التي خلقتها لتكون رافد جماهيري لها واذرع عمل داخل المجتمع. فاصبحت المؤسسات والرواتب هي الجاذب الوحيد للشباب العاطلين عن العمل القادرين على الكلام دون الرغبة في فعل اي شيء لتغيير المجتمع. التاريخ اليساري للاحزاب لا يعطيها صفة اليساري، فاليسار يصبح محافظ اذا لم يجدد برنامجه بشكل دائم، فاليسار تغيير. الشعارات التي كانت تعتبر تقدمية يسارية في الخمسينات لم تعد كذلك الان. تقوقع اليسار الفلسطيني فترة المد الاسلامي وأغلق على نفسه داخل قوقعته حتى إختنق، من في الداخل يعون أن القوقعة فارغة ومنهم من يريد إيهام من في الخارج أن القوقعة مازال بها رمق. يتكلمون عن الاوزان و الأعداد و كأن لهم وزن في الشارع وكان لهم عدد في صندوق الاقتراع. الشرعية التي كانت في الماضي لم تعد تجدي اليوم، تاريخ الحزب الطليعي المناضل لا يعطيه الشرعية اليوم، عليه ان يجدد شرعيته لكي تلتف حوله الجماهير. على الاحزاب اليسارية ان تقود المجتمع نحو التحرير و التغيير عليها ان تثبت وجودها في شارع النضال لكي تكسب الجماهير و تكسب اصواتهم في الانتخابات. المجتمع الفلسطيني مبتور بحاجة الى يسار. بحاجة الى من يقود التغيير في المجتمع. بحاجة الى من يدافع عن مصالح الطبقات الفقيرة والمقموعين والمقهورين داخل المجتمع. بحاجة الى من يرفع راية الحرية، المساواة والعدالة الاجتماعية. كلنا نرى ان المجتمع يتجه نحو الليبرالية الامريكية التابعة المقلدة للغرب من جهة والى الاصولية المتطرفة بانواعها ومنها من تدعو الشباب لترك الدنيا ليعملوا لاخرتهم ومنهم من ينقطع عن الحياة العصرية ليعيش في ماض عفى عليه الزمن، و منهم من يكفر و يحلل سفك الدماء. كلنا نرى مظاهر الامركة والعولمة ما بعد المد الاصولي، تاتي على ارضية تخلوا من اليسار الفاعل و بزمن بدأت فيه الجماهير رفض المد الاصولي. ليس سرا ان امريكا و الغرب الاستعماري بشكل عام يشن حرب من نوع جديد يسميها هو نفسه الحرب اللينة حيث يستخدم بها القوة اللينة soft power بدل القوة العسكرية. تتمثل تلك الفعاليات بامور معلنة مكشوفة من قبيل النوادي و الجمعيات و البنية التحتية، و اخرى شبه سرية من خلال تأهيل كوادر منتقاة بعناية لتكون قيادات في المستقبل القريب او البعيد.
* بين الامريكان والحركات الاصولية!* هذا من جهة ومن جهة اخرى نرى مظاهر التخلف تطغى على حياة الناس. فظاهرة ترييف المدينة تشارك بها القوى ذات الماضي اليساري و الحاضر القبلي والغيبي في احيان كثيرة. تغيب عنا مشاهد النشاطات والفعاليات اليومية وكل المظاهر الثقافية التي كنا نراها في الماضي. لم يعد هناك اغان تقدمية او مسارح تقدمية او مهرجانات او اعمال تطوعية كلها اندثرت. في احلك ايام النضال الفلسطيني كانت الفعاليات الثقافية تؤكد على و جود الشعب الفلسطيني و تواكب نضاله من اجل التحرر. كانت تبدع في استخدام التراث لتقديمه بشكل تقدمي يؤكد على حق الشعب في الحياة ومقاومة الاحتلال. الحركة المسرحية على سبيل المثال منقسمة اليوم بين ما يموله الامريكان وبين الحركات الاصولية، و تغيب عن المشهد الاحزاب ذات التاريخ اليساري. نحن بحاجة الى يسار تقدمي جديد متجدد، يخلو من كل مظاهر التخلف كالقبلية و غيرها، يسار يستفيد من تاريخ اليسار الفلسطيني دون ان يكون اسيراً لهذا التاريخ. يطرح البعض فكرة وحدة اليسار للخروج من المأزق. كيف لهذه الاحزاب الضعيفة ان تتوحد وهي لم تدرك اسباب ضعفها بعد! ربما علينا ان نحترق لكي نتجدد، ربما علينا ان نموت كي نولد من جديد، ربما علينا ان نهدم لكي نبني من جديد. نحن الان امام مسؤولية تاريخية، ان لم نقم بدورنا في تجديد اليسار لن يرحمنا التاريخ ولن ترحمنا الاجيال القادمة ولن نرحم انفسنا حينما ندرك ان الاوان قد فات و ان فرص تقدم قد ضاعت من بين ايدينا و ان علينا مضاعفة الجهد كي ننقذ مجتمعنا من براثن الاستعمار والرجعية المتجددة المتطورة. من يمكنه ان يطور برنامج اليسار و ان يبني يسارا جديدا؟ لا احد سوى طليعة من الشباب الواعي المثقف، مبتعد عن الاسترزاق والفردية. نحن بحاجة الى وحدة اليساريين المؤمنين باليسار كطريق لتطوير المجتمع والانعتاق من الاحتلال و الرجعية و التخلف واعتبره امر ثانوي وحدة الاحزاب ذات التاريخ اليساري بكل ما فيها من معوقات تقدم، الا اذا استطاعت ان تجدد نفسها و تتحول الى يسار حقيقي.
#بكر_عبدالحق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|