أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - المسلسلات التاريخية فن زراعة الوهم في نخاع العرب















المزيد.....

المسلسلات التاريخية فن زراعة الوهم في نخاع العرب


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 918 - 2004 / 8 / 7 - 10:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من منا لم يحفظ بعض عبارات المسلسلات التاريخية العربية من باب التفكه بها بين الأصدقاء؟! "ثكلتك أمك يا ابن فقاعة"، أو"تبا لك.. أوتظنني غافلا عما رتبت له يابن مرجانة؟!"، أو"ويحك يا بنت خرزمة.. لأمزقننك إربا قبل أن تفعلينها"، أو"يا قوم.. يا قوم.. مالي أراكم تتقاعصون وساحات الوغى على مرمى أبصاركم"، أو "بخ ٍ بخ ٍ يا معشر القوم، أتتسامرون بينما نساؤنا وبعيرنا تكاد تطالها رماح قبيلة خزوعة؟ بئس ما أنتم عليه يا أبناء حلّزة". ..إلخ من تلك العبارات المتحفية الظريفة! التي ألفتها آذاننا في الصغر ثم ألفتها عقولنا حتى الكبر، واستمرت تجري في دماءنا حتى النخاع، ثقافة كاملة نقلتها تلك المسلسلات، من ماض ٍ سحيق، إلى حاضر ٍ ملتبس بين(سوق النوق والبعير)والتسوق على الإنترنت في(سوق ديجيتال)! والحق يقال فإن(التأسيس)للمسلسل الذي يوصف بأنه(مسلسل تاريخي)، يعود إلى التليفزيون المصري الذي أنتج كما مهولا من مسلسلات(النوق والبعير)هذه، وشاهدها المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، وعندما شرعت تليفزيونات أخرى في إنتاج المسلسلات التاريخية، لم تستطع أن تخرج عن الخط الذي رسمه(الآباء المؤسسون)في التليفزيون المصري! ملابس مزركشة ملونة بألوان لم يعرفها المساكين أبناء حلّزة وفقاعة وخزوعة! وحوائط وجدران مزينة بدرجات عالية من(ديكور)لم يكن يسمع عنه سكان خيام الصحراء البؤساء آنذاك، إلا عندما كانت تأتي لهم قوافل الشتاء والصيف لتحكي لهم عما رأوه في(بلاد الروم)من أرائك الحرير وأوعية الفضة والذهب! وملابس نظيفة وأنيقة(ومكوية!)تكاد تشم رائحة العطر الفرنسي منها وأنت تتابع المسلسل! وإذا كانت تلك الصورة الوهمية التي زرعتها المسلسلات التاريخية تتعلق بالشكل الفني لشخوص الأحداث، فإن الأدهى حقا هو ما ترسخ في أذهاننا عن(الصورة الحضارية)التي نقلتها لنا تلك المسلسلات عبر كم ٍ هائل أنتج خلال عقود مضت، فلم تكن الثنائية الساذجة بين الخير والشر هي فقط ما تمحورت حوله، بحيث تكون الشخصيات إما(ملائكية)أو(شيطانية)، بل أيضا سذاجة التناول الواهم لما صدقناه للأسف عن(أمجاد العرب)! فقد كانت لديهم قدرات(سحرية)استلهموها على ما يبدو من(وادي عبقر)من أجل(إخضاع)الأمم! ومع ذلك تبدو تلك الأمم- في هذه المسلسلات- سعيدة راضية بل وتغبط نفسها لأن الله(اختصها بنعمة)أن يخضعها العرب! يبدو الأمر كما لو أننا- نحن أحفادهم في العصر الحديث- من(ورطناهم)في هذا(المجد)بعد عدة قرون من رحيلهم وليس هم من صنعوه! لكن من الظلم بالطبع بل وعدم الموضوعية أن نعمم الأمر على كل ما أنتج من أعمال فنية تاريخية، تليفزيونية أو سينمائية! فهناك مثلا وليس حصرا فيلم(المصير)- الذي أخرجه يوسف شاهين، وكان يدور حول شخصية الفيلسوف الأندلسي ابن رشد ومحاولته إنقاذ الثقافة العربية من براثن الإغراق في النقل عن الأسلاف- حاول الفيلم الإفلات من تلك السطحية والسذاجة في المعالجة الفنية للتاريخ، فخرج من فخ(العربية الفصحى)التي باعد بيننا وبينها الزمان، وأظهر شخصيات(بشرية)تجمع بين(بعض الخير وبعض الشر)، كما أدخل(لمسة نقدية)لواقعنا المعاصر من خلال شخصية فيلسوف أندلسي، وهناك أيضا فيلم(المهاجر)لنفس المخرج الذي تناول شخصية(النبي يوسف عليه السلام)، وخرج من فخ(التقديس المفرط)بإظهار ممثل يقوم بدور المهاجر يوسف، وليس تلك الهالة الضوئية التي كانت تلجأ إليها المسلسلات للإشارة إلى الأنبياء(بل وحتى الخلفاء، بل وحتى قادة الجيوش مثل خالد ابن الوليد، هذا الإفراط في التقديس ساهمت تلك المسلسلات في غرسه فينا، ومع ذلك ندهش ونتساءل لماذا نقدس حكامنا اليوم؟!)