|
هل حقا لا يريد الشعب الكوردستاني ممارسة حقه في تقرير المصير
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3012 - 2010 / 5 / 22 - 21:02
المحور:
القضية الكردية
نسمع كثيرا التصريحات المتتالية، و يكاد لا يمر يوم من دون تلك التصريحات المنطلقة في الهواء ، من قبل القادة السياسيين و في مقدمتهم من الكورد الذين اعتلوا مناصب متلذذة في بغداد و غيرها، و مفادها بان الشعب الكوردستاني مقتنع بوضعه السياسي الحالي و مؤمن بالفدرالية بشكل قاطع و لا يتمنى ان يصل الى اي حلم كان يذكره من قبل ، و لم يطلب ممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره و هو يؤمن بانتمائه الى بلده العراق بكامل قناعته كما يدعون، و لذلك من غير المعقول ان يشك الاخرون في نوايا القادة الكورد، و كأن القادة الاخرون يقتنعون بالتصريحات و لا يعلمون ما يتمناه الشعب الكوردي، و ما يرنو اليه القادة الكورد في السر على العكس ما يعلنوه ، و كما يصرح به قادة الشعوب المتسلطة، و هذا ما يدعهم ان يكونوا في موقف المدافع و كانهم اجروا استفتاءا للشعب الكوردستاني ليعلموا ما يهدفون و يتمنون و يحلمون به، هذا بدلا من ان يتكلموا بصراحة كلام مسند على راي الشعب و ليعلمها القاصي و الداني و بشكل واضح و يستوثقوا ارائهم و مواقفهم بادلة و وثائق قانونية و يقيٌموا الوضع الاجتماعي السياسي الثقافي و التارخي للشعب الكوردستاني و نضالاته الطويلة، و يؤكدوا بان مواقفهم مبنية على الظروف الاقليمية و الممنوعات فقط، و انهم يعلمون بان حق الشعب شيء و المستحقات السياسية شيء اخر، و يعلنوا ان الضرورات التي تجبرهم على عدم اخذ المواقف التي توائم ما يحلم به كل فرد في كوردستان، و يوضحوا المعوقات السياسية امام اتخاذ مثل هذه الخطوات التي يعتبرونها عاطفية و هي جزء من احلام العصافير كما يحلو للبعض قوله، و نقول لهم انهم لم يعبروا عن ما يستحقه الشعب بصراحة و يريدوا ان يدفنوا رؤوسهم في الرمل و كان الاخرين لا يعلمون ما يتمناه الشعب الكوردستاني و ضحى بما يملك من اجله بجميع فئاته، و الشعب الكوردستاني يعلم بانه حق طبيعي و ما هو سائر عليه منذ عشرات السنين بني على الاسس غير الصحيحة و لم يكن له راي فيه بل مواقفه الرافضة لانتمائه الى هذا البلد او اجراء الاستفتاء تدعم ما نقول ، و ما التحق به فرض عليه و لم يحس بانتمائه الى هذا الاطر المرسومة حوله و ما سموه بالحدود المصطنعة بين ابناءه، لا بل استنفر منه و تعمق اغترابه بعد الظلم و القهر المستمر الذي مورس بحقه، و العتب ليس على الساسة و القادة في المنطقة فقط سوى من الكورد او غيرهم و انما على المصالح العالمية و المستعمرين ايضا على ما فعلته و اقترفته ايديهم في حينه، و كما تعاملوا بمخططاتهم الاستراتيجية في المنطقة دون اي اعتبار لمواقف شعوب المنطقة و مصالحهم و اهدافهم و امنياتهم. و هذا التصرف و التعامل المقيت بعيد عن كل القوانين و الاعراف العالمية و غبن و خرق لحقوق الانسان و الانسانية في التعامل مع الاحداث و القضايا التي تهم المجتمع بكامله و هو كبيربعدده و متميز بتاريخه و صفاته و يجاري الامم الاخرى في السمات و الصفات و المقومات و المزايا. ان استندنا على مبدا حقوق الامم في تقرير المصير و ما يطبق على الشعب الكوردستاني بعيدا عن السياسة و متطلباتها و تناقضاتها، فاننا نعلم بان هناك العديد من نصوص القوانين المعتمدة عالميا تجعل حق تقرير المصير للشعب الكوردستاني قانونيا حق مكفول قبل ان يكون حقا انسانيا او هدفا و حلما و امنية شعب عانى الامرين في حياته و تاريخه الطويل. لو اعدنا تاريخيا و القينا نظرة سريعة حول هذا الموضوع ، اي حق تقرير المصير و انبثاق الكيانات و تاثيراته على التشريعات و القوانين الدولية في كافة مراحلها، فاننا نرى ان هناك دول تاسست و اعترف بها العالم منذ بدايات القرن العشرين و قبل الحرب العالمية الاولى ، اي منذ الثورة الفرنسية عام 1789 ، كما هو حال انفكاك الامبراطوريات النمسا و المجر و العثمانية بعد تلك الحرب ، و بعد ذلك انبثاق العديد من الدول في اسيا و افريقيا بعد الحرب العالمية الثانية و لحد اليوم، و حديثا ما شاهدناه في التيمور الشرقية و الكوسوفواقرب مثال لنا جميعا. منذ البداية و كانت هناك قوانين ساندة دائما و داعمة لتقرير المصير للشعوب المضطهدة و وفر لهم الحق في التحرر و بناء الكيان المستقل لهم. الثورة الفرنسية اعترفت بهذا الحق و قررت قوانين مساندة لاي شعب يريد ممارسة حقه في هذا الجانب، و بعد ذلك نرى ما اعلن عن البنود الاربعة عشر لرئيس امريكا ويلسون قبل الحرب العالمية الاولى ، و هذا لا يعني انه لم يكن هناك قبل الثورة