أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أنطوان شلحت - العنصرية المقنّعة















المزيد.....

العنصرية المقنّعة


أنطوان شلحت

الحوار المتمدن-العدد: 192 - 2002 / 7 / 17 - 07:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 
(الناصرة - 2002/07/16 10:08)

حصل الذي كان متوقعًا والتفّت الحكومة الإسرائيلية، في جلستها الأخيرة (14 الجاري)، على قرارها السابق القاضي بتأييد قانون عنصري مطروح على أجندة الكنيست بشأن تخصيص "الأراضي العمومية" لليهود فقط، والذي بدوره جاء لكي يلتفّ على قرار صادر عن المحكمة الإسرائيلية العليا قبل سنتين في هذا الصدد. التفاف الحكومة بدا أمرًا شبه حتميّ. فقد تحدثت عنه أطراف عديدة حتى قبيل الإعلان، رسميًا، عن أن نية الحكومة متجهة صوب إعادة البحث في الموضوع خلال جلسة مقبلة. ومن هذه الأطراف صحيفة "هآرتس" التي كتبت في مقالها الإفتتاحي (يوم الثلاثاء 9/7/2002). تقول: "إقرار مشروع القانون من جانب الحكومة تلازم مع شرط أن ينسق أعضاء الكنيست المبادرون إلى تشريعه الكامل بعض تعديلات على مسودته مع سكرتير الحكومة.
وهذا الشرط وحده في مقدرته أن يسعف الحكومة في النزول عن شجرة العنصرية العالية التي تسلقت عليها". مهما يكن من أمر فإن متابعة ما صدر من تعليقات على التصويت الأول للحكومة، تأييدًا لمشروع القانون المذكور، وكذلك على اتضاح النوايا في التراجع عنه (وهو تراجع لزج، لأنه ليس لناحية معارضته وإنما انتظار ما ستسفر عنه أبحاث لجنة حكومية خاصة في هذا الشأن)، لا بدّ أن تقف على تقييمات متطابقة أدرجت قيام "حكومة ما في إسرائيل" بإعلان تاييدها لـ "قانون عنصري" على رؤوس الأشهاد في خانة "أخطاء تكتيكية" ارتكبتها الدولة العبرية على مرّ تاريخها. غير أن الفارق عن أخطاء أخرى يكمن في أن هذا الخطأ من ذلك الصنف الذي يشفّ عن الخطيئة الأصلية لإسرائيل-خطيئة اللدغة العنصرية الكولونيالية التي انطوت علها فكرة إقامتها أولاً وظلت ملازمة لها دائمًا. في الواقع الراهن لا يمكن مقاربة موقف الحكومة الإسرائيلية هذا في معزل عن "تاريخيته" المحددة بوضعية الانزياح العام نحو اليمين. وهذه الوضعية تغلب على إسرائيل حاليًا وتزداد حدّتها من يوم لآخر. وتشكل واحدًا من أكثر مشاغل العديد من الباحثين والمحللين. ويؤكد هؤلاء، في شبه إجماع، أن بداية هذا الإنزياح يمكن تعيينها في فترة صعود بنيامين نتنياهو إلى سدّة الحكم، غير أن مداه صار إلى تعمّق في فترة حكم إيهود باراك أيضًا. ومن علائمه الواضحة توحيد خطاب المركز السياسي في إسرائيل المتمثل في حزبي "الليكود" و"العمل"، ترتبًا- ضمن أشياء أخرى- على التوصيف المشوّه من جانب الإسرائيليين لما حدث في "كامب ديفيد" ومن ثمّ لمستحصلات "عملية التسوية" برمتها. وطبقًا لهذا الخطاب فإنّ "خيانة" الفلسطينيين لمبدأ التسوية (الذي يحيل إلى "مبدأ" السلام)، لم تبقَ أمام إسرائيل سوى نتيجة واحدة: محاولة حل النزاع من خلال القوة، لأن ذلك يتسّق في صورة موازية، مكملة، مع غاية "حفظ البقاء" في وجه "أخطار وجودية" داهمة. مع ذلك فإن حصر التسويغ لموقف الحكومة في تخوم هذه الوضعية هو أقرب إلى التفسير التبسيطي، لكون ذلك يفارق العامل الأهم والأبعد مدى، وهو مبلغ انغراز العنصرية في العمق لدى الغالبية الساحقة من الرأي العام الإسرائيلي، المؤدلجة بالفكر الصهيوني.
