|
على ما الصراع؟
صابرين عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3014 - 2010 / 5 / 25 - 08:12
المحور:
المجتمع المدني
الصراع على ملكية الارض صراع بشري أزلي منذ عصر الكهوف الى عصرنا هذا، اخذ الصراع في التطور بين افراد لعشائر لقبائل لدول في عصرنا الحديث ورغم تغير المعطيات وشكل الملكية من شكل مباشر لغير مباشر الا ان الصراع لا يزال على اشده يرثه البشر بغير وعي ويسلموه لبعضهم جيل بعد جيل
ما معنى ملكية الارض في عصرنا هذا؟ هل يسكن احد منا بيتا او يتشري ارضا ما لم يدفع عمره وماله وجهده لاقتنائه؟؟ بل انك قد تدفع عمرك كله ولا تسطيع الحصول على مكان فيه ابسط المرافق والامكانيات لتحقيق رفاهيتك الشخصية لك ولأسرتك!
المواطن في الدول العربية مثلا يفطمه الاعلام والتعليم على فكرة الانتماء للأرض التي ولد عليها وكراهية اي دخيل اجنبي يحاول حكمها،، ووجوب الحفاظ على ارضه بدمه وكل غالي عليه ليحتفظ "اصحاب الارض" بأرضهم ولا "يسلبهم" اياها احد
ومن منا لم يتربى على هذه القيم ويتهم اي احد بالخيانة اذا ما قرر مجرد التفكير في مخالفتها؟؟
اليست القضية قائمة على ركن اساسي الا وهي ملكية الارض واحقية من ولدوا عليها بها، او من قضوا معظم عمرهم عليها واعطائهم الجنسية حسب قانون الدولة؟ لكن لو اتينا لأرض الواقع فما مظاهر هذه الملكية والاحقية في جميع دول العالم؟؟
اذا كنت على ارضك وعلى ارض غيرك انت تكد وتعمل ويضيع كل وقتك لكسب المال لتأكل وتشرب وتسكن، بل انك قد تجد كل هذا متوفر بجهد اقل ومال اوفر على ارض غير ارضك!! فأين هي احقيتك المميزة كمواطن عن اي اجنبي في امتلاك الارض؟
واقعيا الملكية الحقيقية هي للحكومات وليست للأفراد، هم لديهم السلطة لتملك الاراضي مجانا في الخفاء بل ولديهم السلطة لانتهاك كرامتك وسلبك حريتك وبيتك وحياتك اذا ما اعترضت طريقهم وبمرأى ومسمع من زملاء وطنك علنا في اطار شرعي تحت مسمى الخيانة او الشغب او او...
انت تحارب المحتل الاجنبي بعمرك ودمك بينما انت محكوم بقوانين واحكام لم تختر اي منها فلا يوجد اي سيادة للمواطن العربي ولا اي احقية في اختيار حكامه وبرامجهم السياسية،، فهل هناك اي فارق حقيقي بين محتل اجنبي وبين حكومة من الناطقين بالعربية؟؟
ولو تطرقنا لنماذج قديمة ستجد ان المحتل الاجنبي هو من اكتشف اثار بلدك وبنى مصانع لسلع لم تكن تسمع عنها وساهم كثيرا في تطوير وضع بلادك ولولا الحروب والمقاومة لكان حالنا افضل ديشليونات المراحل!! لا ادافع هنا عن الاحتلال او مشروعية سطو الدول على غيرها، لكن فقط نقدي هو لقيم مزدوجة متناقضة شوهت وعينا واضاعت عمر اجيال واودت بحياة الكثيرين بلا اي معنى!!
ولو اخذنا ابرز النماذج المعاصرة مثالا وهي الصراع العربي الاسرائيلي
سنجد انه من اهم السمات المميزة للعالم العربي هي الكره الشديد للكيان الاسرائيلي دولة وشعبا واسما وكل ما يمت للفظة "اسرائيل" بصلة
يعيبون ليل نهار على الديانة اليهودية المحرفة والطمع الاسرائيلي الصهيوني في الاستيلاء على الارض من النيل للفرات،، وعجرفتهم وادعائهم بانهم شعب الله المختار زورا، ولا احد منهم يلتفت ان المسلمين ايضا يحلمون بالخلافة الاسلامية العالمية، ويقيمون الافراح مهللين اذا ما تحول احد الاجانب الى الاسلام بل وياللمصادفة فالقرآن ايضا يخبر المسلمين بأنهم خير امة اخرجت للناس(او هكذا هم يفسرون الآيات)!