، وهناك المسلسل السوري(الموت القادم من الشرق)والذي أسقط واقعنا المرير على أحداث قديمة، وغيره من أعمال- وإن كانت قليلة وليست بالقدر الكافي من الجرأة- لتقديم معالجة نقدية قاسية لذلك الماضي السحيق، تنقيه من وهم(التميز)العالق بعقولنا ونخاعنا، ماض ٍ.. لم ينتج عنه حتى الآن عمل فني يقول له:" ويحك ويحك يا ماضينا اللعين.. لأفلتن منك ومن بيدائك القاحلة وإبلك ونوقك وبعيرك.. ثكلتك أمك يا ابن سحيق.. اعتقني.. لأتركن قمرك الفقير وألحقن.... بمدارات أقمار الساتلايت والديجتال!!
** مصر المغيبة عمدا عن الفضائيات العربية:
التغيير في مصر بحاجة إلى مساندة فضائية
لم تعد الفضائيات مجرد قنوات تليفزيونية تعرض برامج التسلية أو المسلسلات أو الإعلانات، كما كانت المحطات التليفزيونية في العقود السابقة، بل صارت لاعبا رئيسيا فاعلا- ليس فقط في صناعة الرأي العام- بل حتى في صناعة الأحداث وتوجيه قوى المجتمع للقبول بفكرة ما أو النفور من فكرة أخرى، وصارت أداة هامة في يد القوى السياسية تسوق بها المجتمعات نحو القبول بمشروع ما أو التمرد على مشروع آخر، سياسيا كان أو ثقافيا، مستقبليا كان أو ماضويا أو غير ذلك، وهذا الدور الخطير للفضائيات سواء عالميا أو على المستوى العربي، تجلى بأوضح صوره منذ أحداث الثلاثاء الأميركي الشهير صباح الحادي عشر من سبتمبر عام ألفين وواحد، ذلك اليوم الذي انقسم العالم فيه- على إثر انفجار الطائرات والأبراج والبشر- إلى(فسطاطين)يضمان الإيمان في أحدهما والكفر في الآخر، بتعبير أسامة بن لادن، أو(محورين)يضمان الشر في أحدهما والخير في الآخر، بتعبير جورج بوش، تمكنت كل فضائيات العالم حينها وحتى اللحظة وبكل اللغات من حشد الناس أمامها، وعكست نفس المشروع الثنائي البغيض على كل سكان الكوكب، وتبدت قدرتها الفائقة على توجيه الناس نحو ما تريد- أو يريد ممولوها- سواء على مستوى التفاصيل، أو على مستوى العناوين الكبرى للأحداث والأسماء المدوية للشخصيات التي تحركها، وفي عالمنا العربي تأثر العرب جميعا بهذا التوجيه الخفي أحيانا والواضح الجلي أحيانا أخرى، ظهر ذلك أثناء انتفاضة الفلسطينيين في أيامها الأولى، كما ظهر في استجابة المواطن العربي لحالة العراق تبعا لما يعرض في مختلف البرامج- وخاصة الإخبارية منها-، لكن الملاحظ أن الفضائيات العربية التي تباينت مواقفها تجاه مختلف القضايا في رسالتها إلى مشاهديها(حسب أهداف مموليها)، اجتمعت كلها- تقريبا- على(التحفظ)في مقاربة(المسألة المصرية)أو الحالة المصرية، فالمواطن الفلسطيني والعراقي والليبي والسوداني واللبناني وحتى السعودي في الفترة الأخيرة، شاهد قضيته تنال حظها على تلك الفضائيات، بما تتيحه من هامش يساعد على(كشف)جوانب كثيرة في قضاياهم، لا يتاح في محطاتهم التليفزيونية المحلية التي تهيمن عليها النخبة المتحكمة، إلا المواطن المصري، هو فقط من ضمن المواطنين العرب(في الدول الرئيسية على الأقل)من ظلت قضاياه(مخنوقة)على شاشات التليفزيون، محليا أو فضائيا، بالطبع توجد استثناءات هنا وهناك تمر على استحياء في مقاربة الحالة المصرية، تأتي على لسان بعض