|
بوش دفع بأمريكا الى الجحيم
محمد جلال عناية
الحوار المتمدن-العدد: 917 - 2004 / 8 / 6 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أصبح "الكذب" صفة ملازمة للرئيس جورج بوش يتحدث عنها أهل الذكر في داخل امريكا وخارجها. ومع ان كل الساسة في العالم يكذبون ويسرقون بدرجة او بأخرى، الا ان أكاذيب رئيس يمسك بدفة اقوى قوة وجدت في التاريخ على سطح الارض تشكل تهديدا خطيرا لحياة الناس في الحاضر والمستقبل. ورغم التطابق المفضوح بين ما يطلبه الاسرائيليون وبين ما يفعله جورج دبليو بوش الا انه لا يريد ان يريح العالم ويستريح، فيصرّح بالحقيقة ويقول:" هكذا طلب شارون، وهكذا ارادت اسرائيل". وان شارون واسرائيل يقفان على رأس "جوقة" تستطيع زلزلة الحياة السياسية الامريكية، واقتلاع أي سياسي امريكي من جذوره. فقد استطاعت القوى اليهودية باسم الليبرالية تحطيم اثنين من عتاة المحافظين الامريكيين وهما "جوزيف مكارثي" و "ديفيد ديوك"، لانهما لاحقا اليهود الامريكيين المتهمين بالشيوعية في بداية الحرب الباردة وبعدها. وها هي القوة اليهودية تعود في لباس "المحافظين الجدد"، وتدعو الناس الى عبادة اثنين من اشد الرؤساء الامريكيين محافظة وهما "رونالد ريغن" و "جورج دبليو بوش". وفي الحالتين لم يكن المعيار الصهيوني هو "الليبرالية" او "المحافظة"، وانما من ينفع اسرائيل ومن يضرها. وان فرنسا المتهمة من قبل اسرائيل والقوى اليهودية بالعداء للسامية، هي نفسها فرنسا اول دولة اوروبية منحت اليهود، بعد الثورة الفرنسية، حق المواطنة وحرية الزواج بين المسيحيين واليهود، وسارت اوروبا على منوالها باستثناء روسيا القيصرية التي ما لبث ان حطمها اليهود واقاموا صرح الشيوعية على انقاضها، واصبح العمال اليهود في فلسطين احباء الشيوعيين الروس الذين ايدوا قرار التقسيم (1947)، ومنحوا اسرائيل اسلحة تشيكية حطمت بها الجيوش العربية (1948)، ولكن سرعان ما خلعت اسرائيل ثوب الحياد بين الشرق والغرب، وانحازت تماما الى التحالف الغربي، وقالت عام (1967) انها بهزيمتها للعرب واحتلال أراضيهم قضت على النفوذ السوفييتي في الشرق الاوسط. في حربه على العراق، اختلق بوش مبررات كثيرة لهذه الحرب، وما لبثت هذه المبررات ان تهاوت وتبخرت ككل الاكاذيب، مثل الزعم بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، وان هناك ترابطًا بين صدام حسين وبين تنظيم القاعدة. والقصد من هذه الكذبة المزدوجة هو اثارة رعب الشعب الامريكي بان القاعدة سوف تحصل على أسلحة الدمار الشامل من العراق وتضرب بها في عمق امريكا، وان الشعب الامريكي عليه أن يدعم الحرب على العراق حتى يتخلص من هذا الكابوس المرعب، لانه يستحيل على بوش ان يصرح بالسبب الحقيقي لحربه على العراق، فيقول: "هكذا طلب شارون، وهكذا ارادت اسرائيل". بعد أن انكشف زيف المبررات التي ساقها بوش، وسوّقها الى الشعب الامريكي لتبرير شن الحرب على العراق، لم يبق في جعبته سوى عبارة واحدة ابتكرها لتبرير هذه الحرب، وهي: "ان العالم أصبح أفضل حالا وأكثر أمنًا بدون صدام حسين". فهل حقيقة قد أصبح العالم، ومن ضمنه العراق وامريكا، أفضل حالا وأكثر أمنًا بشن امريكا للحرب على العراق واحتلاله؟ واذا كان قد تم القبض على صدام حسين وأعوانه الأقربين، فما هي المهمات الباقية التي تدفع بالجيش الأمريكي للبقاء في العراق؟ هل يبقى لاذلال العراقيين بعد أربعة عشر عاما من تجويعهم؟ ان الساسة الامريكيين، وعلى رأسهم جورج بوش ورجال ادارته، وفي مقدمتهم اعضاء مجلسي الكونغرس، الذين أخافوا شعبهم بصدام حسين، لا يشاركون شعبهم الخوف من صدام حسين، ولكنهم يرتعدون خوفًا من شيء آخر، هو منظمة "ايباك" وأخواتها من قلاع القوى اليهودية في امريكا. فإن صدام حسين بكل ما ملكت يداه لا يستطيع الوصول الى الارض الامريكية، وليس في استطاعته خلع الرئيس الامريكي واعضاء الكونغرس من مناصبهم، بل ان "ايباك" هي التي تستطيع فعل ذلك. والآن فلننظر الى بوش والى ما فعلت يداه. ان بوش الغارق في "الضبابية"، يطالب العرب والمسلمين عامة، والسلطة الفلسطينية بوجه خاص بـ "الشفافية"، بينما سياساته الدولية مغلفة بالضباب المنسوج بالأكاذيب. ان الرئيس بوش مرتبك، ولكن المصيبة ان ارتباكه لا يبقى منحصرًا في شخصه بل يعرّض العالم للخطر. فهل حقيقة ان امريكا والعالم اليوم، كما يدعي بوش، بعد ازاحة صدام حسين واقصاء حزب البعث، أحسن حالا وأكثر أمنًا؟ ان جورج بوش (الابن) قد شن الحرب على العراق واحتلها ليكمل المهمة التي قام بها جورج بوش (الاب) عام 1991، وظلت تعتبر ناقصة كما روجت لذلك أجهزة الدعاية الصهيونية في الولايات المتحدة بدعوى ان "الأب" لم يقض على صدام حسين. وان حماس الابن لاحتلال العراق لم يكن مترافقًا مع حسابات دقيقة، ولم يتحقق أي من تصورات بوش، التي سوقها الى الجمهور الامريكي. فها هي الولايات المتحدة تفقد مئات القتلى من أبنائها وتخسر مئات المليارات من الدولارات نتيجة لهذه الحرب، التي يبدو فيها النصر بعيد المنال، وان تحقق فلن يتم بالصورة التي وعد بوش بها شعبه. فمع زوال نظام صدام حسين نتيجة "عملية تحرير العراق" الامريكية، لم تقم حكومة دمقراطية تشكل نموذجًا تقتدي به بقية الدول العربية. فإن بوش من خلال استبدال سياسة الاحتواء ضد صدام حسين ونظام حكمه الذي لم يكلف امريكا 1% من خسائرها المادية والبشرية الحالية، بسياسة الاحتلال قد أطلق الآلاف من أعداء امريكا الأشد ضراوة من صدام حسين وحزب البعث، لان قوى التحرير الشعبية، مهما كانت نزعاتها السياسية، والتي لم يُدخلها بوش في حساباته، لا تستسلم مثل الجيوش ولا تنهار مثل انظمة الحكم. بسبب ارتباك بوش في الورطة العراقية، فإن سياسة الردع والاحتواء الامريكية ضد بقية اعضاء من أسماهم بوش بمحور الشرّ، فقدت فعاليتها. ومع تحول السفارات الامريكية في العالم، الى قلاع معزولة وموحشة، فإن أمن المواطن الامريكي كذلك، ناقص في داخل وطنه، ومعدوم في خارج حدود هذا الوطن.
#محمد_جلال_عناية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|