أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - قِ نَفْسَكْ















المزيد.....

قِ نَفْسَكْ


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 17:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدا لي أن دروسنا أصبحت متباعدة نوعا ما ، فها هو معلمنا لم يقم بأي درس منذ حوالي الشهر ، وبذا كان لي عتب عليه ، فقلت :
معلمي الجليل ، ما هذا التباعد الزمني بين درس وآخر ؟ أرجوا أن يكون المانع خيرا ؟ فقد أحببت أن يكون تواصلنا زمنيا أكثر قربا ، وعدد مرات لقاءنا أكثر عددا .
فأجابني قائلا : لك الحق كل الحق بذلك الطلب ، وما طلبك إلا معبرا عن دواخلك الطيبة تجاهي ، وسأحاول قدر إمكاني التقارب أكثر ، وأن لا توجد فترات انقطاع طويلة كالتي مرت ، ثم أستدرك قائلا :
هناك سؤال طرحه عليَّ زميل لنا معقبا على مقال لنا سابق قائلا :
لماذا لجأت الخراف لمثل هذا السلوك ألخنوعي و ألخضوعي نحو جزاريها ؟
وقد كان تعقيبا جميلا اختصرته لكم بالجملة أعلاه من التعقيب ، ولكن كي يكون السؤال شامل للحالة الإنسانية من الخنوع والخضوع برغم أن المقال الرمزي ذاك كان يعني الإنسان الخانع ، ولكنه استعاض عنه بالخراف ، فلنطرح السؤال بالصيغة التالية :
لم نرى هذا الخنوع والخضوع لدى شعوبنا ؟
وهو طبعا سؤال مهم وجوهري ويحتاج لدراسة طويلة ومعمقة لعلم الاجتماع السياسي عامة ، وحالة المجتمعات العربية خاصة .
ولكن بعجالة نستطيع قول التالي :
هناك أسباب تتعلق بالبنية التحتية للمجتمع ، وأسباب تتعلق ببنيته الفوقية ، وهنا أقصد بالبنية التحتية ليس ما علق بذاكرة الإنسان نتيجة قراءاته من أنها بناء الشوارع والماء والمجاري والكهرباء ، أي مجموع الخدمات للمجتمع ، ولكن بعلم الاجتماع والسياسة فالبني التحتية هي العملية الإنتاجية برمتها .
وبذا تكون البنية الفوقية هي مجموعة القيم والأفكار والمعتقدات .
وهنا علينا أن نجد هل أن البنية التحتية لمجتمعاتنا متقدمة ؟!
وطبعا ستكون الإجابة بلا كبيرة جدا ، فما تقوم به مجتمعاتنا أما أن يكون عملية تجميع لمنتج مجتمع آخر ، أو إعادة تصنيع لذاك المنتج ، أو تقليدا له لكن بمواصفات أدنى بكثير ، حتى منتجنا الزراعي متخلف جدا ، بل لا يوازي ما كان ينتج قبل 50 عاما مثلا .
وبذا تكون بنيتنا التحتية متخلفة ، وتابعة لبنى تحتية لمجتمعات أخرى ، وهي غير صانعة ذاتها ، وليست بمطورة نفسها ، هي البنية المتخلفة ستؤثر على المجتمع بأسره ، وستكون جاذبة له نحو القاع ، بدل أن تكون قائدة له نحو السمو .
ثانيا نأتي للبنية الفوقية ، فبرغم من وجود علماء ومفكرين على امتداد الأمة ، من شرقها لغربها ، ولكن عددهم مهما كبر فهو محدود ، ونسبته لمجموع عدد السكان الكلي ضئيل ، ويقترب من الصفر .
وبالنتيجة يحتاج المجتمع أن تكون بنيته الفوقية جيدة ، ونسبتها عالية ، حتى تستطيع قيادة باقي المجتمع نحو التقدم والرقي .
هنا حتى نقيم مجتمعا بأنه مجتمع راقي وحضاري وجب وجود حيثيتين فيه حتى يكتسب تلك الصفة ، أولا أن تكون بنيته التحتية جيدة ، وثانيا أن تكون بنيته الفوقية فاعلة .
ولنعود لمجمل مجتمعاتنا ، فأغلبية مجتمعاتنا إن لم يكن كلها ، هي مجتمعات استهلاكية أكثر منها منتجة ، وبذا فأن بنيتها التحتية متخلفة ، ولولا وجود ثروات طبيعية لديها ، لماتت جوعا ، و لاندثرت من زمان .
والبنية الفوقية نتيجة تخلف بنيتها التحتية فأنها ستكون متخلفة معها بسبب العلاقة الجدلية والترابط بينهما ، عدا نوادر نجدها هنا وهناك لا تمثل كامل البنية الفوقية للمجتمع .
هنا كان للسلطة الحاكمة دور كبير بسبب تخلف المجتمع ، فالعلاقة بينهما عكسية ، فكلما تقدم المجتمع كلما قل تأثير السلطة الحاكمة على الفعل اليومي ، والعكس صحيح أيضا .