ناهيك عن اسرائيل المتوحشة الغاشمة وما تفعله بالمواطن الفلسطيني! يا سادة هل تعلمون ان في مصر مثلا يموت الآلاف في حوادث الطرق والاهمال بلا اي ذنب ولا احد يحرك ساكنا؟؟ ام انه حلال لحكومة بلدي حرام على غيرها؟ فهذه هي الوطنية المزعومة الي يغرسونها في عقولنا وفي كل الاحوال نحن ضحايا ولا نعي
كلامي هنا عن الازدواجية والوعي المشوه لا احاول الدفاع عن الجرائم الاسرائيلية بأي حال، وان كانت في رأيي منشأها من غسيل المخ ايضا بتمسك المواطن الفلسطيني بفكرة ان ارضي عربية وينبغي ان تظل وليخرج منها اليهود!! رغم انه بعين من الموضوعية لا يوجد اي فضيلة في ان تنضم ضحية جديدة للمستنقع العربي! انظروا الى حال الاقتصاد والعلم في اسرائيل والى حال المواطن الاسرائيلي وقارنوه بالعربي!
ثم ماذا استفاد الفلسطينيون جيل بعد جيل من المقاومة سوى حياة مشوهة مخربة ولم ينالوا لا سلام ولا استقرار ولا الملكية المزعومة للأرض!! يعيش الفرد منهم ويموت لم يجني شيئا سوى العذاب لمجرد ان قدره القى به على هذه البقعة من الارض في عصر بعينه حيث الصراع والدم والارهاب! او يضطر للهجرة وينئى بعمره ليحيا مواطنا على ارض اخرى ويظل يكره "العدو" الذي اخرجه من بلاده ويناضل افتراضيا بقلبه! هل يعتبره الضمير الجماعي خائن؟ ابدا!! هو خائن اذا خان الفكرة فقط لأنها وحدها التي تهدد عرش الصراع، اما لو ترك ارضه للمحتل وغادر فلا لوم عليه!! هل يرى احد غيري هذا التناقض المتعمد المتأصل في وعينا؟
اذاً فيما الصراع وعلى ما؟ الصراع هو سلطوي بحت، تشجع عليه الحكومات الاجنبية للاستفادة من الصغيرة الذكية اسرائيل من ناحية وتغذيه الحكومات العربية من ناحية اخرى لتلهي به الشعوب عن الديكتاتورية الداخلية والمستوى المتدني للفرد العربي المنتهكة حقوقه الانسانية
في النهاية ارى ان الوقت امامنا كبشر اقصر من ان نفنيه في صراعات لا طائل حقيقي منها، وانه ينبغي علينا ان نتفكر جيدا في كل ما يقدم لنا من افكار وشعارات في هيئة قيم وفضائل بينما هي اسباب تعاسة سلسلة من الاجيال ولا زال الصراع مستمرا
#صابرين_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
العراق ينضم لاتفاقية مكة: خطوة جديدة في معركة مكافحة الفساد
...
-
مذكرة اعتقال نتنياهو شقت مجموعة السبع
-
إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق رئيس النظام العسكري في ميانمار
...
-
الجوع يفتك بغزة والأونروا تطالب بوقف إطلاق النار
-
العفو الدولية: العدالة لا تزال بعيدة بالنسبة للضحايا وأسرهم
...
-
الاحتلال يحذر النازحين اللبنانيين من العودة مع بدء سريان اله
...
-
بري يدعو النازحين الى العودة مناطقهم ومنازلهم
-
عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: وزير الدفاع يوعز للجيش باعتقال
...
-
بريطانيا.. قصة آخر إعدام بتهمة اللواط
-
الاحتلال يشن حملة اقتحامات واعتقالات في الضفة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|