|
إلحاح المجلس ألإسلامي الأعلى على ما يسميه - حكومة الشراكة الوطنية - ، محتواه .....وأهدافه
صادق إطيمش
الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 24 - 13:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ أن أُعلنت النتائج الأولية للإنتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في السابع من آذار الماضي ، ومنظرو المجلس الإسلامي الأعلى وخاصة رئيس هذا المجلس لا يتركون مناسبة إلا وتحدثوا فيها عن حكومة الشراكة الوطنية التي يجب ان تضم كل القوائم العراقية " الفائزة " بالإنتخابات مؤكدين على سعيهم بعدم إستبعاد أية جهة من المشاركة في الحكومة ، غير آبهين بماهية القادمين الجُدد إلى البرلمان العراقي المقبل الذي قادته سياسة المحاصصات الطائفية القومية الشوفينية في السنين السبع الأخيرة التي ساهم فيها هذا المجلس بكل قوة ونشاط إلى أن يستقبل بعض الموالين لدكتاتورية البعثفاشية والذين سيجلسون على مقاعد هذا البرلمان لا ليحققوا ما يصبوا إليه الشعب العراقي بعد إنهيار دكتاتوريتهم السوداء ، بل ليصولوا ويجولوا وتحت سمع وبصر احزاب الإسلام السياسي الطائفية التوجه ، محاولين إزالة السواد الداكن الذي علق بوجه وسمعة وإسم النظام الدكتاتوري البعثفاشي المقيت ، كما عهدنا ذلك منهم في بعض الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى العراقية والعربية منذ سقوط نظامهم ولحد الآن . ألمجلس الإسلامي الأعلى الطائفي التوجه منذ تأسيسه وخلال ممارساته السلطة السياسية بعد التاسع من نيسان عام 2003 لم يترك شاردة وواردة طيلة هذه السنين التي سبقت ألإنتخابات البرلمانية الأخيرة إلا وحاول البروز على الساحة السياسية العراقية الجديدة على انه المدافع الأساسي عن حقوق الشيعة في العراق والساعي بدون هوادة إلى تحقيق طموحاتهم وغير ذلك من الإدعاءات الفارغة التي لمس نتائجها الشعب العراقي خلال مآسي السنين السبع الماضية التي مرّ ولا يزال يمر بها حتى اليوم والتي كان لهذا المجلس وقادته في السلطة وخارج السلطة المساهمة الكبيرة فيها . وإن ننسى فلا ننسى تلك الفتاوى الإنتخابية التي جاءت بالويل والثبور لكل مَن لا ينتخب قائمتهم التي أضفوا عليها من القداسة والعلاقة بالمرجعية الدينية ما لم تحظ به أية قائمة أخرى ، وأبرز تلك الفتاوى هي فتوى الخمسات المشهورة التي جعلوا فيها من رقم قائمتهم 555 قائمة الخمسة أهل الكساء والصلوات الخمس وأركان الدين الخمسة وربطوا عدم إنتخابها بالتجاوز على مثل هذه المقدسات التي قد تصل إلى العقاب الإجتماعي في الدنيا ، كبطلان الزيجة الشرعية القائمة مثلاً ، أو العقاب الرباني في الآخرة . إلا أننا ، ومنذ إعلان النتائج الأولية للإنتخابات البرلمانية الأخيرة في السابع من آذار لم نعد نسمع ونقرأ مثل هذه التبجحات بالشكل الذي كانت عليه سابقاً . وبرز لدى منظري هذا المجلس وقادته تكرار مصطلح حكومة الشراكة الوطنية . فما هي هذه البضاعة السياسية الجديدة التي يتاجر بها المجلس الإسلامي الأعلى اليوم في سوق المحاصصات السياسية الحزبية الطائفية القومية ، وما هو محتوى هذا المصطلح..؟ ربما قد تعلَّم المجلس الإسلامي الأعلى من خلال تجربة السنين السبع العجاف الماضية بأن بعض المصطلحات اصبحت ممجوجة وليست لها فعل الجذب لدى الشعب العراقي وحتى لدى مؤيدي هذا المجلس بالذات . فالنبرة الطائفية التي إستعملها هذا المجلس في موضوع فدرالية الجنوب أو في سعيه بإقتناص المناصب الحكومية لممثليه باعتبارهم يمثلون الشيعة في العراق أو من خلال إبراز علاقته بدكتاتورية ولاية الفقيه الطائفية التي سعى هذا المجلس حتى إلى تعويضها من الخزينة العراقية عما أصابها خلال الحرب العراقية الإيرانية وغير ذلك من المواقف التي جعلت خطه البياني يشير إلى الهبوط بين أوساط الجماهير العراقية . كل ذلك جعل بعض مفكريه يراجعون حساباتهم في ماهية الإستمرار في مثل هذه الشعارات التي لم تعد فيها تلك الألوان الزاهية التي أغروا بها الجماهير بعد سقوط البعثفاشية مباشرة ونشرهم لإفكار الطائفة المظلومة ، وكأن الدكتاتورية البعثفاشية لم تكن " عادلة " في توزيع جرائمها على كافة أطياف الشعب العراقي . لقد إتجه دهاقنة المجلس هذا إلى التفكير بمصطلحات جديدة أكثر جذباً من مصطلحاتهم الطائفية القديمة عسى ان يقنعوا بعض مَن تفرق وابتعد عنهم