المحللين وبتحفظ شديد، والمقصود بالحالة المصرية هنا هو حالة النظام السياسي وعلاقات مصر الخارجية، وقضايا المواطن المصري من تهديد يتعرض له نصيب مصر في مياه النيل إلى امتهان حقوق الإنسان إلى تدهور في كل نواحي الحياة وانتشار الفساد وحالة الأقباط المصريين وغير ذلك، وإذا كانت الدلائل تشير- خلال العقدين الأخيرين- تحديدا إلى أن(مصر- الدولة والنظام)- وليس مصر الكيان الحضاري الموغل في القدم- قد أصبحت هشة، وأن ضعفها أثر على محيطها الإقليمي، إلى الدرجة التي يستشعر فيها الجميع أن(تغييرا حقيقيا)في مصر لن ينعكس عليها وحدها أو على مواطنيها وحدهم بل على كامل إقليمها، وأن(صناعة الرأي العام)التي تحترفها الفضائيات يجب أن تدخل إلى الساحة من أجل(كشف المستور)المصري أمام المواطن المصري أولا، وأمام المواطن في إقليمها المحيط ثانيا، فإن الفضائيات رغم ذلك تبدو وكأنها(تتحاشى)الخوض في الشأن المصري، بينما مزقت مثلا الشأن الليبي فحصا ورصدا وكشفا للمستور، لكن بعض المراقبين يرجعون تحفظ الفضائيات في تناول الشأن المصري إلى أن مصر دولة كبيرة، وأن مخابراتها وأصحاب القرار فيها متنفذون، إلى الحد الذي تحسب له الجهات المسئولة عن وضع سياسات الفضائيات ألف حساب، لكن ما وصلت إليه مصر في سنواتها الأخيرة من تدهور وتردي حضاري سياسيا واقتصاديا وثقافيا ونفوذا، وتغير مراكز الثقل في المنطقة، ووصول الفضائيات العربية إلى تلك الدرجة من القدرة على التأثير، كل ذلك يشير إلى أن الدولة الهشة في مصر لم تعد تخيف ذبابة خارجها، وأن أصحاب القرار فيها ترهلوا ولم تعد لهم أسنان وأنياب(إلا على مواطنيهم)، وأن قضايا المواطن المصري والشأن المصري برمته يجب أن يأخذ مساحته التي يستحقها على الفضائيات، من تحليل جريء ونقاش موضوعي وعرض صريح لنقاط الضعف التي تعاني منها مصر على أيدي هؤلاء الكهول المترهلين الذين يكتمون على أنفاسها، فتكوين رأي عام ضاغط من أجل التغيير وليس الترقيع في مصر، هو شيء سيعود بالفائدة على محيط مصر الإقليمي بكامله، وشواهد التاريخ تقول بأن منحنيات الصعود كما منحنيات الهبوط لتلك المنطقة كانت تبدأ من القاهرة في غالب الأحيان، لكن قياما جديدا لتلك القاهرة، يحتاج إلى حشد ودفع الناس في اتجاه الضغط من أجل التغيير وبدء مشروع إقليمي جديد، وذلك في(عصر الأقمار الصناعية)يحتاج إلى... مساندة فضائية!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعلانات التجارية على الفضائيات من الأسمدة الزراعية إلى الم ...
- بمناسبة الحملة البريطانية على القرضاوي لا يوجد تعريف دولي لل ...
- مبارك : أنا عايش ومش عايش
- فوضى الساعات الأخيرة في حكم آل مبارك
- أخبار مملكة الخوف الشعب السعودي بين الاستبداد والإرهاب
- استجابة الفضائيات للهوس الديني بين الواحد القهار وأبينا الذي ...
- مصر التائهة بين مبادرة أمريكية للهيمنة ومبادرة مباركية لمزيد ...
- مصر قوة هائلة كامنة فأين توارت؟ المقاومة العراقية هدية للشعب ...
- سوق الفتاوي وفتاوي السوق في دولة الأزهر!
- الحساسية تجاه مناقشة قضايانا دليل علي افلاس سياسي
- هل يفلح مشروع مستقبلي منفرد لدولة عربية بمعزل عن المحيط الجغ ...
- امريكا تهدد دول العالم بالعقوبات اذا لم تفتح اسواقها لها بين ...
- حول موقع مصر في المشروع الاميركي لدمقرطة العرب: المسألة القب ...
- المثقف المصري وأوان المواجهة الشاملة مع العائلة الحاكمة في م ...


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - المسلسلات التاريخية فن زراعة الوهم في نخاع العرب