وهنا بالعودة لمجتمع الخرفان ، نجده مجتمع غير منتج ، حيث بنيته التحتية ضعيفة ومتخلفة ، لأنه غير صانع لغذائه ، بل ينتظر من يطعمه ، وعملية الإطعام هذه جرت عليه ويلات الذبح والأكل .
وعدم متابعتهم للخروف القوي عندما كسر لهم سياج الزريبة لعتقهم من عبوديتهم ، لم يغادروا الزريبة لكون بنيتهم الفوقية الفكرية والأخلاقية والناتجة بسبب تأثير بنيتهم التحتية المتخلفة ، كانت متخلفة أيضا ، فرضت الخنوع والخضوع ، على الفعل المغير للحال ، وهذا هو انهزام الداخل ، الذي يتبعه انهزام حقيقي بمجرى الحياة ، والذي من ظواهره التبعية والخوف ، والأمل بمجيء يوم يتغير الحال ، دون أن نكون صانعين لهذا اليوم .
وعاد بعدها معلمنا ليقول : ها أنا ذا أخرج من موضوعنا من جديد ، ولكن هي الأفكار دائما هكذا ، تبحث عن طريق للخروج من بين جدران الجمجمة لترى النور بوجوه متلقيها .
وقال بعدها : لنعود لموضوعة هل الإنتاج فكر أم عمل ، سنرى بعد شرحي البسيط والمبسط حول البنية التحتية والفوقية أن مفهوم الإنتاج أصبح غير صعب الفهم .
فالإنتاج أيا كان نوعه ينتمي للبنية التحتية ، بينما الفكر ينتمي للبنية الفوقية ، وكلاهما يؤثر في الآخر ، فكلما رقي الإنتاج ، كلما كان باعثا على فكر راقي ، وكلما رقي الفكر كان مدعاة لكي يطور الإنتاج .
فكان أن طلب أحدنا طرح سؤال مهم ، وبعد أن أذن له المعلم ، قال زميلنا : ومن يسبق الآخر ، هل العمل يسبق الفكر ، أم الفكر يسبق العمل ؟
هنا جاءت إجابة معلمنا بطرحه سؤال هو الآخر ، حيث قال : سؤالك ناقص ، لأنه لم يحدد الفترة الزمنية التي تبغي منها تحديد الأسبقية ، ولكني سأجيبك مع هذا ، حيث قال : لو أخنا سؤالك على اعتبار السبق ألتأريخي فأقول : طبعا العمل سبق الفكر حسب التفسير العلمي الذي يعتبر الإنسان قد استقامت قامته حينما هبط من الأشجار وقمم الجبال ، وبدأ يلتقط رزقه من حبوب وفواكه ، وبدأ الصيد ، وبعدها بزمن فكر أن يزرع حتى يضمن الطعام ، وفكر أن يستفيد من النار حتى ينضجه .
فهو لم يكن إنسان مفكر ، ولكنه كان إنسان عامل ، يبحث عن قوت يومه .
وحسب تفسير النص الديني الذي أوجد الإنسان في الجنة ، ثم أخرج منها عقوبة على عدم طاعته ، هنا يكون الإنسان المفكر قد سبق الإنسان العامل ،لأنه أعطى لنفسه حق التفكير وطلب الخلود و الاعتراض على الأوامر الإلهية ، بينما طعامه كان متوفر له ، وليس بحاجة للتفكير حتى يضمنه ، بل ولا يحتاج للبحث حتى يجمعه .
أما لو كان السؤال دون الخضوع لحالة الزمن الابتدائي الذي بدأ به الإنسان صورته الحالية ، أي لو أخذنا الحالة على أي زمن غير محدد ، فأقول : العملية تصبح أكثر تعقيدا ، وتحتاج لدراسة كل حالة لذاتها ، فهناك حالات يسبق بها الفكر العمل ، وهناك حالات عكسها .
فالراعي عمله يسبق فكره ، وعالم الذرة فكره يسبق عمله ، وهكذا .



#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فِ عَهْدَكْ
- هل الخِرفانُ أصْلُها عَربي !؟
- الإنتاجُ فِكْرٌ أمْ عَمَل ؟
- قَطّارَة النَتائج
- الأخلاق الانتخابية
- توضيح مهم لكافة القراء الكرام حول مقالنا الموسوم لو كان البع ...
- لَو كانَ البَعثُ دِيناً وَ رَبّاً لَكَفَرتُ بِه
- الجدار الناري
- عِ قَوْلَكْ
- القاعدة والتكفير وأحمد صبحي منصور
- نظارات جدتي
- أين العقلاء في مصر والجزائر ؟
- مِيزان قبّان
- مقالات علمية بسيطة ج 2
- رزوق دق بابنا
- نوري قزاز
- مقالات علمية بسيطة ج1
- قدري ربانا
- نار نور
- دار دور


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - قِ نَفْسَكْ