|
الأكراد في سورية
جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 917 - 2004 / 8 / 6 - 12:39
المحور:
القضية الكردية
قدر القوى السياسية الكوردية أن تلعب دور الرافعة السياسية في الداخل السوري وإن لا يبدو من سلوكيات ومنهج عمل البعض من تلك القوى أنها تعي هذا (القدر) ومتفهمة لمتطلباته ولذلك هي ترى أنه من الواجب السياسي أن تتناغم مع قوى المعارضة السورية المتخلفة والفاقدة لامكانية تفعيل دورها المفترض..! ونحن نرى أن هذا التناغم يساهم في إدامة انتفاء السياسة والعمل السياسي في البلاد وذلك يتأتى بفعل كوابح السلطة الدستورية، والتشريعية، والأمنية، والطوارئية.. هذا من جهة ومن جهة أخرى افتقاد تلك القوى لمقوماتها التنظيمية، والمنهجية، والفكرية، والسياسية، وتآكلها المستمر، وتلاشي وجودها على الأرض والذي كان أصلاً بأضيق الحدود، وتكيِّفها المتواصل مع القوانين الاستثنائية والطوارئية المستديمة..! هذا الوضع الميداني جعل الرهان على أي دور لقوى المعارضة الداخلية رهاناً خاسراً.. وحين تسرع بعض القوى والتنظيمات الكوردية للتناغم معها فإنها تكون قد أدارت مقودها في الاتجاه الغلط وهو هدرٌ للزمن وللجهد في وقت الاستحقاقات الكبرى..مع التذكير بأن قوى المعارضة السورية تلك لم تتفهم الوضع السياسي العراقي بسبب خلفياتها الأيديولوجية الأصولية والشمولية عند البعض، وبسبب العلاقات الاستقوائية مع سلطة صدام الفاشية عند البعض الأخر ..! وقد عبرَّت عن عدم تفهمها هذا بالمواقف السياسية المضرة بمصالح العراقيين و التي أعلنتها في حينه، تلك المواقف التي جمعتها مع الأنظمة المشابهة لنظام البعث العراقي في خندق واحد زائداً المواقف المعلنة من الحزبين الكورديين الكبيرين في كوردستان العراق والتي وصلت إلى حد تخوينهما واتهامهما بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية وكأن أحداً في هذا العالم بإمكانه العيش بدون علاقات مع أمريكا..! وقد أشرنا إلى ذلك في حينه.. وتوجد لدى بعض أحزاب ( في الحقيقة شبه أحزاب ) المعارضة في سورية نفس النظرة التخوينية للكورد السوريين ووضح ذلك بجلاء بعد أحداث مدينة قامشلو.. فهذه المعارضة بيمينها ويسارها و المرتدية ثوباً قومياً عربياً حجازياً لا تقر، بل لا تعي قبل أن تقر الحقيقة التاريخية المثبتة التي تشير إلى وجود الأكراد في أرض سورية وغيرها قبل تمدد أسلافهم أعراب الحجاز بدواعي نشر ديانتهم في كل الاتجاهات..ومنها غزوهم لمساحات كبيرة من سورية.. لقد خبرنا جيداً أوضاع معظم بقايا المعارضة المتكورة على بعضها البعض ( خشية الانزلاق والضياع ) في صيغة التجمع الوطني الديموقراطي الذي استنفذ أغراضه وانتهى إلى وضعية لا تقلُّ كاريكاتورية عن صيغة الجبهة الوطنية التقدمية العائدة ملكيتها للسلطة من باب فقدان الفعالية والتحالف الورقي وما شابه ذلك وكله معروف لملأ قريش.. وملموس لمس اليد حتى للسيد وزير خارجية النظام الذي صرَّح ذات مرة بأن المعارضة السورية ليست في مستوى يؤهلها لإدارة مدرسة ابتدائية وهي من المرات القليلة التي تكلم فيها بواقعية و دقة فأصاب عين أو كبد حقيقة أهلية أحزاب المعارضة السورية المختلفة وقد سُجِّل ذلك في حسابه من غير شك ..والحقيقة المرّة الأخرى هي في انتقال أمراض وأوجاع المعارضة الداخلية إلى المعارضين في الخارج الذين يُعوَّل عليهم على الأقل مسألة تفعيل إعلام سوري معارض زائداً محاولة الخروج من صيغة تحالف المعارضة الداخلية التي فشلت بامتياز والبحث بشرف وجسارة عن صيغ تحالفية تستطيع أن تعيد بعض الروح إلى المجتمع السوري الميت سياسياً منذ ثلاثة عقود ونيِّف وهنا لا بد من تسجيل استغراب الكثير من سوريي الداخل من بعض ممارسات المعارضين في الخارج وغرقهم في معارك جانبية مخيبِّة للآمال بدل الانكباب على كل ما يُفعِّل دورهم ويقرِّبهم من الداخل وهنا بالضبط يكمن جزءٌ حيويٌ من الدور الكوردي المفترض الذي اقتصر على التناغم مع رموز المعارضة الداخلية التي فقدت منذ زمن طويل مصداقيتها وفعاليتها نتيجة سكونيتها المطلقة وبقائها أسيرة الأصوليات المعرفية والسياسية على اختلافها وهنا يجب أن نلفت نظر الكورد إلى أن هذه الأصوليات لا تسمح لها بتفهم حقيقة أوضاع الكورد في سورية ومواقفها المعلنة من القضية الكوردية خير دليل على ذلك…..! وبعد ما تقدم يمكن القول إن المنظمات والأحزاب الكوردية بتناغمها مع أحزاب المعارضة إنما تهدرٌ الوقت والجهد و تساهم في تعمية الناس المنتظرين عودة السياسة إلى المجتمع المغلق بالضبة والمفتاح فبدل التناغم ذاك، يفترض تلمس أهمية التناغم مع أطياف المعارضة الخارجية والمعارضين المستقلين في الداخل وإن كانوا لا يزالون في طور التبلور في إطارات واضحة ومعلنة..! إن قدر المعارضة الكوردية كما تشير الظروف الموضوعية الداخلية والمعطيات السياسية إقليميا ودولياً هو أن تلعب دور الرافعة السياسية ومعظمها كما يبدو غير مدرك لهذه الحقيقة إضافةً إلى أنها قد تكون غير مؤهلة لذلك كما تشير مواقفهم وسلوكياتهم من دون أدنى شك..! 4/8/2004
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسون القومية في الشام
-
غربلة المقدسات -12- بين إساف ونائلة وما ورثه الدين الجديد
-
غربلة المقدسات: تساؤلات مشروعة
-
الفرجة بالمجان
-
غربلة المقدسات -11-
-
من أجل حفنة من الدنانير
-
غربلة المقدسات - توضيح لا بد منه
-
غربلة المقدسات -10-
-
خامس المستحيلات
-
غربلة المقدسات-9-
-
غربلة المقدسات-8-
-
غربلة المقدسات -7-
-
رجل الدولة
-
غربلة المقدسات -6-
-
الأيهم صالح شكراً ...ولكن
-
الجزء الأخير من مذكرات المفرج عنه أبو يسار دريوسي
-
غربلة المقدسات -5-
-
وهل ينهض الموتى..؟
-
من مذكرات أبو يسار
-
غربلة المقدسات-4-
المزيد.....
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
-
مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري
...
-
جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة
...
-
الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
-
السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص بعد إدانتهم بجرائم -إر
...
-
ماذا سيحدث الآن بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
...
-
ماذا قال الأعداء والأصدقاء و-الحياديون- في مذكرات اعتقال نتن
...
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|