ومن السهل ملاحظة أن بعض التعقيبات الصحافية طورت "وسائل دفاع" عن فكرة العنصرية وضرورتها لإسرائيل، الآن وهنا، في سبيل الإقناع بها وتوكيد أهمية قوننتها دون مواربة أو تحرّج، من خلال الاستعانة بالحجج عينها التي ترد كذلك على عوامل توحيد خطاب المركز السياسي. نأخذ نموذجًا على ذلك مقالاً ظهر في "هآرتس" (13/7/2002) بقلم يسرائيل هرئيل، أحد كتابها الدائمين، دافع فيه عن صيغة قرار الحكومة الأول في وجه حملة الانتقاد التي تعرّض لها، من منطلق إطلاقي أنه يستحيل أن يكون "موقفًا عنصريًا". بل إنه اتهم القائلين بعنصرية موقف كهذا باقتراف فرية، كاد يقول إنها دموية، بحق إسرائيل. وردّد مقولة أن "اليهود ليسوا عنصريين"، ملمحًا أنها تكفيه مؤونة الاستغراق في مزيد من التفاصيل. أما الدافع الأرأس لهذا القرار فهو كامن، برأيه، في "حماية" إسرائيل من خطر داهم يتمثل في "سحب الأرض من تحت أقدامها"، من طرف العرب. دفاع هرئيل هذا، الذي يبدو للوهلة الأولى أنه يشفّ عن خفة لا تحتمل، يحمل في ثناياه عدة "أفكار" تعكس إشارة سالفة إلى العنصرية المغروزة في العمق. لعل أهمها فكرة "المحورية القومية" في أحد أكثر أشكالها بدائيةً، ومن هذه الفكرة الطريق قصيرة نحو شرعنة العنصرية دون أية غضاضة. في دلالة طريقها هذه احتلت الفكرة السالفة، تاريخيًا، حيّزًا مركزيًا جدًا في التفكير والتخطيط الصهيونيين. ولا تنفك تنتج اسانيد لها، ليست وليد تباعد الجماعتين بمقدار ما هي وليد العلاقات التي تجمعهما.
داخل هذه الأسانيد لا يزال ثمة موقع بارز لسند التضليل، الذي يعتمد قلب الحقائق رأسًا على عقب حسبما يتبدى الأمر في التلويح بخطر سحب العرب الأرض من تحت أقدام إسرائيل وفي التلويح بخطر موازٍ هو اختلال الميزان الدمغرافي لصالح الفلسطينيين (وخصوصًا فيما هو متعلق بالوضع داخل "الخط الأخضر") والذي تدحضه الاحصاءات الإسرائيلية الرسمية الأخيرة حول عدد السكان.
لكن إذا عدنا إلى قراري الحكومة بشأن "تخصيص الأراضي العمومية"، الذي يلتفّ واحدهما على الآخر، يمكننا القول أيضًا إن التضليل شكلّ المتكأ الرئيس للقضية برمتها. حسبنا أن نشير الى تصريح المستشار القضائي للحكومة، الياكيم روبنشطاين، الذي ذكر بأن مشروع القانون المذكور غير ضروري بصورة جوهرية، في إلماح صافٍ إلى كون الواقع في إسرائيل، الذي يضبط نطاق الاشياء كلها على ايقاع العنصرية المقنعة، كفيلاً كفايته بممارسة التمييز على أساس عنصري بشكل تسقط معه الحاجة لتشريع قوانين خاصة في هذا المجال من شأن تشريعها أن يسيء، كذلك، إلى سمعة إسرائيل ومكانتها الدولية. في كتابه الصادر حديثًا باللغة العربية تحت عنوان "المكانة القانونية للعرب في إسرائيل" يعيد بروفيسور دافيد كريتشمر، أستاذ الحقوق المعروف، التذكير بأن قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بشأن تخصيص الأراضي لا يعني التأثير على ترتيبات بعيدة الأمد بشأن سياسة الأراضي التي كانت تمييزية ضد العرب، كما لا يمكن اعتباره قرارًا جارفـًا يجعل جميع التقييدات الخاصة المفروضة على أراضي الدولة غير شرعية، ولا يعني أن التمييز على أساس الديانة أو الانتماء للمجموعة القومية-العرقية سيكون غير مشروع دائمًا. بموجب "مبدأ المساواة" فإنه يمكن الطعن في مثل هذا التمييز، لكن المجال مفتوح لإثبات أنه ضروري في ظروف خاصة لقضية محددة. إذا قدم مثل هذا الدليل فإن اللجوء إلى مثل هذا التمييز لن يعتبر خرقًا لـ "مبدأ المساواة".


#أنطوان_شلحت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
- هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
- طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا ...
- -حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال ...
- لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص ...
- بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها ...
- مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في ...
- -نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين ...
- بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
- الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أنطوان شلحت - العنصرية المقنّعة