ببريق هذه المصطلحات التي لا تعني بالنسبة لهذا المجلس سوى تخطي مرحلة سياسية معينة لا مجال لصعود الفكر الطائفي فيها ، كما كان الأمر بعد سقوط البعثفاشية مباشرة . أي انه تصرف سياسي إنتهازي يعي ما تتطلبه المرحلة الحالية حتى وإن كان في ذلك إبتعاداً عن ثوابتهم الدينية التي لا يتوانون عن طرحها جانباً إذا ما إقتضت الضرورة ، وللضرورة أحكام كما ينص الشرع على ذلك . فمصطلح الشراكة الوطنية هذا لا يعني بالنسبة لهم سوى الإستمرار على النهج المحاصصاتي السابق وتقسيم الكعكة العراقية التي لا يريدون ان يستغنوا عما أتت به لهم من إنفتاح الشهية للمال والعقار والإمتيازات التي لم يكن أكبرهم يمتلك عشر معشارها قبل سقوط الدكتاتورية، فهلا مِن مجيب منهم على سؤال من أين لك هذا...؟ لو توجهنا بهذا السؤال إلى قادة وكثير من أعضاء هذا المجلس سواءً في البرلمان العراقي أو في مؤسسات الدولة الأخرى أو حتى أولئك الذين هم خارج السلطة السياسية ولكنهم يتمتعون بسلطة الترغيب والترهيب في المجتمع العراقي والتي يستطيعون من خلالها أن يحققوا ما يصبون إليه . وبهذا يثبت هذا المجلس وقادته مرة أخرى بأن المسألة ليست مسألة ثوابت الدين أو الدفاع عن مصالح الطائفة التي كانوا يتبجحون بها ، بل أنها مسألة إستمرار سياسة " داريني واداريك " أو " تسكت أسكت " . وعلى هذا الأساس يتم ضمان وإكثار ما تم الحصول عليه لحد الآن بفضل سياسة المحاصصات التي يريد المجلس الإسلامي الأعلى تغيير شكلها إلى سياسة المشاركات ليظل محتوى هذه السياسة ثابتاً في السنين الأربع القادمة على الأقل . ومن الطبيعي أن يكون هناك الكثير من الأهداف المستقبلية أيضاً لمثل هذا التوجه الإنتهازي الذي يمارسه المجلس الإسلامي الأعلى في تبنيه لهذا المصطلح الجديد . ويمكن إختصار هذه الأهداف بالعمل على التخطيط للمستقبل ليظل المجلس الأعلى مشاركاً بعمليات السلب والنهب والسرقات والإثراء الفاحش الذي تنتعش أسواقه اليوم بين الأحزاب الحاكمة ومن ضمنها هذا المجلس . فشعور المجلس هذا بهبوط شعبيته التي إكتسبها بكل الطرق بعد سقوط البعثفاشية ، إذ لا محذور في مثل هذا الكسب ، جعله يخشى أن يكون وجوده خارج السلطة السياسية المتمثلة بالحكومة في السنين الأربع القادمة ، وهو الذي لم يحصل على الأصوات التي تضمن له ذلك فعلاً ، إيذاناً ببدء إنهياره كقوة سياسية وبالتالي إبتعاده عن الساحة السياسية العراقية التي هي سوق تجارته ومصدر إثراء قادته في الوقت الحاضر . لذلك فإنه يسعى من خلال اللعب بورقة ما يسميه بحكومة الشراكة الوطنية إلى ضمان وجوده في السلطة للسنين الأربع القادمة ومن ثم توظيف هذه المشاركة بالحكومة في محاولات الإستمرار بجعل السلطة محلباً دائماً يدر عليه وعلى قادته ومريديه ما يريدون ويضمن لهذا المجلس في نفس الوقت إمكانيات إستغلال وجوده ضمن السلطة الحكومية " ليفوز " في الإنتخابات القادمة الأخرى ، وهكذا في كل دورة إنتخابية قادمة . ربما لا يعلم منظرو وقادة المجلس الإسلامي الأعلى أن مثل هذه المتاجرة بالدين على حساب مصالح الجماهير وإن أتت لهم ببعض المكاسب في السنين السبع الماضية ، فإنها سوف لا تتماشى وما يكتسبه الناس من وعي سياسي بمرور الزمن .
#صادق_إطيمش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وهل يمكن إصلاح ما خربته البعثفاشية ...؟؟؟
-
فصل المقال في تفسير حدوث الزلزال
-
شتائم تحت العمائم
-
لغط لا معنى له
-
آذار الوطن ... آذار الحب
-
حينما تتراكم القمامة ...
-
لماذا هذا اللف والدوران ..... يا حكومة ؟
-
واقع المرأة العراقية بعد التغيير
-
إتحاد الشعب في مواجهة التخلف الفكري
-
أخلاق - الكفار - و أخلاق - المسلمين -
-
إتحاد الشعب ومسؤولية التغيير
-
إتحاد ألشعب ... البديل ألأحب
-
ساهموا في الإنتخابات ......ولكن ......
-
سياسة التهاون مع البعثفاشية .... هذا ما آلت وما ستؤول إليه
-
إنتخبوا البعثفاشية وأعوانها.....إن نسيتم هذه الجرائم أو تناس
...
-
بضاعة الدين بين العرض والطلب في سوق الدعاية الإنتخابية / الق
...
-
بضاعة الدين بين العرض والطلب في سوق الدعاية الإنتخابية
-
ما ألعمل .....في السابع من آذار ؟
-
ألشَّر ......قية......بوق البعثفاشية
-
العمل المطلوب لتكفير بعض الذنوب .....في البرلمان العراقي
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|