الفرنسية اراء و قوانين و نظرات و افكار مترسخة في عقول القانونيين من هذا الجانب منذ بداية القرن التاسع عشر،اي منذ تلك الحقبات اعتمدوا على الحقوق و استندوا على ان يكون الشعب المتمتع بتاريخ و جغرافيا و عادات و تقاليد معلومة و هم مجتمعون ضمن كيان قومي لهم ،ان يكون لهم الحق في تقرير مصيرهم ، و هذا ما دفع الى تخصيب الارضية كي تقرر عصبة الامم هذا الحق كما اثر على الراي العام العالمي و وثق في وثائق الامم المتحدة و المنظمات العالمية. استوضح هذا الحق بشكل مفصل في كثير من الاوقات كحق للشعوب بتقرير مصيرها و تحديد طبيعة و شكل نظامها و حكمها، و للشعوب المستضعفة حق التحرر و بناء كيانها ، و كما لا يمكن الحاق اي اقليم باية دولة دون اجراء استفتاء واضح و صريح من قبل شعب الاقليم، و ذكرت هذه التوجهات و القوانين في العديد من لاتفاقيات العالمية ، كاتفاقية السلام عام 1919 ، و تقرير مصير جزر ألان في عام1920، و وثيقة الاطلنطا بين امريكا و انكلترا عام1941، و بيان الامم المتحدة عام 1942، و بيان يالتا عام1945، و معاهدة سيفر عام 1920...... الخ . ما يخص الشعب الكوردستاني طيل تاريخه الحديث ،ان الاوضاع السياسية العالمية و الاقليمية هي التي منعته من اقرار المصير بكل ما يملك من الامكانيات ، و ما ساعدته اخيرا الظروف المستجدة على الساحة الاقليمية و لكن!!. لو نتمعن في ما يفكر به المواطن و ما تعرض له من الضيم و الحيف و ما قدمه من التضحيات ، و رغم ما هب عليه من الافكار و الايديولوجيات المختلفة من كل درب و صوب، و تاسس بين ظهرانيه الاحزاب و المنظمات و التيارات و الاتجاهات المتنوعة و ما مر به و اثر على مسيرته من اليسار و اليمين و من العقائد العلمانية و الدينية و المذهبية و ما شاهده من مختلف الفلسفات، الا انه ضحى بكل ما يملك من اجل تقرير مصيره و بناء كيانه قبل اي شيء اخر،، و مهما كان اسم المنظومات التي انتمى اليها. المقاتل اليساري و الوطني و القومي الكوردستاني كان حاملا لهذا الهدف و الحلم قبل تفصيلات ما يؤمن به من الفكر و الايديوولجيا، و هذا لا يمكن اخفائه عن احد مهما حاولنا ، و ان لم يعترف اكثر القادة اليوم بهذا، و يتكلمون عكس ما يتمنون و يحلمون، و كان السياسة تتطلب ذلك . من الناحية الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية ، لم تكن كوردستان يوما مندمجا مع الشعوب الاخرى من الدول المتسلطة عليه والدول التي يعيش هذا الشعب تحت كنفها، و قاوم التغييرات الديموغرافية و محاولات الاستئصال من الجذور الذي مورس بحقه في جميع الحقبات. و بقى شعبا مميزا له سماته و صفاته و مقوماته الخاصة التي لا يمكن فناءه او دمجه و خلطه بسهولة مع الاخرين، و له كل مقومات بناء الكيان وفق الخصائص التي يملكه او القوانين المرعية في هذا الجانب في العالم لتاسيس ما يهدف اليه هذا الشعب. لذلك ، يجب ان يعلم الجميع و في مقدمتهم الساسة و القادة الكورد قبل الاخرين في دول المنطقة، ان الشعب الكوردستاني لم يتنازل يوما عن حقه في تقرير مصيره ، و ما يدعيه قادته يخصهم و سياستهم او تكتيكهم ، او نابع من اراء و مواقف و اعتقادات شخصية فردية بحتة بعيدة عن امنيات الشعب بكامله بكل صراحة و غدا لناظره لقريب.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسرع انجاز سياسي في تاريخ العراق الحديث !!
-
مقومات بقاء فاعلية الايديولوجيا او استنفاذها
-
هل يتجه العراق الى الحداثة في التعامل مع الواقع الجديد ؟
-
هل بالامكان توفير فرص العمل لكافة العراقيين ؟
-
تسييس الفعاليات المدنية لمصلحة من ؟
-
ما التيار الفكري المناسب لهذه المرحلة في الشرق الاوسط
-
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
-
لم يدان تطاول تركيا و ايران على اقليم كوردستان!!
-
الاغتيالات ما بين الاخلاق السياسي و التحزب
-
موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان
-
قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية!
-
لماذا يُستهدف الصحفيين في اقليم كوردستان ؟
-
المطلوب هو الفعل و ليس الفتاوى والوعاظات و الشعارات
-
انتشار الفقر في اقليم كوردستان رغم الميزانية الهائلة له
-
الفدرالية الحقيقة تنقذ العراق و تحافظ على وحدته
-
من يقدٌر الكتٌاب و الادباء في حياتهم ؟
-
ترسيخ التسامح يضمن التعايش السلمي في العراق
-
في مثل هذه الظروف، من يفكر بالطبقة الكادحة في العراق ؟
-
التحالف الكوردستاني و احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبل
...
-
ما يعيق النظام العالمي الجديد هو الازدواجية في النظرة و التع
...
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|